نشأة المذاهب الفقهية
لم يمضى هذا العصر وينقرض حتى نشأة المذاهب الفقهية المختلفة، ودونت الفقه الإسلامى وأصوله، وظهر فى عالم الناس أعلام الفقه وأصاطين الحكمة، اذ أنه قد اسطنبط الفقهاء الأربعة وأمثالهم من فقهاء المذاهب الإسلامية الأخرى الأحكام من مصادرها الرئيسية، وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وغير هذه الأدلة مختلفة في حجيتها إلا أن هؤلاء الفقهاء لهم منهجهم في الإستنباض. فالفقهاء الأربعة يمثلون جمهور المعتدلين من المسلمين.
وإليك نبذة عن تاريخ المذاهب الأربعة مع أصول فقههم وتراجمهم. لم يمضى هذا العصر وينقرض حتى نشأة المذاهب الفقهية المختلفة، ودونت الفقه الإسلامى وأصوله، وظهر فى عالم الناس أعلام الفقه وأصاطين الحكمة، اذ أنه قد اسطنبط الفقهاء الأربعة وأمثالهم من فقهاء المذاهب الإسلامية الأخرى الأحكام من مصادرها الرئيسية، وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وغير هذه الأدلة مختلفة في حجيتها إلا أن هؤلاء الفقهاء لهم منهجهم في الإستنباض. فالفقهاء الأربعة يمثلون جمهور المعتدلين من المسلمين.
مذهب الحنفية أصوله وفقهاءه
هو أقدم المذاهب نشأةً وينسب الى الإمام الأعظم ابى حنيفة النعمان بن زوطى، ولد سنة ثمانين من الهجرة، وتوفى سنة مائة وخمسون من الهجرة (150 هـ) على القول الصحيح، وقيل ان الإمام ابى حنيفة النعمان من التابعين، إذ ثبت لقاؤه بالصحابي الجليل أنس بن مالك، وقيل بل تابع التابعين، ادرك أربعة من الصحابة، والراجح أنه من التابعين، إذ أنه قد روى أنه حج مع أبيه سنة 96 ولى بالمسجد الحرام عبد الله بن الحارث بن جزد الزيدى الصحابى وسمعه يحدث بالمسجد الحرام، ويقول رسول الله (ص): ((من تفقه فى دين الله كفاه الله همه ورزقه من حيث لا يحتسب)). كما روى أن أبا حنيفة روى أيضاً عن أنس بن مالك حديث ((طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةُُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ)) فهذه الروايات يؤكد بعضها بعضاً فى إعتبار أبا حنيفة من التابعين. ما روى عنه من السنة: قد صح عنه أنه انفرد بمائتى حديث وخمسة عشر حديثاً سوى ما أخرجه مع بقية الأئمة. وله مسند روى فيه 118 حديثاً فى باب الصلاة وحدها. قال ابن حجر العسقلانى: أما مسند الإمام أبى حنيفة فليس من جمعه، والموجود من حديث أبى حنيفة إنما هو كتاب الآثار الذى رواها محمد بن الحسن عنه.
نستخلص مما تقدم ومن نصوص الإمام أبى حنيفة نفسه أصول مذهبه، وطريقته فى استنباط الأحكام لا تخرج عن طريقة سائر الأئمة المجتهدين، ويتميز مذهبه فقط بالتوسع فى الاستحسان والقياس. ومن ذلك اشترط أبو حنيفة فى قبول الخبر أن يكون مشهوراً من الثقات، وألا يعمل الراوى بخلاف ما روى، وألا يكون فيما تعم فيه البلوى. وأبو حنيفة أول من اجتهد فى مسائل الفقه التقديري وفرض المسائل التي لم تقع بعد.
أعلام المذهب الحنفى: وقد اشتهر من أصحاب المذهب الحنفى عدد من العلام هم: أبو يوسف، وزفر، ومحمد بن الحسن. هؤلاء الأعلام هم الذين نشروا المذهب الحنفي، وهم الذين دونوا فقه الإمام ابى حنيفة النعمان ووضعوا المسائل الفقهية والفتاوى على منهجه فى الفقه ثم أكملوا الإجابة عنها.
ومن أبرز المؤلفات فى الفقه الحنفي: كتاب النوزل لأبى ليث السمرقندى، وكتاب القارئ شرح صحيح البخارى للإمام العينى، وشرح الهداية ودرر البحار، وطبقات الحنفية، ومدرك التنزيل، وكتاب حقائف التأويل للأمام النسفى وغيره من الكتب الكثير التى لا يسع المجال لذكرها.
مذهب المالكية أصوله وفقهاؤه
ترجمته:هو الإمام مالك بن أنس بن أبى عامر بن عمرو بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث، وهو ذو أصبح، ولا خلاف أنه من ولد قحطان وهى قبيلة باليمن.
نافع عن عمر، وابن شهاب الزهرى، وهشام بن عروة وعن يحيى بن سعيد وعبد الله بن بشار وغيرهم من كبار علماء الفقه والحديث بالمدينة رضى الله تعالى عنهم.
آثاره العلمية ومصنفاته: اعتبر المحدثون مالكاً إماماً فى الحديث موثوقاً بصدق روايته، قال البخارى: أصح الأسانيد مالك عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة. ويروى أيضاً فى شأنه ان ابى جعفر المنصور قال لمالك ضع للناس كتاب أحملهم عليه.
وللإمام مالك مؤلفات غير الموطأ رواها عنه من كتب بها إليه أو سأل إياها وهى أقرب إلى صور الرسائل أكثر منها إلى غيرها. فمن أشهرها رسالته فى الأقضية، كتب بها إلى بعض القضاة، ورسالته المشهورة إلى الخليفة العباسي، وله كتاب فى التفسير لغريب القرآن الكريم، ونسب إليه كتاب السير.
تلاميذه: وهم كثيرون، وأشهرهم ابن القاسم، وابن وهب، وأشهب، وابن عبد الحكم، والحارث ابن مسكين، ومن فى طبقتهم.
طريقته فى الأخذ بالحديث: كان الإمام مالك بن أنس يروى الحديث ليستنبط منه الأحكام من وجهة النظر العملية، فهو لم يكن جامعاً لحديث إلا بقدر الاستفادة من نصوصه فى الفقه والتشريع بوجه عام وفق قواعد منظمة لطريقته فى الاجتهاد.
أصول المذهب المالكي: القرآن الكريم، والسُّنة، والاجماع، والقياس، وعمل أهل المدينة، وقول الصحابى أو فتواه، والاستحسان، وصد الذرائع، والمصالح المرسلة، ومراعاة الخلاف، وشرع من قبلنا، والاستصحاب،.
ما يمتاز به المذهب المالكي من الأصول:
1- عمل أهل المدينة 2- قول الصحابى
3- المصالح المرسلة 4- الاطلاق فى العمل بالسُّنة
مصنفات فى المذ هب المالكي:
1- المدونة الكبرى فى فقه الإمام مالك 2- مختصر ابن الحاجب
3- مواهب الجليل 4- متن العشماوى
5- تنقيح الفصول، وغيره الكثير
مذهب الشافعية
ترجمة الإمام الشافعي: ولد الشافعي سنة 150هـ بغزة من بلاد الشام (فلسطين) حفظ القرآن الكريم وحبب إليه الحديث منذ نعومة أظافره، ثم خرج إلى البادية يتعلم آداب العرب وايامهم ليقوى لسانه، فاكتسب الفصاحة وانشد الأشعار، وذكر الآداب والأخبار.
أما من حيث الفقه فقد نشأ الشافعي معاصراً للمذهبين الحنفي والمالكي، وفى بداية ترتيب اصولها وفروعها، فنظر فى اجتهاد بعض الأوائل من الفقهاء فى المسائل الفقهية، ثم سلك طريقاً فى الاجتهاد وأثراً يستقل بها، فتوسط فى الجمع بين الرأي والحديث، وكان له الفضل فى تقريب وجهة النظر بين الحجازيين والعراقيين.
أصول مذهبه: يقول الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه فى كتابه الأم مبينا أصول مذهبه:"الأصل قرآن أو سّثنة، فإن لم يكن فقياس عليهما، وإذا اتصل الحديث عن رسول الله (ص) وصح الإسناد فهو المنتهى، والاجماع أكبر من الخبر المفرد والحديث على ظاهره. هذه هى القواعد التي يقوم عليها المذهب الشافعى.
المراحل الفقهية فى حياة الامام الشافعي:
مر الفقه الشافعي بثلاثة أدوار:
1- الدور المكي: وقد قضى به نحو تسع سنوات، كانت أخصب حياة فقهية وعلمية مر بها خلال المدة فاطلع فيها على آراء أقرانه من العلماء وشيوخه.
2- الدور البغدادى الجديد سنة 195هـ وقد استغرق نحو ثلاث سنوات مستعرضاً آراء الفقهاء المعاصرين.
3- الدور المصري سنة 199هـ : ويتكون من نحو أربع سنوات، وفيه تكامل فيه الشافعي وبلغ ذروته فكتب خلاله فى الاصول كتابة اخرى ضمنها قواعد واصول فى التشريع دون ان يمس الأصل فى رسائله القديمة معدلاً آراءه في الفروع بقول جديد قد يغني عن قول القديم عدل عنه إلى ما وجده بمصر من اعراف وحضارة واقوال التابعين.
اعلام المذهب الشافعي:
1- أبو بكر الحميدي وكان فقيهاً محدثاً ثقةً. 2- أبو اسحاق ابن ابراهيم بن محمد بن العباسي المطلبي.
3- أبو ثور الكلبي.
4- أبو علي الحسين بن علي الكرابيسى .
5- أحمد بن محمد بن يحي الاشعري البصري.
6- شيخ الاسلام أبو يحي زكريا بن محمد الانصاري.
7- الإمام ابو زكريا يحي النووي .
8- ابن هجر الهيثمى.
من اهم الكتب فى الفقه الشافعي: كتاب الأم فى الفقه, وكتاب الرسالة فى اصول الفقه، وكتاب التلخيص, وكتاب منهج الطلاب, وغيره من الكتب الكثيرة.
مذهب الحنابلة اصوله وفقهاؤه
وهو رابع المذاهب نشأةً وينتسب إلى الإمام ابى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن اسد الشيبانى المرزوى البغدادى, ولد ببغداد فى شهر ربيع الاول ستة 194هـ.
نشأ الإمام أحمد بن حنبل ببغداد حاضرة العالم الاسلامى زخرت بانواع العلوم والفنون وكان بها انذاك القراء والمحدثون والمتصوفة وعلماء اللغة والفلسفة. اشتهر الإمام احمد بين أقرانه بالتقوى والصبر والجد, قال فيه الهيثم بن جميل: (لو ان عاش هذا الفتى فسيكون حجةً على أهل زمانه).
آثاره العلمية: للإمام أحمد مصنفات علمية كثيرة, من هذه الكتب:
1- كتاب المسند فى الحديث 2- كتاب الاشربة، وجزء فى اصول السنة وفضائل الصحابة.
3- كتاب الزهد 4 - كتاب الصلاة وما يلزم فيها 5- كتاب الورع والعلم 6- كتاب الرد على الزندقة .
7- كتاب السنة موصل المعتقد الى الجنة.
أصول مذهبه:
يتكون أصول مذهبه من خمسة أصول:
1- القرآن الكريم والحديث المرفوع 2- ما افتى به الصحابة 3- يتخير الاقوال ما كان اقربها الى الكتاب والسنة، وذلك حين اختلاف اقوال الصحابة.
4- الأخذ بالحديث المرسل والضعيف . 5- القياس .
من أعلام المذهب الحنبلي:
1- صالح بن أحمد بن حنبل هو اكبر أولاد الإمام أحمد كان معنياً بتربيته وتهذيبه بالقدوة الحسنة.
2- عبد الله بن أحمد بن حنبل وهو أحد أولاد الإمام أحمد الذي عنى بهم والدهم عناية خاصة فى التعليم والتدريس كأخيه صالح.
3- أحمد بن محمد بن هانئ الاثرم.
4- أحمد بن محمد بن الحجاج ابوبكر المروزى.
5- ابراهيم بن اسحاق الحربى.
6- عمر بن الحسين الحزفى.
7- الإمام بن تيمية.
8- ابن القيم الجوزية.
هؤلاء هم أعلام الحنابلة وفقهاء المذهب الحنبلي الذين كان لهم الفضل فى تدوين مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنهم ونشره بين الورى وصل إلينا فقهه وفكره صافياً نقياً ينهل منهله كل وارد ويسلك سبيله كل راغب فى سبيل السلف الصالح. وكل مقتد بالحديث والسنة.
وإلى هنا ينتهى الكلام عن نشأة المدارس الفقهية التى تمثل فقه المذاهب الأربعة وهي مذاهب أهل السُّنة والجماعة التى انتشرت بين المسلمين فى العالم أجمع. المرجع كتاب تاريخ الفقه الإسلامي لعبد المجيد عبد الحميد الظبياني.