لحقيقة الدولية – رفح – محمد الحر
وسط تحد صارخ لمشاعر نحو مليون ونصف المليون مسلم هم سكان قطاع غزة المحاصر وتجاهلا لكافة النداءات الفلسطينية والعربية والعالمية للقيادة المصرية بوقف فوري للجدار الفولاذي الذي تشيده مصر على حدودها مع القطاع حتى لا يغلق الشريان الأخير الذي يمد سكان غزة بالحياة في ظل الحصار المطبق عليهم برا وبحرا وجوا من قبل الكيان الصهيوني ، تواصل الحفارات العملاقة في شق الأرض لتغرس قي قلبها مخالب " جدار الظلم " الفولاذية المدرعة ليعيش أبناء غزة هاشم بين جدارين ظالمين الأول شيدته إسرائيل من الجهة الشمالية والثاني تشرع مصر الشقيقة الكبرى للدول العربية في تشييده جنوبي القطاع .
وبالرغم من عشرات الفتاوى التي صدرت عن علماء الأزهر في مصر وتقضي بتحريم إقامة جدار يساهم في حصار امة مسلمة لمنع الطعام والمتطلبات الرئيسية لاستمرار الحياة لأبنائها في إشارة واضحة للجدار الذي سيقضي على الرئة التي يتنفس مواطني غزة من خلالها فان لا أحدا من المسؤولين المصريين يصغي لهم ولم ترق قلوبهم لآلاف الفلسطينيين الذي احتشدوا أمام بوابة معبر رفح من الجهة الفلسطينية عصر الاثنين الماضي ليرسلوا بصرخة دامية للقيادة السياسية بان لا تساهموا في بتر آخر أوصالنا التي دمرتها الآلة الحربية الجبانة بقذائفها وصواريخها وحصارها، ولا تجعلوا بيننا وبينكم جدار من فولاذ صنعته أمريكا بايعا الصهاينة ليغلق في وجوهنا أخر ما تبقى لنا من نوافذ باتجاه الحياة.
ولكن كل الآذان قد صمت وكل العيون ذرت فيها الأوامر الصهيوامريكية رماد القسوة والجفاء وبات أهل غزة اليوم هم اخطر على حدود مصر من إسرائيل التي لا يفصل بين حدودها مع مصر سوى سلك شائك هش ومهتريء لا يعيق دابة إذا أرادت أن تعبر الحدود المصرية التي سبق وقامت الطائرات الإسرائيلية بانتهاكها إبان حرب الفرقان الأخيرة على غزة ، بل إنها ألقت بنحو 8 صواريخ داخل الأراضي المصرية وتسببت قذيفة ألقيت على مقربة من الحدود المصرية من الجانب الفلسطيني في تدمير العشرات من الألواح الزجاجية التي تشكل المبنى الرئيسي لمعبر رفح البري ، وحلقت الطائرات الصهيونية فوق المعبر وبالقرب من مقر مؤتمر صحافي عقده نجل الرئيس المصري " جمال مبارك " وكبار قيادات الحزب الوطني الحاكم مما دعاه لفض المؤتمر بسرعة ولاذ بالفرار .
كل هذا ولم تعلن القيادة السياسية عن موقف واضح تجاه ما يحدث ولم يصدر عنها حتى ولو بيان خجول يدين أو يستنكر ما تقوم به إسرائيل لانتهاكات للأرض والسماء المصرية لحفظ ماء وجه الشعب المصري الذي بات يتوارى خلف نفسه خجلا مما تتعرض له بلاده من تدنيس صهيوني وعلى الجانب الأخر تتدفق دماء الأطفال الفلسطينيين لتكتب بحروف من الم عن تهاون وتخاذل الأشقاء الذين أغلقوا المعابر وبرروا العدوان، على صفحات التاريخ الذي يسجل في ذاكرته التي هي اقوي من " الفولاذ الأمريكي " ولو كان على الحدود الفلسطينية مع مصر.
والآن فان سباق محموم يجري على الشريط الحدودي المصري مع غزة لسرعة الانتهاء من تنفيذ جدار" العار" حيث يمضي العمل ليلا ونهارا ودون توقف فيما تواصل شاحنات متوسطة في نقل المزيد من الألواح الفولاذية القادمة من ميناء بورسعيد البحري إلى موقع العمل بالجدار وسط حراسة أمنية مشددة " بشرية ومدرعة " في موقع العمل وعلى طول الشريط الحدودي وحتى فوق البنايات القريبة من الموقع .
مع تواصل القوات المتواجدة على الحواجز الأمنية الواقعة على الطرق الدولي العريش – رفح في تكثيف إجراءاتها على كافة المسافرين المتجهين إلى مدينة رفح وتمنع كل من لا تثبت هويته الشخصية انه من سكان المدينة من السفر باتجاهها وخاصة الصحافيين والإعلاميين الممثلين لوسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية ، لتتحول رفح إلى ثكنة أمنية وعسكرية محاطة بالحواجز والقوات المدججة بالدروع والأسلحة ومعززة بالمدرعات والمصفحات.
وقد أصاب "الصمم" والصمت القاتل آذان والسنة قيادات الأجهزة المحلية بشمال سيناء الذين قاطعوا وسائل الإعلام وفرضوا فيما بينهم جدارا آخر من العزلة ، ورفضوا الكشف عن المخطط القادم والذي سيقضي بإزالة العشرات من البيوت التي يسكنها مصريون بالقرب من الشريط الحدودي الفاصل بين الرفحين المصرية والفلسطينية لكونها ستار الأمان الذي تختفي داخله أو قربه لفوهات الأنفاق التي تتدفق عبرها متطلبات الحياة الهامة لسكان غزة.
وفي مناورة جديدة للتخفيف من حدة الغضب الفلسطيني قال مصدر رسمي مصري في تصريحات صحافية لصحيفة " الشروق " المصرية :" أن القاهرة " علقت مؤقتا " أعمال بناء الجدار على أن يتم استئنافه بعد تهدئة الأوضاع".
وأشار المصدر إلى أن :" هناك حالة من الاستنفار على الحدود – المصرية الفلسطينية – خشية أن يحدث اجتياح من قطاع غزة في أي لحظة واصفا الوضع الحالي بأنه " حرج "!!
ومضى المصدر الرسمي المصري يقول في تصريحاته الصحافية " :" لدينا معلومات أكيدة حول استنفار في قطاع غزة قد يؤدي إلى اقتحام ( فيما بعد ) للإعراب عن الغضب إزاء " الحائط " – الجدار – الذي بدأت القاهرة في بناءه على الحدود مع غزة للتضييق على التهريب عبر الأنفاق التي يتم بناؤها بين الأراضي على الجانبين ".
وفي ذات السياق قل مصدر امني آخر أن " زيارة الوزير " عمر سليمان " – مدير المخابرات العامة المصرية – إلى إسرائيل يوم الأحد الماضي استهدفت من ضمن أمور أخرى مطالبة إسرائيل بتخفيف ما للحصار المفروض على قطاع غزة لتفادي " لحظة الانفجار التي تبدو وشيكه ولكن يمكن تفاديها لو أن إسرائيل حصارها نوعا ما على غزة ".
من ناحية أخرى اعترف القيادي في حركة حماس الدكتور "محمود الزهار " -في تصريحات صحافية - باستمرار عمليات تهريب السلاح إلى قطاع غزة مؤكدا أن "كل الدول بشكل عام تدخل سلاحها سرا
فلماذا تستثنى غزة، على الرغم من خصوصية حالتها نظرا لحاجة المقاومة في القطاع إلى هذا السلاح"لكنه استدرك قائلا "إلا أن هذا السلاح لن يُستخدم ضد مصر في أي حال من الأحوال". في الوقت نفسه اعتبر د "الزهار" أن المظاهرات التي دعت إليها حماس في رفح يوم الاثنين هي صورة من صور الاحتجاج السلمي إلى استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، وناشد القاهرة مراعاة ظروف قطاع غزة بعد ما يزيد على ثلاث سنوات من الحصار.
وأكد د" الزهار" "إن بناء مصر للجدار العازل أثار شجون الفلسطينيين الذين يعلقون آمالهم الكبيرة على مصر والقاهرة تدرك أننا بحاجة إليها في جميع المجالات". ومن ناحيتها نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية مقالا ذكرت فيه أن الجدار الفولاذي الذي تقيمه مصر حاليا على الحدود مع غزة يعكس رغبة مصر في معاقبة حركة حماس بسبب رفضها التوقيع على ورقة المصالحة الفلسطينية وإدخال الوسيط الألماني على خط صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل.
المصدر : الحقيقة الدولية – رفح – محمد الحر 23.12.2009
تعليقي الشخصي ان السلطة المصرية الحالية في طريقها لتحقيق انجاز عظيم لمصر يضاف الى انجازاتها السابقة ويذكرنا بتاميم قناة السويس وبناء السد العالي