ما يزال قرار رفض مروان الشماخ، اللاعب المغربي الدولي في فريق بوردو الفرنسي، اللعب في إسرائيل يثير الكثير من الحماسة والترحيب وسط الشارع الرياضي المغربي، حيث امتلأت بعض مدرجات الملاعب في البطولة المحلية بجمهور يحمل لافتات تحيي جرأة الشماخ وشهامته، وتطالب بتكريمه.
كما رحب الكثير من المغاربة في مواقع ومنتديات رياضية برفض الشماخ مرافقة فريقه لمنازلة نادي "مكابي حيفا" في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، معتبرين أنها شهامة من اللاعب المغربي تغفر له المستوى السيئ الذي ظهر به مع المنتخب المغربي في الإقصائيات الأخيرة للتأهل إلى كأس إفريقيا و كأس العالم معا.
واعتبر محلل رياضي أن حادثة الشماخ تبرز أن السياسة ستظل حاضرة في الفكر الرياضي، مضيفا أن الشارع المغربي تعامل مع قرار الشماخ باحترام، لأنه تزامن مع حدثين؛ الأول هو التألق الملفت للاعب مع ناديه على الواجهتين الفرنسية والأوربية، أما الثاني فهو الغضب التي ينتاب الشعوب العربية حاليا بسبب سياسة الاستيطان التي يمارسها الإسرائيليون.
احتفاء ومطالبات بالتكريم
واستقبل الشارع الرياضي المغربي قرار مروان الشماخ بكثير من الاحتفاء والترحاب تجسدا في عبارات الشكر والاحترام لهذا اللاعب، والتي تضمنتها لافتات حملها الجمهور في بعض مباريات البطولة المحلية، مع رفع صور اللاعب بجانب ألوان ترمز إلى العلم الفلسطيني.
ورأى الكثيرون أن الشماخ رفع رأس العرب برفضه اللعب في إسرائيل، وأنه موقف شهم وجريء من لاعب مسلم يلعب في دوري أوروبي، خاصة أنه قرار قد يجر عليه ردود فعل غير متوقعة أو عقوبات من اتحاد كرة القدم الفرنسي بسبب محاولات والتأثير عليه من طرف اللوبي الإسرائيلي بفرنسا.
وضجت المواقع الالكترونية والمنتديات الرياضية المغربية بتعليقات الشباب المغربي التي تبارك للشماخ ما فعله، كتتويج لصفعته للاعب إسرائيلي في مباراة الذهاب بمدينة بوردو دون أن يفطن له حكم المباراة حينها، والتي تابعها آلاف الناس في مواقع شهيرة مثل اليوتيوب وغيره..
واعتبر معلقون مغاربة أن الشماخ قام بما لم يقم به السياسيون العرب، وأنه أبان عن شهامة ونبل كبيرين، باعتبار أن هناك من اللاعبين الدوليين، فضلا عن فنانين عرب، من يسعى بكل طريقة وحيلة للتعامل مع الكيان الإسرائيلي والذهاب إلى هناك بحجة الرياضة أو إقامة نشاط فني.
وطالب آخرون من اتحاد الكرة المغربي إقامة تكريم خاص للشماخ من أجل موقفه الأخير، ووصفوه بالشموخ الذي يستحق احتفاء رسميا من طرف المغرب، مثل ما قام به أخيرا الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم حيث منح مروان "درع القدس" الذي تناله ـ في العادة ـ شخصيات رياضية بارزة تقديرا لدعمها للقضية الفلسطينية.
ويرى جزء كبير من الشارع المغربي أن ما قام به الشماخ غفر له مستواه السيئ وأداءه المنخفض في مقابلات المنتخب المغربي إبان إقصائيات كأسي إفريقيا والعالم أخيرا، حيث لم يبرز الشماخ بمستواه المعهود واللافت الذي ظهر به مع فريقه بوردو في البطولة الفرنسية السنة المنصرمة والحالية، وخلال منافسات عصبة الأبطال أيضا العام الجاري.
"هدف للشماخ"
وتعليقا على حادثة الشماخ وتداعياتها وسط الشارع الرياضي المغربي، أكد حسن البصري، رئيس القسم الرياضي لجريدة المساء، أنه على الرغم من إصرار الاتحاد الدولي لكرة القدم ورئيسه جوزيف بلاتير على فصل الرياضة عن السياسة، إلا أن المشهد الرياضي والكروي على الخصوص يحيلنا بين الفينة والأخرى على وقائع تضرب في العمق نوايا وقرارات الفيفا.
وأوضح المحلل الرياضي المغربي في حديث لـ"العربية.نت" أنه مهما تعالت أصوات الأجهزة القائمة على الرياضة، فإن السياسة ستظل حاضرة في الفكر الرياضي، وأن العلاقة بينهما وطيدة ووثيقة.
وزاد البصري: "بغض النظر عن دوافع موقف الشماخ، أكان سياسيا يحركه موقف ووراءه قضية، أو احترازيا يمليه التخوف من رد فعل الجمهور الإسرائيلي على خلفية ما حصل في مباراة الذهاب حين اعتدى مروان على لاعب إسرائيلي، أو استراتيجيا مادام نادي بوردو قد ضمن تأهيله إلى الدور الموالي وب فمباراة حيفا كانت شكلية، فإن قرار اللاعب المغربي قد صُنف في خانة المواقف السياسية، وب فأنا أعتبره هدفا في مرمى مكابي في مباراة لم يلعبها مروان".
وحول طبيعة تعامل الشارع المغربي مع قرار الشماخ، قال البصري إن الجمهور تعامل مع قام به اللاعب باحترام، لأنه تزامن مع حدثين؛ الأول ذاتي والثاني موضوعي، موضحا أن الحدث الذاتي هو التألق الملفت للاعب مروان مع ناديه بوردو على الواجهتين الفرنسية والأوروبية، والحدث الموضوعي يتمثل في فورة الغضب التي تنتاب الشعوب العربية في المرحلة الراهنة من جراء سياسة الاستيطان التي يمارسها الإسرائيليون.
ولفت البصري ـ في الأخير ـ إلى أن العديد من نجوم بوردو اعتذروا عن المشاركة في رحلة حيفا، لكن لا أحد شغل نفسه بتأويل مواقفهم لأنهم ليسوا عربا..
جدير بالذكر أن اللاعب المغربي الشماخ أكد بعد رفضه مرافقة بوردو إلى إسرائيل للعب هناك ضد فريق مكابي أنه مسلم وإنسان قبل كل شيء، لهذا فهو يتعاطف مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للإيذاء من قبيل الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية.