شهود عيان: جدار رفح موجود تحت الأرض
دينا سليمان -
صرح مصدر رسمي مصري لـ«الشروق» بأن أعمالا تجرى على الحدود الشرقية لمصر «لتحصين أمن منطقة الحدود» لضمان عدم تكرار اقتحام مواطنى غزة للأراضى المصرية كما حدث فى يناير من عام 2008 وما أعقب ذلك من «فوضى كبرى».
وأضاف المصدر ــ الذى فضل عدم نشر اسمه ــ أن هناك أيضا نشاطا «يرتبط بعمل أجهزة رصد الأنفاق» التى تبنى بين قطاع غزة المحتل والمحاصر من قبل إسرائيل والأراضى المصرية لأغراض تهريب بضائع كما يقول المواطنون وأسلحة كما يقول المسئولون.
«أيا كان ما نقوم به على الحدود المصرية (الشرقية مع قطاع غزة أو إسرائيل) فهو شأن مصرى بحت يرتبط بممارسة حقوق السيادة الوطنية وما يحدث على الجهة الأخرى هو شأن الجهة الأخرى». هكذا عقب المسئول رفيع المستوى على الحديث الدائر حول قيام مصر بإجراءات أمنية، تشمل بناء حائط حديديا على الحدود المصرية بين رفح وقطاع غزة، مضيفا أن «موقف مصر من مكافحة التهريب عبر الأنفاق معلن وكذلك التزاماتها الدولية فى هذا الشأن بما فى ذلك مع الولايات المتحدة».
يأتى هذا بينما حصلت «الشروق» على معلومات من شهود عيان وخبراء أمنيين معنيين، تؤكد شروع السلطات المصرية فى إنشاء جدار حديدى فى منطقة الشريط الحدودى مع قطاع غزة وأنه تم إنشاء 5 كيلومترات و400 متر من «الجدار العظيم»، الذى لا يبدو ظاهرا للعيان لأنه أنشئ تحت سطح الأرض بعمق يصل إلى 18 مترا وتم إنشاء 5 كيلو مترات شمال معبر رفح و400 متر جنوب المعبر.
وكان مسئول أمنى رفيع المستوى نفى فى تصريحات لـ«الشروق» أمس الأول الخبر الذى نشرته صحيفة هاآرتس الإسرائيلية عن بداية العمل فى الجدار.
ويعمل الجدار الحديدى، كما يطلق عليه الخبراء الأمريكيون الذين يشرفون على تجهيزه، على حماية أجهزة رصد الأنفاق، والمجسات الإلكترونية المزروعة تحت سطح الأرض، من أى عمليات تخريب.
وقال المصدر إن الهدف ليس «الإسهام فى محاصرة قطاع غزة ولكن حماية الأراضى المصرية والمصالح المصرية لأننا لا نستطيع أن نسمح بتهريب أسلحة من وإلى مصر كما أننا لا نستطيع أن نسكت على اقتحام الحدود المصرية»، على حد تعبيره.
وتقر مصادر رسمية مصرية عديدة بتدهور بالغ للوضع فى غزة ولكنها تصر على أن «محاولة إسرائيل فرض مسئولية غزة على مصر هى خطة لتوريط مصر فى مستنقع كبير» على حد قول مصدر وزارى مصرى رفض ذكر اسمه. ويشدد الموقف الرسمى المصرى على أن غزة هى أرض محتلة وهى بالتالى مسئولية دولة الاحتلال الإسرائيلية.
وأشارت المعلومات التى حصلت عليها «الشروق» إلى أن ما تم زرعه فى باطن الأرض من الجدار هو عبارة عن ألواح من الصلب بعرض 50 سم وطول 18 مترا، صنعت فى الولايات المتحدة ووصلت عبر أحد الموانئ المصرية، وهى من الصلب المعالج الذى تم اختبار تفجيره بالديناميت. ويتم دق هذه الألواح عبر آلات ضخمة تحدد مقاييسها بالليزر، ثم سيتم لصقها معا بطريقة «العاشق والمعشوق» على غرار الجدار الحديدى الذى أنشأته إسرائيل على الحدود بين قطاع غزة ومصر وقامت الفصائل الفلسطينية بهدمه فى يناير 2008 ولم تتمكن الفصائل الفلسطينية حينها من تدميره بالمتفجرات وقاموا بقصه من أسفل بلهيب أنابيب الأكسجين.
وأضافت المعلومات أن الفنيين الأمريكيين الموجودين على الحدود المصرية مع قطاع غزة اقتربوا من إكمال ملحقات المنظومة التقنية الخاصة برصد الأنفاق، ولم يتبق سوى إكمال الجدار تحت الأرض وإنشاء بوابتين لرصد المتفجرات فى مداخل مدينة رفح الحدودية وقد تم تخصيص مساحات من الأرض للبوابتين الفريدتين من نوعهما فى مصر، وربما الشرق الأوسط، حيث إنهما تسمحان بمرور الشاحنات من خلالها دون تدخل يدوى.
وذكرت مصادر أخرى أن الأراضى التى تم استقطاعها من السكان بجوار الحدود لإنشاء الطريق الحدودى لعمل المعدات تم تعويض أصحابها بدفع مبالغ من 150 إلى 250 جنيها لكل شجرة يتم اقتلاعها ولأن التعويض يتم مقابل الأشجار بسبب أن الحكومة المصرية لا تقر بحق السكان فى ملكية أراضيهم بل تعاملهم بنظام حق الانتفاع.
يذكر أن مجموعة من الخبراء والأمريكيين تشرف على العمل فى منظومة رصد الأنفاق وتقوم وفود تابعة للسفارة الأمريكية والسفارات الغربية بزيارات تفقدية بشكل روتينى للشريط الحدودى للاطلاع على منظومة ضبط الحدود بين مصر وقطاع غزة.
ومن المعروف أن السلطات المصرية أنشأت جدارا أسمنتيا وصخريا فوق سطح الأرض بارتفاع 3 أمتار منذ فبراير 2008 على طول الحدود مع قطاع غزة لمنع تكرار اقتحام الحدود من قبل الفلسطينيين على غرار ما تم فى يناير 2008 عندما تدفق آلاف الفلسطينيين عبر الحدود إلى الأراضى المصرية واستمرت عمليات نقلهم مرة أخرى إلى قطاع غزة قرابة شهر