في البداية استقر الجميع في حديثهم علي جمل واحدة "لقد شاهدنا الموت بأعيننا، وتألمنا كثيراً لمقتل جنود في ريعان شبابهم أمامنا، ربما عجزنا عن انقاذ بعضهم لاستخدام وسائل انقاذ بدائية، أو لأن الظلمة الشديدة حالت دون إمكانية التوصل إليهم رغم صرخاتهم وتوسلاتهم.
ويكمل أحد شهود العيان ويدعي "فيصل. م "45 عاماً، معلماً بمدرسة إعدادية: كانت رحلة القطار الحربي كما تردد عادية وتأخذ مسارها الطبيعي، حتي بداية دخوله الي محطة السكك الحديدية بالحوامدية، وهنا بدأ ناقوس الخطر يدق منذراً، بوقوع كارثة انسانية فقد فوجئ السائق بتوقف أحد القطارات علي بعد عدة أمتار حينها، قام مضطراً بشد فرامل اليد بكل قوته حتي تمكن من ايقاف القطار بـ"البدرشين"، وتسبب ذلك في انفصال ثلاثة عربات عنه وخروجها عن القضبان؛ جراء السرعة التي عجز السائق عن تهدئتها، ولم يكن يعلم سائق القطار، وركابه ما يخبئه لهم القدر من مفاجأة كارثية، وهو وجود قطار بحري قادماً من الفيوم؛ ليكتب للجميع كلمة النهاية إلا من أنقذته العناية الالهية.
ويقول "أحمد. ع .ل" 16 عاما" طالب بثانوي تجاري- أسرعنا إلى حمل المصابين فور وقوع الحادث، ونقلناهم الي مستشفيي الحوامدية المركزي، والبدرشين العام؛ محاولين انقاذهم، لكننا فوجئنا بكارثة أخرى بمستشفى "البدرشين" حيث وجدنا أن طاقمها الطبي في استقبال الطوارئ، لا يزيد عن طبيبين بالإضافة إلى خمسة من الممرضين، وب لن يستطيع استيعاب مثل هذا العدد الهائل من المصابين، والمجني عليهم الأمر الذي دفعنا الى تحويل بعض الحالات إلى مستشفى قصر العيني، وبولاق الدكرور، والمعادي العسكري.
ويضيف آخر ويدعي "محمد .ج.ع ـ 55 عاماً" خفيراً، كنا نستمع إلى أصوات صرخات المصابين من أسفل عجلات القطار وبين عرباته، وكنا نستخرج أيضاً بعض من أشلاء الضحايا، الذي دهس القطار أجسادهم وتقطيعها لكن الظلام الدامس في موقع الحادث كان عائقاً كبيراً في عمليات الاستخراج والانقاذ؛ مما دفعنا إلى الاستعانة بالكشافات المنزلية الخاصة، بالأهالي كما اضطرت قوات الانقاذ والدفاع المدني إلى الاستعانة ب"الديزل" لإنارة مكان الحادث حتي نتمكن من مواصلة استخراج الجثث، وكذلك الأحياء المتواجدين أسفل عجلات القطار.
ويكمل اثنين من المجندين الناجين، أن سبب الحادث يرجع إلى انفصال آخر عربتين في القطار الحربي، فخرجت عن القضبان وتسببت في انقلابه لعدة مرات، بينما أرجع الآخر وقوع التصادم إلى السرعة الزائدة وراء انزلاق عربتي القطار الحربي؛ مما أدى إلى انقلابها واصطدامهما بقطار نقل البضائع فحدثت الكارثة.
ويختتم أهالي "البدرشين" حديثهم متسائلين: متي ستحدث الكارثة الجديدة التي ستحصد ورائها مزيد من أرواح الأبرياء؟، ولماذا يستيقظ المصريين في كل مرة علي مأساة انسانية جديدة جراء اهمال المسؤؤلين، والمتهاونين؟، فهل ستتوقف الإبادة البطيئة لأرواح المصريين أم ستنتهي الكارثة كالمعتاد بإقالة مسؤول وتعيين آخر، دون أن يحرك أحد ساكناً لإيجاد حلول إيجابية.
|