قال: [ ومن دخل في الصوم ثم أيسر لم يكن عليه الخروج من الصوم إلى العتق, أو الإطعام إلا أن يشاء]
في هذه المسألة فصلان:
الفصل الأول:
أنه إذا شرع في الصوم ثم قدر على العتق أو الإطعام أو الكسوة, لم يلزمه الرجوع إليها روي ذلك عن الحسن وقتادة وبه قال مالك والشافعي, وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر وروي عن النخعي والحكم, أنه يلزمه الرجوع إلى أحدها وبه قال الثوري وأصحاب الرأي لأنه قدر على المبدل قبل إتمام البدل, فلزمه الرجوع كالمتيمم إذا قدر على الماء قبل إتمام صلاته ولنا أنه بدل لا يبطل بالقدرة على المبدل, فلم يلزمه الرجوع إلى المبدل بعد الشروع فيه كما لو شرع المتمتع العاجز عن الهدي في صوم السبعة الأيام فإنه لا يخرج, بلا خلاف والدليل على أن البدل لا يبطل أن البدل الصوم وهو صحيح مع قدرته اتفاقا, وفارق التيمم فإنه يبطل بالقدرة على الماء بعد فراغه منه ولأن الرجوع إلى طهارة الماء لا مشقة فيه ليسره, والكفارة يشق الجمع فيها بين خصلتين وإيجاب الرجوع يفضي إلى ذلك فإن قيل: ينتقض دليلكم بما إذا شرع المتمتع في صوم الثلاثة قلنا: إذا قدر على الهدي في صوم الثلاثة تبينا أنه ليس بعادم له في وقته لأن وقت الهدي يوم النحر, بخلاف مسألتنا
الفصل الثاني:
أنه إن أحب الانتقال إلى الأعلى فله ذلك في قول أكثرهم, ولا نعلم خلافا إلا في العبد إذا حنث ثم عتق وقال أبو الخطاب: لا يجوز الانتقال في مسألتنا محتجا بقول الخرقي: إذا حنث وهو عبد فلم يكفر حتى عتق قال: وهو ظاهر كلام أحمد لقوله في العبد: إنما يكفر ما وجب عليه ولنا, أن العتق والإطعام الأصل فأجزأه التكفير به كما لو تكلف الفقير فاستدان وأعتق فأما العبد إذا عتق, فيحتمل أنه يجوز له الانتقال كمسألتنا ويحمل كلام أحمد على أنه لا يلزمه الانتقال ويحتمل أنه يفرق بينه وبين الحر, من حيث إن الحر كان يجزئه التكفير بالمال لو تكلفه والعبد لم يكن يجزئه إلا الصيام على رواية.
فصل
ولو وجبت الكفارة على موسر فأعسر, لم يجزئه الصيام وبهذا قال الشافعي وقال أبو ثور وأصحاب الرأي: يجزئه لأنه عاجز عن المبدل فجاز له العدول إلى البدل كما لو وجبت عليه الصلاة ومعه ماء فاندفق قبل الوضوء به ولنا, أن الإطعام وجب عليه في الكفارة فلم يسقط بالعجز عنه كالإطعام في كفارة الظهار, وفارق الوضوء لأن الصلاة واجبة ولا بد من أدائها فاحتيج إلى الطهارة لها في وقتها, بخلاف الكفارة.
فصل
والكفارة في حق العبد والحر والرجل والمرأة والمسلم والكافر, سواء لأن الله - تعالى - ذكر الكفارة بلفظ عام في جميع المخاطبين فدخل الكل في عمومه إلا أن الكافر لا يصح منه التكفير بالصيام لأنه عبادة وليس هو من أهلها, ولا بالإعتاق لأن من شرطه الإيمان في الرقبة ولا يجوز لكافر شراء مسلم إلا أن يتفق إسلامه في يديه, أو يرث مسلما فيعتقه فيصح إعتاقه وإن لم يتفق ذلك فتكفيره بالإطعام أو الكسوة فإذا كفر به ثم أسلم, لم يلزمه إعادة التكفير وإن أسلم قبل التكفير كفر بما يجب عليه في تلك الحال من إعتاق أو إطعام أو كسوة أو صيام ويحتمل على قول الخرقي, ألا يجزئه الصيام لأنه إنما يكفر بما وجب عليه حين الحنث ولم يكن الصيام مما وجب عليه