الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وآله وصحبه وسلم...
أيها الأحبة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ماذا بعد الضلال إلا الضلال.. وماذا بعد الظلام إلا الضياء.. الذي غطّى سماء البشرية على ظلام الشرك والكفر والظلم والشر والفساد، فهذا النور قد أتى ولوّح الأفق بانبثاق الفجر النبوي الشريف، في مكة وعلى أرضها الطاهرة، وفي بيت شيبة الحمد عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي تزوج عبد الله الذبيح سليلة شريفة فتاة عفيفة مكملة خلقا وخُلقا آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهرية القرشية. وحملت منه الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وبالتحديد في شهر في ربيع الأول من عام الفيل ولد أشرف الخلق محمد عليه الصلاة والسلام في دار يقال لها دار المولد المعروفة بدار محمد بن يوسف أخي الحجاج بن يوسف، وهي الآن مكتبة عامة، فهيا بنا أيها الأحبة نسترجع آيات نبوته عليه الصلاة والسلام
ولد بعد وفاة والده عبد الله بكذا شهر، حين تركه حملا في بطن أمه وسافر للتجارة في أرض غزة من فلسطين حيث توفي جده هاشم إلاّ أن عبد الله عاد منها فمرض في عودته فنزل عند أخواله من بني عدي بن النجار فمات عندهم بالمدينة المنورة، وقبره معروف المكان لعهد قريب وأخفي مكانه لزيارة الجهلة من الناس للإستشفاع به ودعائه والعياذ بالله تعالى من ذلك.
كان صلى الله عليه وسلم قد ولد من نكاح شرعي لا من سفاح جاهلي وقد عصم الله نسله الشريف.
ولم تجد أمه آمنة أثناء حملها به عليه الصلاة والسلام ما تجده الحوامل عادة من الوهن والضعف فكان هذا .
ومن الآيات.. أنّ آمنة لما حملت به صلى الله عليه وسلم ولما وضعته رأت نورا خرج منها فأضاء لها قصور الشام، وقد سئل صلى الله عليه وسلم عن نفسه فقال: ( أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمّي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام)...
( وعند ولادته ما روي عنها أنها قالت لما أخذني ما يأخذ النساء أي عند الولادة وإني لوحيدة في المنزل رأيت نسوة كالنخل طولا كأنهن من بنات عبد مناف يحدقن بي وفي كلام ابن المحدث ودخل علي نساء طوال كأنهن من بنات عبد المطلب ما رأيت أضوأ منهن وجوها وكأن واحدة من النساء تقدمت إلّي فاستندت إليها وأخذني المخاض واشتد علي الطلق وكأن واحدة منهن تقدمت إلّي وناولتني شربة من الماء أشد بياضا من اللبن وأبرد من الثلج وأحلى من الشهد فقالت لي اشربي فشربت ثم قالت الثالثة ازدادي فازددت ثم مسحت بيدها على بطني وقالت بسم الله اخرج بإذن الله تعالى فقلن لي أي تلك النسوة ونحن آسيا امرأة فرعون ومر يم ابنة عمران وهؤلاء من الحور العين لجواز وجود الشفاء أم عثمان عندها بعد ذلك وتأخر خروجه صلى الله عليه وسلم عن القول المذكور حتى نزل على يد الشفاء لما تقدم من قولها وقع على يدي ولعل حكمة شهود آسية ومر يم لولادته كونهما تصيران زوجتين له صلى الله عليه وسلم في الجنة مع كلثم أخت موسى ففي الجامع الصغير إن الله تعالى زوجني في الجنة مر يم بنت عمران وامرأة فرعون وأخت موسى، وعند موت خديجة أنه قال أما علمت أن الله تعالى قد زوجني معك في الجنة مر يم ابنة عمران وكلثم أخت موسى وآسية امرأة فرعون فقالت الله أعلمك بهذا قال نعم قالت بالرفاء والبنين. السيرة الحلبية (ج1/106)
ومنها: إنّ آمنة لما حملت به صلى الله عليه وسلم أتاها آت: إنّك حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وضع في الأرض فقولي: أعيذه بالواحد، من شر كل حاسد و ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشام فإذاً فسميه محمداً فإن اسمه في التوراة أحمد يحمده أهل السماء وأهل الأرض.
وعلى خلاف المواليد فإنه ولد عليه الصلاة والسلام مسرورا، مقطوع السرّة، فإن المواليد تقطع سرارهم المتصلة بأمهاتهم بعد الولادة.
ولد عليه الصلاة والسلام مختوناً، أي مقطوع غلفة الذكر فلم يختن كما يختن المواليد، وقد أعجب به جده عبد المطلب وقال سيكون لابني هذا شأن عظيم وحظي عنده بأقرب منزلة.
وليلة ولادته صلى الله عليه وسلم تزلزلت الكعبة ولم تسكن ثلاثة أيام ولياليهن وكان ذلك أول علامة رأت قريش من مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن الآيات أيضاً: انكسار البرمة التي وضعت عليه بعد ولادته على عادة النساء في قريش، إذ وجدت منكسرة على شقين ولم يبت تحتها عليه الصلاة والسلام، فكانت نبوته.
وكان لولادته سبب في ارتجاج إيوان كسرى بفارس، وسقوط أربع عشرة شرفة من شرفاته.( ويقصد سقوط أربعة عشر ملكا من ملوكهم وملكاتهم، فسقط عشرة منهم في أربع سنوات، وأربعة تم سقوطهم على عهد الفتح الإسلامي).
ولمّا ولد عليه الصلاة والسلام، خمدت نار فارس التي لم تخمد منذ ألف سنة.
وكان البيت الذي ولد فيه قد امتلأ نورا، ورؤية النجوم وهي تدنو منه حتى لتكاد تقع عليه صلى الله عليه وسلم، رأت هذا أمه والقابلة التي كانت معها وحدثتا به، وهو حق لا باطل وصدق لا كذب.
فمن هذه الآيات البينات إعلانا بنبوته، وعلو شانه، فصلى الله عليه وآله وسلم.
ولقد كان في عام الفيل حين غزا أبرهة الأشرم مكة وهزيمته بما يقارب خمسين يوما، فكانت تلك الهزيمة أخرى للنبي عليه الصلاة والسلام.
وعن عكرمة أن إبليس لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى تساقط النجوم قال أي لجنوده لقد ولد الليلة ولد يفسد علينا أمرنا وهذا يدل على أن تساقط النجوم كان عند إبليس علامة على وجوده صلى الله عليه وسلم فقال له جنوده لو ذهبت إليه فخبلته فلما دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الله جبريل عليه الصلاة والسلام فركضه برجله ركضة وقع بعيدا وكون تساقط النجوم كان عند إبليس علامة على وجود نبينا صلى الله عليه وسلم، ومع قول بعضهم لما رجمت الشياطين ومنعت من مقاعدها في السماء لاستراق السمع شكوا ذلك لإبليس فقال لهم هذا أمر حدث في الأرض وأمرهم أن يأتوه بتربة من كل أرض فصار يشمها إلى أن أتى بتربة من أرض تهامة فلما شمها قال: من ههنا الحدث هكذا ساقه بعضهم عند ولادته صلى الله عليه وسلم إلا أن يقال لا إشكال لأن تساقط النجوم وإن كان علامة وجود النبي عليه الصلاة والسلام..قال غيرهم إنما كان هذا عند مبعثه.( السيرة الحلبية ج1/ص111).
هذه بعض آيات مولده الشريف صلى الله عليه وسلم، فهل نحن نحب نبينا محمد عليه الصلاة والسلام أكثر من أنفسنا، أيها الأحبة هذه حالنا اليوم تصور لنا مدى محبته عليه الصلاة والسلام التي هي واجبة بالكتاب والسنة، فالإيمان به وبما أنزل عليه وطاعته والمتابعة والإقتداء به وتوقيره وتعظيم شأنه، ومحبة آل بيته وأصحابه والصلاة عليه، كلها لدليل على محبته، وإن محبته صلى الله عليه وسلم في التمسك بسنته والاهتداء بهديه ومتابعته في المعتقد والقول والعمل، ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم31)آل عمران، فلا مخالفة له بتقديم ولا تأخير ولا زيادة ولا نقصان وأهم هذه المخالفات: البدع، فإياكم والبدعة فإنها ضلالة، فمن محبته عليه الصلاة والسلام الابتعاد عن البدع، فلا يبدع ولا يعمل ببدعة أحد مهما كان إلا أن يكون ما ورد عن أحد الخلفاء الراشدين الأربعة أبابكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، قال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)، ولننتقل إلى ما جاء على لسان إبليس لعنه الله: ففي تفسير ابن مخلد الذي قال في حقه ابن حزم ما صنف مثله أصلا، عن عطاء الخراساني: لما نزل قوله تعالى( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما)..صرخ إبليس صرخة عظيمة اجتمع إليه فيها جنوده من أقطار الأرض قائلين ما هذه الصرخة التي أفزعتنا قال أمر نزل بي لم ينزل قط أعظم منه قالوا وما هو فتلا عليهم ال وقال لهم فهل عندكم من حيلة قالوا ما عندنا من حيلة فقال اطلبوا فإني سأطلب قال فلبثوا ما شاء الله ثم صرخ أخرى فاجتمعوا إليه وقالوا ما هذه الصرخة التي لم نسمع منك مثلها إلا التي قبلها قال هل وجدتم قالوا لا قال قد وجدت قالوا وما الذي وجدت قال أزين لهم البدع التي يتخذونها دينا ثم لا يستغفرون أي لأن صاحب البدعة يراها بجهله حقا وصوابا ولا يراها ذنبا حتى يستغفر الله منها، وقد جاء في الحديث: أبى الله أن يقبل عمل صاحب بدعة حتى بدع بدعته أي لا يثيبه على عمله مادام متلبسا بتلك البدعة، وعن الحسن قال: بلغني أن إبليس قال: سولت لأمة محمد صلى الله عليه وسلم المعاصي فقطعوا ظهري بالاستغفار فسولت لهم ذنوبا لا يستغفرون الله منها وهي الأهواء أي ( البدع ) وقد جاء في الحديث: أهل الأهواء هم أهل البدع.
هكذا أيها الأحبة قد زين الشيطان فعل البدع لأهل الدين حتى يعتقدوا أنها من السنة وهي ليست كذلك، كمثل فعل المولد النبوي، فهذا ليس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا فعله خلفاء الله الأربعة من بعده، فإن هذا المولد تقام فيه الذبائح والحفلات والاجتماع وباليتهم يجتمعون على ذكر الله تعالى فقط بل يزيدون أكثر من ذلك حبا في النبي عليه الصلاة والسلام على قولهم، وهل هم يحبون سيدنا محمد أكثر منّا... هذا المولد الذي يعتبرونه عظيما ويخصصون له يوما واحدا في العام من ربيع الأول، من القيام والأذكار التي قد لا تخلوا من الشر كيات ( أعاذنا الله والقارئ الكريم من ذلك) في بعض الأشعار التي يتلونها، ولكني أقول لهؤلاء هداهم الله تعالى إلى صراطه المستقيم، بأنني أحب أن أحتفل بسيرته عليه الصلاة والسلام، ولكن في يوم واحد من كل أسبوع، يوم الجمعة فقد أوصانا رسولنا صلى الله عليه وسلم بان نغتسل ونتطيب قبل صلاة الجمعة ونذكر الله فيه ونصلي على الحبيب نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كما أمرنا بذلك، فهو خير يوم طلعت عليه الشمس، وقال فيه اليهود لو أنزل علينا هذا اليوم لتخذ ناه عيدا معاشر المسلمين، وفيه ساعة إجابة فالتمسوها، هذا فضل عظيم سبحان الله. قد خصص لنا الله يوم عظيم، وأمرنا رسولنا عليه الصلاة والسلام بكثرة الصلاة عليه في هذا اليوم، فهذه سنة ومحبة لرسولنا...
فهل تستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فمن تنادي..
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
----------------------------------------
أيها الأحبة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ماذا بعد الضلال إلا الضلال.. وماذا بعد الظلام إلا الضياء.. الذي غطّى سماء البشرية على ظلام الشرك والكفر والظلم والشر والفساد، فهذا النور قد أتى ولوّح الأفق بانبثاق الفجر النبوي الشريف، في مكة وعلى أرضها الطاهرة، وفي بيت شيبة الحمد عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي تزوج عبد الله الذبيح سليلة شريفة فتاة عفيفة مكملة خلقا وخُلقا آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهرية القرشية. وحملت منه الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وبالتحديد في شهر في ربيع الأول من عام الفيل ولد أشرف الخلق محمد عليه الصلاة والسلام في دار يقال لها دار المولد المعروفة بدار محمد بن يوسف أخي الحجاج بن يوسف، وهي الآن مكتبة عامة، فهيا بنا أيها الأحبة نسترجع آيات نبوته عليه الصلاة والسلام
ولد بعد وفاة والده عبد الله بكذا شهر، حين تركه حملا في بطن أمه وسافر للتجارة في أرض غزة من فلسطين حيث توفي جده هاشم إلاّ أن عبد الله عاد منها فمرض في عودته فنزل عند أخواله من بني عدي بن النجار فمات عندهم بالمدينة المنورة، وقبره معروف المكان لعهد قريب وأخفي مكانه لزيارة الجهلة من الناس للإستشفاع به ودعائه والعياذ بالله تعالى من ذلك.
كان صلى الله عليه وسلم قد ولد من نكاح شرعي لا من سفاح جاهلي وقد عصم الله نسله الشريف.
ولم تجد أمه آمنة أثناء حملها به عليه الصلاة والسلام ما تجده الحوامل عادة من الوهن والضعف فكان هذا .
ومن الآيات.. أنّ آمنة لما حملت به صلى الله عليه وسلم ولما وضعته رأت نورا خرج منها فأضاء لها قصور الشام، وقد سئل صلى الله عليه وسلم عن نفسه فقال: ( أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمّي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام)...
( وعند ولادته ما روي عنها أنها قالت لما أخذني ما يأخذ النساء أي عند الولادة وإني لوحيدة في المنزل رأيت نسوة كالنخل طولا كأنهن من بنات عبد مناف يحدقن بي وفي كلام ابن المحدث ودخل علي نساء طوال كأنهن من بنات عبد المطلب ما رأيت أضوأ منهن وجوها وكأن واحدة من النساء تقدمت إلّي فاستندت إليها وأخذني المخاض واشتد علي الطلق وكأن واحدة منهن تقدمت إلّي وناولتني شربة من الماء أشد بياضا من اللبن وأبرد من الثلج وأحلى من الشهد فقالت لي اشربي فشربت ثم قالت الثالثة ازدادي فازددت ثم مسحت بيدها على بطني وقالت بسم الله اخرج بإذن الله تعالى فقلن لي أي تلك النسوة ونحن آسيا امرأة فرعون ومر يم ابنة عمران وهؤلاء من الحور العين لجواز وجود الشفاء أم عثمان عندها بعد ذلك وتأخر خروجه صلى الله عليه وسلم عن القول المذكور حتى نزل على يد الشفاء لما تقدم من قولها وقع على يدي ولعل حكمة شهود آسية ومر يم لولادته كونهما تصيران زوجتين له صلى الله عليه وسلم في الجنة مع كلثم أخت موسى ففي الجامع الصغير إن الله تعالى زوجني في الجنة مر يم بنت عمران وامرأة فرعون وأخت موسى، وعند موت خديجة أنه قال أما علمت أن الله تعالى قد زوجني معك في الجنة مر يم ابنة عمران وكلثم أخت موسى وآسية امرأة فرعون فقالت الله أعلمك بهذا قال نعم قالت بالرفاء والبنين. السيرة الحلبية (ج1/106)
ومنها: إنّ آمنة لما حملت به صلى الله عليه وسلم أتاها آت: إنّك حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وضع في الأرض فقولي: أعيذه بالواحد، من شر كل حاسد و ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشام فإذاً فسميه محمداً فإن اسمه في التوراة أحمد يحمده أهل السماء وأهل الأرض.
وعلى خلاف المواليد فإنه ولد عليه الصلاة والسلام مسرورا، مقطوع السرّة، فإن المواليد تقطع سرارهم المتصلة بأمهاتهم بعد الولادة.
ولد عليه الصلاة والسلام مختوناً، أي مقطوع غلفة الذكر فلم يختن كما يختن المواليد، وقد أعجب به جده عبد المطلب وقال سيكون لابني هذا شأن عظيم وحظي عنده بأقرب منزلة.
وليلة ولادته صلى الله عليه وسلم تزلزلت الكعبة ولم تسكن ثلاثة أيام ولياليهن وكان ذلك أول علامة رأت قريش من مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن الآيات أيضاً: انكسار البرمة التي وضعت عليه بعد ولادته على عادة النساء في قريش، إذ وجدت منكسرة على شقين ولم يبت تحتها عليه الصلاة والسلام، فكانت نبوته.
وكان لولادته سبب في ارتجاج إيوان كسرى بفارس، وسقوط أربع عشرة شرفة من شرفاته.( ويقصد سقوط أربعة عشر ملكا من ملوكهم وملكاتهم، فسقط عشرة منهم في أربع سنوات، وأربعة تم سقوطهم على عهد الفتح الإسلامي).
ولمّا ولد عليه الصلاة والسلام، خمدت نار فارس التي لم تخمد منذ ألف سنة.
وكان البيت الذي ولد فيه قد امتلأ نورا، ورؤية النجوم وهي تدنو منه حتى لتكاد تقع عليه صلى الله عليه وسلم، رأت هذا أمه والقابلة التي كانت معها وحدثتا به، وهو حق لا باطل وصدق لا كذب.
فمن هذه الآيات البينات إعلانا بنبوته، وعلو شانه، فصلى الله عليه وآله وسلم.
ولقد كان في عام الفيل حين غزا أبرهة الأشرم مكة وهزيمته بما يقارب خمسين يوما، فكانت تلك الهزيمة أخرى للنبي عليه الصلاة والسلام.
وعن عكرمة أن إبليس لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى تساقط النجوم قال أي لجنوده لقد ولد الليلة ولد يفسد علينا أمرنا وهذا يدل على أن تساقط النجوم كان عند إبليس علامة على وجوده صلى الله عليه وسلم فقال له جنوده لو ذهبت إليه فخبلته فلما دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الله جبريل عليه الصلاة والسلام فركضه برجله ركضة وقع بعيدا وكون تساقط النجوم كان عند إبليس علامة على وجود نبينا صلى الله عليه وسلم، ومع قول بعضهم لما رجمت الشياطين ومنعت من مقاعدها في السماء لاستراق السمع شكوا ذلك لإبليس فقال لهم هذا أمر حدث في الأرض وأمرهم أن يأتوه بتربة من كل أرض فصار يشمها إلى أن أتى بتربة من أرض تهامة فلما شمها قال: من ههنا الحدث هكذا ساقه بعضهم عند ولادته صلى الله عليه وسلم إلا أن يقال لا إشكال لأن تساقط النجوم وإن كان علامة وجود النبي عليه الصلاة والسلام..قال غيرهم إنما كان هذا عند مبعثه.( السيرة الحلبية ج1/ص111).
هذه بعض آيات مولده الشريف صلى الله عليه وسلم، فهل نحن نحب نبينا محمد عليه الصلاة والسلام أكثر من أنفسنا، أيها الأحبة هذه حالنا اليوم تصور لنا مدى محبته عليه الصلاة والسلام التي هي واجبة بالكتاب والسنة، فالإيمان به وبما أنزل عليه وطاعته والمتابعة والإقتداء به وتوقيره وتعظيم شأنه، ومحبة آل بيته وأصحابه والصلاة عليه، كلها لدليل على محبته، وإن محبته صلى الله عليه وسلم في التمسك بسنته والاهتداء بهديه ومتابعته في المعتقد والقول والعمل، ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم31)آل عمران، فلا مخالفة له بتقديم ولا تأخير ولا زيادة ولا نقصان وأهم هذه المخالفات: البدع، فإياكم والبدعة فإنها ضلالة، فمن محبته عليه الصلاة والسلام الابتعاد عن البدع، فلا يبدع ولا يعمل ببدعة أحد مهما كان إلا أن يكون ما ورد عن أحد الخلفاء الراشدين الأربعة أبابكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، قال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)، ولننتقل إلى ما جاء على لسان إبليس لعنه الله: ففي تفسير ابن مخلد الذي قال في حقه ابن حزم ما صنف مثله أصلا، عن عطاء الخراساني: لما نزل قوله تعالى( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما)..صرخ إبليس صرخة عظيمة اجتمع إليه فيها جنوده من أقطار الأرض قائلين ما هذه الصرخة التي أفزعتنا قال أمر نزل بي لم ينزل قط أعظم منه قالوا وما هو فتلا عليهم ال وقال لهم فهل عندكم من حيلة قالوا ما عندنا من حيلة فقال اطلبوا فإني سأطلب قال فلبثوا ما شاء الله ثم صرخ أخرى فاجتمعوا إليه وقالوا ما هذه الصرخة التي لم نسمع منك مثلها إلا التي قبلها قال هل وجدتم قالوا لا قال قد وجدت قالوا وما الذي وجدت قال أزين لهم البدع التي يتخذونها دينا ثم لا يستغفرون أي لأن صاحب البدعة يراها بجهله حقا وصوابا ولا يراها ذنبا حتى يستغفر الله منها، وقد جاء في الحديث: أبى الله أن يقبل عمل صاحب بدعة حتى بدع بدعته أي لا يثيبه على عمله مادام متلبسا بتلك البدعة، وعن الحسن قال: بلغني أن إبليس قال: سولت لأمة محمد صلى الله عليه وسلم المعاصي فقطعوا ظهري بالاستغفار فسولت لهم ذنوبا لا يستغفرون الله منها وهي الأهواء أي ( البدع ) وقد جاء في الحديث: أهل الأهواء هم أهل البدع.
هكذا أيها الأحبة قد زين الشيطان فعل البدع لأهل الدين حتى يعتقدوا أنها من السنة وهي ليست كذلك، كمثل فعل المولد النبوي، فهذا ليس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا فعله خلفاء الله الأربعة من بعده، فإن هذا المولد تقام فيه الذبائح والحفلات والاجتماع وباليتهم يجتمعون على ذكر الله تعالى فقط بل يزيدون أكثر من ذلك حبا في النبي عليه الصلاة والسلام على قولهم، وهل هم يحبون سيدنا محمد أكثر منّا... هذا المولد الذي يعتبرونه عظيما ويخصصون له يوما واحدا في العام من ربيع الأول، من القيام والأذكار التي قد لا تخلوا من الشر كيات ( أعاذنا الله والقارئ الكريم من ذلك) في بعض الأشعار التي يتلونها، ولكني أقول لهؤلاء هداهم الله تعالى إلى صراطه المستقيم، بأنني أحب أن أحتفل بسيرته عليه الصلاة والسلام، ولكن في يوم واحد من كل أسبوع، يوم الجمعة فقد أوصانا رسولنا صلى الله عليه وسلم بان نغتسل ونتطيب قبل صلاة الجمعة ونذكر الله فيه ونصلي على الحبيب نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كما أمرنا بذلك، فهو خير يوم طلعت عليه الشمس، وقال فيه اليهود لو أنزل علينا هذا اليوم لتخذ ناه عيدا معاشر المسلمين، وفيه ساعة إجابة فالتمسوها، هذا فضل عظيم سبحان الله. قد خصص لنا الله يوم عظيم، وأمرنا رسولنا عليه الصلاة والسلام بكثرة الصلاة عليه في هذا اليوم، فهذه سنة ومحبة لرسولنا...
فهل تستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فمن تنادي..
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
----------------------------------------