قلم الأستاذ الدكتور خليل إبراهيم ملّا خاطر العزّامي (أستاذ الحديث وعلومه بجامعة طيبة بالمدينة المنورة)
من علامات الساعة التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج الخوارج في هذه الأمة، عند حدوث خلاف بين فئتين كبيرتين من المسلمين.
وهذا باب واسع جداً، كثرت فيه الأحاديث النبوية الشريفة، في الصحيحين وغيرهما، عن علي وجابر وابن مسعود وأبي ذر سعيد الخدري وغيرهم رضي الله عنهم، لأن الحديث فيه متواتر[1]حيث بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفهم وحالهم وعبادتهم وعلامتهم، ووقت ومكان خروجهم، والظرف الذي يخرجون فيه، ومآلهم، وأنهم شرُ الخلق.. فوقع ذلك كله طبق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، والمشتكى إلى الله تعالى.
وأقتصر على ذكر بعض النصوص الشريفة، للتنبيه والإشارة، والله تعالى المستعان.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقسم قسماً ـ أتاه ذو الخُويصرة ـ وهو رجل من بني تميم ـ فقال يا رسول الله أعدل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويلك، ومن يعدل إن لم أعدل؟ قد خبت وخسرت إن لم أعدل).
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دعه، فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّة، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نصيَّه فلا يوجد فيه شيء (وهو القِدح)ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء سبق الفرث والدم. آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة ـ أو مثل البضعةـ تدردر، يخرجون على حين فرقةٍ من الناس).
قال أبو سعيد رضي الله تعالى عنه: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس، فوجد، فأُتي به، حتى نظرت إليه على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نعت متفق عليه[2].
وما ذكره من حالات السهم، من النصل والرصافة والنضي والقذذ فكلها كناية عن سرعة اختراق السهم للجسد، بحيث لا يعلق به دم ولا فرث، وكذلك حال هؤلاء الخوارج، يمرقون بسرعة من الإسلام، فلا يعلقون منه بشيء والله تعالى أعلم.
وعن زيد بن وهبٍ الجهنيٍّ، أنه كان في الجيش الذي كان مع علي رضي الله عنه الذي سار إلى الخوارج، فقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: أيها الناس، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول : ( يخرج قومٌ من أمتي يقرؤون القرآن، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرؤون القرآن، يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يرق السهم من الرمِيَّة لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم، لا تَّكلوا عن العمل، وآية ذلك، أن فيهم رجلاً له عضدٌ، وليس له ذراعٌ، على رأس عضده مثل حلمة الثدي، عليه شعراتٌ بيضٌ..
الحديث بطوله، وفي آخره: فقال عليٌّ رضي الله عنه: التمسوا فيهم المُخدج، فالتمسوه فلم يجدوه، فقام عليٌّ رضي الله عنه بنفسه، حتى أتى أناساً قتل بعضهم على بعض، قال: أخرجوهم. فوجدوه مما يلي الأرض.
فكبّر، ثم قال : صدق الله، وبلغ رسوله.
قال: فقام إليه عبيدة السّلمانيُّ، فقال: يا أمير المؤمنين، آلله الذي لا إله إلا هو، لسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: إي، والله الذي لا إله إلا هو.
حتى استحلفه ثلاثاً، وهو يحلف له.رواه مسلم[3].