أم المراثي -- ابلغ ماقيل في الرثاء
السلام عليكم
قائل القصيدة هومالك بن الريب كان في بادية بني تميم وكان أول أمره فاتكا لصا ، وكان من أجمل العرب وأبينهم بيانا لقيه سعيد بن عثمان بن عفان وأعجب سعيد به وضمه إليه وأغناه وأستصحبه فكف عن الفساد وقطع
الطريق
وهذه قصته هدايته ولزوم الجهاد
خرج سعيد بن عثمان بن عفان غازياً في سبيل الله، وكان مالك بن الريب قاطع طريق في حدود خراسان يسرق القوافل، لا تمر قافلة إلا سرقها، وكان سفاكاً للدماء، فمر به سعيد بن عثمان رضي الله عنه وأرضاه وناداه، فقال: من أنت؟ قال: مالك بن الريب فقال: وما عملك؟ قال: الله أدرى بعملي، قال: ألا تتوب؟ قال: كيف؟ قال: خرجنا نحن في سبيل الله، قال: ماذا تريدون؟ قال: نبيع أنفسنا إلى الله، قال: سبحان الله! أنا آكل أموال الناس سرقة، وأنتم تبيعون أنفسكم إلى الله، اللهم إني أشهدك أني تبت إليك، فتاب وأناب، وذهب معهم، وقاتل معهم الكفار، وبعد المعركة وهو راجع لدغته حية، فأتوا به وهو في سكرات الموت، فقال قصيدة من أعجب ما قيل في القصائد العربية يرثي نفسه
ألا ليت شعري هل أبـيتن لـيلةً ** بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه ** وليت الغضى ماشى الركاب لـيالـيا
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى ** مزارٌ ولكن الغـضـى لـيس دانـيا
ألم ترني بعت الضلالة بـالـهـدى ** وأصبحت في جيش ابن عفان غـازيا
وأصبحت في أرض الأعادي بعيد مـا ** أراني عن أرض الأعـادي قـاصـيا
دعاني الهوى من أهل أودٍ وصحبتـي ** بذي الطبسـين فـالـتـفـت ورائيا
أجبت الهوى لما دعـانـي بـزفـرةٍ ** تقنـعـت مـنـهـا، أن أُلامَ، ردائيا
أقول وقد حالت قرى الكرد دونـنـا ** جزى الله عمراً خير ما كـان جـازيا
إنِ الله يرجعني من الـغـزو لا أرى ** وإن قل مالـي طـالـبـاً مـا ورائيا
تقول ابنتي، لما رأت طول رحلـتـي ** سفارك هـذا تـاركـي لا أبـا لـي
لعمري، لئن غالت خراسان هامتي ** لقد كنت عن بابي خـراسان نـائيا
فإن أنج من بابي خـراسـان لا أعـد ** إليها، وإن منيتـمـونـي الأمـانـيا
فلـلـه دري ، يومَ أتـرُكُ طائعاً ** بني بأعلى الرقـمتـين، ومـالـيا
ودرّ الظباء الـسانحات عـشـيةً ** يخبّرن، أنـي هـالـكٌ، مـن ورائيا
ودرّ كبـيري الـلـذين كـلاهـمـا ** علي شفيقٌ نـاصـحٌ لـو نـهـانـيا
ودرّ الرجال الشاهـدين تـفـتـكـي ** بأمري ألا يقصـروا مـن وثـاقـيا
ودرّ الهوى من حيث يدعو صحـابـه ** ودر لجـاجـاتـي ودر انـتـهـائيا
تذكرت من يبكي علي فـلـم أجد ** سوى السيف والرمح الرديني باكيا
وأشقر محـبـوكٍ يجـر لـجـامـه ** إلى الماء لم يترك له الموت ساقـيا
ولكنْ بأكناف الـسُّـمَـينة نـسـوةٌ ** عزيزٌ عليهـن العـشية ما بيا
صريعٌ على أيدي الرجال بـقـفـرة ** يسوون لحدي حـيث حـم قـضـائيا
ولما تراءت عنـد مـرو مـنـيتي ** وخلَّ بها جسمي وحانـت وفاتـيا
أقول لأصحابي:ارفعـوني فـإنـه ** يقر بعـينـي أن سـهـيلٌ بـدا لـيا
فيا صاحبَي رحلي، دنا الموت فانـزلا ** برابـيةٍ ، إنـي مـقـيمٌ لـيالـيا
أقيما علـي الـيوم أو بعـض لـيلةٍ ** ولا تُعْجِلاني، قـد تـبـين شانيا
وقوما ، إذا ما استل روحي، فـهـيئا ** لي السدر والأكفـان عـنـد فـنـائيا
وخُطّا بأطراف الأسنة مضـجـعـي ** ورُدا على عـينـيَّ فـضـلَ ردائيا
ولا تحسداني ، بارك اللـه فـيكـمـا ** من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا
خذاني فجراني بـبُـردِي إلـيكـمـا ** فقد كان قبل اليوم صـعـبـاً قـياديا
وقد كنت عطافاً إذا الـخـيل أدبـرت ** سريعاً إلى الهيجا إلى مـن دعـانـيا
وقد كنت صباراً على القرن في الوغى ** وعن شتمي ابن العم والجـار وانـيا
فطوراً تراني فـي ظـلالٍ ونـعـمةٍ ** ويوماً تراني والـعـتـاق ركـابـيا
ويوماً تراني في رحى مـسـتـديرة ** تخرق أطـراف الـرماح ثـيابـيا
وقوماً على بئر السُّمـينة أسـمـعـا ** بها الغر والبيض الحسان الـروانـيا
بأنكما خـلـفـتـمـانـي بـقـفـرةٍ ** تهيل عليَّ الريحُ فيهـا الـسـوافـيا
ولا تنسيا عهدي خلـيلـي بـعـدمـا ** تقطع أوصالي وتبلـى عـظـامـيا
ولن يعدم الوالون بـثـاً يصيبهـم ** ولن يعدم الميراث مني الـموالـيا
يقولون: لا تبعد ، وهم يدفـنـونـنـي ** وأين مكان الـبـعـد إلا مكانـيا؟
غداة غدٍ يا لهف نفسـي عـلـى غـدٍ ** إذا أدلجوا عني وأصـبـحـت ثـاويا
وأصبح مالي مـن طـريفٍ وتـالـد ** لغيري ، وكان المال بالأمـس مـالـيا
فيا ليت شعري هل تغيرت الـرحـى ** رحى المثل أو أمست بفلج كما هـيا
إذا الحي حلوها جميعاً ، وأنـزلـوا ** بها بقـراً حـم العيون سـواجـيا
وعِيْن وقد كان الظـلام يجـنـهـا ** يسفن الخزامى مـرة والأقـاحـيا
وهل أترك العيس العبالي بالضحـى ** بركبانها تعلو الـمـتـان الـديافـيا
إذا عصب الركبـان بـين عـنـيزة ** وبولان عاجوا المبقيات النـواجـيا
فيا ليت شعري ، هل بكت أم مالـكٍ ** كما كنت لو عالوا بنعـيك بـاكـيا؟
إذا مت فاعتادي القبور فسـلـمـي ** على الرمس أسقيت السحاب الغواديا
على جَدَث قد جرت الريح فـوقـه ** تراباً كسحق المرنبـانـي هـابـيا
رهينة أحجارٍ وترب تـضـمـنـت ** قراراتها مني العظـام الـبـوالـيا
فيا صاحبِي ، إما عرضت فبـلـغـن ** بني مازنٍ والـريب أن لا تـلاقـيا
وعطّل قلوصي في الركاب فإنـهـا ** ستفلق أكباداً وتـبـكـي بـواكـيا
وأبصرت نار المازنيات مـوهـنـاً ** بعلياء يثنى دونها الـطـرف وانـيا
بعودي النجـوج أضـاء وقـودهـا ** مهاً في ظلال السدر حوراً جوازيا
بعيدٌ غريبُ الـدار ثـاوٍ بـقـفـرةٍ ** يد الدهر معروفاً بـأن لا تـدانـيا
أقلب طرفي حول رحلي فـلا أرى ** به من عيون المؤنسـات مـراعـيا
وبالرمل منا نسوةٌ لو شـهـدنـنـي ** بكين وفدَّيْن الطـبـيب الـمـداويا
وما كان عهد الرمل عندي وأهـلـه ** ذميماً ولا ودعت بالرمـل قـالـيا
فمنهن أمي وابنتـاهـا وخـالـتـي ** وباكيةٌ أخرى تـهـيج الـبـواكـيا
السلام عليكم
قائل القصيدة هومالك بن الريب كان في بادية بني تميم وكان أول أمره فاتكا لصا ، وكان من أجمل العرب وأبينهم بيانا لقيه سعيد بن عثمان بن عفان وأعجب سعيد به وضمه إليه وأغناه وأستصحبه فكف عن الفساد وقطع
الطريق
وهذه قصته هدايته ولزوم الجهاد
خرج سعيد بن عثمان بن عفان غازياً في سبيل الله، وكان مالك بن الريب قاطع طريق في حدود خراسان يسرق القوافل، لا تمر قافلة إلا سرقها، وكان سفاكاً للدماء، فمر به سعيد بن عثمان رضي الله عنه وأرضاه وناداه، فقال: من أنت؟ قال: مالك بن الريب فقال: وما عملك؟ قال: الله أدرى بعملي، قال: ألا تتوب؟ قال: كيف؟ قال: خرجنا نحن في سبيل الله، قال: ماذا تريدون؟ قال: نبيع أنفسنا إلى الله، قال: سبحان الله! أنا آكل أموال الناس سرقة، وأنتم تبيعون أنفسكم إلى الله، اللهم إني أشهدك أني تبت إليك، فتاب وأناب، وذهب معهم، وقاتل معهم الكفار، وبعد المعركة وهو راجع لدغته حية، فأتوا به وهو في سكرات الموت، فقال قصيدة من أعجب ما قيل في القصائد العربية يرثي نفسه
ألا ليت شعري هل أبـيتن لـيلةً ** بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه ** وليت الغضى ماشى الركاب لـيالـيا
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى ** مزارٌ ولكن الغـضـى لـيس دانـيا
ألم ترني بعت الضلالة بـالـهـدى ** وأصبحت في جيش ابن عفان غـازيا
وأصبحت في أرض الأعادي بعيد مـا ** أراني عن أرض الأعـادي قـاصـيا
دعاني الهوى من أهل أودٍ وصحبتـي ** بذي الطبسـين فـالـتـفـت ورائيا
أجبت الهوى لما دعـانـي بـزفـرةٍ ** تقنـعـت مـنـهـا، أن أُلامَ، ردائيا
أقول وقد حالت قرى الكرد دونـنـا ** جزى الله عمراً خير ما كـان جـازيا
إنِ الله يرجعني من الـغـزو لا أرى ** وإن قل مالـي طـالـبـاً مـا ورائيا
تقول ابنتي، لما رأت طول رحلـتـي ** سفارك هـذا تـاركـي لا أبـا لـي
لعمري، لئن غالت خراسان هامتي ** لقد كنت عن بابي خـراسان نـائيا
فإن أنج من بابي خـراسـان لا أعـد ** إليها، وإن منيتـمـونـي الأمـانـيا
فلـلـه دري ، يومَ أتـرُكُ طائعاً ** بني بأعلى الرقـمتـين، ومـالـيا
ودرّ الظباء الـسانحات عـشـيةً ** يخبّرن، أنـي هـالـكٌ، مـن ورائيا
ودرّ كبـيري الـلـذين كـلاهـمـا ** علي شفيقٌ نـاصـحٌ لـو نـهـانـيا
ودرّ الرجال الشاهـدين تـفـتـكـي ** بأمري ألا يقصـروا مـن وثـاقـيا
ودرّ الهوى من حيث يدعو صحـابـه ** ودر لجـاجـاتـي ودر انـتـهـائيا
تذكرت من يبكي علي فـلـم أجد ** سوى السيف والرمح الرديني باكيا
وأشقر محـبـوكٍ يجـر لـجـامـه ** إلى الماء لم يترك له الموت ساقـيا
ولكنْ بأكناف الـسُّـمَـينة نـسـوةٌ ** عزيزٌ عليهـن العـشية ما بيا
صريعٌ على أيدي الرجال بـقـفـرة ** يسوون لحدي حـيث حـم قـضـائيا
ولما تراءت عنـد مـرو مـنـيتي ** وخلَّ بها جسمي وحانـت وفاتـيا
أقول لأصحابي:ارفعـوني فـإنـه ** يقر بعـينـي أن سـهـيلٌ بـدا لـيا
فيا صاحبَي رحلي، دنا الموت فانـزلا ** برابـيةٍ ، إنـي مـقـيمٌ لـيالـيا
أقيما علـي الـيوم أو بعـض لـيلةٍ ** ولا تُعْجِلاني، قـد تـبـين شانيا
وقوما ، إذا ما استل روحي، فـهـيئا ** لي السدر والأكفـان عـنـد فـنـائيا
وخُطّا بأطراف الأسنة مضـجـعـي ** ورُدا على عـينـيَّ فـضـلَ ردائيا
ولا تحسداني ، بارك اللـه فـيكـمـا ** من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا
خذاني فجراني بـبُـردِي إلـيكـمـا ** فقد كان قبل اليوم صـعـبـاً قـياديا
وقد كنت عطافاً إذا الـخـيل أدبـرت ** سريعاً إلى الهيجا إلى مـن دعـانـيا
وقد كنت صباراً على القرن في الوغى ** وعن شتمي ابن العم والجـار وانـيا
فطوراً تراني فـي ظـلالٍ ونـعـمةٍ ** ويوماً تراني والـعـتـاق ركـابـيا
ويوماً تراني في رحى مـسـتـديرة ** تخرق أطـراف الـرماح ثـيابـيا
وقوماً على بئر السُّمـينة أسـمـعـا ** بها الغر والبيض الحسان الـروانـيا
بأنكما خـلـفـتـمـانـي بـقـفـرةٍ ** تهيل عليَّ الريحُ فيهـا الـسـوافـيا
ولا تنسيا عهدي خلـيلـي بـعـدمـا ** تقطع أوصالي وتبلـى عـظـامـيا
ولن يعدم الوالون بـثـاً يصيبهـم ** ولن يعدم الميراث مني الـموالـيا
يقولون: لا تبعد ، وهم يدفـنـونـنـي ** وأين مكان الـبـعـد إلا مكانـيا؟
غداة غدٍ يا لهف نفسـي عـلـى غـدٍ ** إذا أدلجوا عني وأصـبـحـت ثـاويا
وأصبح مالي مـن طـريفٍ وتـالـد ** لغيري ، وكان المال بالأمـس مـالـيا
فيا ليت شعري هل تغيرت الـرحـى ** رحى المثل أو أمست بفلج كما هـيا
إذا الحي حلوها جميعاً ، وأنـزلـوا ** بها بقـراً حـم العيون سـواجـيا
وعِيْن وقد كان الظـلام يجـنـهـا ** يسفن الخزامى مـرة والأقـاحـيا
وهل أترك العيس العبالي بالضحـى ** بركبانها تعلو الـمـتـان الـديافـيا
إذا عصب الركبـان بـين عـنـيزة ** وبولان عاجوا المبقيات النـواجـيا
فيا ليت شعري ، هل بكت أم مالـكٍ ** كما كنت لو عالوا بنعـيك بـاكـيا؟
إذا مت فاعتادي القبور فسـلـمـي ** على الرمس أسقيت السحاب الغواديا
على جَدَث قد جرت الريح فـوقـه ** تراباً كسحق المرنبـانـي هـابـيا
رهينة أحجارٍ وترب تـضـمـنـت ** قراراتها مني العظـام الـبـوالـيا
فيا صاحبِي ، إما عرضت فبـلـغـن ** بني مازنٍ والـريب أن لا تـلاقـيا
وعطّل قلوصي في الركاب فإنـهـا ** ستفلق أكباداً وتـبـكـي بـواكـيا
وأبصرت نار المازنيات مـوهـنـاً ** بعلياء يثنى دونها الـطـرف وانـيا
بعودي النجـوج أضـاء وقـودهـا ** مهاً في ظلال السدر حوراً جوازيا
بعيدٌ غريبُ الـدار ثـاوٍ بـقـفـرةٍ ** يد الدهر معروفاً بـأن لا تـدانـيا
أقلب طرفي حول رحلي فـلا أرى ** به من عيون المؤنسـات مـراعـيا
وبالرمل منا نسوةٌ لو شـهـدنـنـي ** بكين وفدَّيْن الطـبـيب الـمـداويا
وما كان عهد الرمل عندي وأهـلـه ** ذميماً ولا ودعت بالرمـل قـالـيا
فمنهن أمي وابنتـاهـا وخـالـتـي ** وباكيةٌ أخرى تـهـيج الـبـواكـيا