هذا البحث مطلوب من طلبة المرحلة الاعدادية ونحن هنا على منتديات نجوم مصرية نقوم بتلبية رغبة الطلاب فى الحصول على هذا البحث لكل طلاب مصر ..
العمل والإنتاج سبيل نهضة المجتمع
مقدمة:
لا أحد يشك في أهمية العمل سواء للفرد أو المجتمع أو الدول، والدول والمجتمعات تقاس جديتها وتقدمها باهتمامها بالعمل، والدول المتقدمة في العصر الحاضر لم تصل إلى هذا المستوى من التقدم في العلوم والفضاء والتقنية إلا بجدية أبنائها في العمل، وأسلافنا المسلمون السابقون لم يبنوا حضاراتهم الإنسانية الكبيرة إلا بإخلاصهم في العمل، ولقد حصل التراجع والتأخر للمسلمين في الوقت الحاضر لعدم جديتهم في العمل مع أن الدين الإسلامي يحث على العمل الجاد، فالإسلام اعتبر العمل حق لكل مسلم، وحارب البطالة لآثارها السلبية على المجتمعات والأسر، بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك عندما جعل العمل المفيد من أسباب الثواب وزيادة الحسنات، وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تتعلق بهذه المعاني ومن ذلك {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} وقوله تعالى {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} كما أن السنّة الشريفة تضمنت العديد من النصوص التي تحث على العمل والكسب الحلال (ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده).. وقوله صلى الله عليه وسلم (من أمسى كالاًّ من عمل يده أمسى مغفوراً له).
والإسلام لا يفرق بين أنواع العمل بحيث يكون نوع منها لفئة معينة ونوع آخر لفئة أخرى، وقد أشار القرآن الكريم إلى بعض الأعمال والصناعات المفيدة بدون أن يقصرها على فئة محددة، فقد نوه القرآن الكريم بمادة الحديد التي لها دور اليوم في مجال الصناعة {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} كما أشار إلى أن صناعة اللباس في قوله {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} وبصناعة السفن {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}.. كما أشار إلى الزراعة {أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} ولقد كرم الإسلام العاملين ولم يستعيب أي نوع من العمل الشريف، فقد رفع الزكاة عن آلات المحترفين وخفف الجزية عن ذوي الصناعة والزراعة.. وقد كان أنبياء الله ورسله يعملون في مهن مختلفة، فقد كان آدم عليه السلام يعمل في الزراعة وداود عليه السلام في الحدادة ونوح عليه السلام في التجارة وموسى عليه السلام في الكتابة وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في الرعي والتجارة، كما أن من الصحابة الكرام من امتهن التجارة كأبي بكر الصديق، والحدادة كحباب بن الإرت والرعي كعبدالله بن مسعود، وصناعة الأحذية كسعد بن أبي وقاص والخدمة كبلال بن رباح والخياطة كالزبير بن العوام، وفي هذا المجال يقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أني لأرى الرجل فيعجبني فأقول أله حرفة فإن قالوا لا سقط من عيني).. وفي الإسلام يعتبر العمل ضرورياً إذا كان القصد منه اكتساب الرزق، وذلك لأن المحافظة على سلامة البدن أمر واجب لكون ذلك وسيلة للبقاء والذي يؤدي للغاية التي خلق الإنسان لها، وهي عبادة الله التي تؤدي إلى رضاء الله وثوابه {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} أما إذا كان الهدف من العمل هو الاكتساب لقضاء دين أو للإنفاق على العائلة فإنه يعتبر واجباً لأن أداء حقوق الإنسان والإنفاق على الزوجة والأولاد والوالدين ونحوهم ممن هم تحت إعالته أمر واجب {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}.. أما إذا كان الهدف من العمل هو الزيادة من الكسب الحلال أو التعفف عن سؤال الناس فهو أمر مستحسن، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (رحم الله امرءاً اكتسب طيباً وقوله (نعم المال الصالح للرجل الصالح) كما يقول عليه الصلاة والسلام (السؤال آخر كسب العبد).من ناحية أخرى يعتبر عمل الفرد في نظر الإسلام فرض كفاية بالنسبة للمجتمع فالعمل في مجالات النفع العام كالصناعة والزراعة والتجارة والحدادة والكهرباء ونحو ذلك يعتبر خدمة للمجتمع بأكمله يأثم الجميع إذا ترك العمل في هذه المجالات ونحوها. وكما أن الإسلام قد أكد على أهمية العمل وضرورته للفرد والمجتمع فقد اهتم بحقوق العاملين وواجباتهم، فمن ناحية الحقوق كان هناك حرص على أن يعطي العامل أجراً مناسباً ومجزياً وأن يصرف هذا الأجر فور استحقاقه، ففي السنّة (اعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)، كما تم وضع الأسس اللازمة التي من شأنها المحافظة على صحة العامل ومنحه الرعاية الصحية بما في ذلك حفظ النفس والعقل، وكذلك إتاحة الفرصة له للراحة لأن لكل إنسان طاقة محددة ينبغي عدم تجاوزها، {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} وفي السنّة (روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت)، كما اعتنى الإسلام بالأحداث والنساء في مجال العمل، فهو وإن كان قد أجاز تشغيل الحدث من أجل بعث روح التحفز والكسب وتشجيعه على الاعتماد على النفس إلا أنه قيد ذلك بأن يكون العمل الذي يمارسه ملائماً له وأن يكون عملاً مشروعاً وأن يكون العمل باختيار ولي أمره.. أما بالنسبة للمرأة فقد جعل لها الإسلام ذمة مالية مستقلة وأجاز لها العمل الذي يناسب قدراتها بشرط الاحتشام والوقار.
أولا: خطورة الموقف الاقتصادى وضرورة انتظام العمل ومضاعفة الانتاج والتصدير
بعد ثورة 25 يناير أصبح الوضع الاقتصادى المتدهور فى مصر شيئاً يشعر به المواطن فى حياته اليومية من خلال ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل مستمر، بجانب الكثير من الشواهد اليومية الأخرى.
ولكن هل تعكس هذه الشواهد اليومية حقيقة الوضع الاقتصادى الحالى؟! وهل الوضع الاقتصادى المصرى بالغ السوء ويصل إلى حد الأزمة؟!
للتعرف على حقيقة الوضع يجب أن ننظر إلى المؤشرات الاقتصادية الكلية التى من أهمها «عجز موازنة الدولة». ، اتسعت الفجوة بين إيرادات ومصروفات الدولة بشكل ملحوظ، مما أدى إلى زيادة عجز الموازنة لتصل إلى ما يقارب 140 مليار جنيه مصرى فى العام المالى 2011\2012. وبالنظر إلى إيرادات الموازنة فقد توقفت عند ما يقارب 360 مليار جنيه مصرى بينما زادت مصروفات الموازنة إلى ما يقارب 500 مليار جنيه مصرى فى العام المالى 2011\2012. وهذا العجز يعتبر الأكبر فى تاريخ الاقتصاد فى السنوات القليلة الماضية من حيث إجمالى حجم العجز، على الرغم من أن نسبة العجز لإجمالى المصروفات مسبوقة.
ولكن ما الأسباب وراء هذه الزيادة السريعة فى إجمالى مصروفات الدولة؟! بالنظر إلى توزيع مصروفات الدولة يظهر خدمة الدين والدعم كأكبر عاملين فى الموازنة. ويشكل هذان العاملان أكثر من 50% من المصروفات، حيث وصل إجمالى خدمة الدين إلى 114 مليار جنيه فى العام المالى 2011\2012، بينما وصل إجمالى الدعم إلى 158 مليار جنيه فى العام المالى 2011\2012. وبما أن هذين العاملين هما الأكبر فى المصروفات، فيعتبران الأهم فى زيادة المصروفات، وبالتالى عجز الموازنة.
ولكن ما أسباب زيادة خدمة الدين؟! السبب الرئيسى فى هذا يكمن فى زيادة سعر الفائدة على أذون الخزانة المصرية، التى أدت إلى ارتفاع حجم خدمة الدين بشكل كبير. والسبب وراء ارتفاع أسعار الفائدة هو عدم الاستقرار السياسى فى البلاد، الذى أدى إلى ازدياد المخاطرة فى الاستثمار فى أذون الخزانة المصرية حتى وصلت إلى ما يقارب 17% فى الربع الأول من عام 2012.
أما عن ارتفاع حجم الدعم، على الرغم من عدم تأثره بالوضع السياسى، لكنه مرتبط بأسعار السلع المدعومة التى شهدت ارتفاعاً ملحوظاً فى الفترة الماضية، ولعل من أهمها ارتفاع أسعار البترول والسلع الغذائية الأساسية، ولكن هل هذه المستويات غير مسبوقة؟ فى حقيقة الأمر الاقتصاد المصرى مر بفترات مماثلة فى العقود السابقة من حيث نسبة إجمالى عجز الموازنة إلى إجمالى الناتج القومى أو نسبة إجمالى الدين العام إلى إجمالى الناتج القومى. ولذلك فإن هذا يعتبر مؤشراً إيجابياً ودليلاً على قدرة الاقتصاد المصرى على الخروج من الأزمة إذا تم اتخاذ حزمة من الإجراءات الإصلاحية مثل التقشف، خفض قيمة الدعم، إعادة هيكلة الدين العام وغيرها من الإجراءات. لذلك فإن الأمل الآن هو الوصول إلى حالة من الاستقرار السياسى التى ستسمح باتخاذ مثل هذه الإجراءات والقرارت الاستراتيجية؛ لتصحيح مسار الاقتصاد المصرى فى الفترة المقبلة.
ثانيا : دراسة حاجات المجتمعات المختلفة وتنوع السلع الانتاجية للتصدير للحد من الاستيراد
العمل هو الفعل الإنساني في الموجودات الطبيعية كي تتحول إلى سلع وإلى خدمات صالحةٍ للاستهلاك البشري، وذلك بمساعدة عناصر أخرى تُسهم في عملية الإنتاج غير العمل الإنساني المباشر والمُعَبَّرِ عنه بالجهود البدنية والذهنية لمجموع الأفراد العاملين في المجتمع.
إن مجموع أفراد المجتمع وهم يقدمون أعمالَهم – أي جهودهم البدنية والفكرية – لتُحدِثَ فعلَها في موجودات الطبيعة بالشكل الذي تصبح فيه هذه الموجودات سلعا وخدمات استهلاكية تلبي وتشبع حاجاتِهم، إنما يشركون عنصراً هاما من عناصر الإنتاج المتوفرة في المجتمع في عملية الإنتاج. فأيُّ مجتمع يُمارس عملية الإنتاج لا يتوفر فقط على عملِ أفراده، بل هو يتوفر أيضا على الأرض التي يحيى عليها هذا المجتمع وما تحويه في باطنها وعلى ظهرها من مختلف الثروات والموارد الطبيعية، كما يتوفر على تراكمات جهود الآباء والأجداد متمثلة في رؤوس أموال ومظاهر إنتاجية وعملية متنوعة قائمة في المجتمع وعلى أرضه، بصرف النظر عن طريقة وأسلوب التوزيع المعتمد في المجتمعات لتلك الثروات المتراكمة أو الأراضي القائمة.
إن كل فرد في المجتمع وهو يُسهم بعمله في إنتاج سلعة أو خدمة معينة يحتاج إلى كلِّ السلع والخدمات المُنْتَجَة من قبل أفراد المجتمع الآخرين عبر أعمالهم المتَخَصِّصَة. وانطلاقا من ذلك فإن كلَّ فرد في المجتمع ونظراً لأنه لن يُنْتِج بعمله الخاص كافة السلع والخدمات التي يحتاج إليها، فهو يمتلك حق الانتفاع بكافة السلع والخدمات المُنْتَجَة في المجتمع، كي يستطيع إشباعَ حاجاته المتنوعة، كما ستُوَزع السلع والخدمات التي ينتجها هو على كافة أفراد المجتمع، عبر نهجٍ تَخَصُّصِيٍّ يتعمق في المجتمعات البشرية يوما بعد يوم مرتبطٍ بالتطور العلمي والمعرفي للإنسان.
إن نظرة فاحصة نلقيها على مجموع ما ينتجه مجتمع ما من سلع وخدمات لإشباع حاجات أفراده، تطلعنا على أن كل فرد فيه مهما كانت فاعليته الإنتاجية عالية في السلعة أو في الخدمة التي تقع ضمن دائرة تَخصُّصِه، فإنه يحتاج حاجة وجودية إلى الآخرين وسلَعِهم وخدماتِهم، مهما كانت فاعليتهم قليلة من وجهة النظر الإنتاجية.
ن السلع والخدمات التي يحتاجها الإنسان لإشباع حاجاته المتنوعة والثابتة زمانا ومكانا تُنْتِجُها مؤسساتٌ إنتاجية عديدة يعجُّ بها المجتمع الذي يُمارس العملية الإنتاجية بوجه عام، وبما أن الإنسان في هذا المجتمع يمتلك حق الانتفاع الطبيعي بتلك السلع والخدمات لإشباع حاجاته، فهذا يعني ب وبالضرورة أن أيَّ إنسان يَمتلك حق الانتفاع بتلك المؤسسات الإنتاجية وبتلك العناصر والعوامل الإنتاجية، كي يتمكن ب من الانتفاع بالسلع والخدمات المُنْتَجَة عبرها ومن خلالها.
كلُّ أفراد المجتمع إذن شركاء طبيعيون ومتساوون ومتكافئو الفرص في ملكية حق الانتفاع بعناصر الإنتاج، كما أنهم شركاء طبيعيون ومتساوون ومتكافئو الفرص في ملكية حق الانتفاع بالمؤسسات الإنتاجية التي انبثقت عن استغلال تلك العناصر، على نحوٍ يحقِّقُ العدالة التي تعني في أول ما يمكنها أن تعنيه، الانطلاق في توزيع الثروة التي يُنتجها المجتمع من إشباع الحاجات الطبيعية للأفراد، وفق متطلبات الكرامة الإنسانية التي تحددها مستويات وأنماط التطور الإنساني، وهو الأمر الذي يفرض أن يكون تنظيم الملكيات والحيازات في المجتمع – كي يجسِّدَ العدالة على ذلك النحو المشار إليه – محقِّقا للمبادئ مجتمعة من غير انحياز لمبدإ منها دون المبادئ الأخرى.
ثالثا: اهمية ترشيد الاستهلاك فى كل متطلبات حياتنا اليومية من ماء وغذاء ووقود الخ
قد أمر الاسلام بالإنفاق على الطيبات في اعتدال، وأنّ تَمَلّكَ المال ليس بغاية في ذاته وإنما هو وسيلة التمتع بزينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، أما أن يملك الانسان المال ليكنزه ويمسكه ويكاثر بجمعه وعدده ويحرم نفسه وأهله من ثمراته ويحرم الجماعة من خيراته - فهذا انحراف عن هدي الله وتنكّر لحق الاستخلاف الذي قرره الله تعالى بقوله: (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) (آية ٧ سورة الحديد)، وقال سبحانه (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون)(آية ٣٨ سورة الشورى).. الا إن هذه الآيات الكريمة وغيرها لتشير الى ان الإنفاق المطلوب هو مما رزق الله، اي من بعض ما رزق الله، وهذا معناه أن ينفق البعض ويدخر البعض الآخر، ومن انفق بعض ما يكتسب ويدخر البعض فقلما يفتقر، وقد صح ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يدخر لأهله قوت سنتهم، وهذا لا يتنافى مع التوكل على الله تعالى ولا الزهد في الدنيا.
نعم إن ترشيد الاستهلاك ليس معناه البخل والتقتير على النفس حتى يظهر ذلك على مظهر الانسان ولباسه وطعامه، إذ أن هذا يتنافى مع منهج الاسلام الذي يقول: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) (آية ١٣-٣٢ سورة الأعراف)، اذ لا حرج أن يكون المسلم أنيقا في ملبسه ومظهره ويحرص ان يكون ثوبه حسنا جميلا وكذلك حذائه وبيته، وأن يبتغي الجمال في كل شيء، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، فقال رجل: إن الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا وفعله حسنا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس)، وهو القائل صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب أن يرى آثر نعمته على عبده).
من ترشيد الاستهلاك محاربة السرف والترف:
فإذا كان المنهج الإسلامي قد أوجب على صاحب المال أن ينفق منه على نفسه وأهله في سبيل الله، وحرم عليه التضبيق والتقتير، فإن الشق الثاني من هذا المنهج العادل أنه حرّم الإسراف والتبذير، ذلك انه وضع قيودا وحد حدودا للاستهلاك والإنفاق، فكما أن المسلم مسؤول عن ماله من اين اكتسبه؟ فانه مسؤول عنه ايضا فيمَ أنفقه؟ كما علّمه النبي صلى الله عليه وسلم .
إن ترشيد الإنفاق سنة إسلامية حميدة، سواء في المأكل أو في المشرب أو الملبس أو في المسكن أو في أي جانب من جوانب الحياة، وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على سعد بن ابي وقاص وهو يتوضأ فقال له: "لا تسرف"، فقال أوَفي الماء سرف يا رسول الله؟ قال: نعم وإن كنت على نهر جار. وهذا الذي روي في الحديث نعرف قيمته في عصرنا حيث تقل المياه ويكثر استهلاكها، وأمست قلتها خطرا يهدد البشرية، حتى أنه يقال إن الحروب القادمة ستكون من اجل الماء.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم آثار كثيرة في بيان فضل الاعتدال في الإنفاق والموازنة والاقتصاد فيه، كقوله صلى الله عليه وسلم: "الاقتصاد نصف المعيشة"، وقوله: "ما عالَ من اقتصد"، اي ما افتقر من أنفق قصدا- أي باعتدال.
ومن روائع ترشيد الاستهلاك ووجوب المحافظة على الموارد قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن أنس بن مالك: "اذا سقطت لقمة احدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان"، قال: وأمرنا ان نُسلِت القصعة، وقال: "إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة".
فهذا توجيه نبوي كريم الى أدب من آداب الطعام ربما يستنكف منه المترفون والمتكبرون بأن يرفعوا اللقمة او الحاجة اذا سقطت على الأرض وان لا يتركوا في الصحون طعاما زائدا يصبح فضلات تلقى، بل ليضعوا الصحون قدر حاجتهم فيأكلوه ولا يزيدوا عن حاجتهم فيلقى على المزابل، في حين أن هناك ملايين من الناس يحتاجون لكل لقمة بل وأقل منها، واذا قال قائل: ما قيمة اللقمة او بقية طعام في الصحن؟ فإن الجواب يكون حين ننظر الى مستوى الأمة في مشارق الأرض ومغاربها وعلى مستوى ثلاث وجبات في اليوم، لنعرف ان ذلك يساوي عشرات بل مئات ملايين الدولارات. وليس عجيبا ان نسمع اليوم عن كثير من الدول تقوم فيها جمعيات خيرية بوضع أواني في المطاعم توضع فيها انواع الأطعمة - التي تزيد على حاجة الرواد - تجمعها وتوزعها على الفقراء وما اكثرهم، ممن لا يجدون لقمة او نصف لقمة يسدون بها رمقهم.
ومن ترشيد الاستهلاك التنفير من الاستدانة:
ان على رب الاسرة وعلى الزوجة كذلك الموازنة بين الداخل والخارج بين الايرادات والنفقات حتى لا يضطر الى الاستدانة وذل الاستقراض من الغير، وقد ورد في بعض الآثار المردوية (الدّيْنُ شَيْنُ الدِّين)، اي يُسيء الى دِين الانسان وإيمانه، وقول (الدّيْن هَمّ بالليل ومَذلّة بالنهار)، قال العلماء وإنما كان الدّيْن شينا ومذلة لما فيه شغل القلب والبال، والهمّ اللازم في قضائه، والتذلل للغريم عند لقاءه وتحمل منّته بالتأخير الى حين ادائه، وربما يعد بالسداد والقضاء والوفاء فيخلف، أو يحدث صاحب المال عن سبب التأخير فيكذب او يحلف له فيحنث، ولهذا كان عليه السلام يتعوذ من المأثم والمغرم، وهو الدين، فقيل له يا رسول الله ما اكثر ما تتعوذ من المغرم ؟! فقال: (ان الرجل اذا غرم حدث فكذب ووعد فاخلف).
فيجب على رب الأسرة ان يحسن الموازنة بين امكاناته وموارده، بين حاجاته وضروراته، حتى لا يقع تحت طائلة الديون.
ثالثا: الاهتمام بتطوير مصادر الدخل القومى والارتقاء بثقافة العاملين بها
الدخل القومي لمصر يأتيها من السياحة و من البترول ومن موارد مختلفة فإذا نظرت في هذه الموارد ستفاجأ مفاجأة مذهلة و هي أن كل هذه الموارد التى تشكل القسم الأعظم من الدخل القومي لبلدي كلها من نوع واحد فقط النوع الذى لا يدخل لى منه أي مليم إلا عبر العالم الغربي ... أتحدث عن الدخل القومى الذى يأتى للبلد من الخارج و لا أتحدث عن دخل الحكومة . عندما تأتى دولة مثل ألمانيا أو فرنسا و تقول لمواطنيها مصر غير آمنة هذه الأيام ننصحكم بعدم السفر إليها فهي بذلك تغلق حنفية السياحة الألمانية أو الفرنسية !! مثال آخر على اعتماد الاقتصاد المصري على الغرب هو قناة السويس ؛ فقبل ثمان سنوات استطاعت الدول الغربية أن تنزل بدخل مصر من قناة السويس إلى الصفر فصار لا يدخل جيبنا جنيها واحدا لمدة 10 أيام متتالية و كان ذلك بسبب تفجيرين بباب المندب جنوب البحر الأحمر فقررت الدول الغربية أن تبحر بسفنها عبر طريق آخر و ليس من خلال قناة السويس !! لا يمكن لاقتصاديات البلد بكاملها أن تكون تحت سلطان وزارة خارجية بدولة أجنبية... لهذا يجب إعادة هيكلة الاقتصاد المصري و وضع أسس أصيلة لإيجاد دخل داخلى فى مصر كزراعة الصحراء الغربية و عمل صناعات ضخمة على أرض مصر مع بقاء مصادر الدخل الأخرى كقناة السويس و البورصة و السياحة و خلافه.
إن أداء الاقتصاد المصري بعد ثورة 25 يناير جاء أفضل من المتوقع وهو ما أكدته الاحصاءات الرسمية بعدما كانت تنتشر مخاوف الافلاس والانهيار الاقتصادي والنمو السلبي.وقال الخبراء خلال مشاركتهم ندوة "الاقتصاد المصري بعد ثورة 25 يناير" التى نظمتها جمعية شركاء التنمية للبحوث والاستشارات والتدريب الليلة الماضية إن الاقتصاد المصري تأثر بتوقف عجلة الانتاج وزيادة معدلات البطالة وانخفاض معدل الناتج المحلي الاجمالي.
أن التداعيات التى لحقت بالاقتصاد المصري بعد الثورة كانت أقل من التوقعات مقارنة بأوضاع العديد من الدول التى حدثت فيها ثورات مثل ايران الذى ظل معدل الدخل القومي فيها يتراجع لعدة سنوات.
وأوضح أن معدلات النمو بعد ثورة 25 يناير تراجع إلى النصف تقريبا، فيما كان قد تراجع بمقدار الثلث فى ظل الازمة العالمية بعد عام 2008 وذلك رغم أن معدل النمو الصناعي لمصر خلال فترة الثورة جاء "صفر" صاحبها تراجع حاد فى الاحتياطي النقدي.وانتقد العيسوي أرقام معدلات النمو التى كان يعلنها النظام السابق والتى كانوا يرددون انها تصل إلى 7 و 8 فى المائة، مشيرا إلى أن معدلات النمو تلك كانت وهمية وغير حقيقة على أرض الواقع حيث لم يتجاوز النمو الحقيقي نسبة 4 فى المائة.وأشار إلى أن الاقتصاد المصري أظهر ضعفا نتيجة اعتماده على مصادر ريعية مثل السياحة والاستثمارات الاجنبية وقناة السويس والمضارية العقارية الامر الذى سيكون اقل تأثير لو اعتمد على الصناعات الاساسية مثل الصناعات التحويلية وغيرها.
إن تدهور أوضاع الصناعات التحويلية فى مصر وتراجع دور القطاع العام والذى يشكل نحو 16 فى المائة من الناتج المحلى وهى نفس النسبة فى السيتنيات كما إنخفض دور القطاع الزراعي فى الاستمثارات فضلا عن أن معدلات النمو فى ظل النظام السابق صاحبها إهدار فى الموارد الطبيعية مثل الاراضي وارتفاع معدلات التلوث والتى أثرت على حياة المواطنين فضلا عن أن النمو كان مصحوبا بمديونية عالية ستظل يتحمل فاتورتها الاجيال القادمة.وأشار إلى أن التراخي والتأخر فى فرض الاقامة الجبرية ومحاكمة رموز النظام السابق من يعد من أهم سلبيات المرحلة الحالية.
وحول قيام الحكومة بالاستغناء عن القروض الخارجية إن ذلك سيؤدي إلى انخفاض الاستثمارات الحكومية من 56 مليار جنيه الى 47 مليار جنيه كما أن المبالغ المخصصة لصندوق التدريب من التطوير انخفض من ملياري جنيه الى مليار فضلا عن زيادة الاعتماد على القروض المحلية وهو عب على الاجيال القادمة.وطرح العيسوى رؤية من 4 أركان لتبني نموذج تنموي فى المرحلة المقبلة يعمل على حدوث نقلة نوعية نحو التقدم، حيث يتمثل الركن الاول فى الاعتماد على الذات من خلال تنمية الموارد والبشرية والمدخرات الوطنية وتقليل التبعية للخارج والاتجاه للدخول مع الدول العربية الشقيقة فى مشروعات مشتركة تنموية.
أن الركن الثاني من النموذج يتمثل فى عدم اقتصار دور الدولة على المراقبة والاكتفاء بقيام القطاع الخاص بالتنمية حيث لابد من أن يعمل القطاع الحكومي جنبا إلى جنب مع القطاع الخاص وأن يكون له دور فى النشاط الاستثماري ويمكن الاسترشاد بالعديد من التجارب الناجحة فى الدول.وقال إن الركن الثالث يتمثل فى الديمقراطية والمشاركة والتى ينبغي إلا تقتصر على التمثيل النيابي بل المشاركة على كافة المستويات المحلية والمصانع والمستشفيات (مشاركة شعبية) لمنع تحالف السلطة والثورة والركن الرابع قام على إعادة توزيع الثورة.
أن الاقتصاد المصري يمر فى المرحلة الحالية بحالة من الركود التضخمى تتمثل فى انخفاض الطاقات الإنتاجية المستغلة وارتفاع معدل البطالة إلى أعلى من 12% بعد أن كان أقل 10% وزيادة عدد الافلاسات وانخفاض معدل نمو الناتج المحلى الاجمالى إلى ما يقدر بنحو 2% فى حين أن متوسطه طويل الأجل فى الماضى كان 4% سنويا.
إن الوضع الحالي يتطلب سرعة اتخاذ القرارات دون تأخير مع مراعاة عدم التسرع والتتابع السليم فى اتخاذ القرارات مع المصداقية والشفافية والمصارحة مع الشعب.وطالب الجهاز المصرفى بضرورة تحمل مسئوليته فى المساهمة فى تشغيل الطاقات الانتاجية العاطلة، والعمل على زيادة الانتاج والصادرات، وزيادة مستوى التشغيل وانخفاض معدل البطالة من خلال اتاحة السيولة المطلوبة للقطاعات المختلفة، مع سرعة فتح الاعتمادات اللازمة لاستيراد السلع الاستراتيجية (استهلاكية، ومستلزمات إنتاج وسلع رأسمالية) بدون تأخير، مع عدم وضع العراقيل أمام طلبات الائتمان المنتجة التى لها جدارة ائتمانية.وشدد على ضرورة تشجيع البنوك على إنشاء مشروعات كبرى كثيفة العمالة مع طرح جزء من رأسمالها للاكتتاب العام .ما سيحقق الصالح العام وربحية عالية للبنوك على المدى الطويل.
الخاتمة:
إن تحسين مناخ الاستثمار من خلال عدم الالتفات للشكاوى الكيدية ضد المستثمرين الشرفاء للاستمرار فى الاستثمار والإنتاج بل وزيادتهما ، على ألا يتم توجيه التهم إلا فى حالة وجود قرائن قوية عليها ومحاسبة الفاسدين عن أخطائهم، وهذا لا يؤثر سلبا على المستثمرين ورجال الاعمال الشرفاء، بل يستبعد المقامرين مما يزيد الثقة فى قطاع الأعمال.وطالب بضرورة تقديم كافة الحوافز الممكنة لرجال الأعمال الشرفاء،مع توفير السيولة لهم، وحماية الصناعة المحلية، ومكافحة التهريب، ومنحهم مزايا جمركية وضريبية مؤقتة، كما طالب بضرورة احترام العقود السليمة التى عقدت بين الدولة ورجال الاعمال سواء كانت هذه العقود بشأن بيع أراضى أو شركات فى اطار الخصخصة أو غيرها ويجب إلا يتم الغاء هذه العقود كرد فعل تلقائى فى ظل ادعاءات كاذبة، حيث إن هذا يكبد مصر خسائر جسيمة.
مع تحياتى