لأسبوع الماضي ظهرت »أخبار الحوادث« وهي تحمل علي غلافها صورة للفنانة الجميلة سمية الخشاب.. مع عنوان يقول ان مجهولين أساءوا إليها. وقاموا بعملية تزييف لصورتها. ووضعوها علي جسد امرأة أخري عارية! وكان الاستاذ ماجد عبدالقادر زميلنا في »أخبار الحوادث«. قد جاء بهذا الخبر.. وقال ان الفنانة سمية خشاب قد قامت برفع دعوي فضائية.. ضد من اساءوا إليها بهذه العارية! وأذكر انني طلبت من رؤساء الزميل المحرر. ألا يكتب هذا الموضوع الصحفي. وألا تنشر »أخبار الحوادث« الموضوع . بدون ان يتصل المحرر أولاً بالفنانة سمية الخشاب. ليعرف منها حقيقة الموضوع. وجاء لي بعد قليل من يبلغني ان المحرر قد اتصل بالفعل بسمية الخشاب. ولهذا وافقت علي نشر الموضوع. إلي هنا والأمور تجري عادية. هكذا هي الصحافة التي تعلمتها من كبار أساتذتي.. العمالقة جلال الدين الحمامصي.. وعلي ومصطفي أمين.. وموسي صبري وسعيد سنبل. وأحمد رجب ووجيه ابوذكري.. ثم أخيراً ابراهيم سعده. الذي علمني الصحافة والشجاعة واحترام النفس والغير. وكل هؤلاء الكبار في شارع الصحافة وغيرهم. مثل الجميل أنيس منصور.. كل هؤلاء تعلمت علي أيديهم اسرار مدرسة »أخبار اليوم« الصحفية. التي تعتمد كثيراً علي نشر أخبار المشاهير في عالم الفن والرياضة والسياسة وفي كل مجال. وتعلمت أيضاً في مدرسة »أخبار اليوم« البحث عن الجاذبية في عرض الموضوعات الصحفية. واستخدام الصور بشكل يجذب القراء. لكني تعلمت عنهم ايضاً عدم اللجوء إلي أسلوب الإثارة أو المبالغة. وتجنب الإساءة إلي الشخصية والسمعة. ومكانة من أكتب عنهم وأنشر صورهم. هكذا تعلمت.. لكن ماذا فعلت؟ رغم التزامي التام بالأفكار التي اعتقد فيها.. واقتناعي التام. بأن »أخبار الحوادث«. التي هي من أجمل بناتي. يجب ان تكون صورة صادقة ومحترمة للصحافة في مصر. ورغم اجتهادي كل أسبوع علي مدار سنوات. ان يحمل غلاف »أخبار الحوادث« صورة- معبرة تعكس قضية تهم الناس. ورغم ان الكثير من أغلفة »أخبار الحوادث« كانت تظهر وبشهادة الجميع. وهي تنافس في شكلها كبري المجلات السياسية والاجتماعية. فقد ظهرت علي أغلفة »أخبار الحوادث« الكثير من الشخصيات الهامة والشهيرة.. مثل عادل امام ونور الشريف. ومثل مني جمال عبدالناصر والشيخ الشعراوي والبابا شنودة. ورغم ذلك فقد بدأت اشعر خلال السنوات القليلة الماضية. ان هناك اتجاها آخر معاكس لأفكاري هذه. وظهرت الكثير من جرائد الحوادث في مصر. وهي تتاجر بالجنس والدين والشعوذة.. ولاتحمل علي أغلفتها وصفحاتها.. إلا صورة كبيرة مقززة.. لنساء عرايا يظهرن مفاتنهن من صدور وسيقان. ورغم اعتراضي علي هذا الأسلوب. إلا ان مسئولي التوزيع كان لهم رأي آخر.. وانه لابد من وجود صورة فتاة جميلة. حتي تباع الجريدة.. ويزداد توزيعها. واعترف أنني بعد هذا المشوار الطويل في شارع الصحافة. والذي زاد عن أكثر من ٥٣ سنة. اعترف انني أصابني الضعف ولم تعد لي نفس القدرة علي المواجهة والتصدي لما لا أقتنع به. نعم.. أصابني هذا.. الضعف! >>> واعترف أنني وافقت علي نشر صورة غير لائقة للفنانة سمية الخشاب علي غلاف »أخبار الحوادث« الأسبوع الماضي. والله يعلم انني وافقت.. لكنني لم أكن ابداً راضياً عن هذه الموافقة! رغم ان رجال التوزيع.. كانوا سعداء جداً بهذه .. وبصورة أخري مشابهة لفتاة أخري كنا قد نشرناها قبل اسبوعين.. حسب طلبهم! لكن أكثر ما آلمني في نهاية الأسبوع. كان مكالمة تليفونية من الفنانة سمية الخشاب.. وانا لا أعرفها ولم التق بها.. ولم نتحدث ابداً من قبل! وفي هذه المكالمة التليفونية كانت الفنانة سمية الخشاب مهذبة جداً في أختيار كلماتها. لكنها في نفس الوقت كانت حزينة بسبب صورتها علي غلاف »أخبار الحوادث« ومعها كل الحق -وكانت عاتبة علينا لنشر هذه . لكن سمية الخشاب كانت عاتبة أكثر. وقالت لي أن الموضوع برمته غير حقيقي.. وانه لم تظهر لها صورة ملفقة عارية علي الانترنت.. وانها لم ترفع اية قضايا بسبب هذا الموضوع. وسألتها ان كان محرر »أخبار الحوادث« قد اتصل بها قبل النشر. كما طلبت منه من البداية. > فقالت سمية الخشاب لا لم يحدث! وقالت لي سمية الخشاب اننا بنشر هذه الأخبار والصور للفنانات المصريات. نساهم دون ان ندري. في حملة الإساءة للفنانين والفنانات المصريين. وهي حملة مدبرة في الخارج هدفها ليس الإساءة للفنانين والفنانات المصريين. بقدر الإساءة إلي الفن المصري.. وإلي مصر ذات نفسها! وسمية الخشاب .. عندها حق! >>> فعلاً ماكثر ما أساءت الصحافة المصرية إلي رموز مصر.. سواء في الفن أو الرياضة.. أو في أي مجال. ان اغلب الصحف والمجلات في مصر. لاتري في المشاهير سوي مادة مثيرة.. لجذب القراء وزيادة التوزيع.. القاريء اليوم يدفع جنيها ثمن الجريدة. وكأنه يدفع ثمن تذكرة. تدخله بها الصحافة إلي أدق أسرار المشاهير وتفاصيل حياتهم.. بالحق والباطل. الصحافة المصرية ترتكب نفس الخطيئة. وتبيع صور الفنانات المصريات علي الأغلفة والصفحات الأولي. صور عارية ومثيرة في معظم الصحف. قومية أو حزبية أو خاصة. تباع علي الأرصفة كل صباح! هذا يحدث كل يوم.. ونحن نعتذر لسمية الخشاب ولكل فنانة- مصرية. ونعتذر لرموز الفن المصري. نعتذر لاننا لأسبوعين فقط.. جارينا التيار السائد في شارع الصحافة. نحن أخطأنا.. سامحونا.. مش هانعملها تاني! |