الخمر والميسر
المادة منقولة من موقع العلامة محمد بن صالح العثيمين
((يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ))المادة منقولة من موقع العلامة محمد بن صالح العثيمين
.... أيها الناس اتقوا الله تعالى وتمتعوا بما أحل لكم من الطيبات واشكروه عليها بالقيام بطاعته فإن الشكر سبب للمزيد يقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (البقرة:172) أيها الناس اجتنبوا ما حرم الله عليكم من المطاعم والمشارب لعلكم تفلحون .... الطيبات تفضلاً منه وولاية وحرم علينا الخبائث والمضرات رحمة منه ووقاية وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما …
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى وتمتعوا بما أحل لكم من الطيبات واشكروه عليها بالقيام بطاعته فإن الشكر سبب للمزيد يقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (البقرة:172) أيها الناس اجتنبوا ما حرم الله عليكم من المطاعم والمشارب لعلكم تفلحون فإن الله لم يحرم عليكم ذلك إلا لضررها ولو كانت خيراً ما حرمها عليكم فإن الله ذو الفضل العظيم إن الله لم يحرم عليكم إلا ما فيه ضرر في دينكم أو دنياكم أو فيهما جميعاً قال الله تعالى في وصف نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم (يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(لأعراف: من الآية157) أيها المسلمون أيها المؤمنون بالله ورسوله إن من الخبائث التي حرم الله عليكم على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الوحي الذي أوحي إليه ذلكم الشراب الخبيث الخمر وهو كل شئ مسكر من مطعوم أو مشروب قال النبي صلى الله عليه وسلم ( كل مسكر خمر ) وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمر ما خامر العقل ومعنى خامر العقل غطاه بالسكر والذهول فالخمر ليس من نوع معين مقصود بل هو كل ما أسكر وغطى العقل واختل به التمييز سكراً وتلذذا أيها المسلمون إن الخمر حرام في كتاب الله حرام في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حرام بإجماع المسلمين إجماعاً قطعياً معلوماً للضرورة من دين الإسلام لا خلاف في تحريمه ولا نزاع
ولا إشكال ولا لبس قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة:90-91) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( كل خمر ) وفي رواية ( كل مسكر حرام ) وأجمع علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وقديم الزمان وحديثه على أن الخمر حرام إجماعاً قطعياً لا ريب فيه فمن اعتقد أن الخمر حلال وقد عاش بين المسلمين فإنه كافر خارج عن المسلمين يستتاب فإن تاب وأقر بتحريمها وإلا قتل وإلا قتل كافراً مرتداً لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين حتى لو صلى وزكى وصام وهو يعتقد حل الخمر فإنه كافر لا تقبل منه صلاة ولا زكاة ولا صيام وإنما إذا مات غمس بثيابه في حفرة بعيدة لأن لا يتأذى الناس برائحته ويتأذى أقاربه بمشاهدته أيها المسلمون إن من مات وهو يستحل الخمر فإنه لا يحل لأهله أن يقدموه للمسلمون ليصلوا عليه ولا يحل لهم أن يدعوا له بالرحمة ولا النجاة من النار لأنه لم ينجو منها فهو مخلد فيها (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * )خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا) (الأحزاب:62-66) أيها المسلمون إن من اعتقد أن الخمر حلال فهو مضاد لله مكذب لرسوله خارج عن سبيل المؤمنين وقد قال الله تعالى (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (النساء:115) أما من شرب الخمر وهو يؤمن ويعتقد أنها حرام لكن سولت له نفسه فشربها فهو عاص لله فاسق عن طاعته مستحق لعقوبته في الدنيا و الآخرة أما عقوبته في الدنيا فأن يجلد بما يراه ولاة الأمور رادعاً له بشرط أن لا ينقص عما جاء عن السلف الصالح كان شارب الخمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضرب نحو أربعين ولم يقدر له النبي صلى الله عليه وسلم قدراً معيناً بل كان الناس يقومون إلى الشارب فيضربونه بالأيدي والجريد والأردية والنعال فلما عسى الناس فيها وفسقوا جمع عمر الصحابة رضي الله عنهم فاستشارهم في عقوبة في عقوبة تكون أردع للناس الفاسقين بشربها فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أخص الحدود ثمانين فجعله عمر ثمانين فإذا تكرر من الشارب الشرب وهو يعاقب ولا يرتدع فقال بن حزم رحمه الله يقتل في الرابعة إي إذا شرب فجلد ثم شرب فجلد ثم شرب فجلد ثم شرب الرابعة فإنه يقتل وقال شيخ الإسلام ابن تيمية يقتل في الرابعة عند الحاجة إليه إذا لم ينته الناس بدون القتل وهذا عين الفقه لأن الصائل على الأموال إذا لم ينتفع إلا بالقتل قتل فما
بالكم بالصائل على أخلاق المجتمع وصلاحه وفلاحه وأمره إن ضرر الخمر لا يقتصر على صاحبه بل يتعداه إلى نفسه ومجتمعه هذه عقوبة شارب الخمر في الدنيا أما عقوبته في الآخرة فقال أنس بن مالك رضي الله عنه لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة ) وقال صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن الخمر وقاطع الرحم ومصدق بالسحر ) وقال صلى الله عليه وسلم ( مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن ) فاتقوا الله أيها المسلمون واجتنبوا الخمر لعلكم تفلحون فلقد وصفت الخمر بأقبح الصفات في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وصفها الله في كتابه بأنها رجس من عمل الشيطان وقرنها بالميسر والأزلام وعبادة الأوثان (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ )(المائدة: من الآية90) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر ) وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الخمر مفتاح كل شر إن الخمر جماع الإثم كله إن شاربها يفقد عقله ويلتحق بالمجانين إن شاربها ربما يقتل نفسه وهو لا يشعر وربما يزني وهو لا يشعر وربما يعتدي على غيره وهو لا يشعر روى البيهقي بإسناد صحيح عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث كان رجل فيمن خلا قبلكم يتعبد ويعتزل الناس فأحبته امرأة غوية فأرسلت إليه جاريتها أن تدعوه لشهادة فجاء البيت فدخل معها فكانت كلما دخل باباً أغلقته دونه حتى وصل إلى امرأة وضيئة حسناء جميلة جالسة عندها غلام وإناء خمر فقالت له إنما إنني لم أدعوك لشهادة وإنما دعته ليقع عليها أو يقتل الغلام أو يشرب الخمر خيرته بين ثلاثة أمور إما أن يزني بها أو يقتل الغلام أو يشرب الخمر فلما رأى أنه لابد له من أحد هذه الأمور تهاون بالخمر فشربه فسكر فلما سكر زنى بالمرأة وقتل الغلام ففعل ثلاث الجنايات جميعاً بسبب سكره قال أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه فاجتنبوا الخمر فإنها لا تجتمع هي والإيمان أبداً إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه ومصداق ما قاله أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه مصداقه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ) وللنسائي فإذا فعل ذلك فقد خلع رفعة الإسلام من عنقهفإن تاب تاب الله
عليه من ذنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه أيها المسلمون إن الخمر نقص في الدين وضرر في العقل والنفس والمجتمع أما نقص الدين فقد بان لكم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ما فيه الكفاية وأما ضررها في العقل فإنها حين فإنها تمحو العقل حين شربها إذا سكر وتضعفه بعد الصحو وربما وصلت به إلى الجنون وأما ضرر الخمر في النفس فإن شارب الخمر دائماً في ضيق وغم وقلق نفسي كل كلمة تثيره وكل عمل يضجره لأن قلبه معلق بالخمر لا يفرح إلا بتناولها ولا يسر إلا بالإجتماع عليها ولهذا كثيراً ما نسأل الآن عن جماعة يطلقون نسائهم بأتفه الأشياء وإذا تأملت أحوالهم وجدت أنهم ممن ابتلوا بشرب الخمر والعياذ بالله وأما ضرر الخمر في المجتمع فهو إيقاع العداوة والبغضاء بين الناس وقتل المعنويات العالية والأخلاق الفاضلة والإغراء بكل عمل خبيث فاتقوا الله عباد الله واسألوه العصمة من كبائر الإثم والفواحش اللهم اعصمنا من كبائر الإثم والفواحش اللهم اعصمنا من كبائر الإثم والفواحش اللهم ارزقنا التوبة من جميع الإثم والمعاصي اللهم اجعلنا ممن تعاونوا على البر والتقوى ومنع الإثم والعدوان اللهم اجعلنا ممن تعاونوا على البر والتقوى ومنع الإثم والعدوان اللهم جنبنا منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأجواء اللهم وفقنا للتوبة النصوح والإنابة إليك اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين إنك جواد كريم اللهم صلي وسلم على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين …