إمتلأت شقتهم المتواضعة بوفود من المهنئين والمباركين...
تفترش الأرض حصير من البلاستيك تحتار العين إلى أى لون كانت تنتمى!.. وجدران ضربت قلبها شقوق متعرجة بالطول والعرض مثل خيوط العنكبوت...على النافذة بقايا من ستائر قديمة توارثتها أمها عن جدتها التى كانت يوما" تعيش هنا....!
نظرات السعادة فى عيون الأم لم تستطع أن تخدع تجاعيد الحزن المرتسمة على وجهها منذ سنين ..إقتربت من أمها تحتضنها فى حنان ودموعها تتتساقط على خد أمها كأنما هما جسدان يبكيان بعين واحدة!..
حتى فى يوم السعادة لابد وأن تكون الدموع من بين الحاضرين...!
إلتفت صديقاتها على شكل دائرة بينما وقفت هى فى المنتصف وحمرة الخجل تخفى شحوب وجهها..إنطلق صوت الموسيقى بإيقاعات شعبية راقصة تهز قوامها الملفوف فى خجل ووجهها عليه كل علامات الرضا والسعادة..بينما تلمع عيونها كمصابيح الطريق تحت دخات المطر...!
تتحرك ذراعيها فى الهواء وكانما ترسم دوائر من الأحلام والأمنيات المكبوتة فى صدرها...ونسيج الحصير تحت قدميها يدغدغ براعم الأنوثة فى جسدها المتمايل على الإيقاع الموسيقى...
زغاريد وتصفيق من حولها كان كل شئ يحتفل معها بسعادتها...
تقدمت نهى إبنة عمتها لتشابك يديها معها ليرقصا سويا...
جسدها يهتز فى تلقائية بينما عيونها وعقلها يشردان إلى بعيد...تذكرت حبيبها علاء..كم تمنت أن يكون معها اليوم...كم تمنت ان يكون أول الشاهدين على إنتصارها على بؤس وقهر حياتها الموجعة منذ الصغر......!
فاليوم قد تخرجت من الجامعة...وتغير إسمها من " بسمة إبنة الأسطى مسعد السباك إلى " الباشمهندسة بسمة"...!
عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشرة ونصف مساء..
إنصرف الزوار.... إستسلمت للتعب اللذيذ..فإستئذنت السعادة ان تهجرها لسويعات قليلة مع وعد أن يلتقيا فى الصباح وربما كل صباح...!
كانت ممدة فوق سريرها كعنقود من العنب على كف خشن لايعرف رهافة الإحساس...بينما رن هاتفها المحمول...مدت يدها فى كسل وتردد لتلتقط الهاتف..عينيها لازالتا مغلقتين...وضعت الهاتف على أذنها دون إهتمام..ألووو..ألووو.. إنفتحت ستائر عينيها..وسرى النبض فى أنحاء جسدها..تنهض من نومتها..تعتدل...تسند ظهرها وهى جالسة...كان على الطرف الأخر صوت علاء قادم من بعيد...اتصل بها ليطمئن عليها...ثلاث شهور مضت ولم تسمع صوته ...مشتاقة له جدا" لكنها تعلم ظروف عمله فى العراق..أطبقت شفتيها لاتريد ان تقاطعه...فقط تريد أن يكون الحوار والهمس فى أًذنها...ذلك الهمس الذى يشبه إيقاع الموسيقى التى رقصت عليها بالأمس...!
تنهض من سريرها وتمضى نحو النافذة الكبيرة فى حجرتها...
أصابعها تحتضن الهاتف فى حنان ورقة...وعيونها لاترى إلا النافذة بينما قلبها لايرى إلا صورة علاء...
لازال يسمعها عبارات من الشوق واللوعة والفرحة والسعادة...
تنظر من النافذة بعيون حالمة هائمة...عيناها تقع على تلك الحديقة العامة المواجهة لنافذتها... شاب وفتاة يفترشان العشب المصفر جلسا ملتصقى القلبين لكن يفصل بينهما الخجل والحياء!...
السماء صافية والعصافير فوق الأشجار ترقب فى تعجب ذلك العاشقين الصغيرين..
بدائت تعاتبه فى دلال على غيابه وقلة إتصاله...بينما بدء صوته يخفت...يختفى ثم يعود..
سحابة صيف داكنه تقترب من سماء الحديقة تحجب الشمس فوق العاشقين الصغيرين..
أصوات متتابعة تتسلل عبر الهاتف إلى أذنها..أصوات تشبه طلقات النيران...صوت علاء يخفت..ثم يعود مرتجفا"... تبادل إطلاق للنار فى الشارع الخلفى للمنزل الذى يسكن فيه..
بدأ جسدها يرتجف وقلبها تتسارع دقاته وكأنما هى فى سباق مع الزمن...
صوت علاء يختفى ثم يعود أكثر إرتجافا" وقلق...
المطر بدأ يتساقط بغزارة فوق الحديقة ...قام العاشقان يلملمان أحلامهما ويمضون فى عجل إلى باب الحديقة...
صوت علاء يختفى...يختفى....ثم يعود مرتجفا" هامسا" ...
تحول المطر حول الحديقة إلى برك من الوحل....
دوى إنفجار يمزق أذنها... ثم صرخة أخيرة لاتكاد الأذن أن تخطأها.. إنها صرخة الموت من قلب علاء....
تجرى الفتاة فى الوحل ثم تسقط بكامل جسدها...
يسقط الهاتف من بين أصابعها ليسقط جسدها الهزيل وراءه... سقطت مغشيا" عليها بعدما سمعت أذنها وشعر قلبها بنهاية حلم كانت تنتظره منذ سنين...
سقطت سعادتها المؤقتة وسط أمطار الحزن...لتمضى الحياة بها من جديد بين سعادة مؤجلة...وأحزان يومية.
تفترش الأرض حصير من البلاستيك تحتار العين إلى أى لون كانت تنتمى!.. وجدران ضربت قلبها شقوق متعرجة بالطول والعرض مثل خيوط العنكبوت...على النافذة بقايا من ستائر قديمة توارثتها أمها عن جدتها التى كانت يوما" تعيش هنا....!
نظرات السعادة فى عيون الأم لم تستطع أن تخدع تجاعيد الحزن المرتسمة على وجهها منذ سنين ..إقتربت من أمها تحتضنها فى حنان ودموعها تتتساقط على خد أمها كأنما هما جسدان يبكيان بعين واحدة!..
حتى فى يوم السعادة لابد وأن تكون الدموع من بين الحاضرين...!
إلتفت صديقاتها على شكل دائرة بينما وقفت هى فى المنتصف وحمرة الخجل تخفى شحوب وجهها..إنطلق صوت الموسيقى بإيقاعات شعبية راقصة تهز قوامها الملفوف فى خجل ووجهها عليه كل علامات الرضا والسعادة..بينما تلمع عيونها كمصابيح الطريق تحت دخات المطر...!
تتحرك ذراعيها فى الهواء وكانما ترسم دوائر من الأحلام والأمنيات المكبوتة فى صدرها...ونسيج الحصير تحت قدميها يدغدغ براعم الأنوثة فى جسدها المتمايل على الإيقاع الموسيقى...
زغاريد وتصفيق من حولها كان كل شئ يحتفل معها بسعادتها...
تقدمت نهى إبنة عمتها لتشابك يديها معها ليرقصا سويا...
جسدها يهتز فى تلقائية بينما عيونها وعقلها يشردان إلى بعيد...تذكرت حبيبها علاء..كم تمنت أن يكون معها اليوم...كم تمنت ان يكون أول الشاهدين على إنتصارها على بؤس وقهر حياتها الموجعة منذ الصغر......!
فاليوم قد تخرجت من الجامعة...وتغير إسمها من " بسمة إبنة الأسطى مسعد السباك إلى " الباشمهندسة بسمة"...!
عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشرة ونصف مساء..
إنصرف الزوار.... إستسلمت للتعب اللذيذ..فإستئذنت السعادة ان تهجرها لسويعات قليلة مع وعد أن يلتقيا فى الصباح وربما كل صباح...!
كانت ممدة فوق سريرها كعنقود من العنب على كف خشن لايعرف رهافة الإحساس...بينما رن هاتفها المحمول...مدت يدها فى كسل وتردد لتلتقط الهاتف..عينيها لازالتا مغلقتين...وضعت الهاتف على أذنها دون إهتمام..ألووو..ألووو.. إنفتحت ستائر عينيها..وسرى النبض فى أنحاء جسدها..تنهض من نومتها..تعتدل...تسند ظهرها وهى جالسة...كان على الطرف الأخر صوت علاء قادم من بعيد...اتصل بها ليطمئن عليها...ثلاث شهور مضت ولم تسمع صوته ...مشتاقة له جدا" لكنها تعلم ظروف عمله فى العراق..أطبقت شفتيها لاتريد ان تقاطعه...فقط تريد أن يكون الحوار والهمس فى أًذنها...ذلك الهمس الذى يشبه إيقاع الموسيقى التى رقصت عليها بالأمس...!
تنهض من سريرها وتمضى نحو النافذة الكبيرة فى حجرتها...
أصابعها تحتضن الهاتف فى حنان ورقة...وعيونها لاترى إلا النافذة بينما قلبها لايرى إلا صورة علاء...
لازال يسمعها عبارات من الشوق واللوعة والفرحة والسعادة...
تنظر من النافذة بعيون حالمة هائمة...عيناها تقع على تلك الحديقة العامة المواجهة لنافذتها... شاب وفتاة يفترشان العشب المصفر جلسا ملتصقى القلبين لكن يفصل بينهما الخجل والحياء!...
السماء صافية والعصافير فوق الأشجار ترقب فى تعجب ذلك العاشقين الصغيرين..
بدائت تعاتبه فى دلال على غيابه وقلة إتصاله...بينما بدء صوته يخفت...يختفى ثم يعود..
سحابة صيف داكنه تقترب من سماء الحديقة تحجب الشمس فوق العاشقين الصغيرين..
أصوات متتابعة تتسلل عبر الهاتف إلى أذنها..أصوات تشبه طلقات النيران...صوت علاء يخفت..ثم يعود مرتجفا"... تبادل إطلاق للنار فى الشارع الخلفى للمنزل الذى يسكن فيه..
بدأ جسدها يرتجف وقلبها تتسارع دقاته وكأنما هى فى سباق مع الزمن...
صوت علاء يختفى ثم يعود أكثر إرتجافا" وقلق...
المطر بدأ يتساقط بغزارة فوق الحديقة ...قام العاشقان يلملمان أحلامهما ويمضون فى عجل إلى باب الحديقة...
صوت علاء يختفى...يختفى....ثم يعود مرتجفا" هامسا" ...
تحول المطر حول الحديقة إلى برك من الوحل....
دوى إنفجار يمزق أذنها... ثم صرخة أخيرة لاتكاد الأذن أن تخطأها.. إنها صرخة الموت من قلب علاء....
تجرى الفتاة فى الوحل ثم تسقط بكامل جسدها...
يسقط الهاتف من بين أصابعها ليسقط جسدها الهزيل وراءه... سقطت مغشيا" عليها بعدما سمعت أذنها وشعر قلبها بنهاية حلم كانت تنتظره منذ سنين...
سقطت سعادتها المؤقتة وسط أمطار الحزن...لتمضى الحياة بها من جديد بين سعادة مؤجلة...وأحزان يومية.