التخاطر
[ALT="صورة توضيحية"]
[/ALT]
بالتأكيد سبق لك وتذكرت يوما فجأة شخصاً معيناً لم تره منذ فتره طويلة ثم ما لبثت وان التقيت به في اليوم !! سبق و أن شعرت بإحساس داخلي أن امراً ما قد يحدث وتناسيت شعورك ثم ما لبث هذا الأمر أن حدث !! أليس كذلك ؟؟ هذا ما يطلق عليه العلماء والباحثين اسم التخاطر (telepathy )
وهو انتقال أفكار و صور عقلية بين الكائنات الحية من دون الاستعانة بالحواس الخمسة أو باختصار نقل الأفكار من عقل الى آخر بدون وسيط مادي، أي أنه يدرك أفكار الآخرين و يعرف ما يدور في عقولهم و أيضا باستطاعته إرسال خواطره و إدخالها في عقول الآخرين. و المحبين هم أكثر قدرة على التخاطر, خاصة لأن ارواحهم تآلفت كما يقول الرسول -صلى الله عليه وآل و سلم-: (الأرواح جنودٌ مجندة ما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف) .. إذن عند تآلف الأرواح تكبر الفرصة بوجود التخاطر . ومن هؤلاء المحبين : أفراد العائلة الواحدة , الأصدقاء الحميميون كإحساس بالقلق ينتاب الأم عندما يكون أطفالها في ورطة، و إحساس أحدهم بقرب موت أحد أعضاء عائلته . إذن فرص نجاح التخاطر بين أفراد العائلة الواحدة تنجح أكثر مِن مَن هم خارج محيط هذه العائلة. ومن أمثلة التخاطر ما نراه من الصلة الروحية بين التوائم حيث يصابون معا بالمرض حتى ولو كانت المسافة شاسعة بينهما ولا يدري أحدهما بمرض الآخر ويصل التخاطر بين التوائم حيث يستطيع أحدهم أن يجعل توأمه يتصل به هاتفيا عندما يريد . وذلك حدث بالفعل ، ولا يشترط حدوث تخاطر أو قراءة أفكار صلة دم قوية فقد يحدث ذلك بين رجل وزوجته أو صديقين فعندما يشرع شخصان معينان في الحديث يقولان العبارة نفسها وبنفس الوقت ولكن الغريب في الأمر أن التخاطر لا يحدث بانتظام بل في أجواء معينة ، إذ يلاحظ أن التخاطر يظهر غالباً في حالات الطوارئ وحين يكون المرء في أمسّ الحاجة اليه، اذ تَكثُر حالات التخاطُر في أوقات الأزمات، فمثلاً إذا تعرّض صديق إلى حادث فإنّ ذلك قد يصِل إلى المَعْنِي لَه على شكْلِ رؤية أو صورة ذِهْنيّة أو تعكّرٍ في المزاج. ولا يحدث هذا في افراد البشر فقط بل حتى في الحيوانات الاليفة التي تعيش معهم. وقد أجرى العلماء تجارب عديدة على حيوانات مختلفة للتنبؤ بالزلازل والفيضانات والكوارث التي تصيب الأرض فوجدوا ان الأسماك والأبقار والكلاب والقطط تستشعر بالزلازل قبل وقوعها بعدة ساعات كما أن الكلاب ومن خلال معايشة عملية تبين بأن لها القدرة على معرفة الأخطار التي تحدق بأصحابها وكم من مرة أنقذت أصحابها من مواقف صعبة للغاية قد تؤدي بالأشخاص إلى الموت المحقق. ومن الأفعال التي تقوم بها الحيوانات مثلا قبل الزلازل: – الأسماك تقفز من المياه. – القطط تغادر البيوت إلى العراء. – الأرانب تضرب رؤوسها مع ما حولها. – الخنازير تعض بعضها بعضا. وفي حقيقة القول ان عملية ( التخاطر) ليست حديثة، بل تعود الى أزمان قديمة.
كيف تعرف أن شخصا ما يفكر فيك الآن : عندما تعتريك حالة عاطفية مفاجئة حول شخص ما وتكون هذه الحالة مشابهة لحدث واقعي، فاعلم أنه بالفعل يفكر فيك في هذه اللحظة بمعنى : عندما أتذكر والدي أو أمي أو اختى أو أخي أو صديقي ثم لا تعدو كونها أفكار طبيعيه ولا أحس بحرارة في المشاعر فأن هذه خواطر من العقل الباطن لا أهمية لها في الموضوع، لكن تأمل معي عندما تكون في المدرسة أو في العمل أو عندما تكون مسافرا الى بلد بعيد ثم فجأة أحسست هذا اليوم أنك تفكر في فلان من الناس وكأن أحداً نبهك ثم بدأت تحس بانجذاب إليه وتود مثلاً و ترغب في الاتصال به أو زيارته أو نحو هذا، فإن هذا ما نقصده، و هذه النظرية وان لم يوجد دليل علمي عليها فإن الواقع يصدقها و يجزم بحقيقتها.
ومع مرور الزمن والدربة على هذا الامر ستجد أنه من السهل عليك معرفة من يفكر فيك بل مع الدربة المتواصلة ربما تتعرف على نوعية المشاعر التي يطلقها الآخرون نحوك و الحديث في هذا يطول . من منكم أيها القرّاء لم يجلس يوما في غرفته مسترخ هاديء ، وفجأة يفكر في شخص وكأنه يقول في نفسه ( منذ زمن لم أره)! وفجأة يرن جرس الهاتف وإذا به هو هو نفسه من كنت تفكر به! أو تدخل مكاناً غريباً لأول مره فتقول لمرافقيك إنه مكان بديع و جميل، و فجأة تجد عقلك الباطن يحدثك: ( ألا تظن أنك وسبق ان رأيت هذا المكان)؟! وأنت جالس مع أهلك في مجلس العائلة إذ بجرس الهاتف يرن.. فتقول لهم أنا أظن أنه فلان ! فيكون تماما كما قلت . بالفعل إنه هو! كيف؟! تصادف فلانا من الناس فتتأمل وجهه قليلا، تضع عينك في عينيه فترى حروفا تنطق عن حاله ، وكلمات تحدثك عن أخباره فتكاشفه بها لتتأكد انك أصبت الحقيقه تماما! أنت وزميلك تتحدثان وتريد أن تفاتحه في موضوع فإذا به ينطق بنفس ما أردت أن تقوله!
هذه النماذج في الحقيقه ما هي إلا صور معدوده تختصر ما يمكن أن نسميه ( القدرات ما فوق الحسية) أو القدرات الحسية الزائده، أو ما يشمل علوم التخاطر والتوارد للأفكار والاستبصار ونحوها . وكل شخص منا من حيث الجمله سبق وان تعرض لمثل هذه الصور في يومه وليلته أو خلال فترات التجارب في حياته ! بقيت في ذاته وفي تفكيره ربما من غير تفسير واضح هو يدرك أن ثمة شيئاً غريباً بداخله، فهو يدرك أن هذه من الأمور الغامضه أو نابعه من قوى خفيه غير ظاهره. المهم أنه يدركها ويحس بحقيقتها ماثلة أمامه حتى و إن عجز عن إيجاد تفسير دقيق وجلي لهذه الظواهر! كثير من الناس لا يتنبهون الى أن مثل هذه القدرات تحدث معهم بشكل متفاوت ربما تحدث للبعض في اليوم مرارا وتكرارا لكن يمنعهم من إدراكهم وتنبههم لحدوثها أنهم لم يعتادوا حسن الاستماع الى النبضات الحسيه التي تأتي مخبرة لهم ومحدثة لهم بكثير من الوقائع، بمعنى أنه لا توجد آلية للتواصل بين الانسان وبين نفسه و أعماقه ومن ثم التعرف على هذه الخواطر. اللغة شبه منعدمه ، فنحن امام مهمتين 1- كيف نتعلم بمعنى (ما هي الآليات التي تؤهلنا للوصول الى وعي وفهم هذه القدرات الحسية الزائدة 2 كيف نصل الى مرونة واضحه في التحدث بطلاقه بهذه اللغه . بمعنى التعرف السريع والمباشر على أدق و أعمق ما يرد إلينا من أفكار و خواطر من الآخرين ! وما ينطلق منا من أفكار ورسائل ذهنية نحو الآخر الثاني / اننا كثيرا ما ننتظر أن يحدث أمر ريب وغامض حتى نشعر بأن ثمة أمرا حدث بالفعل ! تأملوا معي هذين المثالين/ 1- فلان من الناس يقترب من بيته فإذا به يحس أن أخاه سيفتح له الباب ! 2- فلان من الناس يقترب من بيته فيظن أن فلان الذي لم يره منذ شهر سيزوره ! حينما يصدق إحساس ( فلان)في الحالتين ! فانه ابداً لن يهتم كثيرا لنجاح وصدق إحساسه في الحاله الأولى ! بل سيتنبه للحاله الثانيه لأنها بالفعل غير متوقعه إطلاقا فهي معجزة في نظره اذ (( كيف يتوقع مجيء فلان من الناس وهو لم يره منذ شهر ! أما من اعتاد رؤياه فهو سيجعل ذلك محض صدفة لكن حين التأمل سنجد أن كلا المثالين له أهميته ! فكونك تنجح في توقع أن أخاك من بين عدة إخوة سيفتح لك الباب ومن غير دليل منطقي يؤكد لك ذلك هو شيء مذهل ويدل على قدره وموهبة لديك أن عدم وصولنا إلى مرحلة ولو أولية تمكننا من التواصل مع أحاسيسنا وفهم إشارات الفكر والخواطر التي تتجه نحونا من الآخرين يشكل عائقا أساسا للوصول إلى مرحله متقدمة من وعي وفهم هذه العلوم وممارستها جيدا ، و أيضا إهمالنا لكثير من النماذج التي تحدث كثيرا بزعم أنها أمور عاديه ( مع أنها عند التحقيق والتأمل نجدها غير عاديه) أمر يشكل عائقا لأنه يجعل محور وقطب هذه العلوم يدور في فلك ما هو صعب وغريب وغير متوقع فقط ! ولأن أفعالنا أكثرها روتيني وتقليدي فكل واحد منا اعتاد أن يفعل كذا ليحصل على كذا و أن يذهب إلى كذا ليجد كذا وهكذا و إذا حدث أمر غير تقليدي اعتبره شيئاً خارقاً هو ربما خارق وفوق حسي .
مثال عن التخاطر في عهد الصحابة:
تواترت قصة وقعت لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمام جمع من الصحابة رضوان الله عليهم. مفادها أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان له جيش يقاتل المشركين على رأسهم قائد يسمى (سارية بن الحصن). وقف عمر ليخطب خطبة الجمعة في المسجد، ولكنه قطع خطبته وصرخ بأعلى صوته: (ياسارية .. إلزم الجبل). فماذا كان يفعل سارية في هذا الوقت؟ كان سارية يقاتل أعداء الله متحصناً بجبل خشية أن يلتف الأعداء من خلفه هو ورجاله وكان القتال شديداً، وقد أحسّ الأعداء أنه لا يمكنهم مقاتلة سارية وجنوده من خلال مواجهة مباشرة مادامت ظهورهم إلى الجبل وأنهم لا سبيل إليهم سوى أن يتركوا موقعهم الحصين فدبروا خطة. هذه الخطة تقضي بالتراجع أمام المسلمين حتى يظنوا أنهم تقهقروا وانهزموا فيتبعوهم في مطاردة تبعدهم عن الجبل المعتصمين به فيطبقوا عليهم من خلفهم بالفرسان فيبيدوهم وبطبيعة الحال لم يكن سارية على دراية بخطة أعدائه وكاد أن يقع في مخططهم ولكن والرواية على لسان سارية حيث أقسم أنه عندما همّ بمطاردة الأعداء سمع صوت عمر في المعركة يأمره بالالتزام بالجبل فعدلنا إليه ففتح الله علينا .
وليس هذا بغريب على عمر رضى الله عنه صاحب الروح الشفافة القوية و التخاطر هو أحد قدرات سيدنا عمر الروحية.
أمثلة أخرى عن التخاطر :
ما حدث للسفينة الغارقة ” تيتانك ” التي غرقت عام 1912 وثارت لغرقها ضجة لم تهدأ طوال عقود. ففي كتاب صدر عام 1898 ـ اي قبل غرق السفينة بأربعة عشر عاماً ـ أطلق عليه مؤلفه مورغان روبرتسون اسم “حطام تيتان” أورد المؤلف تفاصيل عجيبة غريبة عن غرق سفينة ضخمة بعد ارتطامها بجبل جليدي .
هل هي مصادفة ان يكون اسم السفينة تيتان ؟ وتغرق بعد الاصطدام بجبل الثلج ؟
ليس التشابه في الاسم و المصير فحسب ! فقد أدرج المؤلف وصفاً دقيقاً للسفينة: حجمها وطولها و اتساعها وعدد تقريبي لركابها و العدد المحدود من قوارب النجاة التي على متنها. بل تعداها الى وصف حالات الذعر التي دبّت بين الركاب وهم يواجهون حتفهم غرقاً. حتى أصوات التحذير التي تعالت:
جبل الثلج, جبل الثلج, نحن مقتربون من جبل الثلج .
ثم وصف صوت ارتطام السفينة المخيف ،حتى مواقع الاصطدام ومكانه تكاد تتشابه. تفصيلات مذهلة جعلت الناجين من الغرق وبعض الباحثين يتساءلون هل هي نبوءة تحققت؟ وهل كانت ثمة قوى خفية تمسك بقلم الكاتب وتملي عليه كل تلك التفاصيل؟
وهو انتقال أفكار و صور عقلية بين الكائنات الحية من دون الاستعانة بالحواس الخمسة أو باختصار نقل الأفكار من عقل الى آخر بدون وسيط مادي، أي أنه يدرك أفكار الآخرين و يعرف ما يدور في عقولهم و أيضا باستطاعته إرسال خواطره و إدخالها في عقول الآخرين. و المحبين هم أكثر قدرة على التخاطر, خاصة لأن ارواحهم تآلفت كما يقول الرسول -صلى الله عليه وآل و سلم-: (الأرواح جنودٌ مجندة ما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف) .. إذن عند تآلف الأرواح تكبر الفرصة بوجود التخاطر . ومن هؤلاء المحبين : أفراد العائلة الواحدة , الأصدقاء الحميميون كإحساس بالقلق ينتاب الأم عندما يكون أطفالها في ورطة، و إحساس أحدهم بقرب موت أحد أعضاء عائلته . إذن فرص نجاح التخاطر بين أفراد العائلة الواحدة تنجح أكثر مِن مَن هم خارج محيط هذه العائلة. ومن أمثلة التخاطر ما نراه من الصلة الروحية بين التوائم حيث يصابون معا بالمرض حتى ولو كانت المسافة شاسعة بينهما ولا يدري أحدهما بمرض الآخر ويصل التخاطر بين التوائم حيث يستطيع أحدهم أن يجعل توأمه يتصل به هاتفيا عندما يريد . وذلك حدث بالفعل ، ولا يشترط حدوث تخاطر أو قراءة أفكار صلة دم قوية فقد يحدث ذلك بين رجل وزوجته أو صديقين فعندما يشرع شخصان معينان في الحديث يقولان العبارة نفسها وبنفس الوقت ولكن الغريب في الأمر أن التخاطر لا يحدث بانتظام بل في أجواء معينة ، إذ يلاحظ أن التخاطر يظهر غالباً في حالات الطوارئ وحين يكون المرء في أمسّ الحاجة اليه، اذ تَكثُر حالات التخاطُر في أوقات الأزمات، فمثلاً إذا تعرّض صديق إلى حادث فإنّ ذلك قد يصِل إلى المَعْنِي لَه على شكْلِ رؤية أو صورة ذِهْنيّة أو تعكّرٍ في المزاج. ولا يحدث هذا في افراد البشر فقط بل حتى في الحيوانات الاليفة التي تعيش معهم. وقد أجرى العلماء تجارب عديدة على حيوانات مختلفة للتنبؤ بالزلازل والفيضانات والكوارث التي تصيب الأرض فوجدوا ان الأسماك والأبقار والكلاب والقطط تستشعر بالزلازل قبل وقوعها بعدة ساعات كما أن الكلاب ومن خلال معايشة عملية تبين بأن لها القدرة على معرفة الأخطار التي تحدق بأصحابها وكم من مرة أنقذت أصحابها من مواقف صعبة للغاية قد تؤدي بالأشخاص إلى الموت المحقق. ومن الأفعال التي تقوم بها الحيوانات مثلا قبل الزلازل: – الأسماك تقفز من المياه. – القطط تغادر البيوت إلى العراء. – الأرانب تضرب رؤوسها مع ما حولها. – الخنازير تعض بعضها بعضا. وفي حقيقة القول ان عملية ( التخاطر) ليست حديثة، بل تعود الى أزمان قديمة.
كيف تعرف أن شخصا ما يفكر فيك الآن : عندما تعتريك حالة عاطفية مفاجئة حول شخص ما وتكون هذه الحالة مشابهة لحدث واقعي، فاعلم أنه بالفعل يفكر فيك في هذه اللحظة بمعنى : عندما أتذكر والدي أو أمي أو اختى أو أخي أو صديقي ثم لا تعدو كونها أفكار طبيعيه ولا أحس بحرارة في المشاعر فأن هذه خواطر من العقل الباطن لا أهمية لها في الموضوع، لكن تأمل معي عندما تكون في المدرسة أو في العمل أو عندما تكون مسافرا الى بلد بعيد ثم فجأة أحسست هذا اليوم أنك تفكر في فلان من الناس وكأن أحداً نبهك ثم بدأت تحس بانجذاب إليه وتود مثلاً و ترغب في الاتصال به أو زيارته أو نحو هذا، فإن هذا ما نقصده، و هذه النظرية وان لم يوجد دليل علمي عليها فإن الواقع يصدقها و يجزم بحقيقتها.
ومع مرور الزمن والدربة على هذا الامر ستجد أنه من السهل عليك معرفة من يفكر فيك بل مع الدربة المتواصلة ربما تتعرف على نوعية المشاعر التي يطلقها الآخرون نحوك و الحديث في هذا يطول . من منكم أيها القرّاء لم يجلس يوما في غرفته مسترخ هاديء ، وفجأة يفكر في شخص وكأنه يقول في نفسه ( منذ زمن لم أره)! وفجأة يرن جرس الهاتف وإذا به هو هو نفسه من كنت تفكر به! أو تدخل مكاناً غريباً لأول مره فتقول لمرافقيك إنه مكان بديع و جميل، و فجأة تجد عقلك الباطن يحدثك: ( ألا تظن أنك وسبق ان رأيت هذا المكان)؟! وأنت جالس مع أهلك في مجلس العائلة إذ بجرس الهاتف يرن.. فتقول لهم أنا أظن أنه فلان ! فيكون تماما كما قلت . بالفعل إنه هو! كيف؟! تصادف فلانا من الناس فتتأمل وجهه قليلا، تضع عينك في عينيه فترى حروفا تنطق عن حاله ، وكلمات تحدثك عن أخباره فتكاشفه بها لتتأكد انك أصبت الحقيقه تماما! أنت وزميلك تتحدثان وتريد أن تفاتحه في موضوع فإذا به ينطق بنفس ما أردت أن تقوله!
هذه النماذج في الحقيقه ما هي إلا صور معدوده تختصر ما يمكن أن نسميه ( القدرات ما فوق الحسية) أو القدرات الحسية الزائده، أو ما يشمل علوم التخاطر والتوارد للأفكار والاستبصار ونحوها . وكل شخص منا من حيث الجمله سبق وان تعرض لمثل هذه الصور في يومه وليلته أو خلال فترات التجارب في حياته ! بقيت في ذاته وفي تفكيره ربما من غير تفسير واضح هو يدرك أن ثمة شيئاً غريباً بداخله، فهو يدرك أن هذه من الأمور الغامضه أو نابعه من قوى خفيه غير ظاهره. المهم أنه يدركها ويحس بحقيقتها ماثلة أمامه حتى و إن عجز عن إيجاد تفسير دقيق وجلي لهذه الظواهر! كثير من الناس لا يتنبهون الى أن مثل هذه القدرات تحدث معهم بشكل متفاوت ربما تحدث للبعض في اليوم مرارا وتكرارا لكن يمنعهم من إدراكهم وتنبههم لحدوثها أنهم لم يعتادوا حسن الاستماع الى النبضات الحسيه التي تأتي مخبرة لهم ومحدثة لهم بكثير من الوقائع، بمعنى أنه لا توجد آلية للتواصل بين الانسان وبين نفسه و أعماقه ومن ثم التعرف على هذه الخواطر. اللغة شبه منعدمه ، فنحن امام مهمتين 1- كيف نتعلم بمعنى (ما هي الآليات التي تؤهلنا للوصول الى وعي وفهم هذه القدرات الحسية الزائدة 2 كيف نصل الى مرونة واضحه في التحدث بطلاقه بهذه اللغه . بمعنى التعرف السريع والمباشر على أدق و أعمق ما يرد إلينا من أفكار و خواطر من الآخرين ! وما ينطلق منا من أفكار ورسائل ذهنية نحو الآخر الثاني / اننا كثيرا ما ننتظر أن يحدث أمر ريب وغامض حتى نشعر بأن ثمة أمرا حدث بالفعل ! تأملوا معي هذين المثالين/ 1- فلان من الناس يقترب من بيته فإذا به يحس أن أخاه سيفتح له الباب ! 2- فلان من الناس يقترب من بيته فيظن أن فلان الذي لم يره منذ شهر سيزوره ! حينما يصدق إحساس ( فلان)في الحالتين ! فانه ابداً لن يهتم كثيرا لنجاح وصدق إحساسه في الحاله الأولى ! بل سيتنبه للحاله الثانيه لأنها بالفعل غير متوقعه إطلاقا فهي معجزة في نظره اذ (( كيف يتوقع مجيء فلان من الناس وهو لم يره منذ شهر ! أما من اعتاد رؤياه فهو سيجعل ذلك محض صدفة لكن حين التأمل سنجد أن كلا المثالين له أهميته ! فكونك تنجح في توقع أن أخاك من بين عدة إخوة سيفتح لك الباب ومن غير دليل منطقي يؤكد لك ذلك هو شيء مذهل ويدل على قدره وموهبة لديك أن عدم وصولنا إلى مرحلة ولو أولية تمكننا من التواصل مع أحاسيسنا وفهم إشارات الفكر والخواطر التي تتجه نحونا من الآخرين يشكل عائقا أساسا للوصول إلى مرحله متقدمة من وعي وفهم هذه العلوم وممارستها جيدا ، و أيضا إهمالنا لكثير من النماذج التي تحدث كثيرا بزعم أنها أمور عاديه ( مع أنها عند التحقيق والتأمل نجدها غير عاديه) أمر يشكل عائقا لأنه يجعل محور وقطب هذه العلوم يدور في فلك ما هو صعب وغريب وغير متوقع فقط ! ولأن أفعالنا أكثرها روتيني وتقليدي فكل واحد منا اعتاد أن يفعل كذا ليحصل على كذا و أن يذهب إلى كذا ليجد كذا وهكذا و إذا حدث أمر غير تقليدي اعتبره شيئاً خارقاً هو ربما خارق وفوق حسي .
مثال عن التخاطر في عهد الصحابة:
تواترت قصة وقعت لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمام جمع من الصحابة رضوان الله عليهم. مفادها أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان له جيش يقاتل المشركين على رأسهم قائد يسمى (سارية بن الحصن). وقف عمر ليخطب خطبة الجمعة في المسجد، ولكنه قطع خطبته وصرخ بأعلى صوته: (ياسارية .. إلزم الجبل). فماذا كان يفعل سارية في هذا الوقت؟ كان سارية يقاتل أعداء الله متحصناً بجبل خشية أن يلتف الأعداء من خلفه هو ورجاله وكان القتال شديداً، وقد أحسّ الأعداء أنه لا يمكنهم مقاتلة سارية وجنوده من خلال مواجهة مباشرة مادامت ظهورهم إلى الجبل وأنهم لا سبيل إليهم سوى أن يتركوا موقعهم الحصين فدبروا خطة. هذه الخطة تقضي بالتراجع أمام المسلمين حتى يظنوا أنهم تقهقروا وانهزموا فيتبعوهم في مطاردة تبعدهم عن الجبل المعتصمين به فيطبقوا عليهم من خلفهم بالفرسان فيبيدوهم وبطبيعة الحال لم يكن سارية على دراية بخطة أعدائه وكاد أن يقع في مخططهم ولكن والرواية على لسان سارية حيث أقسم أنه عندما همّ بمطاردة الأعداء سمع صوت عمر في المعركة يأمره بالالتزام بالجبل فعدلنا إليه ففتح الله علينا .
وليس هذا بغريب على عمر رضى الله عنه صاحب الروح الشفافة القوية و التخاطر هو أحد قدرات سيدنا عمر الروحية.
أمثلة أخرى عن التخاطر :
ما حدث للسفينة الغارقة ” تيتانك ” التي غرقت عام 1912 وثارت لغرقها ضجة لم تهدأ طوال عقود. ففي كتاب صدر عام 1898 ـ اي قبل غرق السفينة بأربعة عشر عاماً ـ أطلق عليه مؤلفه مورغان روبرتسون اسم “حطام تيتان” أورد المؤلف تفاصيل عجيبة غريبة عن غرق سفينة ضخمة بعد ارتطامها بجبل جليدي .
هل هي مصادفة ان يكون اسم السفينة تيتان ؟ وتغرق بعد الاصطدام بجبل الثلج ؟
ليس التشابه في الاسم و المصير فحسب ! فقد أدرج المؤلف وصفاً دقيقاً للسفينة: حجمها وطولها و اتساعها وعدد تقريبي لركابها و العدد المحدود من قوارب النجاة التي على متنها. بل تعداها الى وصف حالات الذعر التي دبّت بين الركاب وهم يواجهون حتفهم غرقاً. حتى أصوات التحذير التي تعالت:
جبل الثلج, جبل الثلج, نحن مقتربون من جبل الثلج .
ثم وصف صوت ارتطام السفينة المخيف ،حتى مواقع الاصطدام ومكانه تكاد تتشابه. تفصيلات مذهلة جعلت الناجين من الغرق وبعض الباحثين يتساءلون هل هي نبوءة تحققت؟ وهل كانت ثمة قوى خفية تمسك بقلم الكاتب وتملي عليه كل تلك التفاصيل؟