قصة الشيعة فى مصر
يكتبهاالدكتور: عادل عامر
يعود الوجود الشيعي في مصر لأول مرة إلى الدولة الفاطمية العبيدية, وهؤلاء العبيديون الذين نسبوا أنفسهم إلى فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم وتسموا بالفاطميين هم من الشيعة الإسماعيلية, الذين حكموا مصر من سنة 358ه (969م) إلى سنة 567ه (1171م), وكان احتلالهم لمصر في عهد المعز لدين الله, الذي قدم من المغرب, حيث كان هؤلاء العبيديون قد أسسوا دولة لهم هناك. وينتسب العبيديون إلى عبد الله بن ميمون القداح بن ديصان البوني من الأهواز, وهو مجوسي ومن أشهر الدعاة السريين الباطنيين الذين عرفهم التاريخ, ومن دعوته هذه صيغت دعوة القرامطة. وعندما هلك عبد الله قام بدعوته السرية ولده أحمد, وبعد هلاك أحمد تولى قيادة الدعوة ولده الحسين, فأخوه سعيد بن أحمد, واستقر سعيد ب (سلمية) من أعمال حمص, واستمر في نشر الدعوة وبث الدعاة حتى استفحل أمره وأمر دعوته, وحاول الخليفة المكتفى أن يقبض عليه وأن يخمد دعوته, ففرّ إلى المغرب, ونشر له هناك دعاته, وقاتلوا من أجله حتى ظفر بملك الأغالبة وتلقب بعبيد الله المهدي, وادّعى أنه من آل البيت ومن نسل الإمام جعفر الصادق, وانتحل إمامتهم. ومن أبرز حكام الدولة العبيدية: الحاكم بأمر الله الذي ادّعى الألوهية, وبث دعاته في كل مكان من مملكته يبشرون بمعتقدات المجوس كالتناسخ والحلول, ويزعمون أن روح القدس انتقلت من آدم إلى علي بن أبي طالب, ثم انتقلت روح علي إلى الحاكم بأمر الله. وكان آخر حكامهم في مصر العاضد, وكان زوال دولتهم على يد القائد صلاح الدين الأيوبي الذي قضى عليهم وأراح المسلمين من شرورهم([1]) . لقد استطاع صلاح الدين رحمه الله أن يقضي على العبيديين,([2]) وأن يعيد مصر كما كانت إلى مذهب أهل السنة والجماعة, وبالرغم مما مارسه هؤلاء العبيديون من البطش والدعوة السرية لنشر مذهبهم الشيعي الإسماعيلي, إلا أنه ظل مذهباً غريباً دخيلاً, وظلت مصر سنيّة, ولم تقم للشيعة في مصر دولة بعد العبيديين. لكن الشيعة بقيت أنظارهم متجهة نحو مصر لما لها من ثقل وأهمية, ساعين إلى إعادة بناء دولتهم العبيدية. وبالرغم من أنّ مصر ظلت متمسكة بمذهب أهل السنة, إلا أن الشيعة استفادوا خلال القرن المنصرم من مجموعة من العوامل ساعدتهم لنشر مذهبهم وأفكارهم, واستقطاب بعض المواطنين المصريين واختراق بعض الهيئات الرسمية والشعبية.
وكان التشيع مذهب بعض القبائل العربية التي وفدت إلي مصر بعد دخول الإسلام واستمر الوجود الشيعي طوال العصر الأموي والعصر العباسي حتي جاء الفاطميون إلي مصر حيث ازداد الوجود الشيعي كثافة في عهدهم ولكن بعد قمع الأيوبيين للمذهب الشيعي في كثير من مدن مصر اتجهوا إلي الصعيد وإلي الشام واليمن وتراجع المذهب بشكل عام أمام المذهب السني وأن كانت بعض أثاره في الطقوس والمناسبات الدينية لا تزال قائمة فقد ورث المصريون عن الفاطميين احياء الموالد والاحتفال في المناسبات المرتبطة بآل البيت مثل المولد النبي ومولد الحسين ورأس السنة الهجرية ويوم عاشوراء وغيرها من المناسبات التي تشكل جزءاً من الوجدان الشيعي المصري
كما لعب المذهب الشيعي دوراً حيوياً في التواصل بين إيران ومصر حيث أن قرنين من الحكم الفاطمي في مصر يمثل نقطاً بارزة في تاريخ الحضارة الإسلامية في مجال التنمية والازدهار الثقافي حتي أن الفن المصري في تلك الفترة تأثر بالأسلوب الإيراني ومثلما كان هناك تأثير للإسلام المصري علي رجال الدين الإيرانيين لعب رجال الدين الإيرانيين دوراً حيوياً في تشكيل الأحياء الإسلامي في مصر.
وعلي المستوي الرسمي كانت هناك دعوة تقارب بين السنة والشيعة في أربعينيات القرن الماضي وهو تقارب ليس هدفه دعوة أحد الطرفين إلي اعتناق مذهب الآخر وإنما هدفه التواصل بالاتحاد حول الأصول المتفق عليها وتبني دعوة التقريب الكثير من رجال الأزهر الذين ارتبطوا بعلاقات حميمة مع كثير من علماء الشيعة طوال الوقت.. ومن علماء الأزهر البارزين الذين ارتبطوا بهذه الدعوة الشيخ محمد شلتوت والشيخ عبدالمجيد سليم والشيخ أحمد الشرباصي ومن علماء الشيعة الشيخ محمد تقي القمي وهو إيراني الجنسية والشيخ السيد طالب الحسيني الرفاعي والشيخ محمد حسين آل كاشف وهو من علماء العراق.
وعن التواجد الشيعي الرسمي السياسي نشأت في السبعينيات بعض الجمعيات والهيئات التي مارست نشاطها وكان في مقدمتها جمعية أل البيت التي ظهرت عام 1973م وتعتبر مركز الشيعة في مصر واستندت في عملها إلي فتوي الشيخ محمد شلتوت بجواز التعبد بالمذهب الجعفري وكان يتبعها عدداً من الفروع تسمي الحسينيات ولم تكن فكرة التشيع واضحة في أهدافها خاصة أنها ضمت بين عناصرها شيعة وسنة وانحصرت أنشطتها في المساعدات الاجتماعية والخدمات الثقافية والعلمية والدينية وهو ما اعتبره البعض امتداد لجماعة التقريب. ولا توجد تقديرات رسمية معلنة حول عدد الشيعة في مصر حاليا غير أن أغلب التقديرات تتفق علي أنهم لا يتجاوزون الـ 1% من تعداد السكان الذي يدين قرابة الـ 90% منه بالإسلام وغالبية الشيعة من الإمامية الإثنا عشرية.. وكان للشيعة عدد من المطالب التي تقدموا بها تتلخص في المطالبة بإنشاء مركز يحمل اسم الشيعة يحتوي علي مكتبة شيعية وأيضا مطالبة السلطات الاعتراف بمذهبهم وحريتهم في ممارسة طقوسهم والسماح لهم بإنشاء مساجد خاصة بهم في مدينة السادس من أكتوبر والسماح لهم بإلقاء المحاضرات السياسية والدينية وطباعة الكتب الشيعية كما طالبوا بإعادة افتتاح جمعية أهل البيت التي تم اغلاقها سنة 1979م وتأسيس مجلس أعلي لرعاية شئونهم باسم المجلس الشيعي الأعلي في مصر شبيه بالمجلس الموجود في لبنان ومحاولة اشهار فرع لرابطة أهل البيت في القاهرة كما طالبوا بتحويل الأزهر الشريف إلي جامعة شيعية بحجة أن الفاطميين الشيعة هم الذين بنوه أثناء حكمهم لمصر وفي أوائل عام 2004 تقدم بعض الشيعة في مصر بطلب إلي وزير الداخلية للاعتراف بالشيعة كطائفة دينية رسمية في مصر بموجب القانون رقم 15 لسنة 1927م كما يطالبون وبإلحاح انجاز مسرحية الحسين التي منعها الأزهر لمخالفتها الأحكام الشرعية وأثارتها للفتنة بين الشيعة والسنة كما طالب ناصر حمودي أحد رجال الدين الشيعة الإيرانيين البارزين بتعيين شيعي في منصب وزير بالحكومة المصرية ليكون مسئولاً عن شئون العتبات المقدسة والمزارات الدينية التي يطالب الشيعة بتنظيم رحلات إليها وذلك لتثبت الحكومة المصرية حسن نواياها للشيعة حيث أشار ناصر حمودي إلي أن السلفيين المصريين أشاعوا فيما مضي إلي أن مرقد الإمام الحسين والسيدة زينب لا تحمل أجسادهم المشرفة وأن هذه المقامات خاوية والطواف حولها وزيارتها كفر وقال من حقنا أن نحمي المراقد من هذه الشائعات التي يريد السنة فيها تشوية صورة الشيعة.. كما لفت إلي أن العالم بصدد رفع دعوي قضائية في مجلس الأمن علي مصر لتمكين علماء الشيعة من وضع أيديهم والإشراف علي العتبات المقدسة للحفاظ عليها ورعايتها وأعمارها كما يعتزم الشيعة تقديم طلب إلي لجنة الأحزاب لتشكيل أول حزب سياسي شيعي في مصر يطلق عليه «شيعة مصر».وحول عدد الشيعة في مصر قال الدريني أنه حسب تقرير الحالة الدينية الخارجية الأمريكية قدر عددهم بـ 750 ألف شخص ولكن أعتقد أن عدد الشيعة يفوق هذا العدد بكثير لأننا لابد أن نضع في اعتبارنا أن هناك ما يزيد علي عشرة ملايين صوفي في مصر ويوجد بينهم ما لا يقل عن مليون يتبعون الفكر الشيعي كما أننا لا يمكن أن نعزل فصيل الإشراف الجعفري وهم بالتأكيد توجههم شيعي لكن هناك ضغوطاً إعلامية وأمنية تدفع الكثيرين إلي عدم إعلان تشيعه وعن ما يثار عن علاقة الشيعة بإيران يقول الدريني أنه صار منطبعاً لدي المسلمين السنيين أنه عندما يذكر الشيعي تذكر إيران وللعلم هذه الدولة لم تعطنا موقفاً مسانداً ولم تقدم لنا أي عون.. كما أوضح أن المذهب الشيعي ليس أصله إيرانياً بل أن أصل التشيع عربي أما مذاهب السنة كلها فجاءت من إيران. وتنفيذاً للأجندة الأمريكية جاءت زيارة لجنة الحريات الدينية الأمريكية في مصر لتفتح الملف الشائك بشكل يوضح انتهاكات حقوقية للشيعة في مصر وعدم تمتعهم بالحرية الدينية.. وجاء الحديث عن انتهاكات ضد الشيعة في الوقت الذي يؤكد فيه مسئولو الأزهر الشريف أن المذهب الشيعي معترف به دينياً في مصر منذ فتوي الشيخ محمد شلتوت عام 1959م بجواز التعبد علي مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية كما ذكرنا سابقاً كما أكد الشيخ سيد طنطاوي شيخ الأزهر الحالي علي الفتوي ذاتها واعتبار المذهب جائز شرعاً كسائر مذاهب السنة.
بدأ حزب التحرير الشيعي، الذي أسسه أمين عام قوى آل البيت الطاهر الهاشمي ود.أحمد النفيس، حراكه السياسي رسميا كأول حزب شيعي سياسي في مصر، بعد تسلمه أخيرا إخطار الموافقة على تشكيله من الهيئة العليا لشؤون الأحزاب. وقال الهاشمي إن حزبه يرفع راية الحرية والعدالة الاجتماعية والوحدة، وينظر الى مصر باعتبارها دولة ذات هوية عربية واسلامية، ولكن هويتها العربية ليست من منطلق عرقي وانما من منطلق حضاري، وكذلك اسلامية ليس من منطلق عقائدي فقط وانما من منطلق حضاري، لتستوعب جميع التنوعات وتصهرها فى بوتقتها الحضارية.
وأضاف إن الحزب يؤمن بأن حرية المواطن السياسية والفكرية والعقائدية يؤطرها احترام الآخر، كما تشمل العدالة الاجتماعية بمفهومها الشامل والحق في العمل والسكن والعلاج وتكافؤ الفرص وأن تكون الكفاءة والاجتهاد هي سبل الترقي الاجتماعي وتحقيق مفهوم المواطنة من دون تمييز على اساس ديني أو مذهبي او عرقي او طبقي، مع الحفاظ على وحدة الوطن الداخلية باحترام جميع تنوعاته وتطبيق العدالة الاجتماعية ووحدة الهدف، وكذلك الوحدة الاقليمية مع رفاق التاريخ والمصير في الامة العربية والاسلامية والقارة الافريقية، وصولا الى وحدة تشمل كل انصار التحرر الوطني والانحياز للمستضعفين في وجه هيمنة الاستعمار في العالم.
اسف على الاطالة بس دة شيىء مهم
لان يخص امن مصر
|