يصح للمسلم أن يقول : الله موجود فليس فى ذلك مخالفة : فكل موجود فلابد أن يكون فيه صفة الوجود مع ملاحظة أن ما نصف به الله عز وجل ويوصف به العباد أيضا , فإن الله تعالى يوصف به على الوجه الذى يليق به عز وجل فهو سبحانه : ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ومن المعلوم جزما أن صفة السمع والبصر عند الخالق ليست أبدا مثلها عند المخلوق فهو سبحانه ليس كمثله شئ .. وقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى فى كتابه تقريب التدمرية :
لأنه إذا نفى عن الله تعالى صفة الوجود "مثلا" بحجة أن للمخلوق صفة وجود فإثباتها للخالق يستلزم التشبيه على هذا التقدير , لزم على نفيه أن يكون الخالق معدوما , ثم يلزمه على هذا اللازم الفاسد أن يقع فى تشبيه آخر وهو تشبيه الخالق بالمعدوم لاشتراكهما فى صفة العدم فيلزمه على قاعدته - تشبيه بالمعدوم - فإن نفى عنه الوجود والعدم وقع فى ثالث أشد وهو تشبيه بالممتنعات , لأن الوجود والعدم نقيضان يمتنع انتفاؤهما كما يمتنع اجتماعهما
وقد قال أيضا رحمه الله تعالى فى نفس المرجع السابق :
اشتركا فى صفة الوجود ( يعنى الخالق والمخلوق ) والحياة والعلم والقدرة واختص كل موصوف بما يستحقه ويليق به فإن اشتراكهما فى ذلك أمرا ممكنا لا محظور فيه أصلا , بل إثبات هذا من لوازم الوجود فإن كل موجودين لابد بينهما من مثل هذا , ومن نفاه لمه تعطيل وجود كل موجود , لأن نفى القدر المشترك يلزم منه التعطيل العام
وهذ الموضوع من استطاع أن يفهمه فهما جيدا وتدبر فيه زالت عنه عامة الشبهات وانكشفت له أخطاء الكثير من الأذكياء فى هذا الموضوع , أما إن كان المعترض يقصد أن ( موجود ) اسم مفعول , وكل موجود لابد له من واجد ؟ فالجواب على ذلك : أن العرب فى لغتهم يستعملون لفظ اسم الفاعل مكان اسم المفعون , واسم المفعول مكان اسم الفاعل , كمثل أن يقولوا : بيت عامر , والمقصود هنا بيت معمور ,ومثل قوله تعالى :
أى مدفوق , ومنه أيضا قول الله تعلى
والمقصود هنا : ساترا , وعلى ذلك جرى لسان العرب , فيكون المراد بقول من قال الله موجود , أى أنه واجد .