وأقامت سلطات الاحتلال سداً رئيساً على الحدود لتمنع انسياب مياه الأمطار إلى الخزان الجوفي في غزة ، ولكنها فتحت السد الرئيسي بدون سابق إنذار ما أدى إلى غرق مئات المنازل السكنية في قرية المغراقة والمناطق المحيطة بها جنوب شرق غزة .
وبات الآلاف من سكان القرية ليلتهم في العراء تحت الأمطار الغزيرة والبرد القارص ، بعدما غرقت منازلهم ، فيما تمكنت فرق الإنقاذ التابعة للدفاع المدني والبلدية من إجلاء المئات من السكان المحاصرين في المنازل بالمياه .
وذكر سكان من المغراقة أن مئات المواشي والأغنام نفقت جراء غرقها في مياه الأمطار التي غمرت مزارع المواشي .
وأفاد مصدر طبي فلسطيني في غزة أن طواقم الإسعاف الطبية قدمت الإسعافات لأكثر من ثلاثة عشر فلسطينياً تعرضوا لحالات غرق ، فأصيبوا برضوض وجروح من الحجارة المتطايرة .
وهرعت فرق الإنقاذ المشكلة من وزارت الأشغال والزراعة والبلدية والأجهزة الأمنية إلى القرية لتأمين السكان، وفتح الطرقات والشوارع لتسهيل عملية إجلاء السكان وإنقاذ الغرقى.
وقال يوسف أبو هويشل، رئيس بلدية المغراقة : إن إقدام سلطات الاحتلال على فتح أحد سدود وادي غزة، والسماح لمياه الأمطار باجتياح المغراقة؛ "يوازي عمليات القتل وتجرف منازل الفلسطينيين التي كانت تقوم بها قوات الاحتلال سابقا ضد هذه القرية".
وحذر من أنه في حال استمرت الفيضانات بهذا الشكل الكبير ، وفتحت قوات لاحتلال سداً أخر؛ فإن المنطقة معرضة لفيضان جديد، وأن سكان المنطقة يخشون العودة إلى منازلهم.
وأعلن وزير الأشغال العامة والإسكان يوسف المنسي حالة الطوارئ في صفوف الطواقم العاملة في وزارة الأشغال لإنقاذ المواطنين الذين غمرتهم مياه الأمطار في مناطق جحر الديك ووادي غزة والمغراقة .
وقال المنسي خلال تفقده المنطقة المنكوبة اليوم : "إن هذا الجريمة الجديدة تضاف إلى سلسلة الجرائم الإسرائيلية التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبنا خاصة أن قوات الاحتلال تمنع منذ ثلاثة أعوام إدخال مواد البناء والمعدات اللازمة للحيلولة دون حدوث كوارث جراء الفيضانات".
وأشار إلى أن "جريمة الاحتلال وقيامها بفتح السد المغلق منذ سنوات؛ أدى إلى غرق عشرات المنازل الفلسطينية في مناطق الزهراء والمغراقة وجحر الديك، يستوجب إدانة المجتمع الدولي والتحرك باتجاه إجبار الاحتلال على وقف جرائمه المستمرة".
ودعا المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال لرفع الحصار وإدخال احتياجات القطاع من مواد البناء والمعدات اللازمة للحيلولة دون حدوث كوارث بيئية على غرار انهيار أحواض الصرف الصحي في القرية البدوية قبل ثلاثة أعوام.
وحذر وزير الزراعة الفلسطينية الدكتور محمد الأغا من كارثة إنسانية يتعرض لها سكان قطاع غزة، ولاسيما المناطق التي غمرتها المياه في المحافظة الوسطى من جراء فتح الاحتلال لسدود وادي غزة.
وأكد أثناء تفقده المناطق التي غمرتها المياه في محيط وادي غزة، أن الاحتلال لم يعط أية إشارات تحذيرية لفتح السد المغلق منذ سنوات لتفادي مخاطر السيول والفيضانات التي نتجت.
واعتبر أن مواصلة تدفق المياه إلى وادي غزة يعني أن حياة المواطنين مهددة بالخطر، حيث هناك منازل معمورة وأراضي زراعية وبركسات لتربية الماشية غمرتها المياه بشكل كامل.
وأعلن الدكتور محمد عوض الأمين العام لمجلس الوزراء أن الحكومة ستقدم مساعدة عاجلة للأسر المتضررة في مناطق جحر الديك ووادي غزة والمغراقة جراء فتح سلطات الاحتلال الإسرائيلي سد الوادي من جهة الأراضي المحتلة.
وقال عوض في بيان صحفي أصدره المكتب الإعلامي للأمانة العامة لمجلس الوزراء اليوم الثلاثاء:" الحكومة باشرت في حصر الأضرار وستقدم تعويض للمواطنين عن الخسائر التي تكبدوها جراء السيول".
وأضاف أن الحكومة وبتوجيهات رئيس الوزراء وكافة ووزاراتها المعنية تابعت عمليات إخلال المواطنين المتضررين من مياه السيول وسط القطاع منذ تدفقها، وأن 4 وزراء من الحكومة تواجدوا في المكان، تابعوا عمليات الإخلاء والأزمة بشكل حثيث.
وأشار إلى أن الحكومة عملت على توفير أماكن إيواء للأسر المشردة وقامت بفتح مدرسة "كفر ياسيف" لأكثر من 100 أسرة مشردة، لافتاً إلى أنها ستشرع اليوم بعمليات حصر للأضرار ومساعدة الأسر المنكوبة والمشردة.
وشدد الدكتور أحمد بحر، النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي، على أن "جريمة الاحتلال التي تسببت في إغراق منقطة المغراقة لن تمر مرور الكرام"، مؤكدا أنه سيتم توثيق هذه الكارثة في إطار جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال لعرضها على محاكم جرائم الحرب.
وطالب جامعة الدول العربية ومؤسسات المجتمع الدولي بإبداء وقفة مسئولة "للجم عدوان الاحتلال، والتدخل العاجل لوقف كافة الأعمال الإجرامية التي يقترفها الاحتلال"، مؤكدا أن "غض الطرف عن جرائم الاحتلال يشكل غطاء لاستمرار جرائمه، وإسهاما في مفاقمة معاناة شعبنا الذي يعيش ظروفا لا إنسانية غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية"