إرتشفت آخر قطرة من الفنجان بعدما انتهيت من تصميم هندسى كنت قد وعدت به مديرى فى الشركة .
ولأنى كنت قد وعدت صديقى أحمد ألا يجعله يذهب وحده لحفل خطوبة جاره فى إحدى قاعات المناسبات بإحدى النوادى. احمد لم أفترق عنه منذ أيام الصبا ولكن شائت الاقدار أن تودعه كلية الفنون الجميلة التى تمنى أن يدخلها بينما حددت رغبتى فى الهندسة دربى .
نزلت الدرج فى غمضة عين واستقليت أول سيارة أجرة لمنزل صديقى , وفوجئت به ينفث بدخان سيجارته امام مدخل المنزل فلم أعطه الفرصة ييستشيط غضبه أكثر فطلبت من السائق أن يوصلنا الى النادى , فركب الغاضب ولم ينبس ببنت شفة إلا أن وصلنا .
وأمام النادى صافحنا أحد الواقفين الذى أخبرنى احمد أنه أخ العريس مصطفى .
الصخب يكاد يرج أرجاء القاعة والحركة الدائبة جعلت من الحضور قطع شطرنج مضطربة .
الوجوه كلها ترسم البسمات وتوزع الكرز هنا وهناك .
وصلت اللحظة الحاسمة وساعة الصفر قبل خروجنا من ضجيج الحفل, اقترب احمد من العروسين وكان يتقدمنى بخطوة , فجأة تباطأت خطواته حتى تجمد فى مكانه فنظرت إليه ,
اختفت تلك الابتسامة العريضة التى حفرت مكانها فى تقاسيم صديقى منذ الصغر واتسحت ملامحه بالوجوم الغير مبرر فى مثل هذه اللحظات .
فكأن احدى ساحرات التبت قد وصلت الى كهفه وألقت عليه بعصاها .
فصافح العريس وعيناه لم تتحرك عن العروس ولكن حمداً لله العريس لم يلحظ لانشغاله بالحفل والاصدقاء
والعروس بدورها ارتجفت بالكأس الذى اشفق على فستانها الابيض وسكب بعض القطرات بجواره .
قمت بماقام به احمد من مراسم روتينية ونظرت خلفى لأجد الشبح قد اختفى ولم يبقى حتى طيفه ليدلنى على مكان صديقى ,
ولأنى أفهم أحمد . أدركت أن ثمة لغز ما قد عكر مزاجه وجعله ينصرف ,
فهربت من الضجيج والزحام لأجده مشعلاً فى نار سيجارة مسكينة صب عليها جم غضبه ,
قلت له : مابالك ياأخى ؟ ماذا حدث .
لم يرد وأشار لأول تاكسى تاركاً إياى غارقاً فى حيرتى . فلم أغضب لأنى أعرفه عندما يستشيط غضباً ويستلذ الألم بالتجوال فى جسده .
دخلت القاعة لكى انهى هذا الفصل السخيف والذى لم اكن اتوقعه ابداً .
وبعد أسبوع من الحادثة العجيبة كنت بمكتبى ومازال أمامى تصميم طويل تقاعست فى انجازه بعد الظهر فداهمنى الوقت الى الثامنة .
رن هاتفى المحمول بنغمة صديقى أحمد . رديت بفتور : ألوو
أحمد : أسف ياأعز صديق والآن أنتظرك فى مقهانا , ولم يترك لى فرصة المراجعة ,أغلق الخط .
ازداد الطفل شوقاً لمعرفة تفاصيل الحفل وتحرك الفضول بداخلى كنمر يبحث عن فريسة .
ولكن مديرى لم يغادر , اغلقت الاوراق وذهبت لمكتبه
وارتجفت حروفى : سيدى لدى موعد مع طبيب الاسنان بعد قليل ,
رد فى عنف : قل لضرسك الذى حدثك على الهاتف , مستقبل الشركة أولى منك بوقتى ولكن مادام الوقت قد تأخر لك ذلك ,
وصلت الى المقهى لأجد أحمد قد هدأت ثورته كثيراً بعدما أشار لى كى أراه.
جلست الى صديقى وكانت أول كلماتى , ماذا هناك ياصديقى .
طلب أحمد فنجانى قهوة , وقال : هاك ياصديقى انظر تلك
فأخدت لتشملنى غيمة مطر شديدة السواد فى ليلة صيفية لم تتوقع مجيئها ,
انها العروس وقلبت لأجد توقيعها . إلى حبيبى أحمد ,
نظرت له لأجده قد شرع فى الكلام : هدير كانت زميلتى فى الكلية وكنت قد وعدتها بالزواج بعد قصة حب استمرت اربع سنوات
ولكن ظروف وفاة والدى وانشغالى بتجهيز اختى الصغيرة للزواج منعنى من البت فى موضوعى .
وانهمرت اللألئ من عينى اعز اصدقائى لتلدغنى حية الظروف وتضفى على روحى سياجاً من الهم .
وفجأه صرخ هاتف صديقى فإذا به يلقى إلىّ بالهاتف ويقول لى رد ولا تنطق .
فإذا برقم لايستدعى توتر صديقى .
فرددت فى نبرة خافتة : آلوو
رد الطرف الأخر بصوت نسائى ساحر : أحمد , عندما تأخرت فى طلب يدى من أهلى , أجبرونى على تلك الزيجة
ولكنى مازلت أحبك وأمس قمت بفسخ الخطوبة والآن ليس أمامى سواك .
فماذا تقول . وبالخطأ من شدة توترى أغلقت المكالمة وعندما أخبرت أحمد بنص المكالمة ,
انتفض من الفرحة وقال لى : أتدرى أنى أحبك ياهذا
وقبل رأسى واختفى من أمامى مرة أخرى
فحمدت ربى أن ماطلبه هو فنجانى قهوة , لأنى لم أقبض راتبى منذ شهرين بسبب إهمالى فى إنجاز التصاميم فى وقتها وضياع عدة صفقات فى شركتى