في عام 1852 كان (أغسطس دود) يطارد دبا مجروحا في منطقة سييرا نيفادا في كاليفورنيا
عندما توقف فجأة أمام شجرة لم يشاهد لها مثيلا في حياته ,
كانت شاهقة الطول و ضخمة تجاوز قطرها السبعة أمتار ,
لقد كانت عجيبة إلى درجة أن أغسطس نسى المطاردة و أمضى عدة ساعات و هو يتأملها ,
و في المساء حين عاد إلى المخيم الذي كان يسكنه اخبر عدة أشخاص عن الشجرة العملاقة التي رآها فسخروا منه و لم يصدقوه ,
لكن عددا منهم ذهبوا معه في اليوم الى الغابة
لمشاهدة الشجرة المزعومة التي اقسم أغسطس بأغلظ الإيمان بأنها حقيقية ,
وحين وصلوا الى المكان المقصود بدت علامات الدهشة و الذهول واضحة بجلاء
على وجوه الرجال الذين راحوا يحدقون بجذع الشجرة العملاق و بضخامة الأشجار الأخرى المحيطة بها.
و منذ ذلك الحين اشتهرت غابة السكويا العملاقة و أصبحت من أكثر المناطق جذبا للسياح في ولاية كاليفورنيا ,
طبعا أغسطس دود لم يكن المكتشف الأول للغابة فالهنود الحمر عرفوها منذ مئات السنين
كما إن احد المكتشفين الأوربيين مر بها عام 1833 ,
لكن أغسطس كان أول شخص يجعل الناس يعرفون بوجود هكذا غابة عملاقة و قد سميت الشجرة الأولى
التي رآها أغسطس بـ "شجرة الاكتشاف" , لكن للأسف قام خمسة أشخاص عام 1853 بقطع هذه الشجرة العملاقة
في عملية استمرت لمدة 22 يوما و قد تبين بعد عد الحلقات الداخلية لجذعها بأن عمرها يبلغ 1244 عام ,
و لازال القسم السفلي من هذه الشجرة موجودا في الغابة
إلى اليوم و يستعمل أحيانا كمنصة للأعراس.
شجرة السكويا العملاقة (Giant Sequoia ) تسمى أيضا بشجرة الخشب الأحمر
و هي شجرة فريدة من نوعها ضمن عائلة الصنوبريات ,
كانت يوما ما تنتشر في اغلب أجزاء النصف الشمالي من الكرة الأرضية أما اليوم فيكاد وجودها ينحصر على عدة حدائق و محميات
في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
تعتبر شجرة السكويا الأضخم على الإطلاق من حيث الحجم من بين جميع المخلوقات على سطح الكرة الأرضية
إذ يبلغ معدل ارتفاعها بين 50 – 85 متر و معدل قطرها بين 6 – 8 متر ,
أما أضخم شجرة سكويا مسجلة رسميا فيبلغ ارتفاعها 94.8 مترا و يتجاوز قطرها 14 متر
في حين إن أطول شجرة سكويا فيتجاوز ارتفاعها الـ 114 متر و يبلغ قطرها أكثر من 9 أمتار.
و السكويا تعتبر أيضا من الأشجار المعمرة و هناك شجرة سكويا يقول العلماء أن عمرها تجاوز الـ 3200 سنة و هي لازالت حية.
شكل شجرة السكويا يشبه بشكل عام أشجار الصنوبر العادية و لكن أشجار السكويا الضخمة و المعمرة تفقد أغصانها السفلية مع مرور الزمن
بسبب عدم وصول ضوء الشمس إليها , و تكون أوراق السكويا أبرية الشكل تشبه الحراشف أما لحاءها فيكون غليظا قد تتجاوز سماكته 30 سنتمتر.
ثمار السكويا تكون مخروطية الشكل و تحتوي كل ثمرة أو مخروط على أكثر من 200 بذرة
و تنتج شجرة السكويا البالغة حوالي 11000 مخروط في السنة و يمكن للبذور البقاء حية داخل المخروط لمدة عشرين عاما
لكن من الصعوبة ان تتحول البذرة إلى شجرة و لو حدث هذا فمن النادر أن تستمر الشجيرة الصغيرة في الحياة لأكثر من فصل واحد
بسبب عدم وصول كمية كافية من أشعة الشمس إلى أرضية الغابة نتيجة للطول الفارع للأشجار العملاقة المحيطة بها.
تعتبر أشجار السكويا من أكثر الأشجار تحملا للعوامل الخارجية اذ لم يسجل سابقا ان تموت إحداها بسبب المرض أو الحشرات
كما ان خشبها من النوع المقاوم للتآكل و لكنه , من حسن حظها , ليس من النوعية المرغوبة من الأخشاب
بسبب هشاشته و كثرة الألياف داخله و يبدو أن هذا السبب هو الذي أنقذ أشجار السكويا من الانقراض على يد قاطعي الأخشاب.
تنمو السكويا في الأجواء المعتدلة لكنها تستطيع تحمل انخفاض درجة الحرارة حتى (35-) درجة مئوية
و قد نجح البعض في زراعة بذورها في بريطانيا و أوربا و استراليا و هناك حاليا شجرة سكويا في اسكتلندا يبلغ عمرها 150 سنة و ارتفاعها 54 متر.
اليوم تعتبر محمية أشجار السكويا في كاليفورنيا إحدى أكثر المناطق جذبا
للزوار و السياح في الولاية و توجد داخل المحمية بعض الأشجار العجيبة فعلا
التي تم حفر ممرات داخلها تكفي لمرور سيارة
و هناك أشجار أخرى تم بناء منازل أو حانات في داخلها و العجيب أنها بقيت حية رغم ذلك!.
ملاحظة حول الأشجار:
- أطول شجرة في العالم هي من نوع السكويا و يبلغ ارتفاعها 115.56 متر.
- أثخن جذع شجرة في العالم من نوع البيوباب الافريقي و يبلغ قطرها 15 متر.
- أضخم شجرة في العالم من نوع السكويا العملاقة يبلغ حجمها 1487 متر مكعب.
- أقدم شجرة في العالم لازالت على قيد الحياة من نوع البينيوس ويبلغ عمرها 4844 سنة.