صمم علماء أول (إنسان آلي) من شأنه محاكاة بني البشر وتقليدهم في تعابير قسمات الوجه وحركات الشفتين - ذلك أن "جولز"، وهو عبارة عن رأس بدون جسد ويشتمل على مظاهر الذكورة والأنوثة في آن معاً، يستطيع استنساخ الحركات والتقاطها آلياً عن طريق كاميرا فيديو ونقلها آنياً إلى محركات إلكترونية متناهية الصغر مركبة على سطحه الخارجي.
وبمقدور "جولز" أن يرسم ابتسامة عريضة فترتسم على محياه، وأن يلوي قسمات وجهه فيكشر تألماً وتبرماً أو تلذذاً أو ازدراء واشمئزازاً وتقززاً؛ كما أن بإمكانه أن يقطب جبينه ويتكلم أثناء قيام البرنامج الآلي الخاص به بترجمة التعبيرات الحقيقية التي يتم رصدها عن طريق "عيون" كاميرا الفيديو.
ويقلد جولز الحركات ويحاكيها من خلال تحويل صورة الفيديو إلى أوامر رقمية تفضي إلى تمكين المحركات والوحدات الخادمة الموجودة بالروبوت من إنتاج حركات معكوسة على مرآة؛ وذلك كله يحدث في الوقت الفعلي لا سيما وأن الإنسال المذكور بإمكانه تفسير الأوامر وترجمتها بما معدله (25) صورة في الثانية.
لقد تم تصميم المشروع الذي يسمى "التفاعل بين الإنسان والآلة" في مختبر بريستول للروبوتيات "تقنيات الإنسان الآلي" والذي تشرف عليه كل من جامعة غرب انجلترا وجامعة بريستول؛ حيث أمضى فريق من مهندسي الروبوتيات ثلاثة أعوام ونصف العام عاكفين علِى تطوير البرنامج التطبيقي الذي يمثل طفرة في عالم البرمجيات لتحقيق التفاعل بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي.
ويضم جولز (34) وحدة محركة داخلية مغطاة بجلد من المطاط المرن الذي تم تصنيعه خصيصاً لمختبر بريستول للروبوطيات من قبل المهندس ديفيد هانسون في الولايات المتحدة. وقد تمت برمجته في الأصل لتجسيد سلسلة من الحركات كما هي ظاهرة في الفيديو؛ حيث يتحدث جولز عن "تدمير ويلز".
وتعمل التقنية باستخدام عشرة أنماط من الانفعالات المخزونة في حافظة - وتشمل على سبيل المثال كلا من السعادة والحزن والقلق وما في حكمها مما أقدم أعضاء الفريق على تلقينه للروبوت جولز عن طريق البرمجة. وبعد ذلك يقوم البرنامج بنقل ما يراه إلى وجه جولز لربط التعابير آنياً بحيث يتسنى تقليد ما يتجلى على سيماء الكائن البشري ويتبدى على هيئته.
وفي هذا الخصوص تحدث المهندس كرايس ملهويش عضو الفريق الهندسي الذي يضم إلى جانبه كل من نيل كامبل وبيتر جيكل، فصرح قائلاً: "لدينا مستوع من الأنماط السلوكية التي تتصف نوعاً ما بالديناميكية والحركية. فإذا ما أردت أن يتمكن الإنسان من التفاعل مع الآلة، وجب عليك عندئذ أن تتمكن من تنفيذ ذلك بحيث يتم بصورة تلقائية طبيعية. وعندما يتحرك الإنسان الآلي/الأوتوماتيكي، يتعين أن يبدو ذلك عفوياً وطبيعياً وأن يتم على غرار تعبيرات الوجه البشري ونسجاً على ذات منواله حتى يصبح التفاعل مفيداً".
أما بيتر جايكل الذي يعمل في مختبر بريستول في مجال الانفعالات الاصطناعية والتقمص العاطفي الاصطناعي ومحاولة إضفاء مظاهر الخصائص البشرية على الإنسان الآلي، فقد أدلى بدلوه بقوله: "إن ظهور الإنسان الآلي بالمظهر الواقعي القريب من الحياة الفعلية يعد أمراً حاسماً بالغ الأهمية للتفاعل المباشر المتطور بين الإنسان والآلة وجهاً لوجه. ويتوقع الباحثون أن يأتي يوم يعمل فيه الإنسان الآلي جنباً إلى جنب مع الإنسان الآدمي أو يساعد بني البشر في أبحاث الفضاء والرعاية الصحية والاجتماعية والتعليم".
والأمل معقود في أن تفضي التقنية التي تم تطويرها في جولز إلى المساعدة على تصميم ربوتات تصلح للاستخدام في الفضاء لمرافقة رواد الفضاء في الرحلات التي يقوم بها رائد واحد فقط وكذا الرعاية الصحية والتمريض المنزلي.