إنّ الحمدَ لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده اللهُ فلا مُضلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله -صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم-.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:70].
أمّا بَعْدُ؛ فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد -صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم-، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أمّا بَعْدُ:
إن من أصول الإعتقاد توقير أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ورضى الله عنهم أجمعين , فالطعن فى أصحاب نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - جملة وتفصيلا على سبيل الجمع أو الانفراد فهذا خلل فى الإعتقاد ,,
وقد كثر الكلام والطعن فى صحابى من صحابة النبى - صلى الله عليه وسلم - بل وصفه من وصفه أنه مات على النفاق الأكبر مستدلا فى كلامه برواية واهية ضعيفة جدا ,, متهما صحابيا شهد مع النبى - صلى الله عليه وسلم - بدرا .. ورغم علمهم بأنه بدرى أخذوا يطعنون بنفاقه وموته على النفاق الأكبر.
وادعى الذين لا يمحصون ولا يدققون بأنه الذى نزلت فيه الآية "وَمِنهُم مَن عاهَدَ الله لَئِن ءاتانا مِن فَضلِهِ" الأية (75-76-77) سورة التوبة
متبعين لهذه الرواية الضعيفة الساقطة دونما تدقيق ومراجعة
والصحابى هو ثعلبة بن حاطب بن عمرو بن عبيد بن أمية بن زيد وهو أوسى,أنصارى , بدرى - شهد مع النبى صلى الله عليه وسلم بدرا -
هذا هو اسمه عند كل من ترجم له وعند جميع من ذكره من أصحاب السير والتراجم والتواريخ فقد أجمع كلهم أنه بدرى وشهد مع النبى - صلى الله عليه وسلم – بدرا
- ومن المعلوم أن كتب التفسير ليست محلًا لأخذِ الروايات الصحيحة
والقصة التى تلوك بها ألسنة الدعاة على المنابر لم يذكرها إلا الطبرانى فى الكبير فلم يخرجها أحد غيره من أصحاب دواوين السنن,,والطبرانى كان لا يشترط الصحة فيما يرويه -وهذا لا يطعن عليه - وإنما كان يروى الغرائب , فكان يقول ومن غرائب ما يُروَى عَنهُ ثم يروى هذه الغرائب.
وأخرجه ابن جرير فى التفسير,,وابن أبى حاتم فى تفسيره,وابن الأثير فى أسد الغابة,وابن حزم فى المحلى,ووالبيهقى فى دلائل النبوة,والبغوى والباوردى وابن قانع وابن شاهينه وابن السكن وابن المنذر وابن أبى نعيم ..... هؤلاء جميعا أخرجوا القصة والتى يطعن فيها لهذا الصحابى.....
وحاصل القصة هى:
"أن ثعلبة بن حاطب جاء إلى النبىِّ - صلى الله عليه وسلم - وقال يا رسول الله ادعوا الله أن يرزقنى مالا,فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ويحك يا ثعلبة قليل تؤدى شكره خيرٌ من كثير لا تطيقه ...ثم جاء الى رسول الله فقال يا رسول الله ادعوا الله أن يرزقنى مالا,فقال ويحك يا ثعلبة أما لك فى رسول الله أسوة والله لو أردت أن تسير معى الجبال ذهبا وفضة لسارت .... ثم جاء الى رسول الله فقال ادعوا الله أن يرزقنى مالا,فوالله لإن أتانى مالا لأوتين كل ذى حق حقه.. فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - اللهم ارزق ثعلبَةَ مالا... اللهم ارزق ثعلبة مالا,,فاتخذ غنما فنمت كما ينمو الدود حتى ضاقت بها أزقة المدينة, وكان ثعلبة يشهد مع النبى - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر ويتخلف فيما دون هاتين من الصلوات.فلما ضاقت أزقة المدينة من الغنم,تنحى بها خارجا فكان يصلى فى غنمه ولا يشهد مع النبى -صلى الله عليه وسلم- إلا الجمعة. ثم إنها نمت كما ينمو الدود وكثرت ونمت -كما الرواية- فلم يعد يشهد مع النبى -صلى الله عليه وسلم- جمعةً ولا جماعة. وافتقده النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال ما فعل ثعلبة؟!.فقالوا يا رسول الله إن ثعلبة اتخذ غنما لا يسعها واد..فسكت النبى -صلى الله عليه وسلم-
فأنزل الله رب العالمين آية الصدقة "خُذ مِن أموَالِهِم صَدَقَةً تُطَهِرهُم وتزكيهم بها" ...فأرسل النبى -صلى الله عليه وسلم- رجلين,رجلا من بنى سُلَيم ورجلا من بنى جُهَينَة.وكتب لهما أسنان الصدقات ومقادير زكوات الماشية على حسب أنواعها وأمرهما النبى -صلى الله عليه وسلم- أن يمرا بثعلبة وبرجل من بنى سليم.فخرجا فذهبا إلى ثعلبة وأقرآه كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى أسنان الصدقات,فنظر فيه ثعلبة فقال ما هذه إلا جزية,ما هذه إلا أخت الجزية. اذهبا فإذا كنتما فى عودتكما فمرا بى,وسمع السُلَمِى بقدوم رجلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخرج أفضل ماعنده من الإبل خارجا فلما جاءاه قالا له إن هذا لايَلزَمُك ..فقال إن نفسى به لطيبة.فأخذاه ومضيا وحصلا الصدقات ثم عادا إلى ثعلبة -كما تقول الرواية- فنظر فى الكتاب ثم قال ما هذه جزية..ما هذه إلا أخت الجزية. اذهبا حتى أرى رأيى فعادا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -تقول الرواية- أن النبى -صلى الله عليه وسلم- لما رآهما قادمين,قال يا ويح ثعلبة...يا ويح ثعلبة...ياويح ثعلبة,,ثم دعا للسلمى بخير.فجاءا فأخبراه بما كان ..فأنزل الله تبارك وتعالى قوله "ومنهم من عاهد الله لإن آتانا من فضله لنصدقن " الآيات. وكان رجلا من أقارب ثعلبة حاضرا ,فذهب يشتد فى أثره فقال ويحك يا ثعلبة ,لقد أنزل الله تعالى فيه كذا......وكذا.
فجاء ثعلبة إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- بصدقته فقال له النبى -صلى الله عليه وسلم- إن الله قد منعنى أن أقبل منك صدقة..فأخذ يحثى التراب فوق رأسه ويبكى..فقال له النبى -صلى الله عليه وسلم- هذا فعلك وقد نصحتك فلم تنتصح فظل حتى مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما وُلِّى أبوبكر,جاء أبا بكر بصدقته..فقال قد علمت منزلتى من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلمت قدرى من الأنصار فهذه صدقتى....قال لم يقبلها منك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وآخذها,فلم يقبلها منه ,حتى مضى إلى ربه راشدا. ثم إنه جاء بعد إلى أمير المؤمنين عمر بصدقته ,فقال لم يقبلها منك رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولم يقبلها منك أبوبكر..وأقبلها أنا؟!! ولم يقبلها منه..وظل حتى قضى ثم جاء عثمان فجاء بالصدقة فقال لم يقبلها منك رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولم يقبلها أبوبكر ولم يقبلها عمر وأقبلها أنا؟!! فردها عليه,ثم هلك فى خلافة عثمان" .... هذه هى القصة التى يروونها الدعاة على المنابر وهى محبوكة الأطراف من كل ناحية.
وإن شاء الله تعالى – ما يأتى هو تدقيق لما جاء فى هذه الرواية من حيث الشرع والسند والمتن.
أولا: من حيث أحكام الشريعة الإسلامية:
1-من المعلوم فى دين رب العالمين أن مانع الزكاة,إن أصر على منعها يقاتله الإمام حتى يأخذ منه زكاة ماله ويأخذ منه شطر ماله نكالا له..وتبعا لسرد الرواية أن النبى –صلى الله عليه وسلم- قد عطل حكماً شرعياً وهذا لا يجوز فى حق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- .
2- أن ثعلبة –رضى الله عنه- من أهل بدر,والنبى –صلى الله عليه وسلم- تواتر عنه ما ورد من فضائل أهل بدر وأنه –صلى الله عليه وسلم- قد قال "لعل الله اطَّلع على آل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" فالذى يقول أنه من نزل فيه قول الله تعالى فهو يتهم بدريا ويرد قول النبى –صلى الله عليه وسلم- وقول الله تعالى فى فضائل آل بدر.
ثانيا:من حيث السند:-
1- مدار الرواية عند كل من أخرجها على ..معان بن رفاعة الدمشقى عن على بن يزيد الألهانى عن أبى عبدالرحمن القاسم بن عبدالرحمن الشامى عن أبى أًمامة الباهلىّ رضوان الله عليه..... وهذا إسناد ضعيف جدا هالك بمرة لا يساوى عند أهل الحديث بعرة.
أما معان بن رفاعة الدمشقى
قال ابن حبان ,معان بن رفاعة الدمشقى مُنكَرُ الحديث يروى المراسيل عن المجاهيل لايُشبِهُ حديثُه حديث الثقات.,فلما سار الغالب على روايته ما تنكره القلوب استحق ترك حديثه.,,قال البخارى ليَّنَهُ يحيى بن معين,,وذكره الذهبى فى ديوان الضعفاء والمتروكين. وقال الذهبى فى الميزان وثَّقَهُ ابن المدينى,,قال السعدى ليس بحجة وليَّنَهُ يحيى بن معين,,وقال ابن حجر فى التهذيب قال أبوحاتم شيخ حمصِىٌ يكتب حديثه ولا يُحتَجُ به.
أما علىٌ بنُ يزيدٍ الألهانى:
قال البخارى منكر الحديث,,وقال النسائى متروك الحديث وقال مرة ليس بثقة,,وقال أبوزُرعَة ليس بالقوى,,قال الدارقطنى متروك,,وقال ابن أبى حاتم ضعيف الحديث أحاديثه مُنكَرَة,,وقال أبونُعَيم منكرُ الحديث,,وقال الحاكم ذاهب الحديث,,وقال الحافظ فى التقريب ضعيف,, وبالجملة فهو ممن اتفقت كلمات الأئمة على اضطراح حديثه لذلك قال الحافظ فى التهذيب قال السَّاجِى اتفق أهل العلم على ضعفه..
أما أبوعبدالرحمن القاسم بن عبدالرحمن الشامى:
جملة القول فيه من أهل الجرح والتعديل أن الذين عدَّلوه إنما عَدَّلوه من قِبَلِ زُهدِهِ ووَرَعِهِ وتقلُّلِه فى مَعاشِهِ وحالاتِه ولم يُعَدِّلٌوه تَعدِيلاً مُطلقًا ولم يُورِدُوا حديثه فى كتبهم الصحيحة بل نَظَرُوا إلى إخوانهم الذين أفصحوا المقالَةَ بتجرِيحِه,وأما الذين جرَّحوه فعندهم مزيد علم..وإنما جرحوه من قِبَلِ حفظه وعَدَمُ إتقانِه ومخالفة حديثه حديث الثقات ورواية الضعفاء عنه المناكير.
قال ابن حزم فى المُحَلَّى بعد أن ساق الحديث,قال هذا باطل بلا شك,وفى رواته معان بن رفاعة وعلى بن يزيد الألهانى والقاسم بن عبدالرحمن وكلهم ضعفاء.
قال القرطبى فى الجامع وثَعلبَة بدرىٌ أنصارىٌ وما رُوِىَ عنه غير صحيح.
قال ابن عبدالبر ولعلَّ قولَ من قال فى ثعلبة أنه مانع الزكاة الذى نزلت فيه الآية غير صحيح.
قال الذهبى فى تجريد أسماء الصحابة ثعلبة بن حاطب بن عمرو الأنصارى بدرى قال يا رسول الله ادعوا الله لى أن يرزقنى مالا وساق حديثا طويلا منكرا بمرة..هذا كلامه
قال الحافظ العراقى فى المغنى عن حمل الأسفار فى الأسبار اسناده ضعيف
قال ابن حجر فى الإصابة فى كون صاحب هذه القصة إن صح الخبر ولا أظِنُّ أن يصح هو البدرىُّ المذكور قبله نظر,وقال فى الفتح لكنه حديث ضعيف لا يُحتَجَ به,وقال فى تخريج الكشاف بعد أن ذكر من أخرجه وكلهم من طريق على بن يزيد الألهانى عن أبى القاسم بن عبدالرحمن عن أبى أمامة وهذا حديث ضعيف .
قال الهيثمى فى مجمع الزوائد رواه الطبرانى وفيه على بن يزيد الألهانى وهو متروك.
قال المناوى فى فتح القدير وضعفها
قال السيوطى وذكر من أخرجها هذا سند ضعيف
قال الألبانى هى فى السلسلة الضعيفة والموضوعة ,وقال هذا اسناد ضعيف جدًا.
أخرج ابن جرير القصة عن ابن عباس من طريق محمد بن سعد فى الطبقات بإسناد ساقط بِمَرَّة لأنه مسلسل بالعوفيين وهم ضعفاء.
وأخرجها أيضا ابن جرير عن الحسن البصرى بإسناد ضعيف جدًا وفيه إرسال الحسن, ومراسيل الحسن كالهواء كما قال العلماء,وفيه عمرو بن عُبَيد المُعتَزِلِىّ وهو متروك يكذب على الحسن البصرى وعنه.
إذًا فقد سقطت الرواية من حيث السَّنَد سقوطا لا تقوم بعده أبدًا...
ثالثا: من حيث المتن:
أنها مخالفة لصحيح قواعد الشرع وأن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرغِر وأن الله تبارك وتعالى لا يرفع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها.
أنها مصادمة للثابت المتواتر عن فضل آل بدر.
عند مسلم فى الصحيح أن "غلاماً لثعلبةِ بن حاطب, فجاء وقد ضربه ثعلبة. يشكو ثعلبةَ إلى النبى –صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله ليُدخِلَنَّ الله ثعلبة النار فقال كذبت إنه من أهل الجنة.
لم تُنقَل سنة وفاته على التحديد ولكن فى الرواية المزعومة أنه هلك فى خلافة عثمان.. ولكن ممن ذكره من أصحاب التواريخ كإبن عبدالبر وابن حجر أنه قُتِل فى أحد.. وقيل قُتِل فى خيبر أى شهد أحد وخيبر مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولذلك فإن فى موته ثلاثة روايات ,الأولى تبعا للرواية الضعيفة جدًا مردودٌ لما فيها.وأما الروايتان الباقيتان مات بخيبر أو أحد فأيتهما صحت,فهى قاضية بأن الرواية مبنية على الخيال وأن نَسجَها كنَسجِ العنكبوت. وقد نُقِل عن ابن الكلبىِّ أنه ممن استشهدوا فى أحد من أنصار رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
فى سياق المتن أن النبى –صلى الله عليه وسلم- سأل عن حال ثعلبة ,ثم لما أرسل ساعِيَيه لجمع الصدقات وقبل أن يأتوا إليه وبعد أن رآهما قادمين قال –صلى الله عليه وسلم- ويح ثعلبة... ويح ثعلبة... ويح ثعلبة ودَعَى للسُلَمِىِّ بخير وهذا تناقضٌ بَيِّن واضح فى السياق.
فى المتن أن النبىَّ –صلى الله عليه وسلم- عامل هذا الصحابى معاملة لم يعاملها أحدًا مِنَ العالمين ..لأن الذين تَخَلَّفوا عن غزوة تبوك من المنافقين لما جاءوا إلى النبى –صلى الله عليه وسلم- معتذرين, قبل منهم النبى –صلى الله عليه وسلم- ..وأما الثلاثة الذين خُلِّفُوا من أهل الإيمان واعترفوا على أنفُسِهِم فوكَلَهُم إلى الله حتى أنزل الله توبَتَهُم, وقبل النبى –صلى الله عليه وسلم- من المتخلفين من المنافقين ظاهرهم . فما هى قاعدة الشرع فى قبول ظواهر أحوال الخلق وعدم التفتيش والتنقيب عن بواطنهم. وهذا الصحابى جاء تائبا بزكاة ماله,فكيف يرده أبوبكر وعمر وعثمان وقد تاب وجاء بزكاة ماله.والله تبارك وتعالى فتح الباب أمام المنافقين للتوبة .وعلى فرض أنه نافق -وهذا لم يحدث- وجاء تائبا إلى النبى –صلى الله عليه وسلم- وأصر على التوبة حتى الموت فكيف يُرَدُّ فى توبته. ومن المعلوم من احاديث النبى أن الأعمال بالخواتيم,فكيف تُرَدُّ توبته .
هذا بيان ما فى هذه الرواية الضعيفة جدا فى حق صحابى جليل من صحابة النبى –صلى الله عليه وسلم-.فلا يُقبَلُ أن يُطعَنَ فى صحابىِّ من صحابةِ رسول -صلى الله عليه وسلم- والأخذ بالروايات الضعيفة الهالكة التى يرددها كل متعالم يتكلم فى دين الله دون بصيرة وتدقيق فى الأسانيد والمتون ... والله أسأل أن يهدينا جميعا إلى سبيل الرشاد.وصلى الله وسلمَ وباركَ على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم..
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:70].
أمّا بَعْدُ؛ فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد -صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم-، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أمّا بَعْدُ:
إن من أصول الإعتقاد توقير أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ورضى الله عنهم أجمعين , فالطعن فى أصحاب نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - جملة وتفصيلا على سبيل الجمع أو الانفراد فهذا خلل فى الإعتقاد ,,
وقد كثر الكلام والطعن فى صحابى من صحابة النبى - صلى الله عليه وسلم - بل وصفه من وصفه أنه مات على النفاق الأكبر مستدلا فى كلامه برواية واهية ضعيفة جدا ,, متهما صحابيا شهد مع النبى - صلى الله عليه وسلم - بدرا .. ورغم علمهم بأنه بدرى أخذوا يطعنون بنفاقه وموته على النفاق الأكبر.
وادعى الذين لا يمحصون ولا يدققون بأنه الذى نزلت فيه الآية "وَمِنهُم مَن عاهَدَ الله لَئِن ءاتانا مِن فَضلِهِ" الأية (75-76-77) سورة التوبة
متبعين لهذه الرواية الضعيفة الساقطة دونما تدقيق ومراجعة
والصحابى هو ثعلبة بن حاطب بن عمرو بن عبيد بن أمية بن زيد وهو أوسى,أنصارى , بدرى - شهد مع النبى صلى الله عليه وسلم بدرا -
هذا هو اسمه عند كل من ترجم له وعند جميع من ذكره من أصحاب السير والتراجم والتواريخ فقد أجمع كلهم أنه بدرى وشهد مع النبى - صلى الله عليه وسلم – بدرا
- ومن المعلوم أن كتب التفسير ليست محلًا لأخذِ الروايات الصحيحة
والقصة التى تلوك بها ألسنة الدعاة على المنابر لم يذكرها إلا الطبرانى فى الكبير فلم يخرجها أحد غيره من أصحاب دواوين السنن,,والطبرانى كان لا يشترط الصحة فيما يرويه -وهذا لا يطعن عليه - وإنما كان يروى الغرائب , فكان يقول ومن غرائب ما يُروَى عَنهُ ثم يروى هذه الغرائب.
وأخرجه ابن جرير فى التفسير,,وابن أبى حاتم فى تفسيره,وابن الأثير فى أسد الغابة,وابن حزم فى المحلى,ووالبيهقى فى دلائل النبوة,والبغوى والباوردى وابن قانع وابن شاهينه وابن السكن وابن المنذر وابن أبى نعيم ..... هؤلاء جميعا أخرجوا القصة والتى يطعن فيها لهذا الصحابى.....
وحاصل القصة هى:
"أن ثعلبة بن حاطب جاء إلى النبىِّ - صلى الله عليه وسلم - وقال يا رسول الله ادعوا الله أن يرزقنى مالا,فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ويحك يا ثعلبة قليل تؤدى شكره خيرٌ من كثير لا تطيقه ...ثم جاء الى رسول الله فقال يا رسول الله ادعوا الله أن يرزقنى مالا,فقال ويحك يا ثعلبة أما لك فى رسول الله أسوة والله لو أردت أن تسير معى الجبال ذهبا وفضة لسارت .... ثم جاء الى رسول الله فقال ادعوا الله أن يرزقنى مالا,فوالله لإن أتانى مالا لأوتين كل ذى حق حقه.. فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - اللهم ارزق ثعلبَةَ مالا... اللهم ارزق ثعلبة مالا,,فاتخذ غنما فنمت كما ينمو الدود حتى ضاقت بها أزقة المدينة, وكان ثعلبة يشهد مع النبى - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر ويتخلف فيما دون هاتين من الصلوات.فلما ضاقت أزقة المدينة من الغنم,تنحى بها خارجا فكان يصلى فى غنمه ولا يشهد مع النبى -صلى الله عليه وسلم- إلا الجمعة. ثم إنها نمت كما ينمو الدود وكثرت ونمت -كما الرواية- فلم يعد يشهد مع النبى -صلى الله عليه وسلم- جمعةً ولا جماعة. وافتقده النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال ما فعل ثعلبة؟!.فقالوا يا رسول الله إن ثعلبة اتخذ غنما لا يسعها واد..فسكت النبى -صلى الله عليه وسلم-
فأنزل الله رب العالمين آية الصدقة "خُذ مِن أموَالِهِم صَدَقَةً تُطَهِرهُم وتزكيهم بها" ...فأرسل النبى -صلى الله عليه وسلم- رجلين,رجلا من بنى سُلَيم ورجلا من بنى جُهَينَة.وكتب لهما أسنان الصدقات ومقادير زكوات الماشية على حسب أنواعها وأمرهما النبى -صلى الله عليه وسلم- أن يمرا بثعلبة وبرجل من بنى سليم.فخرجا فذهبا إلى ثعلبة وأقرآه كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى أسنان الصدقات,فنظر فيه ثعلبة فقال ما هذه إلا جزية,ما هذه إلا أخت الجزية. اذهبا فإذا كنتما فى عودتكما فمرا بى,وسمع السُلَمِى بقدوم رجلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخرج أفضل ماعنده من الإبل خارجا فلما جاءاه قالا له إن هذا لايَلزَمُك ..فقال إن نفسى به لطيبة.فأخذاه ومضيا وحصلا الصدقات ثم عادا إلى ثعلبة -كما تقول الرواية- فنظر فى الكتاب ثم قال ما هذه جزية..ما هذه إلا أخت الجزية. اذهبا حتى أرى رأيى فعادا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -تقول الرواية- أن النبى -صلى الله عليه وسلم- لما رآهما قادمين,قال يا ويح ثعلبة...يا ويح ثعلبة...ياويح ثعلبة,,ثم دعا للسلمى بخير.فجاءا فأخبراه بما كان ..فأنزل الله تبارك وتعالى قوله "ومنهم من عاهد الله لإن آتانا من فضله لنصدقن " الآيات. وكان رجلا من أقارب ثعلبة حاضرا ,فذهب يشتد فى أثره فقال ويحك يا ثعلبة ,لقد أنزل الله تعالى فيه كذا......وكذا.
فجاء ثعلبة إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- بصدقته فقال له النبى -صلى الله عليه وسلم- إن الله قد منعنى أن أقبل منك صدقة..فأخذ يحثى التراب فوق رأسه ويبكى..فقال له النبى -صلى الله عليه وسلم- هذا فعلك وقد نصحتك فلم تنتصح فظل حتى مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما وُلِّى أبوبكر,جاء أبا بكر بصدقته..فقال قد علمت منزلتى من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلمت قدرى من الأنصار فهذه صدقتى....قال لم يقبلها منك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وآخذها,فلم يقبلها منه ,حتى مضى إلى ربه راشدا. ثم إنه جاء بعد إلى أمير المؤمنين عمر بصدقته ,فقال لم يقبلها منك رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولم يقبلها منك أبوبكر..وأقبلها أنا؟!! ولم يقبلها منه..وظل حتى قضى ثم جاء عثمان فجاء بالصدقة فقال لم يقبلها منك رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولم يقبلها أبوبكر ولم يقبلها عمر وأقبلها أنا؟!! فردها عليه,ثم هلك فى خلافة عثمان" .... هذه هى القصة التى يروونها الدعاة على المنابر وهى محبوكة الأطراف من كل ناحية.
وإن شاء الله تعالى – ما يأتى هو تدقيق لما جاء فى هذه الرواية من حيث الشرع والسند والمتن.
أولا: من حيث أحكام الشريعة الإسلامية:
1-من المعلوم فى دين رب العالمين أن مانع الزكاة,إن أصر على منعها يقاتله الإمام حتى يأخذ منه زكاة ماله ويأخذ منه شطر ماله نكالا له..وتبعا لسرد الرواية أن النبى –صلى الله عليه وسلم- قد عطل حكماً شرعياً وهذا لا يجوز فى حق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- .
2- أن ثعلبة –رضى الله عنه- من أهل بدر,والنبى –صلى الله عليه وسلم- تواتر عنه ما ورد من فضائل أهل بدر وأنه –صلى الله عليه وسلم- قد قال "لعل الله اطَّلع على آل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" فالذى يقول أنه من نزل فيه قول الله تعالى فهو يتهم بدريا ويرد قول النبى –صلى الله عليه وسلم- وقول الله تعالى فى فضائل آل بدر.
ثانيا:من حيث السند:-
1- مدار الرواية عند كل من أخرجها على ..معان بن رفاعة الدمشقى عن على بن يزيد الألهانى عن أبى عبدالرحمن القاسم بن عبدالرحمن الشامى عن أبى أًمامة الباهلىّ رضوان الله عليه..... وهذا إسناد ضعيف جدا هالك بمرة لا يساوى عند أهل الحديث بعرة.
أما معان بن رفاعة الدمشقى
قال ابن حبان ,معان بن رفاعة الدمشقى مُنكَرُ الحديث يروى المراسيل عن المجاهيل لايُشبِهُ حديثُه حديث الثقات.,فلما سار الغالب على روايته ما تنكره القلوب استحق ترك حديثه.,,قال البخارى ليَّنَهُ يحيى بن معين,,وذكره الذهبى فى ديوان الضعفاء والمتروكين. وقال الذهبى فى الميزان وثَّقَهُ ابن المدينى,,قال السعدى ليس بحجة وليَّنَهُ يحيى بن معين,,وقال ابن حجر فى التهذيب قال أبوحاتم شيخ حمصِىٌ يكتب حديثه ولا يُحتَجُ به.
أما علىٌ بنُ يزيدٍ الألهانى:
قال البخارى منكر الحديث,,وقال النسائى متروك الحديث وقال مرة ليس بثقة,,وقال أبوزُرعَة ليس بالقوى,,قال الدارقطنى متروك,,وقال ابن أبى حاتم ضعيف الحديث أحاديثه مُنكَرَة,,وقال أبونُعَيم منكرُ الحديث,,وقال الحاكم ذاهب الحديث,,وقال الحافظ فى التقريب ضعيف,, وبالجملة فهو ممن اتفقت كلمات الأئمة على اضطراح حديثه لذلك قال الحافظ فى التهذيب قال السَّاجِى اتفق أهل العلم على ضعفه..
أما أبوعبدالرحمن القاسم بن عبدالرحمن الشامى:
جملة القول فيه من أهل الجرح والتعديل أن الذين عدَّلوه إنما عَدَّلوه من قِبَلِ زُهدِهِ ووَرَعِهِ وتقلُّلِه فى مَعاشِهِ وحالاتِه ولم يُعَدِّلٌوه تَعدِيلاً مُطلقًا ولم يُورِدُوا حديثه فى كتبهم الصحيحة بل نَظَرُوا إلى إخوانهم الذين أفصحوا المقالَةَ بتجرِيحِه,وأما الذين جرَّحوه فعندهم مزيد علم..وإنما جرحوه من قِبَلِ حفظه وعَدَمُ إتقانِه ومخالفة حديثه حديث الثقات ورواية الضعفاء عنه المناكير.
قال ابن حزم فى المُحَلَّى بعد أن ساق الحديث,قال هذا باطل بلا شك,وفى رواته معان بن رفاعة وعلى بن يزيد الألهانى والقاسم بن عبدالرحمن وكلهم ضعفاء.
قال القرطبى فى الجامع وثَعلبَة بدرىٌ أنصارىٌ وما رُوِىَ عنه غير صحيح.
قال ابن عبدالبر ولعلَّ قولَ من قال فى ثعلبة أنه مانع الزكاة الذى نزلت فيه الآية غير صحيح.
قال الذهبى فى تجريد أسماء الصحابة ثعلبة بن حاطب بن عمرو الأنصارى بدرى قال يا رسول الله ادعوا الله لى أن يرزقنى مالا وساق حديثا طويلا منكرا بمرة..هذا كلامه
قال الحافظ العراقى فى المغنى عن حمل الأسفار فى الأسبار اسناده ضعيف
قال ابن حجر فى الإصابة فى كون صاحب هذه القصة إن صح الخبر ولا أظِنُّ أن يصح هو البدرىُّ المذكور قبله نظر,وقال فى الفتح لكنه حديث ضعيف لا يُحتَجَ به,وقال فى تخريج الكشاف بعد أن ذكر من أخرجه وكلهم من طريق على بن يزيد الألهانى عن أبى القاسم بن عبدالرحمن عن أبى أمامة وهذا حديث ضعيف .
قال الهيثمى فى مجمع الزوائد رواه الطبرانى وفيه على بن يزيد الألهانى وهو متروك.
قال المناوى فى فتح القدير وضعفها
قال السيوطى وذكر من أخرجها هذا سند ضعيف
قال الألبانى هى فى السلسلة الضعيفة والموضوعة ,وقال هذا اسناد ضعيف جدًا.
أخرج ابن جرير القصة عن ابن عباس من طريق محمد بن سعد فى الطبقات بإسناد ساقط بِمَرَّة لأنه مسلسل بالعوفيين وهم ضعفاء.
وأخرجها أيضا ابن جرير عن الحسن البصرى بإسناد ضعيف جدًا وفيه إرسال الحسن, ومراسيل الحسن كالهواء كما قال العلماء,وفيه عمرو بن عُبَيد المُعتَزِلِىّ وهو متروك يكذب على الحسن البصرى وعنه.
إذًا فقد سقطت الرواية من حيث السَّنَد سقوطا لا تقوم بعده أبدًا...
ثالثا: من حيث المتن:
أنها مخالفة لصحيح قواعد الشرع وأن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرغِر وأن الله تبارك وتعالى لا يرفع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها.
أنها مصادمة للثابت المتواتر عن فضل آل بدر.
عند مسلم فى الصحيح أن "غلاماً لثعلبةِ بن حاطب, فجاء وقد ضربه ثعلبة. يشكو ثعلبةَ إلى النبى –صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله ليُدخِلَنَّ الله ثعلبة النار فقال كذبت إنه من أهل الجنة.
لم تُنقَل سنة وفاته على التحديد ولكن فى الرواية المزعومة أنه هلك فى خلافة عثمان.. ولكن ممن ذكره من أصحاب التواريخ كإبن عبدالبر وابن حجر أنه قُتِل فى أحد.. وقيل قُتِل فى خيبر أى شهد أحد وخيبر مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولذلك فإن فى موته ثلاثة روايات ,الأولى تبعا للرواية الضعيفة جدًا مردودٌ لما فيها.وأما الروايتان الباقيتان مات بخيبر أو أحد فأيتهما صحت,فهى قاضية بأن الرواية مبنية على الخيال وأن نَسجَها كنَسجِ العنكبوت. وقد نُقِل عن ابن الكلبىِّ أنه ممن استشهدوا فى أحد من أنصار رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
فى سياق المتن أن النبى –صلى الله عليه وسلم- سأل عن حال ثعلبة ,ثم لما أرسل ساعِيَيه لجمع الصدقات وقبل أن يأتوا إليه وبعد أن رآهما قادمين قال –صلى الله عليه وسلم- ويح ثعلبة... ويح ثعلبة... ويح ثعلبة ودَعَى للسُلَمِىِّ بخير وهذا تناقضٌ بَيِّن واضح فى السياق.
فى المتن أن النبىَّ –صلى الله عليه وسلم- عامل هذا الصحابى معاملة لم يعاملها أحدًا مِنَ العالمين ..لأن الذين تَخَلَّفوا عن غزوة تبوك من المنافقين لما جاءوا إلى النبى –صلى الله عليه وسلم- معتذرين, قبل منهم النبى –صلى الله عليه وسلم- ..وأما الثلاثة الذين خُلِّفُوا من أهل الإيمان واعترفوا على أنفُسِهِم فوكَلَهُم إلى الله حتى أنزل الله توبَتَهُم, وقبل النبى –صلى الله عليه وسلم- من المتخلفين من المنافقين ظاهرهم . فما هى قاعدة الشرع فى قبول ظواهر أحوال الخلق وعدم التفتيش والتنقيب عن بواطنهم. وهذا الصحابى جاء تائبا بزكاة ماله,فكيف يرده أبوبكر وعمر وعثمان وقد تاب وجاء بزكاة ماله.والله تبارك وتعالى فتح الباب أمام المنافقين للتوبة .وعلى فرض أنه نافق -وهذا لم يحدث- وجاء تائبا إلى النبى –صلى الله عليه وسلم- وأصر على التوبة حتى الموت فكيف يُرَدُّ فى توبته. ومن المعلوم من احاديث النبى أن الأعمال بالخواتيم,فكيف تُرَدُّ توبته .
هذا بيان ما فى هذه الرواية الضعيفة جدا فى حق صحابى جليل من صحابة النبى –صلى الله عليه وسلم-.فلا يُقبَلُ أن يُطعَنَ فى صحابىِّ من صحابةِ رسول -صلى الله عليه وسلم- والأخذ بالروايات الضعيفة الهالكة التى يرددها كل متعالم يتكلم فى دين الله دون بصيرة وتدقيق فى الأسانيد والمتون ... والله أسأل أن يهدينا جميعا إلى سبيل الرشاد.وصلى الله وسلمَ وباركَ على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم..
