[ 53 ]
على من تقوم الساعة؟
110- عن عقبة بن عامر t قال: سمعت رسول الله r يقول: « لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك» فقال عبد الله بن عمرو: أجل: «ثم يبعث الله ريحاً كريح المسك، مسها كمس الحرير لا تترك نفساً في قلبها مثقال حبة من إيمان إلا قبضتها، ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة» أخرجه مسلم
وفي حديث عبد الله بن مسعود:«لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس, من لا يعرف معروفاً, ولا ينكر منكراً, يتهارجون كما تتهارج الحمر» حديث صحيح.
قال الأصمعي: يتهارجون يقول: يتسافدون يقال: بات فلان يهرجها والهرج في غير هذا: الاختلاط والقتل، وهنا الزنى العلني كالحمر.
فائدة: يمكث الدجال في الأرض أربعين يوماً: يوم كسنة, ويوم كشهر, ويوم كجمعة, وسائر أيامه كأيامكم.
أما عيسى u فيمكث في الأرض بعد نزوله سبع سنين.
111- عن معاوية t قال: سمعت رسول الله r يقول: « إن من أشراط الساعة أن يقل العلم, ويظهر الجهل, ويظهر الزنا, وتكثر النساء, ويقل الرجال, حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد» أخرجه البخاري، وأخرجه مسلم من حديث أنس.
112- عن أبي موسى الأشعري t، عن النبي r قال: «ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل بالصدقة من الذهب لا يجد أحداً يأخذها منه, قال: ويُرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يلذن به من قلة الرجال وكثرة النساء» أخرجه مسلم، لأن الرجال يقتلون في الحروب وتبقى نساؤهم أرامل فيقبلن على الرجل الواحد في قضاء حوائجهن ومصالح أمورهن من بيع وشراء وأخذ وعطاء ويكون معنى يلذن: يستترن ويتحرزن من الملاذ الذي هو السترة لا من اللذة.
وهذا القول أرجح من القول الآخر وهو: إن لقلة الرجال وغلبة الشبق على النساء يتبع الرجل الواحد أربعون امرأة كل واحدة تقول: انكحني انكحني.
113- قال رسول الله r: «لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر, وذراعاً بذراع, حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه»، قالوا يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: «فمن» أخرجه البخاري، يعني فمن غيرهم. أي من الأشراط ظهور الفساد بين المسلمين.
تحدثنا فيما مضى عن أشراط الساعة والآن نتحدث - بعون الله - عن البعث والنشور.
[ 54 ]
انقراض الخلق،وذكر النفخ والصعق
114- عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: «ما بين النفختين أربعون» قالوا: يا أبا هريرة أربعين يوماً؟ قال: أبيت قالوا: أربعين شهراً قال: أبيت, قالوا: أربعين عاماً؟ قال: أبيت, ثم ينزل الله تعالى من السماء ماءً فينبتون كما ينبت البقل قال: «ليس من الإنسان شيء إلا يبلى, إلا عظماً واحداً»، وفي رواية: «لا تأكله الأرض أبداً» وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة» أخرجه مسلم، وقول أبي هريرة : أبيت فيه تأويلان: الأول: كان عنده علم من ذلك، والثاني: لم يكن عنده علم من ذلك, والأول أظهر ولم يبينه لأنه لم تُرهق لذلك حاجة لأنه ليس من البينات والهدى الذي أُمر بتبليغه.
قال تعالى: ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله [الزمر: 68] أي إلا الشهداء أو الملائكة أو الأنبياء أو حملة العرش أو جبريل أو ميكائيل أو ملك الموت. فأما صعق الأنبياء فالأظهر أنه: غشية, وأما صعق غير الأنبياء فهو موت. وأما قول النبي r لا تفضلوني على يونس بن متى: فإن يونس بن متى u ألقي في البحر فالتقمه الحوت, وصار في قعر البحر في ظلمات ثلاث ونادى: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، ولم يكن محمد r حين جلس على الرفرف الأخضر وارتُقي به صُعداً حتى انتُهي به إلى موضع يسمع فيه صريف الأقلام ناجاه ربه بما ناجاه به وأوحى إليه ما أوحى بأقرب إلى الله من يونس u في ظلمة البحر.
[ 55 ]
يفنى العباد ويبقى الملك لله وحده
115- عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: «يقبض الله الأرض يوم القيامة, ويطوي السماء بيمينه, ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض» أخرجه البخاري ومسلم.
116- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله r: «يطوي الله السماء يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى, ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرض بشماله, ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟» أخرجه مسلم.
[ 56 ]
النفخ الثاني للبعث في الصور
قال تعالى: ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون [يس: 51] هي النفخة الثانية، وهي نفخة البعث وروي عن مجاهد أنه قال: للكافرين هجعة قبل يوم القيامة يجدون فيها طعم النوم فإذا صيح يا أهل القبور قاموا مذعورين عجلين ينظرون ما يراد بهم لقوله تعالى: ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون، وقد أخبر الله عز وجل عن الكفار أنهم يقولون: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا [يس: 52]، وعدد النفخات: نفختان, نفخة الفزع والصعق،ونفخة البعث وبين النفختين: أربعون سنة.
117- عن عبد الرحمن بن أبي عمرو t قال: «ما من صباح إلا وملكان يقولان: يا طالب الخير أقبل, ويا طالب الشر أقصر, وملكان موكلان يقولان: اللهم أعط منفقاً خلفاً, وأعط ممسكاً تلفاً» أخرجه البخاري مختصراً وأحمد.