يقول سبحانه وتعالى سورة القصص:
{اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} آية رقم 32
جنـــــح
الجناح: جناح الطائر، قال تعالى: "ولا طائر يطير بجناحيه" الأنعام/38
وسمي جانبا الشيء جناحيه، فقيل: جناحا السفينة، وجناحا العسكر، وجناحا الإنسان لجانبيه.
قال عز وجل: "واضمم يدك إلى جناحك" طه/22، أي: جانبك: "واضمم إليك جناحك" القصص/32، عبارة عن اليد؛ لكون الجناح كاليد ، وقوله عز وجل: "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة" الإسراء/24، فاستعارة، وذلك أنه لما كان الذل ضربين: ضرب يضع الإنسان، وضرب يرفعه - وقصد في هذا المكان إلى ما يرفعه لا إلى ما يضعه .
خفضتُ جناحَ الذلّ رفعاً لقدرها *** فأوجبَ ذاك الخفضُ رَفعي عن النّصبِ
وجنحت العير في سيرها: أسرعت، كأنها استعانت بجناح.
وجنح الليل: أظل بظلامه، والجنح: قطعة من الليل مظلمة.
قال تعالى: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها" الأنفال/61، أي مالوا، من قولهم: جنحت السفينة، أي: مالت إلى أحد جانبيها.
وسمي الإثم المائل بالإنسان عن الحق جناحا ثم سمي كل إثم جناحا، نحو قوله تعالى: "لا جناح عليكم" "سورة البقرة: /236، وهو في سورة البقرة متعدد المواضع في غير موضع.
وجوانح الصدر: الأضلاع المتصلة رؤوسها في وسط الزور، الواحدة: جانحة، وذلك لما فيها من الميل.
رهــب
الرهبة والرهب: مخافة مع تحرز واضطراب، قال: "لأنتم أشد رهبة" الحشر/13، وقال: "جناحك من الرهب" القصص/32، وقرئ: "من الرهب" بسكون الهاء، أي: الفزع.
وقال تعالى: "ويدعوننا رغبا ورهبا" الأنبياء/90، وقال: "ترهبون به عدو الله" الأنفال/ 60، وقوله: "واسترهبوهم" الأعراف/116، أي: حملوهم على أن يرهبوا، "وإياي فارهبون" البقرة/40، أي: فخافون.
والترهب: التعبد، وهو استعمال الرهبة، والرهبانية: غلو في تحمل التعبد، من فرط الرهبة. قال: "ورهبانية ابتدعوها" الحديد/27، والرهبان يكون واحدا، وجمعا.
ضـــم
الضم: الجمع بين الشيئين فصاعدا. قال تعالى: "واضمم يدك إلى جناحك" طه/22، "واضمم إليك جناحك" القصص/32.
لَقَدْ غَشِيَتْنَا ظُلْمَة ٌ بَعْدَ فَقْدِكُم *** نهاراً وقد زادت على ظلمة الدجى
فيا خير من ضمِّ الجوانحَ والحشا *** وَيَا خَيْرَ مَيْتٍ ضَمَّهُ التُّرْبُ وَالثَّرى
تفسير ابن كثير :
قال الله تعالى : " واضمم إليك جناحك من الرهب " قال مجاهد من الفزع وقال قتادة من الرعب , وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وابن جرير مما حصل لك من خوفك من الحية والظاهر أن المراد أعم من هذا وهو أنه أمر عليه السلام إذا خاف من شيء أن يضم إليه جناحه من الرهب وهو يده فإذا فعل ذلك ذهب عنه ما يجده من الخوف وربما إذا استعمل أحد ذلك على سبيل الاقتداء فوضع يده على فؤاده فإنه يزول عنه ما يجده أو يخف إن شاء الله تعالى وبه الثقة .