السبب السابع / الاستقامة على دين الله :
قال تبارك وتعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون . أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاءا بما كانوا يعملون } ، وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك . قال ( قل آمنت بالله ثم استقم ) [رواه مسلم شرح صحيح مسلم لنووي : 2/367] .
السبب الثامن / طلب العلم الشرعي ابتغاء وجه الله تبارك وتعالى :
في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ...ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة ،و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه ) [ شرح صحيح مسلم لنووي 17/24] .
السبب التاسع / بناء المساجد :
في صحيح البخاري عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة " [ فتح الباري 1/544 ] .
السبب العاشر / حسن الخلق :
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ بُنِيَ لَهُ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا ، وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلَاهَا " [ أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجة ، انظر صحيح الجامع 1464 ] ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ ؟ فَقَالَ : " تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ " ، وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ ؟ فَقَالَ : " الْفَمُ وَالْفَرْجُ " [ أخرجه الترمذي وابن ماجة وأحمد ] ، وعَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقُلْتُ : أَخْبِرِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَتْ : " كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ " [ أخرجه أحمد ] ، ورسولنا صلى الله عليه وسلم ، هو قدوتنا وقد امتدحه تبارك وتعالى بقوله : { وإنك لعلى خلق عظيم } ، فلننظر في كتاب الله تبارك وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وسيرته وسيرة أصحابه رضي الله عنهم لنتعلم ما هو الخلق الحسن وكيف نكتسبه . ومن أفضل الكتب التي تحدثت عن شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه كتاب : ( مختصر الشمائل المحمدية ) للإمام الترمذي رحمه الله ، اختصار وتحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني .
السبب الحادي عشر / ترك المراء :
قال صلى الله عليه وسلم : " أنا زعيم بيت في ربض الجنة ، لمن ترك المراء وإن كان محقا ... " [ تقدم تخريجه ] . ومعنى ربض : أي أدناها وأسفلها ، أو ما حولها خارجاً عنها .
السبب الثاني عشر / ترك الكذب ولو مازحاً :
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ ـ أدناها أو ما حولها ـ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ ـ الجدال ـ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا ، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا ، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ " [ أخرجه أبو داود وابن ماجة ] ، فالكذب صفة ذميمة ، وخصلة سيئة ، من اتصف بها أصبح في عداد المنافقين ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ ، كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا : إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ " [ أخرجه البخاري ومسلم ] ، فأمر الكذب عظيم ، وخطره كبير ، لأنه صفة من صفات المنافقين الذين قال الله فيهم : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً " ، ولقد لعن الله تعالى الكاذبين ، فقال سبحانه : " ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين " ، الكذب سبب للتفريق بين الأسر ، والخلان ، وسبب لحدوث الفتن والمحن بين الدول والشعوب ، وإثارة فتيل الحروب .
وهناك من الناس من استهان بأمر الكذب حتى أصبح سائغاً على لسانه ، وسهلاً في ميزانه ، ولا شك أن ذلك ناجم عن جهل بالدين ، واستهزاء بأوامره ، حتى أصبح يختلق الأكاذيب لا سيما ليضحك به الناس ، ولقد جاء الوعيد الشديد لمن فعل ذلك ، فعن بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ ، وَيْلٌ لَهُ ، وَيْلٌ لَهُ " [ أخرجه الترمذي وأبو داود وأحمد والدارمي وغيرهم ] ، بل أعظم من ذلك الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ ، مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا ، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ والمغرب " .
فيجب على المسلم ترك الكذب ولو كان مازحاً ، طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وخوفاً من عقاب الله تعالى ، ومن ترك الكذب وابتعد عنه مبتغياً وجه الله تعالى ، كان جزاؤه جنة الخلد ، وكان منزله في ربضها ، يعني في أسفلها وحولها ، وفي لفظ : أنه له بيت في وسط الجنة .
وقد رخص الشرع في بعض الكذب لما فيه من مصلحة راجحة ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضي الله عنها أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَقُولُ : " أَيُّهَا النَّاسُ مَا يَحْمِلُكُمْ عَلَى أَنْ تَتَابَعُوا فِي الْكَذِبِ ، كَمَا يَتَتَابَعُ الْفَرَاشُ فِي النَّارِ ، كُلُّ الْكَذِبِ يُكْتَبُ عَلَى ابْنِ آدَمَ إِلَّا ثَلَاثَ خِصَالٍ : رَجُلٌ كَذَبَ عَلَى امْرَأَتِهِ لِيُرْضِيَهَا ، أَوْ رَجُلٌ كَذَبَ فِي خَدِيعَةِ حَرْبٍ ، أَوْ رَجُلٌ كَذَبَ بَيْنَ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمَا " [ أخرجه أحمد ] ، وفي لفظ آخر عند الإمام أحمد رحمه الله في مسنده ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضي الله عنها ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَصْلُحُ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ : كَذِبُ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ لِتَرْضَى عَنْهُ ، أَوْ كَذِبٌ فِي الْحَرْبِ فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ ، أَوْ كَذِبٌ فِي إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ " .
السبب الثالث عشر / المداومة على التطهر عند كل حدث ، وصلاة ركعتين بعد الأذان :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ : يَا بِلَالُ ! حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ ، قَالَ : " مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي ، أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ " [ أخرجه البخاري ومسلم ] ، وأخرج الترمذي في سننه ، والحاكم في مستدركه ، وأحمد في مسنده ، وابن خزيمة في صحيحه ، عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي بُرَيْدَةَ قَالَ : أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بِلَالًا ، فَقَالَ : يَا بِلَالُ ! بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الْجَنَّةِ ؟ مَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ قَطُّ إِلَّا سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي ، دَخَلْتُ الْبَارِحَةَ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي ، فَأَتَيْتُ عَلَى قَصْرٍ مُرَبَّعٍ مُشْرِفٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فَقُلْتُ : لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ ؟ فَقَالُوا : لِرَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ ، فَقُلْتُ : أَنَا عَرَبِيٌّ ، لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ ؟ قَالُوا : لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، قُلْتُ : أَنَا قُرَشِيٌّ ، لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ ؟ قَالُوا : لِرَجُلٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ، قُلْتُ : أَنَا مُحَمَّدٌ ، لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ ؟ قَالُوا : لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ بِلَالٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ، وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إِلَّا تَوَضَّأْتُ عِنْدَهَا ، وَرَأَيْتُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بِهِمَا " [ صحيح الترغيب والترهيب 194 ] .
السبب الرابع عشر / الذهاب إلى المسجد والعودة منه لأداء الصلوات :
أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ " [ شرح صحيح مسلم للنووي 5/176] ، ويقول الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث : " قوله صلى الله عليه وسلم : أعد الله له في الجنة نزلا ، النزل ما يهيأ للضيف عند قدومه " .
السبب الخامس عشر / الإكثار من السجود لله تبارك وتعالى :
عن رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ رضي الله عنه قَالَ : كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ ، فَقَالَ لِي : سَلْ ؟ فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ ، قَالَ : أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ ، قَالَ : " فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ " [ أخرجه مسلم وغيره ] .