قابلت يوماً أحد العشاق وأظنه أخو المجنون لما رأيت أنه قد بلغ به الأسى مبلغ الجنون ،وضاع بين الأحزان حبّه،وضاع عقله ولبّه،فتملكني الفضول أن اعرف هذه الشخصية،وأن ادرس طباعه وسجيه،فسألته عن سبب هيامه،وطلبت أن يعضد بالقصص كلامه، فقال الآتي :
" ظللت أبحث في عالم النساء عن سيدة لقلبي أُمَلِكُها حياتي،وأشكو لها آهاتي،فعرفت بعضهن وعشت أياماً مع بعضهن،أياماً ليست قليلة بل أعواما كثيرة،فأنا منذ زمن أبحث وأنقب هنا وهناك، حتى خلصت ببعض العلاقات،وكل علاقة أمر بها فإذا هي علاقة عابره،وإذا بي أجد وراء الجمال صفات غابرة لاتسر ... فأنهي العلاقة والأيام تمر حتي ألتقي أخري فأظن اني وجدت حبيبتي وأبذل جهدي في حبها،فلّما تراني أريدها تبتعد عني .. فأغني "يامستبدة" وأخرجها من قائمة الأحبة، فأنا لاأريد أن أتسلي،أريد أن أعشق،أن أذوب في العشق،أريد شريكة أيامي وأحلامي ،حبيبة اليوم وزوجة الغد،وظللت أبحث بلا جدوي حتي حالت حياتي إلي جحيم وانقلب النعيم،وإذا بي أغني "مستقيل" من حياتي الماضية ومن عمري الطويل ..ومن كل لحظة حب مستقيل،ولكن .... بعد برهة سحبت استقالتي وكأني وجدت غايتي ،بدر طوال اليوم يشع في سمائي ولا أراه لأنني كنت أنظر أسفلي،ودب في قلبي الأمل وعشت معها أياماً هي عمري كله فلن أعيش مثل تلك الأيام ... آه ماأحلاها من أيام ، فاستيقظت من الأحلام وأيقنت أن الطريق أمامي طويل طويل ، ولكي أصل لابد أن أكون بمفردي كي أصل أسرع إلي غايتي،وإذا وصلت إلي بر الأمان أرسلت إليها سفينة الحب تقلها إلي شاطئي لنعيش أفضل الأعوام ، ولكن تخلت عني الأحلام بسهوله،فقد أتاها الخُطّاب من كل شكل وصورة،وأخبرتني أنها مستعده للانتظار،لكنني وبإختصار أحبها ،ولا أدري حياتي من دونها كيف ستكون وسأكون ظلمتها إذا أخذتها معي في طريقي،ولا أريدها أن تتعلق بي أكثر إذا ّنتهي بنا الطريق كل منّا إلي رفيق فتركتها وانطلقت،وكبلني الحزن حتي إختنقت،وبدأ اليأس يكسّر قاربي حتي بدأت أغرق في بحر اليأس بلا صراخ أو أدني محاولة مني لطلب الغوث وها أنا الآن كما تراني هائم في طريق العاشقيق "- -وأثناء ذلك إنهمر الدمع من عينيه شلالاً،وأختنق صوته يأبى أن يخرج من صدره،فأشفقت علي حاله لكنني إستدركت نفسي وبدأت أحفّز فيه من جديد وأبث فيه روح الأمل وأخبرته طالما هي تتنظر فاختصر الطريق وكن عنيد مع الدنيا وخذ منها بالقوه ماتريد حتي يحصل لك المراد ويطمئن الفؤاد وينصلح حالك وستجدها في إنتظارك ، وأقنعته في النهاية أن يبدأ حياته من البداية .. فهو رجل رأي زهرة في بستان فعشقها وصاحب البستان يريد لهذه الزهرة أن تنبت في بستان آخر فخاف صاحبنا إذا إقتطفها وأخذها معه أن تذوب وتذبل ،وخاف أن لا يتمكن من أن ينشأ لها بستان ولا يحقق لها ماتتمناه،فقرر أن يتركها فتكون لغيره خيراً أن تموت بين أحضانه بقلم : Romioo