إقدام فرنسا علي استخدام الضوء الأخضر فقط كوسيلة للإعلان عن وجوب وقت الصلاة بدلاً من الأذان خطوة فجرت المشكلات والجدل حول شرعية موافقة المسلمين علي ذلك خاصة وان الأذان يمثل شعيرة من شعائر الصلاة التي علمها المولي سبحانه وتعالي للمسلمين من خلال رؤيا لأحد الصحابة والتزم بها المسلمون منذ بداية الدعوة الإسلامية حتي وقتنا هذا.
علل المسئولون بمارسيليا إقدامهم علي تلك الخطوة بان السماح بالأذان يمثل دعوة لاعتناق الإسلام مما يتنافي مع علمانية فرنسا رغم السماح للكنائس بدق الأجراس يوم الأحد.
الخطير في الموضوع ان المسئولين عن الأقليات الإسلامية بالخارج أيدوا تلك الخطوة ووصفوها بالإجراء الحسن وفقا لما أعلنه أونيس قرقاح مدير دار الفتوي باتحاذ المنظمات الإسلامية بفرنسا وعضو المجلس الأوروبي للبحوث والافتاء ووافقه إبراهيم الزيات رئيس منظمة التجمع الإسلامي بألمانيا وسار معه في ذات الاتجاه هشام أبوميزر رئيس فيدرالية المنظمات الإسلامية بسويسرا.
انضمت بذلك فرنسا إلي بلجيكا وإيطاليا وسويسرا وإسبانيا وبريطانيا في منع الأذان والبقية تأتي في العالم الغربي ولا عزاء للمؤسسات الدينية بمصر.
د.محمد فؤاد شاكر - المفكر الإسلامي الكبير - قال: من الأمور المقررة شرعا ان الإسلام جاء بتعاليم خاصة بأداء الشعائر كالصلاة والصيام والحج وهذه التعاليم لا ينبغي لأحد ان يتدخل فيها مادام المسلم يلتزم بالأصول المقررة التي لا تتعارض مع النظام العام والآداب داخل كل دولة من الدول التي يوجد المسلم فيها وطالما كان ملتزما يصبح غير منطقي منعه من أداء شعائر دينية فحرية الاعتقاد حق من حقوق الإنسان المقررة في المواثيق الدولية بالأمم المتحدة.
أضاف: ان ما أقدمت عليه فرنسا في منع الآذان الصوتي هو لون من ألوان الحصار للمد الإسلامي الذي تعتبره أوروبا الهاجس الذي يؤرق نومها وب جاءت القرارات الغربية لمقاومة كل ما يشير إلي الإسلام سواء في أذان أو مئذنة والقرار الفرنسي يكشف الغموض الذي خدع الكثيرين في منع بناء المآذن بسويسرا حيث علل الكثيرون وقتها بأن المئذنة مجرد رمز يمكن الاستغناء عنه لتحرير البقاء الإسلامي في الغرب دون صدام مباشر والآن عليهم الاجابة والتعليل لمنع الأذان.
أوضح د.فؤاد شاكر ان الممارسات الهزيلة داخل الدول الإسلامية تجاه العقائد استجابة للعلمانيين هي التي ساعدت الغرب علي اتخاذ تلك المواقف المخجلة فقد ندد العلمانيون منذ سنوات بأصوات المكبرات أعلي مآذن المساجد في صلاة الفجر بحجة انها تزعج المرضي والنائمين من الطلاب مطالبين بالاكتفاء بالأذان الداخلي وتمت الاستجابة لهم من وزارة الأوقاف وبعدها بقليل تم الشكوي من أداء الصلاة الجهرية في مكبرات الصوت وبالفعل قدمت الوزارة تنازلاً ثانيا وثالثا عندما منعت اقامة الصلوات في المكبرات الخارجية لتنبيه الناس للاسراع إلي ادراك الركعة الأولي وجاءت الخاتمة المؤسفة بإعلان وزارة الأوقاف عن مشروعها الموصوف بانه حضاري رغم مناهضته للفكر الإسلامي وهو توحيد الأذان بالبث الموحد من شريط مسجل عليه صوت المؤذن عن طريق شبكة ربط إلكتروني بين المساجد رغم ثبوت عدم فاعلية ذلك لوجود اعطال ومخالفات فقهية لكن المسئولين بالوزارة وضعوا القطن في آذانهم ضد أي صوت ناصح حول الشرعية من عدمها وتباين المسافات بين أرجاء القاهرة بما يسبب الخلل بين الصيام والصلاة إلي غير ذلك وأثيرت تلك القضية في وسائل الإعلام المختلفة في وقت تقاربت المسافات الفكرية من خلال الاتصالات الحديثة الإنترنت والفضائيات وب وجد الغرب الفرصة سانحة لتلك التجاوزات ضد الإسلام والمسلمين في الغرب بجرائم تتنافي مع حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية وانشغلنا داخل المؤسسات الدينية بقضايا ارضاع الكبير والختان والنقاب.
الشيخ عماد عفت - أمين الفتوي بدار الافتاء المصرية - قال: ما قامت به بلدية مرسيليا يمثل لونا من ألوان المواجهة الصريحة ضد الإسلام في الغرب بالقضاء علي الشعائر الدينية ومحاصرتها حيث ثبت فاعلية تلك الشعائر في جذب انتباه الكثيرين من الغربيين نحو تعاليم ومباديء الإسلام والحملة الغربية متواصلة الحلقات بدأت بمنع بناء المآذن بسويسرا ثم تواصلت بفرنسا والادعاء بأن السماح بالأذان الجهري بخالف القوانين العلمانية المطبقة بفرنسا رغم سماحهم للديانات الأخري غير الإسلام بالإعلان عن شعائرها وكأن الإسلام هو الخطر وحده علي العقول الغربية.
أضاف: المؤسف له ان نجد الهيئات الإسلامية بالغرب تؤيد تلك القرارات ولا نعلم خلفيات التأييد لكن تجاهلهم لشريعة الأذان بذلك الشكل المبتسر يكشف ان هناك خطأ في التقدير لشعيرة من شعائر الله واجبة التعظيم قال تعالي: "ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوي القلوب" فالأذان ليس مجرد أصوات هدفها الإعلام بدخول وقت الصلاة وإلا كان الأمر متجدداً وفق التطور العصري والامكانيات كثيرة في عصر التقنيات ولكن الهدف منه ايماني خالص بتجديد العهد مع الله تعالي بصيغة تشمل التوحيد الخالص والذكر الذي يربط المسلم بخالقه وليس مجرد كلمات يمكن الاستغناء عنها بمصابيح ضوئية أو بدائل بدعوي ان الأذان يسبب الضوضاء وانشغل الغرب عن أصوات الملاهي الليلية وما يماثلها بالآذان وهو ما يتعارض مع حرية ممارسة العقائد وأبسط حقوق الانسان التي يعلن عنها الغرب في المحافل المختلفة ويتخذها ذريعة للعدوان علي سياسات الدول التي لا تستجيب لاتجاهاتها.
المفكر الإسلامي د.صلاح زيدان - العميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر - قال: الحملة المسعورة ضد الإسلام تتواصل أحداثها دون هوادة في ظل صمت إسلامي معبر عن الحالة التي تعيشها الدول الإسلامية التي تقف في مكان المستمع دون إرادة الاعتراض بأي شكل نظرا لحالة الضعف الشامل في مجالات القوة اللسان المتحدث عن الدول في الوقت الحالي فاليهود رغم انهم لا يعدلون نسبة مئوية من تعداد المسلمين البالغ مليار وثلث علي مستوي العالم ولم نسمع يوما دول أوروبية اعترضت علي ملابسهم أو شعائرهم التي يعبرون بها عن ديانتهم وذلك لا يعد حقا ممنوحا من الغرب لاتباع الديانات بل يدخل ضمن جملة حقوق الإنسان سواء للمسلمين أم غير المسلمين لكن ان تتكاتف الدول الغربية بصورة واضحة ضد كل ما هو إسلامي يعني ان الأمر يحمل في طياته أغراض عدائية ضد الإسلام.
اضاف: ان الأذان شعيرة من شعائر الإسلام فليس مجرد 17 كلمة يرددها المؤذن وإنما عقيدة كاملة تشتمل علي تجديد الايمان بالشهادتين وترديدهما والاقدام علي الصلاة بالتحية والاقامة باعتبار ان الصلاة جمعت كافة أركان الايمان ولذلك قال عنها رسول الله - صلي الله عليه وسلم - الصلاة عماد الدين واعتبر العلماء اقامة الصلاة بمثابة اقامة الدين وهدمها هدم للدين ولولا أهمية الأذان لما أمر رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بترديده خلف المؤذن عقب النداء بقوله - صلي الله عليه وسلم - "إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول ثم صلوا عليّ فان من صلي عليّ صلاة صلي الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فانها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباده الله وأرجو ان أكون هو فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة".
وبذلك يثبت ان الأذان ليس مجرد عبارات انشائية فقط يريدون منعها والاكتفاء بالأذان الضوئي.
طالب د.زيدان بضرورة التصدي لتلك الحملة الظالمة والهجمة المتجاوزة ضد حقوق الأقليات المسلمة بالخارج وان يتم تزويد المسئولين هناك بفقهاء يدركون مرامي الأغراض الخارجية من وراء الانفعالات المتجاوزة لحدود الحريات فالغريب ان نجد تأييداً اسلامياً لالغاء شعيرة من شعائر الله مما يجعلنا نسأل أين دور المبعوثين بالمراكز الإسلامية في تصفية مسلمي الغرب؟