تمارس وزارة الاوقاف المصرية حملة شرسة ضد أئمة المساجد الذين خرجوا على التعليمات الرسمية، وانحازوا الى ضميرهم ومبادئ عقيدتهم، عندما ادانوا الجدار الفولاذي الذي تقيمه حكومتهم لخنق قطاع غزة وقطع كل اسباب الحياة عن مواطنيه، البالغ تعدادهم المليون ونصف المليون انسان.
وقد تظاهر العديد من الأئمة امام مبنى وزارة الاوقاف في وسط القاهرة في الايام الاخيرة احتجاجا على التحقيقات التي تجريها لجنة حكومية امنية مع اكثر من 17 اماما بتهمة الانحياز الى حركة المقاومة الاسلامية 'حماس' وانتقاد مواقف حكومتهم في الرضوخ للاملاءات الامريكية والاسرائيلية.
هؤلاء الأئمة الشرفاء تعرضوا لعقوبة خصم راتب شهرين بسبب مواقفهم الانسانية والوطنية هذه، وربما تتطور هذه العقوبة لاحقا الى فصلهم والمئات من الأئمة الآخرين الذين خرجوا على اوامر وزارة الاوقاف، ورفضوا الامتثال لتعاليمها في التهجم على حركة 'حماس' والشعب الفلسطيني تحت ذريعة انتهاك السيادة المصرية.
الحكومة المصرية تعيش حالة من 'السعار' تنعكس في نهشها لحم اي انسان مصري يتعاطف مع اشقائه في قطاع غزة المحاصر، فهؤلاء الأئمة سيواجهون واسرهم معاناة قاسية لاكثر من شهرين بسبب خصم رواتبهم، وربما تشهد الوزارة حملة 'تطهير' للمئات، ان لم يكن الآلاف من هؤلاء الائمة البسطاء كنتيجة للتحقيقات الامنية التي تفحص ملفاتهم وتدرس مواقفهم السياسية.
النظام المصري يريد تطويع الائمة، وتوظيفهم في خدمة اسرائيل وسياساتها العدوانية ضد ابناء الشعب الفلسطيني من خلال تحويل منابر المساجد الى ابواق تحريض تماما مثل الصحف الرسمية الكبرى التي تجاهلت اسرائيل واخطارها على الامن القومي المصري، وركزت على قطاع غزة وسكانه المحاصرين العزل باعتبارهم مصدر التهديد الاكبر والاخطر.
محاربة الائمة في لقمة عيشهم بالطريقة التي نراها حاليا هي ادنى درجات الانحدار والتجبر من قبل سلطة تخرج على الملة والعقيدة وابسط قيم العدالة وحقوق الانسان باشتراكها مع اسرائيل في خنق اشقاء عرب ومسلمين، ودون اي مقابل غير الرضا الامريكي.
الادارة الامريكية سترحب حتما بمثل هذه المواقف المخجلة، ولكنها قطعا لن تحترم اصحابها، والدليل الابرز هو اقدام مايكل بوزنر مساعد وزير الخارجية الامريكي الزائر لمصر حاليا على الالتقاء بقادة احزاب المعارضة المصرية في قلب القاهرة ومطالبته في مؤتمر صحافي باطلاق الحريات واجراء اصلاحات دستورية في مصر تؤدي الى انتخابات حرة ونزيهة.
الحكومة المصرية لا ترى في لقاءات هذا المسؤول الامريكي اي تدخل في شؤونها الداخلية بلقائه مع ممثلي اكثر من عشر منظمات معنية بحقوق الانسان، الى جانب قادة بعض الاحزاب المعارضة، بينما تعتبر اقتحام جياع غزة للحدود بحثا عن لقمة خبز على الجانب الآخر انتهاكا لمصر وسيادتها.
أئمة مصر بموقفهم الوطني الداعم لابناء ملتهم في قطاع غزة انما يقدمون مثلا في سمو الاخلاق والتمسك بالثوابت الاسلامية التي تمليها العقيدة الاسلامية، على عكس شيخ الازهر الذي خالف ضميره وثوابت المؤسسة التي يترأسها، بانحيازه الى النظام وسياساته الحامية لاسرائيل باصداره فتوى تؤيد بناء الجدار الفولاذي.