" وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) " [ النازعات : 40-41 ] .
وفي الحديث : الْمُهْلِكَاتُ ثَلاثٌ : إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ ، وَشُحٌّ مُطَاعٌ ، وَهَوًى مُتَّبِعٌ.
قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ :
صَبَرْتُ عَلَى الْأَيَّامِ حَتَّى تَوَلَّتْ ***وَأَلْزَمْتُ نَفْسِي صَبْرَهَا فَاسْتَمَرَّتْ
وَمَا النَّفْسُ إلا حَيْثُ يَجْعَلُهَا ***الْفَتَى فَإِنْ طَمِعَتْ تَاقَتْ وَإِلا تَسَلَّتْ
يقول ابن المقفع : ذلل نفسك بالصبر على جار السوء ، وعشيرِ السوء، وجليسِ السوء ، فإنّ ذلك مما لا يكادُ يخطئُكَ.
وان الصبر صبرانِ: صبرُ المرءِ على ما يكرهُ، وصبرهُ عما يحب. والصبرُ على المكروهِ أكبرهما وأشبههما أن يكون صاحبهُ مضطراً. واعلم أن اللئامَ أصبر أجساداً، وأنّ الكرامَ هم أصبرُ نفوساً. وليس الصبرُ الممدوحُ بأن يكون جلد الرجلُ وقاحاً على الضربِ، أو رجلهُ قويةً على المشي، أو يدهُ قويةً على العملِ. فإنما هذا من صفات الحميرِ.
ولكن الصبر الممدوحَ أن يكونَ للنفسِ غلوباً، وللأمورِ محتملاً، وفي الضراء متجملاً، و لنفسهِ عند الرأي والحفاظِ مرتبطاً وللحزمِ مؤثراً، وللهوى تاركاً، وللمشقةِ التي يرجو حسن عاقبتها مستخفاً، وعلى مجاهدةِ الأهواء والشهواتِ مواظباً، ولبصيرتهِ بعزمهِ منفذاً." أنظر الأدب الكبير والأدب الصغير "