تواصل جدل الاشهار السياسي ليصبح موضوع الساعة في الأوساط السياسية، فرغم تحجير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات له، مازالت عدد من الأحزاب تصر على أن ذلك يدخل في اطار حقها في التعريف بنفسها وهو ليس من مشمولات الهيئة
قررت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تفعيل قرارها المتعلق بتحجير الاشهار السياسي بداية من 12 سبتمبر الماضي، والذي لم تلتزم بتطبيقه الأحزاب المعنية بهذه القضية، وذلك بتطبيق أحكام الفصل 315 من المجلة الجنائية على كل من يخالف قرارها.
وذكّرت الهيئة في بلاغ صدر عنها أول أمس الأحد» أنّ القرارات الصادرة عنها في المادة الانتخابية هي قرارات إدارية إلزامية، وعليه فإنّه يتعيّن على كلّ الجهات المعنية الانصياع لمقتضياتها وتنفيذها حال صدورها».
في المقابل أكد كل من ممثلي حزب الاتحاد الوطني الحر والحزب الديمقراطي التقدمي مضيهم في «الاعتماد على الاشهار السياسي، كوسيلة للتعريف بنفسها وكاتجاه لا يمنعه القانون».
جدل متواصل
وتواصل العمل بالومضات الاشهارية في وسائل الاعلام البصرية والسمعية، كما تواصل الاعتماد على المعلقات الاشهارية في الطرقات وفي الساحات العامة.
واعتبر منجي اللوز عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي أن هذا « قرار اعتباطي وليس له أي مبرر قانوني وبه تتجاوز الهيئة صلاحياتها» مشددا على أن حزبه «سيواصل العمل بالاشهار السياسي».
من ناحية أخرى فقد اجتهدت بلدية سوسة وكانت سباقة في تطبيق قانون تحجير الاشهار السياسي حيث كلفت أعوانها بنزع كل اللافتات الاشهارية الخاصة بالأحزاب،وقوبل هذا القرار بالرفض من قبل ممثلي الأحزاب المعنية بهذا الموضوع.
ومن جانبه أكد الفاضل محفوظ عضو الهيئة المستقلة للانتخابات، أن الهيئة ماضية في تطبيق القانون وذلك بالتنبيه أولا ثم بعث مراسلات رسمية الى كل المؤسسات والادارات المعنية بتطبيق هذا القانون، وقال «قريبا سنمر الى مرحلة التشكي للنيابة العمومية في صورة تواصل تجاوز القانون من قبل القائمات المترشحة لانتخابات التأسيسي».
خطأ مشترك
ومثل هذا الموضوع قلقا لدى عديد المتابعين والمهتمين بالشأن السياسي، حيث حذر عدد منهم من تواصل الاشهار السياسي والذي من شأنه أن يؤدي الى احتقان سياسي بين المتنافسين وقد يؤدي الى تصعيد خاصة أن فترة انطلاق الحملة الانتخابية على الأبواب.
من ناحية أخرى فان عددا من الملاحظين أكدوا على أحقية الأحزاب في اختيار هذا المنهج خاصة أن البلاد تعيش تصحرا ثقافيا سياسيا وعدم دراية بمكونات المشهد السياسي خاصة عند المواطن العادي البسيط.
ولكن الصادق بلعيد دكتور القانون الدستوري يرى غير ذلك، اذ اعتبر موضوع الاشهار السياسي»خطأ سياسيا مشتركا بين الهيئة المستقلة للانتخابات والمتعنتين من الأحزاب ليوضح ذلك قائلا «الهيئة ومنذ البداية، تعلم بما يحدث، و كان عليها أن تكون أكثر حزما، ولكنها لم تفعل شيئا، وحتى قرارها باعتماد المجلة الجنائية لم يكن في التوقيت المناسب وليس له تأثير كبير، فلن يخاف رجال الأعمال من خطية مالية لا بأربعة دنانير ولا بمائة ألف دينار».
ويضيف محملا المسؤولية للأحزاب وناقدا لها: «الاحزاب اخترقت مختلف المبادئ وهذا السلوك لا يمت بصلة للديمقراطية ولا للأخلاق السياسية وهذا يضر كثيرا بالعملية الانتخابية، وكثيرون تضرروا من الاشهار السياسي خاصة المستقلين الذين ليس لهم مصادر تمويل سوى التمويل العمومي للحملة الانتخابية».
استنتج بلعيد في خلاصة اتصال جمعه بـ «الشروق»، أن «القوي يتغلب على الضعيف والهيئة تتفرج دون اي حراك، وهي وصمة عار على الاحزاب السياسية المورطة في ذلك» وهو موقف يسمعه المتابع في أكثر من مرة بين مكونات المشهد السياسي، ولكن ألا تعد الحملة الموجهة ضد الاشهار السياسي من قبل الأحزاب الأخرى حملة انتخابية هي كذلك؟ وألا تعد الحملات الدعائية بالمساجد وفي الجامعات حملة انتخابية واشهارا سياسيا أيضا؟.