في البدء كانت الكلمة و كانت الروح ... فكان ميعادا , بل ميلادا للحياة الانسانية
التي هي امتدادا الكلمة في الكلمة ... امتداد الروح الى الروح , و ولد ابن الانسان بصرخة
انبثقت من العدم لتبارك وجوده , ولد فكان ارجوحة بين لذة الالم و ألم اللذة ...؟؟
فكان علة للوجود ذاته ؟
الحياة ...؟ الحياة رجل شارف الاربعين حاملا عكازه , واقفا على قمة جبل وقوف الجبل ذاته ,متأملا حائرا, قلقا , حزينا...
متأملا في غرابة هذا الوجود , حائرا للتغير الرهيب للاشياء من حوله , فما عدا يفهم شيئا ...
قلقا على مصيره المجهول رغم أنه يعرف الطريق إليه , حزينا على أحلامه اللذيذة التي لم ينل منها شيئا ....
هاهي الأيام تمر بين لواحظ عيوننا , و هي فارة بين أيدينا فرار السجين اليائس , و لكن
رغم ذلك نظل دوما نعزف أغنية اللحن الأخير لفراق يرنوا إلينا فلا نستشف من نظرات عيونه
سوى الأسى ... فتمر الأيام و لا تحمل في انسيابها الاثيري سوى شذرات من الم , فلا الأنس يحضر في مدائننا المسافرة , .....التي تحنوا على الظلمة لا النور , فهاهي الذكريات مرة أخرى يفوح عطرها من بين الكلمات و من بين تلك التقاسيم التي ما برحت مخيلاتنا , فيعود بنا العمر أحيانا إلى محطات التاريخ , و تعود بنا الأحلام الى تلك اللحظات التي تقاسمناها معا , و رتلنا فيها الهواجس هروبا من مطبات الزمان , فلا شيء يعيد لنا الامل سوى استقراء تلك المحطات السعيدة.... لعلنا نجد فيها ما يؤنسنا , و ينير لنا الدرب , لنعلن بداية الفصل الأخير التي نتمناها
أن تكون مكللة بالسعادة ....؟؟
فالصداقة تجانس الأرواح في العالم العلوي , فيكون التواصل بين الانسان و أخيه الانسان ظلا لذلك التجانس السرمدي , فالصداقة امتداد النور الى النور, و سفرية الحزن الى الأمل ...؟
قد تكون تلك الراهبة التي يغازلها الظلام في ذلك الهيكل القديم ... ؟ و قد تكون أنات ذلك الشريد الهائم ...؟
فالصداقة قد تحتوي على الحب و الحب لا يحوي الصداقة , فبالضرورة الصداقة أقوى من الحب ...؟ فالحب موقوت يموت في ضد الظروف التي نشأ فيها , و موت الصداقة موت ساكن معبر ....؟ و قد يقتلها شعور أو عقدة التفوق غالبا ...؟ فالصديق قد يكون في صورة الموسيقي
الذي يعزف لنا أغاني الخلد , و قد يكون مصورا فيصور لنا مشاهد الحسن الغريبة ... ؟
و قد يكون كاهنا فيقودنا الى ميعاد الأبدية ... و قد يكون جامعا بين صفات الزاهد ... و ذلك الصعلوك الشريد ...؟ لأن الصداقة جامعة بين الخطيئة و الاحسان ؟ و بين الشعور بالذنب و الغبطة بالخلاص منه... نعم هي إحقاق المساواة بين التبر و التراب في عالم بدون أبعاد ...؟ فحري بنا أن ننقشها بالذهب في دفاترنا , فلتكن إذن عربة يجرها الأوفياء...؟ ولتكن آخر الرقصات على جسد متهرئ...؟
و لتكن دمعة الندم الاخير ...ثم ابتسامة الصبي البرئ ... فسنبقى دائما نتبعها فإذا أردت أن تعرف الصداقة فكن صديقا لها ... و لتكن مشاعر الاستسلام لها عنوانا في مدائن النور المظلمة ...؟
فالصداقة تقول : قليلا و سترونني ... و قليلا و لا ترونني ... لأن امرأة سوف تلدني ...؟؟