فاتحة الكتاب ، تسمى أم القرآن و أم الكتاب و الشافية وصفها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الشريفة فقال :
(( الحمد لله رب العالمين ، هي السبع المثاني و القرآن العظيم الذي أوتيته ))
وقال عنها (( و الذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في الفرقان مثلها و إنها سبع من المثاني و القرآن العظيم الذي أعطيته )) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بينما جبرائيل عليه السلام قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ سمع نقيضاً من فوقه ، فرفع رأسه ، فقال : هذا باب من السماء فتح ، لم يفتح قط إلا اليوم ، فنزل منه ملك ، فقال : هذا ملك نزل إلى الأرض ، لم ينزل قط إلا اليوم ، فسلم و قال : أبشر بنورين أوتيتما ، لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب ، و خواتيم سورة البقرة ، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته ) رواه مسلم و النسائي .
و عن وائله بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( أعطيت مكان التوراة : السبع ، وأعطيت مكان الزبور ، المئين ، و أعطيت مكان الإنجيل : و المثاني ، وفضلت بالمفصل ) رواه أحمد
لقد اشتملت سورة الفاتحة على العقيدة و الجزاء و العبادة و الأخلاق و التاريخ . و حقيق بسورة هذا شأنها أن يشفي بها من الأدواء ، و أن يسترق بها لما تضمنته من إخلاص العبودية ، و الثناء على الله و تفويض الأمر كله إليه و الاستعانة به ، و التوكل عليه ، و سؤاله بجامع النعم كلها ، و هي الهداية التي تجلب النعم و تدفع النقم و أن تكون لذلك من أعظم الأدوية الشافية استشفاء ورقية .
و قيل : إن موضع الرقية فيها :و( إياك نعبد و إياك نستعين ) و لا ريب ـ، هاتين الكلمتين الكريمتين العظيمتين الشريفين من أقوى عناصر الدواء و الشفاء لما فيهما من التفويض و التوكيل و الالتجاء إلى الله و عبادته و الاستعانة في كل شيء و حديث أبي سعيد الخدري الآتي يدلنا على الفوائد العظيمة في مجال الشفاء التي تعطها لنا السورة الشافية .
من حديث أبي سعيد الخدري ، قال : (( انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفره سافروها ، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم ، فلدغ سيد ذلك الحي ، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء ، فقال بعضهم : لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا ، لعلهم أن تكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا : يا أيها الرهط ، إن سيدنا لدغ وسيعنا له بكل شيء لا ينفعه شيء ، فهل عند أحد منكم من شيء ؟ فقال بعضهم :نعم ، و الله إني لأرقي ، و لمن استضفناكم فلم تضيفونا ، فما أنا براق حتى تعجلوا لنا جعلاً فصالحوهم على قطيع من الغنم ، فانطلق يتفل عليه ، و يقرأ الحمد لله رب العالمين ، فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبه . قال : فأفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه ، فقال بعضهم : اقتسموا فقال الذي رقي : لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنذكر له الذي كان ، فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك . فقال : وما يدريك أنها رقية . ثن قال : قد أصبتم ، اقتسموا و اضربوا لي معكم سهماً و قد روى ابن ماجه في سننه ، من حديث علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : و خير الدواء القرآن .
و الرقية الصحيحة تخرج من قلب الراقي وفمه ، فإذا صاحبها شيء من أجزاء باطنه – من الريق و الهواء و النفس كانت أتم تأثيراً و أقوى و أقوى فعلاً و نفوذا ، و يحصل بالازدواج بينما كيفية مؤثرة شبيهة بالكيفية الحادثة عن
تركيب الأدوية فنفس الراقي تقابل تلك النفوس الخبيثة ، و تريد بكيفية نفسه ، وتسعين بالرقية و بالنفث على إزالة ذلك الأثر .
و كلما كانت كيفية نفس الراقي أقوى كانت الرقية ـتم فإن في نفث الراقي الذي يصاحب القراءة سر روحاني كبير يعمل على طرد الأرواح الخبيثة
إن روح الراقي إذا كانت قوية و تكيفت بمعاني الفاتحة و استعانت بالنفث و التفل قابلت ذلك الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة فأزالته وحصل الشفاء بإذن الله تعالى .
منقول للافادة