السلام عليكم اخواني واخواتي ما رايكم فيما قاله الكاتب العربي بعد زيارته لمصر
اقرأوا ماذا قال عن مصر
===================
كم هو مؤلم وموجع حين تكون خارج بلدك وتشعر بأنك غريب ومعرَّض في أية لحظة للسرقة والضرب والغش والضحك على ذقنك .... هذا الوجع كان يعتصر كبدي ويهتك أنسجتي كلما زرت مصر .... كنتُ حتى وقت قريب من المعتادين على زيارة مصر للتمتع بمرأى نيلها وعظمة إهراماتها وآثارها والحياة في مقاهيها وشوارعها ... الآن لم تعد مصر في خاطري ، ولا هي من بين البلدان العربية التي أحرص على زيارتها باستمرار كالأردن وسوريا ولبنان ، فمن يزرْ مصر هذه الأيام يتيقن أنها لم تعد مكانا صالحا للاصطياف والعمل . كانت مصر تمثل في عيون محبيها والمتيمين بها ( أم الدنيا ) لكنها باتت الآن تمثل في عيني أنا على الأقل بؤس الدنيا وشقاءها وهوانها ، وأنا أدرك جيدا كم يهيج مثل هذا الكلام أعصاب وحساسية الإنسان المصري الذي عُرف بمدى عشقه الأبدي لبلده وسخطه على كل من يتفوه بأية كلمة أو عبارة لا تدل على الإعجاب بمصر والثناء عليها . منذ ثلاث سنوات وفي آخر زيارتين لمصر أيقنتُ أن تردي الوضع الاقتصادي قد دمر البنية الاجتماعية للمجتمع المصري وأحدث شرخا كبيرا في نفسية المصريين على اختلاف طبقاتهم ، وهو ما أدى إلى شيوع سلوكيات استفزازية تجاه غير المصري الذي جاء للسياحة أو للعمل أو للتجارة أو لأي غرض من الأغراض . ولئن كانت أفعال النشل والنصب والاحتيال والرشوة مقصورة في الماضي على الطبقات الدنيا في المجتمع المصري كما أبرزتها السينما ، فقد صارت اليوم مهنة يمتهنها جمهور من مختلف الطبقات ، التاجر والشرطي والعسكري والموظف والعامل والطبيب والصيدلاني والمهندس والمدرس في المدرسة وأستاذ الجامعة ، فأنت لستَ بمأمن من الغش والنصب وطلب الرشوة من قبل أيٍّ من هؤلاء إذا ما اكتشف أنك غير مصري ، وكم يعز عليَّ وعلى غيري من محبي مصر أن هذه الأخلاقيات الشائنة باتت مهنة كثير من العوام والخواص على السواء ، أولئك المتخصصون في سلب ونهب الغرباء . في تلك الزيارات الأخيرة افتقدتُ الآمان وراحة البال التي طالما كنتُ أتمتع بهما لحظة وصولي إلى مصر ، وسيطر عليَّ هاجس بأني سأتعرض للنصب والاحتيال من قبل من يصادفني من المصريين، بحيث يمكن القول بأن هذا الهاجس قد تحول إلى ( فوبيا ) جعلتني اقتصد في خروجي وتعاملي مع الناس ، حتى جواز سفري لم أعد أسلِّمه لموظف الفندق خوفا عليه ، وكنتُ إذا ما غلبني النعاس أضعه مع نقودي وتذكرة سفري تحت الوسادة ، وقد ازداد أوار هذه ( الفوبيا ) عندي حين روي لي ممن ألتقيهم من العرب والأجانب حكايات عن النصب والنشل والبلطجة التي تعرضوا لها في الشوارع ووسائل النقل والمقاهي والأماكن السياحية . كم تتذمر ذاتك وتتلاشى كيوننتها حين تطأ قدماك ثرى مصر فيتناوشك أثناء إجراءات الدخول جمع غفير لا ينقطع من الضباط والموظفين والعتالين ليقنعوك أنهم في خدمتك ما بقيتَ بينهم ، ويسهرون على راحتك في أم الدنيا ، وأن من الواجب أن تكرمهم كما أكرمك الله . كم تلتهب الأعصاب وتتشظى حين تريد أن تستقل تاكسي ليوصلك إلى الفندق ، وتجبر على المساومة والمفاوضات العسيرة لكي يقنع السائق بأجرة تفوق بكثير أجرة تاكسي في واشنطن أو زيورخ ، وحين ترمي بجسدك المنهك من السفر على الكرسي بجانب السائق وتأخذ نفسَاً عميقا ، ينقطع النفَس وتضطرب دقات القلب إذ تكتشف أن السائق في عمر ابنك يعرض عليك شقة مفروشة مع خادمة ويريك صورا لأجمل بنات القاهرة ، وحين تزجره وتنبهه بأنك في عمر أبيه ، وأنك ما جئت للهو بل للعمل ، يعتذر ويسارع بتقديم عنوانات لأمهر الأطباء بمقابل . كم يأسف العاشق لمصر وكم تتقطع نياط قلبه حين يخرج من الفندق ليرى مظاهر البذخ تتوارى أمام مرأى الشحاذين وطوابير المتلهفين لأكل الخبز البلدي . كم تحتقر نفسك وتلعن الساعة التي قررت فيها الخروج إلى مطعم فاخر أو حديقة حيوان أو نزهة نيلية أو مكتبة عامة أو معلم سياحي لأنك ستكتشف أنك رجعتَ ضجِرا أَسِفا بسبب الزحام والتلوث الخانق وضجيج السيارات ، وستكتشف أيضا أنك سمحتَ للنصابين بالضحك عليك واستغفالك وإهدار كرامتك ، فعيون العاملين في تلك الأماكن لا تمل التلصص إلى الجيوب ولا الاستجداء ، فأنت في نظرهم سائح ما جاء إلا ليوزع المال هنا وهناك . كم أحسستُ بحريق الإهانة والمذلة تحت لساني حين طلب مني تاجر خمسة جنيهات ثمن كيلو سكر مع أنه في جميع المحال كان وقتها يباع بثلاثة جنيهات ، وسألتُ نفسي والألم يعتصرني .... هل كان يجرؤ هذا التاجر على فعلته هذه مع خواجة بريطاني أو أميركي أو إسرائيلي؟ . لماذا تصرف معي هذا التاجر هكذا ؟ ألأني غريب لا حول لي ولا قوة ؟ ولو أني ذهبت أشكوه إلى الشرطة فمن يضمن لي أنهم سينصفونني منه ، وهل للشرطة ورجال الأمن أمان ؟ ألم تتناقل وكالات الأنباء أن بعضهم فعل الأفاعيل واعتدى على من استجار به مصريا كان أم عربيا ؟ كم تجرعتُ غصص القهر، وشعرتُ بالهوان وضعف الحال في تلك اللحظة التي هممتُ فيها بالخروج من التاكسي فانتشل مني السائق بسرعة البرق محفظة نقودي ، وركلني فوقعتُ أرضا أصيح والمارة يحملقون فيَّ ، ولما عاد إليَّ صوابي ووعي بالأشياء تذكرتُ أني جئتُ إلى عيادة طبيب لم أستطع الوصول إليه إلاَّ بعد أن دفعتُ مالاً لمن أوصلني إلى بواب العمارة التي تضم العيادة ، ثم دفعتُ إلى البواب الذي أوصلني بدوره إلى سكرتيرة الطبيب ، وهذه الآنسة أقسمتْ بأغلظ الأيمان بأنها لن ترضى بأقل من مائة دينار ليس لقاء أجرة الكشف، بل لقاء تمكيني من مقابلة الطبيب في نفس اليوم ، وقد حاولتْ أن تعتذر بأن نصيبها من المبلغ لا يتجاوز الربع ، فهو ـ كما قالت ـ يذهب بين عامل التنظيف وطاهي الشاي بالعيادة . كم ذا يكابد عاشق مثلي في حب مصر ، ولكن حبي لها لم يمنعني من الإسرار بمواجعي إليها التي ما ذكرت منها إلاَّ غيضا من فيض ، وقد يرميني أحدكم بالتهويل والمبالغة ، والقول إن ما رأيتَه في مصر تراه في أكثر البلدان العربية نتيجة الفقر وغلاء المعيشة . ولكن إذا أمعنا النظر لوجدنا بلدانا أفقر من مصر ولا تشيع في مجتمعاتها سلوكيات استفزازية كالتي لاحظها القاصي والداني من زوار مصر ، فها هي تونس ولبنان واليمن وموريتانيا والسودان أقل دخلاً من مصر ، ومع هذا لم يُلحظ فيها انتشار هذه السلوكيات المخزية . وقد ينعتني أحدكم بالحمق وسوء التصرف وعدم الخبرة في السفر مع أني أسافر إلى بلاد العرب والعجم كل ثلاثة أشهر ، ولا يحدث لي الذي حدث في مصر . د/عادل بشير الصاري ـ جامعة المرقب ـ ليبيا
================================================== ==
اقرأوا ماذا قال عن مصر
===================
كم هو مؤلم وموجع حين تكون خارج بلدك وتشعر بأنك غريب ومعرَّض في أية لحظة للسرقة والضرب والغش والضحك على ذقنك .... هذا الوجع كان يعتصر كبدي ويهتك أنسجتي كلما زرت مصر .... كنتُ حتى وقت قريب من المعتادين على زيارة مصر للتمتع بمرأى نيلها وعظمة إهراماتها وآثارها والحياة في مقاهيها وشوارعها ... الآن لم تعد مصر في خاطري ، ولا هي من بين البلدان العربية التي أحرص على زيارتها باستمرار كالأردن وسوريا ولبنان ، فمن يزرْ مصر هذه الأيام يتيقن أنها لم تعد مكانا صالحا للاصطياف والعمل . كانت مصر تمثل في عيون محبيها والمتيمين بها ( أم الدنيا ) لكنها باتت الآن تمثل في عيني أنا على الأقل بؤس الدنيا وشقاءها وهوانها ، وأنا أدرك جيدا كم يهيج مثل هذا الكلام أعصاب وحساسية الإنسان المصري الذي عُرف بمدى عشقه الأبدي لبلده وسخطه على كل من يتفوه بأية كلمة أو عبارة لا تدل على الإعجاب بمصر والثناء عليها . منذ ثلاث سنوات وفي آخر زيارتين لمصر أيقنتُ أن تردي الوضع الاقتصادي قد دمر البنية الاجتماعية للمجتمع المصري وأحدث شرخا كبيرا في نفسية المصريين على اختلاف طبقاتهم ، وهو ما أدى إلى شيوع سلوكيات استفزازية تجاه غير المصري الذي جاء للسياحة أو للعمل أو للتجارة أو لأي غرض من الأغراض . ولئن كانت أفعال النشل والنصب والاحتيال والرشوة مقصورة في الماضي على الطبقات الدنيا في المجتمع المصري كما أبرزتها السينما ، فقد صارت اليوم مهنة يمتهنها جمهور من مختلف الطبقات ، التاجر والشرطي والعسكري والموظف والعامل والطبيب والصيدلاني والمهندس والمدرس في المدرسة وأستاذ الجامعة ، فأنت لستَ بمأمن من الغش والنصب وطلب الرشوة من قبل أيٍّ من هؤلاء إذا ما اكتشف أنك غير مصري ، وكم يعز عليَّ وعلى غيري من محبي مصر أن هذه الأخلاقيات الشائنة باتت مهنة كثير من العوام والخواص على السواء ، أولئك المتخصصون في سلب ونهب الغرباء . في تلك الزيارات الأخيرة افتقدتُ الآمان وراحة البال التي طالما كنتُ أتمتع بهما لحظة وصولي إلى مصر ، وسيطر عليَّ هاجس بأني سأتعرض للنصب والاحتيال من قبل من يصادفني من المصريين، بحيث يمكن القول بأن هذا الهاجس قد تحول إلى ( فوبيا ) جعلتني اقتصد في خروجي وتعاملي مع الناس ، حتى جواز سفري لم أعد أسلِّمه لموظف الفندق خوفا عليه ، وكنتُ إذا ما غلبني النعاس أضعه مع نقودي وتذكرة سفري تحت الوسادة ، وقد ازداد أوار هذه ( الفوبيا ) عندي حين روي لي ممن ألتقيهم من العرب والأجانب حكايات عن النصب والنشل والبلطجة التي تعرضوا لها في الشوارع ووسائل النقل والمقاهي والأماكن السياحية . كم تتذمر ذاتك وتتلاشى كيوننتها حين تطأ قدماك ثرى مصر فيتناوشك أثناء إجراءات الدخول جمع غفير لا ينقطع من الضباط والموظفين والعتالين ليقنعوك أنهم في خدمتك ما بقيتَ بينهم ، ويسهرون على راحتك في أم الدنيا ، وأن من الواجب أن تكرمهم كما أكرمك الله . كم تلتهب الأعصاب وتتشظى حين تريد أن تستقل تاكسي ليوصلك إلى الفندق ، وتجبر على المساومة والمفاوضات العسيرة لكي يقنع السائق بأجرة تفوق بكثير أجرة تاكسي في واشنطن أو زيورخ ، وحين ترمي بجسدك المنهك من السفر على الكرسي بجانب السائق وتأخذ نفسَاً عميقا ، ينقطع النفَس وتضطرب دقات القلب إذ تكتشف أن السائق في عمر ابنك يعرض عليك شقة مفروشة مع خادمة ويريك صورا لأجمل بنات القاهرة ، وحين تزجره وتنبهه بأنك في عمر أبيه ، وأنك ما جئت للهو بل للعمل ، يعتذر ويسارع بتقديم عنوانات لأمهر الأطباء بمقابل . كم يأسف العاشق لمصر وكم تتقطع نياط قلبه حين يخرج من الفندق ليرى مظاهر البذخ تتوارى أمام مرأى الشحاذين وطوابير المتلهفين لأكل الخبز البلدي . كم تحتقر نفسك وتلعن الساعة التي قررت فيها الخروج إلى مطعم فاخر أو حديقة حيوان أو نزهة نيلية أو مكتبة عامة أو معلم سياحي لأنك ستكتشف أنك رجعتَ ضجِرا أَسِفا بسبب الزحام والتلوث الخانق وضجيج السيارات ، وستكتشف أيضا أنك سمحتَ للنصابين بالضحك عليك واستغفالك وإهدار كرامتك ، فعيون العاملين في تلك الأماكن لا تمل التلصص إلى الجيوب ولا الاستجداء ، فأنت في نظرهم سائح ما جاء إلا ليوزع المال هنا وهناك . كم أحسستُ بحريق الإهانة والمذلة تحت لساني حين طلب مني تاجر خمسة جنيهات ثمن كيلو سكر مع أنه في جميع المحال كان وقتها يباع بثلاثة جنيهات ، وسألتُ نفسي والألم يعتصرني .... هل كان يجرؤ هذا التاجر على فعلته هذه مع خواجة بريطاني أو أميركي أو إسرائيلي؟ . لماذا تصرف معي هذا التاجر هكذا ؟ ألأني غريب لا حول لي ولا قوة ؟ ولو أني ذهبت أشكوه إلى الشرطة فمن يضمن لي أنهم سينصفونني منه ، وهل للشرطة ورجال الأمن أمان ؟ ألم تتناقل وكالات الأنباء أن بعضهم فعل الأفاعيل واعتدى على من استجار به مصريا كان أم عربيا ؟ كم تجرعتُ غصص القهر، وشعرتُ بالهوان وضعف الحال في تلك اللحظة التي هممتُ فيها بالخروج من التاكسي فانتشل مني السائق بسرعة البرق محفظة نقودي ، وركلني فوقعتُ أرضا أصيح والمارة يحملقون فيَّ ، ولما عاد إليَّ صوابي ووعي بالأشياء تذكرتُ أني جئتُ إلى عيادة طبيب لم أستطع الوصول إليه إلاَّ بعد أن دفعتُ مالاً لمن أوصلني إلى بواب العمارة التي تضم العيادة ، ثم دفعتُ إلى البواب الذي أوصلني بدوره إلى سكرتيرة الطبيب ، وهذه الآنسة أقسمتْ بأغلظ الأيمان بأنها لن ترضى بأقل من مائة دينار ليس لقاء أجرة الكشف، بل لقاء تمكيني من مقابلة الطبيب في نفس اليوم ، وقد حاولتْ أن تعتذر بأن نصيبها من المبلغ لا يتجاوز الربع ، فهو ـ كما قالت ـ يذهب بين عامل التنظيف وطاهي الشاي بالعيادة . كم ذا يكابد عاشق مثلي في حب مصر ، ولكن حبي لها لم يمنعني من الإسرار بمواجعي إليها التي ما ذكرت منها إلاَّ غيضا من فيض ، وقد يرميني أحدكم بالتهويل والمبالغة ، والقول إن ما رأيتَه في مصر تراه في أكثر البلدان العربية نتيجة الفقر وغلاء المعيشة . ولكن إذا أمعنا النظر لوجدنا بلدانا أفقر من مصر ولا تشيع في مجتمعاتها سلوكيات استفزازية كالتي لاحظها القاصي والداني من زوار مصر ، فها هي تونس ولبنان واليمن وموريتانيا والسودان أقل دخلاً من مصر ، ومع هذا لم يُلحظ فيها انتشار هذه السلوكيات المخزية . وقد ينعتني أحدكم بالحمق وسوء التصرف وعدم الخبرة في السفر مع أني أسافر إلى بلاد العرب والعجم كل ثلاثة أشهر ، ولا يحدث لي الذي حدث في مصر . د/عادل بشير الصاري ـ جامعة المرقب ـ ليبيا
================================================== ==