قرير حقوق الإنسان: مصر رائدة رغم استمرار حالة الطوارئ
آخر تحديث: الخميس 18 فبراير 2010 12:15 م بتوقيت القاهرة
تعليقات: 0 شارك بتعليقك
- جنيف – سويس إنفو
أثناء تقديم تقرير مصر أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل، أشادت العديد من الدول بالدور الذي لعبته مصر في بناء آليات مجلس حقوق الإنسان. ولكن بعض الدول الغربية والعديد من منظمات المجتمع المدني رأت في استمرار العمل بحالة الطوارئ عائقا أمام تمتع المواطن بحقوقه، إضافة إلى انتهاكات التعذيب والعنف الطائفي والتمييز ضد المرأة والتضييق على حرية التعبير والتجمع.
حرص مفيد شهاب على إبراز دور مصر في بناء آليات مجلس حقوق الإنسان، أثناء تقديم تقريره الأول أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل يوم 17 فبراير في جنيف، سواء في كلمة الافتتاح التي ألقــاها أو عبر تقرير مصر الرسمي الذي ركز في مقدمته على الدور الذي قامت به مصر في بلورة هذه الآلية وتأكيد الثقة في قيمتها وفاعليتها سواء قبل عملية المراجعة التي تشجع الدول على الإعداد الجيد لتقييم حالة حقوق الإنسان لديها، أو أثناء المراجعة، من خلال الحوار التفاعلي البناء مع الدول الأعضاء، أو بعدها من خلال وضع أسس وآليات تنفيذ التعهدات الطوعية وما يتم قبوله من توصيات.
هذه المعرفة الجيدة بآليات المراجعة، والتي ثمنتها العديد من الدول بما في ذلك بعض الدول الغربية، انعكست على تقرير مصر الذي أبرز الإيجابيات بإسهاب، وحاول تبرير بعض السلبيات أو إيجاد مخرج لها بالمبالغة في التعبير عن النية في معالجتها أو النظر فيها مستقبلا على حد تعبير ناشط حقوقي مصري.
دستور وآليات وممارسات
أبرز التقرير مصر على أنها البلد الذي عرف المحاكم الأهلية عام 1883، وعرف أول دستور يكفل لكل مواطن حقوقا وحريات في عام 1923. وهي بذلك تبرز عراقة التشريعات التي بنت عليها أسس حماية حقوق المواطن.
وبالاستناد إلى ما ينص عليه الدستور المصري، عدد وزير الدولة الدكتور مفيد شهاب السيادة للشعب وحده، وتأكيد المساواة بين المواطنين، ونص على الحريات الشخصية كالحق في الأمن، واحترام حرمة الحياة الخاصة، وحرية الرأي والحرية الدينية، وحرية الصحافة، وحق الانتخاب والترشح.
ومصر من الدول القلائل التي أبرزت في تقريرها، وبشكل متميز، تركيز البلاد أيضا على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالتحديد الحق في التعليم وفي محو الأمية والحق في العمل، بل حتى في مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي. وفيما يتعلق بآليات حقوق الإنسان، يشير تقرير مصر إلى كون مصر قد انضمت لكافة اتفاقيات حقوق الإنسان الأممية، وأنه يجري دراسة الموقف من اتفاقية الحماية من الاختفاء القسري.
ولئن كان الانضمام مصحوبا بتحفظات، فإن مصر تقول في تقريرها إنها تجري مراجعة دورية لهذه التحفظات، مما أسفر عن سحب بعض التحفظات على اتفاقيات التمييز ضد المرأة واتفاقية الطفل. وأسهب تقرير مصر في تعداد الآليات المعنية بحقوق الإنسان في مصر، من المجلس القومي لحقوق الإنسان وفقا لمبادئ باريس، والمجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للأمومة والطفولة.
وفي مجال التمتع بحرية الدين والمعتقد، أوضح رئيس وفد مصر لآلية الاستعراض الدوري الشامل في كلمته أنه لا توجد في القوانين المصرية أية نصوص تحد من حرية الاعتقاد أو تحول دون تغيير الديانة. وأضاف بأن مصر في مجال الأحوال الشخصية، تنفرد بكونها البلد الذي يطبق على كل مواطن الأحكام الخاصة بديانته، على المسلمين أحكام الشريعة الإسلامية، وعلى غير المسلمين أحكام دياناتهم. ولتعزيز ذلك، أورد الممثل المصري أرقاما مفادها صدور قرارات جمهورية ترخص ببناء 138 كنيسة منذ عام 2005، وبتفويض المحافظين في الترخيص بهدم كنيسة وإقامة كنيسة محلها في ذات الموقع أو بإدخال إصلاحات مما أسفر عن صدور أكثر 1007 موافقة حتى الآن.
وأشار التقرير إلى أنه من بين الإصلاحات التي تم إدخالها في مجال التمتع بحرية الدين والمعتقد صدور أحكام من القضاء الإداري تقر للمواطنين المصريين من معتنقي البهائية، الحق في عدم إثبات ديانة تخالف عقيدتهم في الأوراق الثبوتية، وذلك بترك خانة الديانة خالية".
حالة الطوارئ.. العائق الرئيسي
ركزت منظمات المجتمع المدني، سواء المصرية منها أو الدولية، على غرار فريدم هاوس الأمريكية، ولجنة الحقوقيين الدولية، في تقاريرها المقدمة إلى آلية الاستعراض الدوري الشامل (والتي لخصتها مفوضية حقوق الإنسان) على أن المصريين يعيشون في ظل قانون الطوارئ منذ عام 1967، بإلغاء دام 18 شهرا ليعاد فرضه عقب اغتيال الرئيس السادات في عام 1981. وذكرت منظمة الباب المفتوح الدولية بأن مصر تعهدت بمحض إرادتها لدى الانضمام إلى مجلس حقوق الإنسان برفع حالة الطوارئ الراهنة بعد الانتهاء من إعداد واعتماد قانون جديد لمكافحة الإرهاب.
لكن المركز الوطني لحقوق الإنسان يرى أن الأخطر في التعديل الدستوري لعام 2007، انه أجاز وضع قانون جديد لمكافحة الإرهاب كبديل لحالة الطوارئ، مع تضمنه للمادة 179 التي ترمي لحماية وتحصين القانون المرتقب لمكافحة الإرهاب من الطعن في دستوريته في حال تنازع أحكامه مع مواد الدستور التي تقر الحريات الشخصية والخصوصية وحرمة المنزل.
وفي رده على هذه النقاط، أوضح رئيس الوفد بأن حالة الطوارئ في البلاد تتصل بصورة مباشرة بجهود الدولة في مكافحة الإرهاب وهو الخطر الذي لم ينته على حد قوله، مشيرا إلى أنه يطبق فقط في إطار محدود، أي جرائم الإرهاب والمخدرات، وأن رئيس الدولة تعهد بإنهاء حالة الطوارئ فور تبني القانون الجديد لمكافحة الإرهاب والذي قطعت اللجنة المكلفة بإعداده شوطا طويلا.
ويرى مرصد حقوق الإنسان، ومعه عدد من المنظمات المدنية أنه رغم الإصلاحات التي أجريت، خاصة فيما يتعلق بقوانين الجنسية، لا يزال قانون الأسرة والقانون الجنائي في مصر تمييزيان ضد النساء والفتيات، وأن قوانين الأحوال الشخصية التي تحكم الزواج والطلاق والوصاية والإرث أعطت طابعا مؤسساتيا لمكانة المرأة على أنها من الطبقة الثانية.
وبخصوص أحكام الإعدام التي تقول منظمات مدنية إن المحاكم الاستثنائية بل حتى العادية أكثرت من إصدارها في الآونة الأخيرة، ناشدت منظمة العفو الدولية الحكومة المصرية من أجل فرض وقف اختياري فوري على تنفيذ أحكام الإعدام، بينما طالبت منظمات أخرى مثل المركز الوطني لحقوق الإنسان باقتصار تطبيقها على الجرائم الأكثر بشاعة وخطورة.
وتذهب العديد من المنظمات غير الحكومية فيما يتعلق بالتعذيب إلى حد اعتبار أنه لا يوجد ما يحمي المصريين من التعذيب الذي يشكل ممارسة منتظمة وروتينية في مراكز الشرطة ومقار شرطة أمن الدولة وغير ذلك من مرافق الاحتجاز.
وفيما يتعلق بالإفلات من العقاب، تقول منظمة العفو الدولية: حتى بالنسبة للشكاوى التي رفعت إلى مكتب المدعي العام، لم تتم الاستجابة للتحقيق في تلك الحالات، بينما يرى مرصد حقوق الإنسان بأن عملاء مباحث أمن الدولة يواصلون توقيف أفراد بشكل تعسفي واحتجازهم بموجب قانون الطوارئ، في كثير من الأحيان بشكل انفرادي وفي أماكن مجهولة، مما يعني تعرض كثيرين منهم للاختفاء القسري.
وعلى خلاف ما يراه رئيس الوفد المصري في مجال التمتع بحرية الدين والمعتقد، تقول منظمات المجتمع المدني إن الحكومة تصر على الإبقاء على القوانين والسياسات التي ترسخ التمييز على أساس الدين والعقيدة. وترى اللجنة الإسلامية لحقوق الإنسان بأنه يتم فرض قيود على حرية التعبير، بما في ذلك انتقاد السياسات الحكومية وخاصة انتقاد الرئيس مباشرة.
وسيعقد مجلس حقوق الإنسان جلسة بعد ظهر يوم الجمعة 19 فبراير لتقديم التوصيات التي تصدر عن آلية الاستعراض الدوري الشامل بخصوص تقرير مصر والتعرف على ما تقبله مصر منها وما ترفضه.
وترى منظمة فريدم هاوس أن حالة الطوارئ تشكل عقبة رئيسية حالت دون تحقيق تقدم ديمقراطي في مصر، مستخلصة أن ذلك قضى على تطور الديمقراطية الانتخابية اسما وعملا على حد سواء، كما جاء في تقرير منظمات المجتمع المدني.