لنتبع سنن اشرف خلق الله تعالى في لحظة وخطوة في حياتنا فهو رسولنا وقائدنا وقدوتنا
فيستحب التكبير المرسل بغروب الشمس في العيدين جميعا ، كما سيأتي بيانه في فصل التكبيرات ، - إن شاء الله تعالى - . ويستحب استحبابا متأكدا ، إحياء ليلتي العيد بالعبادة .
قلت : وتحصل فضيلة الإحياء بمعظم الليل ، وقيل : تحصل بساعة . وقد نقل الشافعي - رحمه الله - في ( الأم ) عن جماعة من خيار أهل المدينة ما يؤيده . ونقل القاضي حسين عن ابن عباس : أن إحياء ليلة العيد أن يصلي العشاء في جماعة ، ويعزم أن يصلي الصبح في جماعة ، والمختار ما قدمته . قال الشافعي - رحمه الله - : وبلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال . ليلة الجمعة ، والعيدين ، وأول رجب ، ونصف شعبان . قال الشافعي : وأستحب كل ما حكيته في هذه الليالي . - والله أعلم - .
فرع
يسن الغسل للعيدين ، ويجوز بعد الفجر قطعا ، وكذا قبله على الأظهر ، وعلى هذا هل يجوز في جميع الليل ، أم يختص بالنصف الثاني ؟ وجهان .
[ ص: 76 ] قلت : الأصح : اختصاصه . - والله أعلم - .
ويستحب التطيب يوم العيد ، والتنظف بحلق الشعر ، وقلم الظفر ، وقطع الرائحة الكريهة ، ويستحب أن يلبس أحسن ما يجده من الثياب ، وأفضلها البيض ، ويتعمم . فإن لم يجد إلا ثوبا ، استحب أن يغسله للجمعة والعيد ، ويستوي في استحباب جميع ما ذكرناه ، القاعد في بيته ، والخارج إلى الصلاة ، هذا حكم الرجال . وأما النساء ، فيكره لذوات الجمال والهيئة الحضور ، ويستحب للعجائز ، ويتنظفن بالماء ، ولا يتطيبن ، ولا يلبسن ما يشهرهن من الثياب ، بل يخرجن في بذلتهن . وفي وجه شاذ : لا يخرجن مطلقا .
فرع
السنة لقاصد العيد المشي . فإن ضعف لكبر ، أو مرض ، فله الركوب ، وللقادر الركوب في الرجوع ويستحب للقوم أن يبكروا إلى صلاة العيد إذا صلوا الصبح ، ليأخذوا مجالسهم وينتظروا الصلاة . والسنة للإمام أن لا يخرج إلا في الوقت الذي يصلي فيه ، فإذا وصل المصلى شرع في صلاة العيد ، ويستحب للإمام أن يؤخر الخروج في عيد الفطر قليلا ، ويعجل في الأضحى . ويكره للإمام التنفل قبل صلاة العيد وبعدها ، ولا يكره للمأموم قبلها ولا يكره بعدها ، ويستحب في عيد الفطر أن يأكل شيئا ، قبل خروجه إلى الصلاة ، ولا يأكل في الأضحى حتى يصلي ويرجع .
قلت : ويستحب أن يكون المأكول تمرا إن أمكن ، ويكون وترا . - والله أعلم - .
وينادى لها : الصلاة جامعة ، قال صاحب ( العدة ) ولو نودي لها : حي على الصلاة ، جاز ، بل هو مستحب .
[ ص: 77 ] قلت : ليس كما قال ، فقد قال الشافعي - رضي الله عنه - : ينادى : الصلاة جامعة ، فإن قال : هلموا إلى الصلاة ، فلا بأس ، قال : وأحب أن يتوقى ألفاظ الأذان . وقال الدارمي : لو قال حي على الصلاة ، كره ، لأنه من الأذان . - والله أعلم - .
فرع
صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يذهب إلى العيد في طريق ، ويرجع في آخر ، واختلف في سببه ، فقيل : لتبرك أهل الطريقين ، وقيل : ليستفتى منهما ، وقيل : ليتصدق على فقرائهما ، وقيل : ليزور قبور أقاربه فيهما ، وقيل : ليشهد له الطريقان ، وقيل : ليزداد غيظ المنافقين ، وقيل : لئلا تكثر الزحمة ، وقيل : يقصد أطول الطريقين في الذهاب ، وأقصرهما في الرجوع ، وهذا أظهرها ، ثم من شارك في المعنى استحب ذلك له ، وكذا من لم يشارك على الصحيح الذي اختاره الأكثرون ، وسواء فيه الإمام والمأموم .
قلت : وإذا لم يعلم السبب ، استحب التأسي قطعا . - والله أعلم -