هل فرح أحد مواطني الإتحاد الأوربي من غير الفرنسيين و الإيطاليين بفوز منتخبي فرنسا و إيطاليا بمونديالي 1998 و 2006 كما فرح الكثير من أبناء الجزائر و الدول العربية بتألق مصر في أخر نسختين في كأس الأمم؟ وهل شعر أي مواطن من مواطني القارة العجوز بالمرارة و الأسى علي خروج أحد منتخبات القارة الأكثر تمثيلاً في النهائيات من أحد الأدوار كما شعر كل مصري و عربي و حتى أفريقي عندما تآمرت ألمانيا و النمسا لإبعاد الجزائر عن مقعد مستحق لها بثمن النهائي في أول مشاركة لها في النهائيات عام 1982 بأسبانيا؟
هذين السؤالين مطروحين علي كل متعصب يريد أن يجعل من لقاء مصر و الجزائر في الرابع عشر من نوفمبر مجالاَ وساحة لإثارة الفرقة و التشرذم بين أبناء الوطن الواحد و كل من تسول له نفسه المريضة إثارة نعرات الجاهلية بين شعبين يملكان من العلاقات التاريخية و الإنسانية ما يكفي لتجاوز لقاء في كرة القدم و لو كان التراهن خلاله علي الظفر بكأس العالم نفسها و ليس للفوز بأحد المقاعد في النهائيات التي تشهدها القارة الأفريقية لأول مرة في الصيف القادم.
يجب علي كلا الطرفين أن يأخذ بأقوال و أفعال و كتابات الفئة المتزنة العاقلة في أرض الكنانة و بلد الشهداء و لا يعير أي اهتمام لمن يستخدمون الإعلام لتنفيذ أجندة أعداءنا وما أكثرهم , لأن هؤلاء مرضي و حمقي و لا يجب أن نركن إلي الكلام المردد منهم دون وعي مثل الببغاوات لأنهم لا يزيدون عن الحمار الذي يحمل أسفاراَ و لا يعون ما يكتبونه أو يتحدثون به و علي الجماهير الرياضية في البلدين أن تدعوا لهم بالشفاء من داء العته و "الهبل" الذي ألم بهم و دفعهم للتحدث بلغة شيبة بن ربيعة و أبي جهل عليهما وعلي كل من سار علي نهجهما لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين.
وبعيداً عن هذه الأجواء المسمومة و الكارثية التي يريدها البعض لهذا اللقاء الكبير بين المنتخبين العربيين الشقيقين, يملك كلا المنتخبين من الأوراق و الدوافع ما يمنحه الحق في انتزاع بطاقة الصعود و التنافس مع كبار العالم بعد غياب طويل, فأشبال المدرب الخبير رابح سعدان يتصدرون المجموعة الثالثة بثلاثة عشرة نقطة و يملكون أكثر من فرصة للتحليق نحو الجنوب و المشاركة في المونديال بعد غيبة دامت منذ مشاركتهم للمرة الثانية في مونديال المكسيك 1986 مع سعدان نفسه, فالفوز أو التعادل أو حتى الخسارة بفارق هدف يمنح "الخضر" بطاقة التأهل للمرة الثالثة في تاريخهم و يحقق حلم جماهيرهم المتحمسة التي ساندتهم بشكل غير مسبوق منذ أول لقاء لهم في هذه التصفيات مع منتخب ليبريا علي ملعب مصطفي تشاكر بمدينة البليدة في السادس من يونيه من العام الماضي وحتى اللقاء الأخير ضد رواندا علي نفس الملعب في الحادي عشر من أكتوبر الجاري.
أما أبناء المدرب الشهير حسن شحاتة الذين عادوا للمنافسة بقوة بعد فوزهم بثلاثة لقاءات متتالية في المجموعة ذاتها منها لقاءي رواندا و زامبيا خارج القواعد , فلديهم عشر نقاط وعليهم الفوز بفارق ثلاثة أهداف لانتزاع بطاقة التأهل أو الفوز بهدفين و لعب لقاء فاصل علي ملعب محايد مع منافسهم القوي من أجل إعادة أمجاد جيل التسعينات الذهبي الذي تأهل للمونديال الإيطالي عام 1990و أبلي خلاله بلاءاً حسناَ رغم خروجه من الدور الأول ,ورغم صعوبة المهمة إلا أن الحماس الكبير و المساندة غير العادية من الجميع و إقامة اللقاء في ملعب القاهرة وسط أنصار متشوقون لمشاهدة منتخب بلدهم - بطل القارة في أخر نسختين- يشارك في التظاهرة العالمية الكبرى علي أمل تحقيق عروض و نتائج و الظهور بمظهر مماثل لما قدمه زملاء أبوتريكة علي أرض مانديلا في كأس القارات كلها أمور تعطيهم الأمل في تحقيق الحلم الصعب.
علي صعيد العناصر في المنتخبين يعتمد "الشيخ" سعدان علي تشكيلة جٌل عناصرها من النجوم المحترفين في أندية إنجلترا (بلحاج – يبدا "بورتسموث" – بوعزة"بلاكبول" – جيلاس "هال سيتي" ) و ألمانيا (يحيي "بوخوم" – مطمور"جلادباخ" – زياني" فولفسبورج") و إيطاليا (غزال" سيينا" – مغني"لاتسيو") و فرنسا (منصوري "رين" – بزاز" ستراسبورج") و البرتغال و اليونان و إسكوتلندا (حليش "ماديرا" – جبور "أيك"- بوقرة "رينجرز") بالإضافة إلي الهداف المخضرم رفيق صايفي صاحب التجربة الطويلة في دوري الأناقة الفرنسي و لاعب فريق الخور القطري الحالي و معهم من نجوم الدوري المحلي الحارس جاواوي ( أولمبي الشلف) و نجم الوسط المدافع خالد لموشيه (وفاق سطيف).
أما "المعلم" شحاتة فيعتمد علي تشكيلة أغلبها من العناصر المحلية ممثلة في نجوم الأهلي ( عبدالفضيل - معوض- فتحي- بركات- حسن – أبوتريكة – متعب) ومعهم زملاءهم بفريق الزمالك ( عبد الواحد – سعيد – زكي) و من الإسماعيلي (الحضري – سالم – حمص) و من انبي ( توفيق – المحمدي – رءوف) و من حرس الحدود ( أوكا – عبد الملك) و معهم من النجوم المحترفين زيدان ( ب. درتموند - ألمانيا) شوقي ( ميدلزبره - إنجلترا) عبدربه ( أهلي دبي- الإمارات) وأخيراً المخضرم العائد للمنتخب بعد غيبة طويلة عبد الظاهر السقا ( أسكيشيهر سبور - تركيا). مما سبق نستطيع أن نستنتج و بسهولة أن المهمة ليست سهلة للفريقين و أن كل من يحاول أن يقزم الطرف الأخر أو يستهين به و يقلل من حظوظه ما هو إلا جاهل متعصب لا يعلم من أمور كرة القدم شيء.
في مصر كنانة الله في أرضه الكل يدعو ويتمناها مصرية خالصة ليرفرف علمهم مجدداَ في جنوب أفريقيا كما رفرف في يونيه الماضي في كأس القارات, و في أرض المليون و نصف المليون شهيد الجميع يبتهل أن يٌرفع علم الهلال و النجمة في أرض المناضل مانديلا بعد حقبتين كانا الأسوأ في تاريخ الكرة الجزائرية, وفي كل الأحوال سيلتف عشاق الساحرة المستديرة في البلدين أمام شاشات التلفاز في الصيف القادم لتشجيع المنتخب الصاعد للنهائيات مع شقيقيه التونسي وربما البحريني , أما من ملأ قلوبهم السواد و الحقد فيجب تقديم واجب العزاء لهم لابتعاد المنتخب الصهيوني عن النهائيات وعليهم انتظاره في مناسبات قادمة لتشجيعه طالما عز عليهم تشجيع المنتخبات التي تشترك معهم في اللغة و الدين.