كثيراً ما نجد أنفسنا عاجزين عن إيجاد وقت لزيارة صديق، أو حتى الاتصال به هاتفياً، ونعتذر بأننا مشغولون، وكثيراً ما نجد أنفسنا نتخبّط في عمل واحد بدأناه قبل أسبوع ولم ننهه بعد، لأننا ببساطة نبدؤه ثم نتركه، ونبدأ عملاً آخر ثم نتركه، ونعود إلى الأول. أحياناً، نضيع الكثير من الوقت في إتمام مهام قد لا تكون مستعجلة ولا مهمة، لكننا نقوم بها لأننا نحبها أو لأنها سهلة، ونترك المهام المهمة التي تؤثر في إنتاجيتنا، وتكون النتيجة إرهاقاً عصبياً وتوتراً وتسرُّعاً في إنجاز أعمال نتركها دائماً إلى آخر لحظة.
- راقب نفسك:
قبل أن نبدأ في تدبير وقتنا، نحتاج أولاً إلى أن نحصر وندوّن، ثم نحلل ما نفعله حالياً: كيف نقضي أوقاتنا كل يوم؟
راقب خط سيرك اليومي، واكتب مثلاً، أنك تضيع ساعتين في اليوم في قراءة الـ"إيميلات" الطفيليّة، التي لا تعرف حتى أصحابها، وساعات عديدة في مشاهدة برامج تلفزيونية، على الرغم من أنها لا تعجبك فعلاً، وفي قضاء ساعات في ألعاب على مواقع اجتماعية مثل "الفيسبوك". إذا جمعت هذه الساعات على بعضها، تجدها تمثل نسبة كبيرة من وقت يتسرب من بين أصابعك، كما يتسرب الماء من دون أن تشعر به. غير أنه من خلال تحديد الأولويات، واختيار الأعمال الأكثر أهمية من بين كل الأعمال التي تنوي القيام بها، سترتفع إنتاجيتك، وسوف تُنهي عدداً أكبر من الواجبات التي تجثم على صدرك، بل قد يَفيض لديك وقت حُرٌّ تُمارس فيه هواياتك وتَزور فيه أصدقاءكِ.
- ضع برنامجاً:
أول خطوة عليك أن تبدء بها، هي أن تضع جدولاً يومياً وأسبوعياً، حكيم لوقتك، فإنّ عليك أن تكون استغلالية للفرص. ليس كل الوقت الفارغ وقتاً ضائعاً. فمثلاً، إذا كان لديك موعد مع أحد ثم اعتذر. وقال إنه لن يأتي، عليك أن تنظر فوراً في لائحة مهامك لذلك اليوم، وتملئ ذلك الفراغ بشيء مفيد. استغل الوقت الزائد عندكِ جيداً.
- "لا أفعل شيئاً":
كثيراً ما نهدر الوقت في قراءة "إيميلات" نعتبرها مستعجلة، لكنها في الحقيقة غير مهمة، أو في الانشغال بترتيب الغرفة، فقط لكي نتفادَى الدخول في العمل مباشرة. إذا كنت من الأشخاص الذين يؤجلون دائماً عمل اليوم إلى الغد، فحاول فعلاً أن تجلس من دون أن تفعل شيئاً مدة 15 دقيقة. على الأقل، فإنك خلال هذه الوقفة للراحة، ستتأمّل وتفكر وتضع مكانه. إنّ ذلك الكوب الوحيد إذا تراكم مع أكواب وملاعق وصحون أخرى، سيجعل المطبخ غارقاً في فوضى كبرى وفي حاجة إلى حملة تنظيف كان من الممكن تفاديها.
- استعمل المذكرات:
تَفاد أن تحدث أشياء تفاجئك وتؤخرك في آخر لحظة، وابتدع أشياء تُذكرك بما لا يحق لك نسيانه، واستعمل ورقة وقلماً أو ملصقات أو مذكرات. استعين أيضاً بحيلة "الفعل و" لكي تتفادى تضييع وقت ثمين في البحث عن أشياء يمكن تفاديها. فمثلاً، لكي تتفادى الشروع في البحث عن السيارة، في آخر لحظة قبل خروجك، حاول بمجرد أن تدخل البيت، وأنت تضع مفاتحيك على التلفزيون، أن تتخيل أن الصوت الذي أصدرته المفاتيح، هو فرقعة كبيرة. عندما تبدء في البحث عن مفاتيحك، اسأل نفسك: ماذا حصل عندما وضعتها آخر مرة؟ وعندئذٍ عليك أن تنجزها بسرعة. إن أنهيت كل مشاغلك في وقتها، ونظّمت وقتك جيداً، بالتأكيد ستجدي حيّز أكبر من الوقت لرؤية أصدقائك وزيارة أهلك والاستمتاع برفقتهم.
- قاعدة الـ20 و80
هناك قاعدة شهيرة تُسمّى قاعدة 20/80، يعرف كل المتخصّصين أنها تساعد كثيراً على تحسين مهارة الفرد وقدرته على تدبير وقته بشكل ممتاز.
لكن، ما هي قاعدة 20/80؟
بعد سنوات من الدراسة والتحليل، تَوصّل عام اقتصاد إيطالي يُدعى فيلففريدو باريتو، إلى أن العالم لا يعرف مساواة في توزيع الثروات، وذلك بنسبة كبيرة وصلت إلى أن 20 في المئة من بَني الإنسان يملكون 80 في المئة من الأموال، وأنّ هذا المبدأ ينطبق أيضاً على مجالات أخرى، وليس فقط المال والاقتصاد. وقد أطلق على هذا المبدأ أيضاً اسم "القلّة المؤثرة والكثرة الضعيفة". ونقول إنّ 20 في المئة من الشيء، هي المسؤولة عن إنتاج 80 في المئة من النتائج.
وإذا طبّقنا هذه القاعدة على مفهومك لتنظيم الوقت، سنجد أنّ 20 في المئة من العمل الذي تقوم به، قد يستهلك 80 في المئة من وقتك، وهذا إهدار حقيقي للطاقة والمجهود. ويمكننا أيضاً أن نقول إنّ 20 في المئة من المهام، التي يمكنك القيام بها، تكون مسؤولة عن إنتاج 80 في المئة من النتائج. لهذا، ولكي تستغل وقتك بطريقة فعّالة، عليك أن تحدد ما هي الـ20 في المئة من المهام التي يمكن أن تدرَّ عليك 80 في المئة من النتائج، وتركّز عليها، بدل هدر مجهودك في أشياء تافهة.
وقد تتساءَلين: كيف أعرف ما هي المهام التي يمكن أن تدخل ضمن فئة الـ20 في المئة المؤثرة؟ هنا اسأل نفسك: هل تبدء العمل دائماً بإتمام المهام المستعجلة؟ هل تمضي الكثير من وقت عملك في العمل، من أجل أشخاص آخرين، فقط مجاملة لهم، على الرغم من أن مهامهم ليست أولوية بالنسبة إليك؟ أو تعمل في مهام ليست فعلاً مستعجلة؟ هل تجد نفسك تتذمّر طوال الوقت من العمل الذي تقوم به لا يعجبك؟ إذا كان الجواب عن كل هذه الأسئلة "نعم". فاعلم أنك تهدر مجهودك في إنجاز الـ80 في المئة الضعيفة وغير المؤثرة، وأنّ ما عليك أن تفعله، هو العكس. اسألي نفسك: هل المهام التي تقوم بها هي فعلاً ما تحب القيام بها؟ هل العمل الذي تمارسه حالياً، هو ما سيؤدي بك إلى تحديد أهدافك؟ هل تشعر بالسعادة وأنت تعمل؟ إذا كان جوابك عن هذه الأسئلة "نعم". فاعلم أنّ المهمة التي تقوم بها حالياً تنتمي إلى الـ20 في المئة المؤثرة، وأنها ستنتج الـ80 في المئة من الإنتاج. ما عليك الآن فعله، هو كتابة لائحة تُدوّن فيها كل المهام والأعمال، التي عليك أن تقوم بها خلال الأسبوع المقبل، وأن تقسم هذه اللائحة إلى جزئين: الأول تضعف فيه الأعمال التي تنتج 80 في المئة، والثاني للأعمال التي تنتج 20 في المئة فقط. وهكذا تخصّص أفضل أوقاتك للأعمال التي تنتج 80 في المئة، وبالتأكيد سوف يصبح إنتاجك أكبر بكثير من السابق.
ودمتم بخير وصحة وسعادة وعافية