غضب في العريش بسبب اقتحام جنود أمريكيين مستشفى حكوميًا
السبت 15 رمضان 1430 الموافق 05 سبتمبر 2009
الإسلام اليوم/ صحف
نَدَّدت "اللجنة الشعبية لحقوق المواطن" بمدينة العريش المصرية بقيام الوفد الأمريكي باقتحام مستشفى العريش قبل يومين وسط حالة من الدهشة خيَّمت على الأطباء والعاملين والمرضى على حدٍّ سواء، بينما خيَّم الصمتُ على المؤسسات الحكومية وديوان المحافظة الذي لم يحرِّك ساكنًا.
وجاء في بيان أصدرته اللجنة: "في مظهر حاد من مظاهر الاحتلال قام ثلاثة ضباط أمريكيون بالتوجُّه إلى مستشفى العريش واقتحامه بعد رفض مديرِه ومدير الصحة استقبالهم، وأشاعوا الرعب والغضب وسط المرضى بحجَّة تفقُّد استعداد المستشفى لأيِّ عملياتٍ حربية".
ويضمُّ أعضاء الوفد عددًا من كبار الضباط وشخصيات مسئولة في الجيش الأمريكي، وطلب هؤلاء استجواب عدد من الأطباء المصريين، لكن جميع العاملين بالمستشفى رفضوا الإجابه على أسئلة الوفد، وطالبوا الأعضاء بالرحيل فورًا.
وأضافت اللجنة في بيانها الذي جاء بعنوان: "قوات أمريكية تقتحم مستشفى العريش": "إننا أصبحنا ساحةَ حربٍ تجهَّز لصالح أمريكا وإسرائيل، بل ها هي أراضينا ومدننا ومؤسساتنا محتلة بالكامل منهم.. أمام هذه التطورات غير المسبوقة، والتي حذَّرنا منها كثيرًا، ليس أمامنا إلا أن نؤكد ونيابةً عن كل المواطنين أننا نحتفظ بحقنا في مقاومة أي مظهر من مظاهر الاحتلال (...) حتى موتنا أو قتلهم".
من جانبه أكَّد المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض في تصريحاتٍ لصحيفة القدس العربي بأن الإدارة الأمريكية تهدف لتضييق الحصار على أهل غزة، ومن أجل ذلك تقوم بالتواجد في سيناء وتعمل دائمًا على أن تراقب الحدود المصرية الفلسطينية.
وأضاف بأن ذلك الأسلوب يؤكِّد على أن واشنطن في عهد أوباما لن تتغير مطلقًا وستظلُّ حليفًا استراتيجيًّا لإسرائيل، وأنها تريد القضاء على كافَّة أشكال وجماعات المقاومة في قطاع غزة، من أجل خدمة مخطط القضاء على الشعب الفلسطيني هناك.
جدير بالذكر أن الولايات المتحدة تضغط على مصر منذ سنوات من أجل تلبية الأهداف الإسرائيلية ومنع التهريب إلى قطاع غزة الذي تفرض عليه إسرائيل حصارًا شديدًا منذ أكثر من ثلاث سنوات، ووردت أكثر التصريحات الإسرائيلية إثارةً للجدل على لسان وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني العام الماضي، عندما اتَّهمت مصر بالتقصير في مراقبة الحدود، وهو تصريحٌ اعتبره الرئيس المصري حسني مبارك تجاوزًا للخطوط الحمراء.
وقد زار وفد عسكري أمريكي منطقةَ الحدود المصرية مع قطاع غزة صباح الثلاثاء، حيث تفقَّد سيرَ العمل في منظومة مكافحة ومراقبة عمليات حفر الأنفاق، والتي يتمُّ تنفيذها بتعاون مصري أمريكي، لوقف عمليات التهريب إلى القطاع، وقد أثار الوفد خلال زيارته استفزازَ أهالي العريش بسبب اقتحامه مستشفى المدينة للوقوف على حاله، مع تردُّد أنباء عن قرب وصول قوات عسكرية أمريكية لمراقبة الحدود المصرية مع قطاع غزة.
الزيارة التي جاءت بعد خمسة أيام من زيارة مماثلة لوفد أمني أمريكي للمنطقة، قام بها وفد يضمُّ ثلاثة مسئولين أمنيين من السفارة الأمريكية بالقاهرة، هم أندي كوربكي الملحق العسكري، وأنتوني كمباجنا ملحق مكتب الأمن الدبلوماسي، وديفيد كالون مسئول التحقيقات بالبحرية الأمريكية.
وتعدُّ هذه رابع زيارة من نوعها يقوم بها وفد أمريكي بزيارة المنطقة الحدودية منذ أغسطس، لكنها أثارت هذه المرة جدلًا واسعًا بسبب قيام الوفد بزيارة لمستشفى العريش يوم الثلاثاء في خطوة قوبلت بتنديد أهالي العريش.
ورفض مسئولو المستشفى مقابلةَ الوفد بشكل رسمي والإجابة عن أسئلتهم لحين إحضار إذن زيارة رسمي من الجهات الإدارية العليا، وعلى إثر ذلك توجَّه الوفد الأمريكي إلى مديرية الصحة بشمال سيناء، لكن المسئول الأول بالمديرية رفض مقابلتهم، واستقبلهم الدكتور أحمد عبد الوهاب وكيل مديرية الصحة.
وقالت مصادر طبية داخل المدينة: إن زيارة الوفد المفاجئة إلى مستشفى العريش (40 كم من الحدود) جاءت بغرض متابعة التجهيزات داخل المستشفى تحسبًا لأية طوارئ، وقد أثارت غضبًا شعبيًّا في سيناء.
من جانبه أكَّد محافظ شمال سيناء اللواء محمد شوشة، أنه لم يكن على علمٍ مسبق بزيارة الوفد الأمريكي إلى المحافظة ولم يلتقِ بهم، مؤكدًا على أن المحافظة لم تنسِّق لهذه الزيارة مع الوفد كما هو متَّبَع في مثل هذه الزيارات.
وتبرأ المحافظ من أن يكون قد قام بالتنسيق مع الأمريكيين.
وشدد على أن الزيارة جاءت في إطار المتابعة الأمريكية للخطة المصرية لتطوير مستشفى العريش لتمكينه من استقبال مزيد من الحالات، وبعد أن اعتمد الكونجرس الأمريكي 50 مليون دولار لإنفاقها على ضبط حدود مصر مع غزة.
وفي سياق متصل راجت بين أهالي المدينة أنباء تفيد بأن الهدف من إقتحام الأمريكيين للمستشفى على هذا النحو الذي جرى إنما هو في الأساس الوقوف على قدرات المستشفى وإمكانية أن يستقبل جنودًا أمريكيين وسياحًا إذا ما تعرضوا لأي هجوم.
وفي ذات السياق ندد نواب في البرلمان بطبيعة الزيارات التي يقوم بها المسئولين الأمريكيون والتي تأخذ طابعًا عسكريًا. وفي هذا الشأن طالب ابراهيم أبوعوف عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين عن دائرة منية النصر بمحافظة الدقهلية بإنهاء كافة أشكال التدخل الأجنبي وانتهاك السيادة المصرية في المنطقة الحدودية مع قطاع غزة.
وأكد أبوعوف في سؤالٍ برلماني وجهه إلى الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء والدكتور أحمد أبو الغيط وزير الخارجية أن الزيارات الأمريكية للحدود تأخذ طابعا عسكريا ودبلوماسيا وسياسيا زادت منذ الحرب الصهيونية على غزة في ديسمبر ويناير الماضيين بهدف منع وصول السلاح إلى غزة والرقابة على الجنود المصريين العاملين على الحدود مع القطاع.
وأضاف أبوعوف أن الأمريكان ليسوا فقط هم مَن يتواجدون على الحدود مع غزة، بل يأتي ممثلون لبعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا للتأكد من إحكام الحصار على القطاع.
وأشار أبوعوف إلى أن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير هو أول مَن زار الحدود في 10/1/2009 خلال الحرب على غزة؛ حيث تفقَّد معبر رفح بين مصر والقطاع، وعقد لقاءً مغلقا مع محافظ شمال سيناء ومسئولين أمنيين مصريين.
وأوضح أن زيارة شتاينماير أعقبت زيارات أخرى لسفراء أوروبيين بالقاهرة، منهم سفير فرنسا وإيطاليا والنرويج وهولندا، إضافة إلى ممثلين من سفارات أوروبية أخرى؛ وذلك بمراقبة من قائد القوات المتعددة الجنسيات في سيناء، فضلًا عن وضع مصر كاميرات مراقبة وأنظمة إنذار على طول 14 كم من الحدود مع غزة بالتعاون مع خبراء أمريكيين وفرنسيين وألمان.