تاكسي؟
* علي فين يا مدام؟
المهندسين من فضلك.
* اتفضلي حضرتك.. لو تسمحي يا أفندم تقفلي الباب من تاني كويس
...................
...................
بيب بيب... بيب
* فين في المهندسين حضرتك؟
أحمد عرابي
* ياه ده أنا لسه جاي من هناك، المرور آخر خنقة، والله حضرتك قعدت ساعة عشان اخرج منه أروح جامعة الدول.
معلش يا أسطي.. الشوارع كلها زحمة
* علي رأي حضرتك. منهم لله، حانلاقيها من ايه والا من ايه.
بيب بيب.. بيب
...................
...................
سائق التاكسي يرمق الراكبة بنظرات مختلسة عبر مرآة السيارة
يخرق ورقة مناديل كلينكس من صندوق المناديل علي تابلوه السيارة يمسح عينيه بقوة فتصابان فجأة بالاحمرار الشديد وتبدأ الدموع تسيل منهما وسط دهشة وذهول الراكبة!
خير يا أسطي.. فيه حاجة؟
* ابدا يا هانم مافيش الحمد لله علي أي مكروه ربنا كبير ورحمته واسعة!
بجد يا أسطي.. فيه حاجة؟
* ابدا يا ست هانم.. مافيش!
مرة أخري 'يدعك' عينيه بالمنديل الورقي فتزيد دموعه ويجهش بالبكاء الشديد، ويبطيء من حركة التاكس.
* أنا آسف أوي يا ست هانم، أنا عارف انه ما يصحش اضايقك بمصيبتي لكن اعمل ايه، الدنيا اسودت في عيني، وخلاص حا اتخنق، والله الموت أرحم.
قلقتني يا أسطي.. من فضلك ايه الحكاية؟
* هي الدنيا كده.. ما تجيش الا علي الغلابة، واحد زي شقيان طول عمره عشان يربي أولاده يادوبك ايراد التاكسي يكفي أكلهم وشربهم وتعليمهم. عايش معاهم في فقر وبأحمد ربنا. تقوم الغلبانة مراتي يجيلها سرطان قلنا الحمد لله وده قدرها. لكن العلاج يا هانم غالي والايد قصيرة وباشوفها قدامي بتموت كل يوم ومش قادر اشتري لها الدواء اعمل ايه بس يا ربي.. اعمل ايه؟!
هذه المرة تسيل الدموع.. ولكن من عين الراكبة التي اهتز قلبها لمصيبة سائق التاكسي الغلبان وعندما تصل السيارة في النهاية الي المهندسين وبدلا من أن تعطيه خمسة جنيهات كما تعودت ان تفعل مع اي تاكسي كل يوم تخرج من حقيبتها مائة جنيه وتعطيه له وهي ماتزال تبكي.
تدخل الراكبة باب العمارة
سائق التاكسي يتابعها بنظراته حتي تختفي في الداخل ينظر الي المائة جنيه التي في يده يقبلها بلهفة يضعها في جيبه يخرج من المنديل الورقي قطعة البصل التي اصابت عينيه بالاحمرار وجعلت الدموع الزائفة تنهمر منهما.
فيطلق ابتسامة علي وجهه.
* يقول لنفسه: رزق الهبل علي المجانين!
***
في المساء وعندما تروي الراكبة ما حدث لها في التاكسي في الصباح لصديقتها في التليفون.
تصرخ صديقتها: هي عملوها فيكي انتي كمان يا سعاد؟
* تسألها بدهشة: عملوا ايه؟
تضحك صديقتها ساخرة: حكاية سواق التاكسي يا هبلة!
وتروي لها صديقتها انها وقعت في نفس المصيدة منذ أيام لكن سائق التاكسي المحتال هذه المرة لم يزعم ان زوجته مريضة بالسرطان بل قال وهو يبكي ان زوجته انجبت مولودا بعد ان ظلت عاقرا لسنوات وأنها الآن في المستشفي مع المولود. لكنه لا يحمل في جيبه جنيها واحد وأنه يريد شراء ملابس المولود المنتظر.
وتقول لها صديقتها: وطبعا وقعت زي 'المقطف' واديته الخمسين جنيه اللي كانت معايا!
***
هذه ليست حكايات خيالية وانما هي حوادث واقعية حدثت لبعض القارئات والقراء حكايات طرق جديدة في النصب والاحتيال لجأ اليها مؤخرا بعض عديمي الضمير والاخلاق من سائقي التاكسي. وهم شطار للغاية في علي مشاعر الراكبات والركاب. وهم يلفقون ببراعة القصص الوهمية المؤثرة. ففي مرة طفلة السائق تعاني من الفشل الكلوي.. ويكلف علاجها اسبوعيا مبالغ كبيرة وفي مرة أخري أمه في المستشفي ولابد من سداد فاتورة المستشفي لاخراج جثتها من المستشفي ودفنها!
ونحن شعب عاطفي.. لدرجة العبط:
ونحن نحلم بدخول الجنة من أقصر طريق. ولهذا نصبح لقمة سائغة في أيدي هؤلاء المحتالين الذين لا يسجيون من اراقة ماء وجوههم من اجل ابتزاز أموال البسطاء.
أرجوكم.. خذوا بالكم من مثل هؤلاء
والآن.. اترككم للذهاب الي عملي
تاكسي.. تاكسي. شارع الصحافة يا أسطي؟!
المصدر: اخبار الحوادث---- احمد مهين