ترى أي صفة بالتحديد ، يمكن أن تدفعك الى الوقوع في حب شخص ما ؟
أهي قوته..
أم جماله..
أم طيبته..
أم روحه المرحة ..
أم .. أم ..
الواقع أنه لو أجريت استفتاء عاما بين المحبين ، لما أمكنك أن تحصر جوابا واضحا في هذا الشأن ..
لأنه في هذه النقطة بالذات ، يختلف كل مخلوق عن الأخر اختلافا بينا ، لا يرجع الى طبيعته وشخصيته فحسب ، ولكن يرتبط بجيناته أيضا ، وبحياته ومنشئه على وجه عام ..
وربما كان لهذا العامل الأخير التأثير الأعظم ، في الغالبية العظمى من حالات الحب..
فالطب النفسي يقول : إن الإنسان يحب في الطرف الأخر أمرا افتقده في حياته ، ويسعى إليه طيلة عمره ..
الشخص الذي حرم من الحنان في طفولته ، أو عانى عذابا أو قسوة ، قد يقع في الحب ، اذا ما شعر بحنان الطرف الأخر ، أو دفئ مشاعره..
بل ويجد نفسه مدفوعا بقوة نحو أي لمسة حانية ، أو همسة رقيقة ..
لهذا قد تجد رجلا في غاية الوسامة ، غارقا حتى أذنيه في حب امرأة ، يرى الكل أنها تفتقر الى مقومات الجمال أو الإثارة ، بل ويبدون دهشتهم الشديدة من شدة عشقه لها ، إلا أنه في الواقع منجذب إلى حنانها ، وما يمنحه إياه من شعور بالأمان والإستقرار ..
والعكس أكثر شيوعا ، وهو أن تجد فتاة رقيقة جميلة ، تعشق رجلا خشن المظهر ، أو يكبرها في العمر ؛ لأنها وجدت فيه الحنان الذي تبحث عنه منذ طفولتها ..
والإبنة التي نشأت في كنف أب صارم متزمت ، قد تعشق في شبابها شابا مرحا منطلقا ..
وهكذا ..
فمشكلة الحب الأساسية ، هو أنه يكمن دوما في جزء خفي عميق من كينونتنا .. جزء جزء نجهل عنه أي شئ ..
جزء يثب من مكمنه بغتة ، في لحظة نجهلها ليسيطر على كل ذاتنا ، دون أن نملك له ردا أو دفاعا ..
وقد لا ندرك حقيقة ذلك الجزء الخفي أبدا ، حتى بعد أن نحب ، ونعشق ونتزوج ..
والواقع أن هذا لا يهم ..
ليس من الضروري أن نعرف ماهية الحب ..
و لا لمذا أحببنا ..
المهم أن نحب ..
وألا نضيع هذا الحب ، مهما كان الثمن ..
والمشكلة أننا نخشى بشدة حالة الوقوع في الحب ، عندما نشعر بها فجأة ..
فالإنسان عدو ما يجهله ..
وما يعجز عن فهمه أيضا ..
ففي لحظة ، يكون حرا ..
وفي الحظة ، يجد نفسه أسيرا للحب ..
هذا لايعني أن الحب يحدث في لحظة ، أو من النظرة الأولى كما تحب الروايات الرومانسية أن تقنعنا ..
إنما الواقع أننا نتبه اليه فجأة ..
ففي البداية يكون هناك انجذاب ..
واهتمام ..
ومتابعة ..
وفجأة ، يأتي عامل ما ، ليفجر الحقيقة داخلنا ، حقيقة أننا نحب ..
وذلك العامل قد يكون غياب المحب ..
أو مرضه ..
أو عودته ..
أو حتى لمحة عن أحتمال وقوعه في حب شخص أخر ..
والفتيات أكثر من يدركن هذه الحقيقة ..
حقيقة الامل الخفي للحب ..
فعندما تريد الواحدة منهن اختبار عواطف شخص ما نحوها ، تجدها تختفي من حياته فجأة ..
أو تفتعل معه مشكلة وهمية ..
أو تروي له مأساة مفتعلة ..
المهم أن تفجر بداخله عاملا ما ..
وعادة ما ينجح هذا الأسلوب تماما ..
ولكن ليس من الضروري أن يسفر عما تنشده الفتاة ..
فقد يدرك الشاب طبيعة مشاعره نحوها ..
أو انعدامها ..
أ هو لن يدرك انعدامها..
ولكنها هي ستدركه ..
وسيتحطم حبها ..
وقلبها ..
وتتصور أن عمرها قد انتهى ..
وأنها لن تحب مرة أخرى ..
ولكن الحقيقة ، ان الزمن سيمر ..
ويندمل الجرح ..
ويشفى القلب ..
ويتفتح ..
ويأتي حب جديد ..
وختبار جديد ..
وما تهواه المرأة في الرجل ، يختلف تماما عما يهواه الرجل في المرأة ؛ بسبب منظور كل منهما للحياة ، واختلاف نوعيتهما ..
واختلاف المنظور هذا ، هو الذي يسبب كل مشكلات الحب ، والزواج ، والحب ، والارتباط بين الجنسين ..
ففي أخر الأبحاث العلمية ، والتي ترفض الجمعيات النسائية الاعتراف بها في تعنت مضحك ، أن الرجل كائن متعدد ، والأنثى كائن منفرد ..
وهذا يعني أن قل الرجل يسمح له بالوقوع في الحب أكثر من مرة ، وفي اّن واحد ، في حين أن المرأة لا يمكن أن تقع إلا في حب شخص واحد ، في الوقت الواحد ..
وهذه النتيجة تبدو لي طبيعية وعلمية ، باعتبار أن الرجل مؤهل للزواج بأربعة (على الرغم من إصرار البعض على نفي هذا) ، في حين أن المرأة غير مؤهلة لهذا !! ..
المهم أن هذا الاختلاف يدفع المرأة دوما لاستنكار تصرفات الرجل ، ويدفعه هو لإخاء تلك التصرفات عنها ..
ومن ناحية أخرى ، فالمرأة تثق في حقيقة تعدد مشاعر ارجل ، بدليل أنها تخشى نظراته الأخرى ، وحديثه مع صديقه ..
أو زميلة له ..
أو رفيقة حفل ..
قديما كانت تدرك ذلك ، ولكنهن كن يتعاملن مع الموقف أو يتغاضين عنه ..
والحياة تسير ..
ثم تطورت الدنيا ، وحصلت المرأة على حريتها ..
ولم تعد تتغاضى ..
أو تتنازل ..
أو تتجاوز ..
وبدأ الحديث عن الشخصية ..
والكرامة ..
وعزة النفس ..
وبدأ القتال ..
وتعددت حالات الانفصال ..
والطلاق ..
ولم يتغير الرجل ..
وكل ما حدث هو أنه قد تعلم كيف يخفي انفعالاته أكثر ..
وأكثر ..
ولأن مشاعر امرأة أكثر رقيا من مشاعر الرجل ..
وأنها ترغب أكثر في الاستقرار ..
فقد عاد الأمر يتراجع ..
ويتراجع ..
وعادت النساء تتغاضى ..
وتتجاهل ..
وتتنازل ..
ويبقى الحب ، هو الصمام ..
صمام الأمان ..
الوحيد ..
***** تحياتي *****