بيع كاميرات تجسس في ميدان التحرير
على مدار الأشهر الماضية، كانت السلعة الأكثر رواجا في أسواق “التكنولوجيا” في مصر، هي أجهزة التجسس، التي غزت عقول الشباب وجيوبهم، قبل أن تفيق أجهزة الأمن، وتبدأ في ملاحقة التجار ومصادرة الأجهزة، التي تهدد الأمن القومي المصري، قبل أن تنتهك “خصوصية” المصريين، لذلك كان الإعلان الذي نشره أحد تجار أجهزة التجسس في جريدة الأخبار، صادما للجميع، بما في ذلك أجهزة الأمن، التي بدأت في إجراء التحريات للتوصل الى التاجر.
وفور نشر الإعلان في شهر ديسمبر الماضي، بدأت إدارة النقد والتهريب التابعة لإدارة مباحث الأموال العامة، في التحري عن “ون تي في”، التي أعلنت عن بيع أقلام “جاف” مزودة بكاميرات تجسس، يمكنها تصوير أي شخص بالصوت و، لمدة ساعة ونصف الساعة كاملة، وبجودة عدسة تصل الى 1,3 ميجا بيكسل، بالإضافة الى أن الأقلام مزودة بكارت “ميموري” سعته 4 جيجا، وذكرت الشركة في الإعلان، أن سعر القلم الواحد يبلغ 750 جنيها.
ولم تستغرق تحريات أجهزة الأمن وقتا طويلا للتوصل الى التاجر، الذي وضع اسم الشركة وعنوانها في الإعلان، فقد تم التوصل سريعا الى المستورد، لأن “القلم” يدخل ضمن أجهزة التنصت والمراقبة، التي حظرها نائب الحاكم العسكري العام، بالقرار رقم 3 لسنة 1998، وهو القرار الذي يحظر الإعلان عن هذه الأجهزة، أو استيرادها أو تصنيعها أو حيازتها، وتضمن القرار عقوبة الحبس لمدة عام، وتشديد العقوبة عند استخدام هذه الأجهزة في أغراض إرهابية.
وكلفت الإدارة أحد مصادرها السرية، بالاتصال بصاحب الإعلان عن طريق رقم الموبايل الموجود بالإعلان، وطلب المصدر شراء 20 قلما، واتفقا معا على أن تكون المقابلة في ميدان التحرير، وبالفعل حضر التاجر للموعد، وبحوزته كيس أسود به الأقلام المضبوطة، وألقت قوة من مباحث الأموال العامة القبض عليه، وتم التحفظ على المضبوطات، وحرزت برقم 832 مضبوطات قصر النيل، في المحضر رقم 10601 لسنة 2010 جنح قصر النيل، وتم التحقيق معه بديوان الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة.
وداخل مقر الإدارة، أكد “عمرو”، البالغ من العمر 25 عاما، الذي يدير شركة “ون تي في” للاستيراد والتصدير والتسويق عبر شاشات التليفزيون، أنه لاحظ منذ فترة، وجود إعلانات بجريدة الأخبار، عن بيع أقلام لتصوير الفيديو، بالصوت و، وعلم وقتها أن هذه الأقلام تدر أرباحا طائلة وسريعة، وهو ما دفعه للإعلان عن هذه الأقلام، قبل أن يكون لديه قلم واحد منها، واتصل به أحد الأشخاص ليعرض عليه بيع هذه الاقلام له، مقابل 175 جنيهاً للقلم الواحد، فطلب منه عمرو 30 قلمًا، حصل منها على 20 فقط، ومعه شاحن ووصلة كمبيوتر، وسي دي لتعريف الأقلام بالكمبيوتر، وعندما طلب منه رجال المباحث معلومات الشخص الذي باع له الأقلام، أكد عمرو أنه لا يعلم عنه أي شيء، حيث إنه اتصل به من أكثر من رقم، مضيفا أنه لا يعرف له أي عنوان، وعندما التقاه لاستلام الأقلام، كان اللقاء في “كافيه” بجسر السويس، ولم يعلم سوي أن اسمه الأول هو “محمد”، وقررت مباحث الأموال العامة إحالة المتهم للنيابة، التي أحالته بدورها الى محكمة جنح قصر النيل، بتهمة مخالفة أحكام نائب الحاكم العسكري.