هكذا هو المصرى ابن نكتة كما يقولون ودمه خفيف لا يفوت فرصة لأى موقف سواء كان مفرح أو محزن الا ويحوله بروحه المرحة الى فكاهة ونكت تزيد فرح الموقف المفرح وتقلل من أسى الموقف المحزن وهذا ماحدث فى مشكلة الجزائر الأخيرة حيث أنه بعد نصر أنجولا الساحق برباعية "مذلة" تغيرت معالم ، بات الإعلام المصري هو الأعلى صوتا وتأثيرا، وتقمص الجزائريون دور الضحية. في تلك اللحظة أراد المصريون تعويض ما فاتهم.. مارسوا انتقاما باردا وهادئا، يضغطون على أعصاب الجزائريين بأسلحتهم التقليدية.. النكتة والأغنية و"النّقْوَرة".. والأخيرة فن مصري خالص، يعني التورية الساخرة من الخصم، بقصد سحقه وتحويله إلى فرجة. عقب النصر سلكت البرامج الرياضية المصرية طريقا واحدا، أغاني وطنية قديمة وحديثة، تشحذ الهمم وتتغني بمصر والمصريين، وأخرى تركب كلماتها على مشاهد للجزائريين، تحمل في ذاتها رسائل قاسية..
في برنامج "الكرة مع دريم" مثلا الذي يقدمه مصطفى عبده، أذيع كليب غنائي شهير بطله اللبناني رامي عياش، وأحمد عدوية، وتحت عنوان "أربعة جنان من المعلم لسعدان" أذيع الكليب الذي تقول كلماته: بحب الناس الرايقة.. اللي بتضحك على طول.. أما العالم المتضايقة أنا لأ مليش في دول.. ومليش في الدمع لا لا.. ولا في الناس الشيالة.. كل اللي في قلبه حاجة.. أول بأول يقول.. بحب اللي مخليها على الله.. اللي ميحسبهاش.. ده العمر قصير ليه نتغير.. والا منعشهاش".
إلى هنا والأمر طبيعي.. إعلام يحتفل بفوز فريقه بأغنية جميلة وموحية.. لكن غير الطبيعي أن تركب صورة الجزائريين ومديرهم الفني رابح سعدان على الأجزاء التي تتحدث فيها الأغنية عن العالم المتضايقة، والشيّالة (مَن يحمل في قلبه سوءا).
بل وتكرر الأمر على اليويتوب مع ريمكسات نفذت خصيصا للمباراة، تقول كلمات إحداها "يا عبيط بطل تنطيط".. حافلة بالكلمات الصادمة، المركبة على أهداف المصريين في الجزائر.
النكتة أيضا كان لها دور في الانتقام الفضائي.. حملت رسائل الـ sms العشرات منها، وردد بعضها مقدمو البرامج.. قالت رسالة مثلا:" بعد الهزيمة الجزائرية الرباعية رابح سعدان يغير اسمة الى خاسر زعلان، ويترك مهنة التدريب ليعمل سائق توك توك".
بينما نالت رسالة أخرى من الحارس الشاوشي، تقول:" الشاوشي راح يحلل لقى عنده زيدان"، و"أنباء عن محاولة خمسة جزائريين الانتحار"! أربعة ماتوا وواحد جه في العارضة".
بينما قال خالد الغندور ليلة النصر على غانا أثناء حواره في برنامج "الرياضة اليوم":" واحد قتل حفيده لأنه قال له بحبك يا جدو".. وبالطبع النكتة في أصلها كما تداولتها المنتديات"، واحد جزائري قتل حفيده لأنه قال له: أحبك يا جدو".. في تورية مقصودة عن اللاعب جدو صاحب الهدف الرابع في مرمى الجزائر.
مع الأغنية والنكتة و"النقوَرة".. جاء عمرو أديب كعادته ليسدد الطعنات الفضائية الأكثر قسوة.. ففي برنامج "القاهرة اليوم".. افتتح فقرته الأولى مع أحمد موسى بطعن مباشر:" آه ازعلوا واتنكدوا.. لا بحظ ولا سنج.. لو سمحتوا اتضايقوا.. زي ما كنا متضايقين وزعلانين.. اتنكدوا.. إيه التطاوس الفظيع ده.. إقْرُوا جرايد العالم مسحت بيكوا الأرض.. إزاي هتمثلونا كده في كأس العالم؟ إيه البلطجة دي؟ لعّيب يهدد وائل جمعة لو الكورة وصلته هيبطلوا كورة.. إيه اللي جواكم!!".
على كلّ، بما أن الأمور صُرِفَت في حدّ النكتة والطرافة، يبقى الموضوع مقبولا وجميلا، مهما بلغت درجة "التريقة". هذا أفضل من إعلان الحرب، ومن الردح واللوم والتجريح. الضحكة أجمل، مهما كانت مفرداتها لا تطاق.