سرير فارغ هو أفيش فيلم «أحاسيس» آخر إصدارات المخرج هاني جرجس فوزي السينمائية في موسم سينما المراهقين الموافق لإجازة نصف السنة، و«أحاسيس» فيلم فارغ من الأحاسيس
والمشاعر بمعناها العاطفي والرومانسي، وهو يربط ربطاً مراهقاً مخلاً بين الرومانسية والجنس وكأنهما مرادفاً لشيء واحد، هناك أفلام شبيهة مثل «سهر الليالي» و«النعامة والطاووس» ناقشت تلك المشكلة وحافظت علي قدر من الشكل السينمائي الفني الذي حماها من السقوط في فخ الابتذال والسطحية، أبطال وبطلات «أحاسيس» لا هاجس لديهم سوي مشاكل الجنس أما في صورة الحرمان أو الافراط أو الخيانة، ولوكيشن أغلب مشاهد الفيلم لم تخرج عن السرير وحمام السباحة وحمام المنزل (تحت الدش تحديداً)، بطل الفيلم «باسم السمرة» حينما يظهر اسم محبوبته القديمة «علا غانم» علي شاشة تليفونه يسرح بخياله متذكراً إياها، وهنا يصنع المخرج مرادفاً بصرياً لحنين البطل لمحبوبته عن طريق فلاش باك للحبيبة وهي تخرج من البحر بمايوه مثير وتستعرض الكاميرا تفاصيل جسدها الفاتن بالتصوير البطيء، وهذا المشهد الذي تصاحبه موسيقي هادئة في بداية الفيلم يمثل الشفرة الجينية لباقي الفيلم والتي لا تختلف كثيراً عن الشفرة الجينية لأي فيلم بلاي بوي يخلو من الجنس الصريح ولكنه يلف ويدور حول الإغراء الجنسي علي أي حال، وفي الفيلم يقدم «هاني جرجس فوزي» رؤيته حول موضوع واحد لا يبدو أنه سيغيره قريباً وهو موضوع الجنس، هو يتخذه قضية يكرسها بجملتين في بداية المشهد، ثم لا يلبث أن يهد نفس الفكرة بسيل من سيقان الممثلات وملابسهن الساخنة التي لا تناقش قضية ولا تسعي سوي خلف الإثارة الحسية ومداعبة شباك التذاكر، ومن رقصة مثيرة لماريا إلي مايوه «علا غانم» إلي مشاهد «مروي» في السرير إلي مشاهد أخري تقوم بها «دنيا» و«إيناس النجار» لن يجد المتفرج من الدراما سوي بعض الغبار والتراب الدرامي الذي يقدم رءوس مواضيع لمشاكل الشخصيات التي تدور حول الجنس والزواج والخيانة وهي مواضيع تلف وتدور لتصل إلي مكان واحد هو السرير موضوع الأفيش، الحوار مباشر وركيك للغاية، وأداء الممثلين سطحي وضعيف ويميل للمبالغة في المشاهد الميلودرامية ومنها مشهد النهاية المليء بالدموع والصراخ والموسيقي اللي تقطع القلب وطبلة الودن، «علا غانم» تمثل وهي دائماً في حالة سرحان تحملق في الفراغ ولا تنظر إلي من يحدثها، دنيا تؤدي دور الفتاة الساقطة بأداء عصبي متنمر ومفتعل، ماريا تعيش في عالم من الإغراء البارد ثقيل الظل، ومن سيئ إلي أسوأ نصل إلي أداء «مروي» التي لا تفعل أي شيء له علاقة بالتمثيل، حتي الممثلين الرجال في الفيلم أصيبوا بلعنة الأداء التمثيلي الساذج المسئول عنه بالطبع المخرج الذي كان يطلب منهم أداء هذه التعبيرات والانفعالات البشعة مما نتج عنه ظهور ممثل مثل «باسم سمرة» في أسوأ حالاته مكتئباً بصورة مستمرة بتعبيرات مبالغ فيها دون أن يمنح لوجهه مساحة من افتعال السعادة أمام الآخرين لإخفاء حقيقة مرضه الخطير، الشيء نفسه ينطبق علي «إدوارد» الذي لبس قناع الاكتئاب وهاتك باكآبة حتي وهو في لحظات الخيانة والعبث مع أخريات، وربما يكون «أحمد عزمي» و«راندا البحيري» حاولا تقديم بعض التمثيل في دوري زوجين تهدد علاقتهما طلبات الزوج المنحرفة من زوجته، ولكن في ظل سيناريو باهت ومفكك وفيلم شديد الضعف كانت اجتهاداتهما دون نتائج لافته .
يكرر «هاني جرجس فوزي» نفس تيماته بنفس الإخفاق ونفس المستوي المتواضع الذي حاول تقديمها في فيلمه السابق «بدون رقابة»، موضوع جريء يقدم بإثارة تجارية بحتة رغم أنه مغلف بقضية يحاول أن يبدو فيها جاداً ورصيناً، مشهد جد و4 مشاهد هلس ورقص ودش ومايوه، لا يناقش الفيلم أي شيء من المسكوت عنه في العلاقة بين الرجل والمرأة بصورة فنية أو سينمائية أو فكرية من أي نوع، دور الطبيبة النفسية «عبير صبري» مكتوب بصورة لا تحمل أي عمق أو منطق، كل فلاش باك يحكي عن أي امرأة يتحول بقدرة قادر إلي مشهد لهذه المرأة تستحم تحت الدش، تري السيناريو والمخرج في حالة بحث دائمة عن حجج لتقديم رقصة أو مايوه أوعري بسبب وبلا سبب، لا تجد لمسات إخراجية فنية لافته ، وتتعجب من هذا المشهد الغريب الذي يصور فلاش باك للقاء عاطفي بين «باسم سمرة» و«علا غانم» علي ترابيزة في كافتيريا، وفيه الكاميرا تدور وتدور حولهما بإفراط وبلا منطق مع موسيقي باكية صارخة حتي يكاد المتفرج يدوخ وهو يحاول فهم سبب هذا اللف والدوران في مشهد لا يحتمل كل هذا، الفيلم أيضاً يغيب عنه التناغم في تسلسل أحداثه، فمن مشهد تشكو فيه «مروي» لصديقتها «علا غانم» مشكلتها مع زوجها واضطرارها إلي خيانته، إلي تليفون مفاجئ لعلا من «باسم سمرة» تترك فيه صديقتها لندخل في حالة مختلفة، ومن مشهد إلي مشهد لا يبدو أن الفيلم يسير بخطة، ولا يبدو أن السيناريو الذي كتبه «أشرف حسن» توقف عند مشاكل الأبطال ليرصدها بصدق، لم يظهر السيناريو هذه الشخصيات كبشر لهم أي هموم سوي همومهم علي السرير، ولن يتبقي للمشاهد أي أحاسيس بعد مشاهدة الفيلم سوي إحساس واحد بالغضب نتيجة الخدعة التي تعرض لها داخل قاعة العرض