حديث تنبع منه الرحمة وتذرف منه العيون
عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إذا خلص المؤمنون من النار و أمنوا ، فـو الذي نفسي بيده ما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا بأشد من مجادلة المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار .
قال: يقولون: ربنا! إخواننا كانوا يصلون معنا، و يصومون معنا، و يحجون معنا، و يجاهدون معنا، فأدخلتهم النار !
قال: فيقول : اذهبوا، فأخرجوا من عرفتم منهم.
فيأتونهم، فيعرفونهم بصورهم، لا تأكل النار صورهم، لم تغش الوجه، فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه، و منهم من أخذته إلى كعبيه، فيخرجون منها بشرا كثيرا، فيقولون: ربنا! قد أخرجنا من أمرتنا.
قال: ثم يعودون فيتكلمون فـيقول : أخرجوا من كان في قلبه مثقال دينار من الإيمان .
فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون : ربنا ! لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا.
ثم يقول : ارجعوا ، فمن كان في قلبه وزن نصف دينار فأخرجوه ، فيخرجون خلقا كثيرا ، ثم يقولون : ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا ...
حتى يقول : أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة فيخرجون خلقا كثيرا.
قال أبو سعيد : فمن لم يصدق بهذا الحديث فليقرأ هذه الآية :
( إن الله لا يظلم مثقال ذرة و إن تك حسنة يضاعفها و يؤت من لدنه أجرا عظيما )
قال : فيقولون : ربنا قد أخرجنا من أمرتنا ، فلم يبق في النار أحد فيه خير !
قال : ثم يقول الله: شفعت الملائكة، و شفعت الأنبياء، و شفع المؤمنون، و بقي أرحم الراحمين .
قال : فيقبض قبضة من النار – أو قال : قبضتين – ناسا لم يعملوا خيرا قط، قد احترقوا حتى صاروا حمما.
قال : فيؤتى بهم إلى ماء يقال له: الحياة، فيصب عليهم ، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة، و إلى جانب الشجرة ، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر ، و ما كان منها إلى الظل كان أبيض.
قال : فيخرجون من أجسادهم مثل اللؤلؤ ، و في أعناقهم الخاتم ( و في رواية : الخواتم ) ، عتقاء الله .
قال : فيقال لهم : ادخلوا الجنة ، فما تمنيتم و رأيتم من شيء فهو لكم و مثله معه، فيقول أهل الجنة : هؤلاء عتقاء الرحمن ، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ، و لا خير قدموه .
قال : فيقولون : ربنا ! أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين !
قال : فيقول : فإن لكم عندي أفضل منه !
فيقولون : ربنا ! و ما أفضل من ذلك ؟
قال : فيقول : رضائي عنكم ، فلا أسخط عليكم أبدا.
من كتاب حكم تارك الصلاة لشيخنا الألباني رحمه الله