السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عَنِ الْمِقْدَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) رواه البخاري في أفراده. كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب العمل ويدعو إليه في كثير من أحاديثه الشريفة، وفي هذا الحديث يوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل طعام يأكله الإنسان هو الذي يأكله نتيجة كسبه وعمله، ولا يهم نوع العمل حقيرا كان أم عظيما، ولا يهم مقدار الأجر كثيرا كان أم قليلا بل الذي عليه مدار الأمر أن يكون حلالا لا شبهة فيه. ولو نظر الناس في زماننا هذا هذه النظرة فلن تجد عاطلا، ولن تجد من يقول لا أجد عملا، بل سيكون حريصا على أن يعمل بقول الله عز وجل: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}، وسيكون حريصا على أن يعمل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "طلب الحلال جهاد" و"إن الله ليحب العبد المحترف" . كيف لا وقد كان أنبياء الله عز وجل الذين اصطفاهم على جميع خلقه يأكلون من كسب أيديهم، قال ابن عباس رضى الله عنهما: كان آدم عليه السلام حراثاً، ونوح نجاراً، وإدريس خياطاً، وإبراهيم ولوط زرّاعين، وصالح تاجراً، وداود زراداً، وموسى وشعيب ومحمد صلوات الله عليهم رعاة. كيف لا وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يتاجرون فى البر والبحر، ويعملون فى نخلهم، وهم أهل القدوة والتأسي. وإليك نصيحة أبي سليمان الدارانى حيث قال : ليست العبادة عندنا أن تَصُفَّ قدميك وغيرك يتعب لك، ولكن ابدأ برغيفيك فاحرزهما ثم تعبَّد. وإليك نصيحة لقمان الحكيم حيث قال لابنه : يا بنى استعن بالكسب الحلال، فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال: رقة فى دينه، وضعف فى عقله، وذهاب مروءته، وأعظم من هذه الخصال استخفاف الناس به. وختاما نهدي إلى كل متبطل لا يعمل هذه الواقعة: قيل لأحمد بن حنبل : ما تقول فى رجل جلس فى بيته أو مسجده وقال لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي؟ فقال أحمد : هذا رجل جهل العلم، أما سمع قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم : "إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي"، وقال حين ذكر الطير: " تغدو خماصاً وتروح بطاناً". والله أعلم.