واحد في المائة (1 %)
غريبة هي الحياة , والواقع فيها كثيرا ما يكون أغرب من الخيال
استمعوا إلى هذه القصة ولكم الحكم ان كانت حقيقية او غير ذلك !
قدم ( روبرت ميكلان) العامل في إحدى شركات إنتاج الأسمدة العضوية في ولاية ميسوري الى مقر إحدى شركات الإعلان الكبرى ، وذلك بعد ان قدم طلب مقابلة للمدير التنفيذي في الشركة استغرق شهرا كاملا للحصول عليه , وتفاجأ بان من قام بمقابلته السكرتير الخاص بالمدير نظرا لانشغاله المفرط بالأعمال الخاصة بالشركة ، لم يبدى ( روبرت ميكلان ) أي امتعاض من ذلك بل على عكس العادة كان بادي الأريحية والثقة بالنفس وتكلم بلهجة ملؤها العزم :-
- لدي عرض مثالي لشركتكم ! .
لم تملأ وجه السكرتير لمحة السخرية وحسب بل رد قائلا باستخفاف وهو يشبك أصابعه على المكتب الفخم.
- بماذا سيفيدنا عرضك ؟
فظهر الرد جليا ، لـ (روبرت ميكلان ) فهو لم يقل ما هو عرضك ؟، ورغم ذلك استمر قائلا وبنفس الثقة :-
- لقد قمت بتأليف كتاب حول ريادة الأعمال وتوصلت إلى إستراتيجية قوية تمكن من يتبعها الى تحقيق ثروة طائلة !!
قام السكرتير بتقليب أوراق ملف مستقر أمامه على المكتب وقرأ بعضا منه على مسامع ( روبرت ميكلان ) ورفع صوته بتندر
- عامل في شركة أسمدة عضوية ! , معيل لأسرة من خمسة أفراد ! يا له من عدد ؟ ، معدل دخله السنوي عشرة آلاف دولار دون اقتطاع الضرائب !! .
ثم اقفل الملف وهو يبتسم ابتسامة لزجة ويقول : -
- يبدو انك أخطأت العنوان ، فرد (روبرت ميكلان) قائلا دون أن يهتم بالرد المباشر على الإهانة :-
- يمكنني ان ابرم عقدا معكم , واخرج من حقيبته مستندا ورقيا وقال :- لقد كلفتني صياغته عند احد أقربائي المحامين ( 50 $ ) ولكنه يستحق .
وهنا أفلتت ضحكة من فم السكرتير وهو يقول ماذا( 50 $ ) ؟؟ , وكاملة أيضا ! يا له من مبلغ ؟ .
لم يهتم ( روبرت ميكلان ) بالمقاطعة المستفزة وهو يكمل , وأنا على كامل الاستعداد لإبرام العقد مع شركتم مقابل ( واحد بالمائة ) من العائد نظير الترويج للكتاب .
وهنا لم يسيطر السكرتير على نفسه وانفرط ضاحكا حتى أدمعت عيناه , وبعد ضحك هستيري قرابة خمس دقائق توقف قائلا بإستغراب شديد .
- هل تعلم كم يبلغ مرتب اقل موظف لدينا في الشركة سنويا ؟ ، وهل تعلم ان ساعة معصمي تعادل دخلك السنوي أربع مرات ؟ , وألقى نظرة سريعة على ثياب ( روبرت ميكلان ) المتواضعة باحتقار , ثم اعتدل واقفا وهو يمد ذراعه باتجاه الباب قائلا صحيح انك أضعت وقتا ثمينا ولكني مسرور لمقابلتك , فلقد أدخلت البهجة على قلبي بعد عناء يوم مرهق .
وضع (روبرت ) العقد في حقيبته الصغيرة , واستند واقفا وهو يقول :-
- كانت محاولة ! ولكنها لا تستحق , ثم استدار وغادر المكتب .
مرت ثلاث سنوات على هذه المقابلة ، وفي احد الأيام كان على جدول أعمال شركة الإعلان مقابلة مع احد العملاء المستثمرين المهمين وبعد ترتيب المقابلة حضر احد الأشخاص ذوي القيافة العالية الى الاجتماع , فسمح له السكرتير بالدخول ، وبعد وقت قصير خرج ، فقام المدير بطلب السكرتير على النداء الداخلي , ولما حضر كان المدير يهم بالخروج وقال لسكرتير مكتبه :-
- أريد منك الاستعداد فلدينا موعد هام !
- فقال السكرتير باستغراب شديد , ولكن جدول الأعمال ممتلئا اليوم و ... فقاطعه المدير قائلا :-
- الغي كافة المواعيد فان الامر يستحق فهناك صفقة مهمة لا يمكن أن نضيعها بقيمة ( 10) مليون دولار ، فأذعن السكرتير وهو دهش من قيمة المبلغ .
استقلوا إحدى سيارات الشركة الفارهة واتجهوا من فورهم الى إحدى الشركات ذات المقر الفخم والأنيق وسط المدينة , واستقلوا المصعد مباشرة الى الطابق العلوي , وهناك كان بانتظارهم نائب مدير الشركة حيث قابلهم بالترحاب وقادهم الى غرفة الاجتماعات واخبرهم بأن المدير على وشك الوصول خلال خمس دقائق ، وبالضبط خلال هذه المدة فتح الباب ودخل رجل بثياب متواضعة فظنه مدير شركة الإعلانات ساعيا , ولكنه التف وجلس على مكتب مدير الشركة الفخم وهنا جحظت عينا السكرتير بعد ان تأمله لبرهه , بينما المدير الضيف بدت الحيرة على محياه وعدم الفهم وأبدى استغرابه الشديد من وقاحة هذا العامل وطريقة دخوله لمكتب المدير , واستنكر ثيابه الرثة ، وقبل ان يبدأ بالتساؤل تنهد الرجل ذو الثياب المتواضعة قائلا : -
- لا داعي للتفكير أنا مدير الشركة ، فظهرت الصدمة على ملامح المدير الضيف , بينما كانت الصدمة والحيرة أكبر على ملامح السكرتير ،وما لبث ان قال ذاهلا بصوت خفيض :-
- أليس أنت ؟ . فقاطعه الرجل دون اكتراث وبنظرات ثابتة:-
- نعم انا ، ثم التفت الى ضيفه مدير شركة الإعلانات قائلا قبل انا يسأل :-
- صحيح لقد التقينا انا وسكرتيرك قبل سنوات قليلة مضت , وبالضبط ثلاث سنوات وأربعة شهور وخمسة أيام بالتمام ، وانا من طلبت حضورك لإتمام الصفقة في مكتبي ، ولكن لدي امر هام آخر , ولم يكن ليتم بدون وجود هذا الشخص أمامي الآن , وأشار بطرف سبابته الى السكرتير , وهو يتراجع في كرسيه ، فقال المدير بدهشة أكبر ، وما علاقة موظفي بالصفقة ؟
فقال له مقاطعا :-
- أنا اسمي (روبرت ميكلان ) ولقد جمعني لقاء سابق مع سكرتيرك الشخصي لقاء لم يكن مثمرا ذات يوم كما أخبرتك , والآن قبل ان تستمع الى القصة ، لدي هدية لك ، ثم انحنى على درج المكتب واخرج مظروفا ورقيا متخما ووضعه امامه على طاولة المكتب الزجاجية ، ثم التفت الى مدير الشركة قائلا :-
- هذا مبلغ بقيمة عشرة آلاف دولار , وهو هدية مني الى سكرتيرك نظير التعاون المشترك بيننا ، وهو مال مجاني تماما وليس له اي علاقة برشوة او صفقات أي كانت ؟
بدا الاستغراب الشديد ودوامة من عدم الفهم على ملامح مدير شركة الإعلانات , ولكنه قال بحذر ، حسنا ولكن ؟ ، فاتبع ( روبرت ميكلان ) قائلا :-
ولكن انا لدي شرط بسيط و وحيد , وهو ان يقبله السكرتير الخاص بك عن كامل رضاه !
إنتهى الجزء الأول
.... تابعونا في الجزء الثاني لتكملة القصة لاحقا
نسيم عبد الرازق عبد الله