بعد تحقيقات موسعة استغرقت نحو10 ساعات متواصلة, أمر المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام بحبس السائق مرتكب المجزرة البشرية لأتوبيس المقاولون العرب الذي راح ضحيته6 من موظفي وعمال الشركة وأصيب6 آخرون.
وذلك بعد أن أدلي المتهم باعترافاته التفصيلية حول كيفية تخطيطه وارتكابه الحادث, وقد وجهت له النيابة بإشراف المستشار حمادة الصاوي المحام العام الأول لنيابات جنوب الجيزة, تهم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والشروع في القتل وكذلك احراز سلاح ناري وذخيرة بدون ترخيص, وتم حبسه4 أيام علي ذمة التحقيقات, وقد فجر المتهم مفاجآت في اعترافاته حيث قرر أنه ارتكب تلك المجزرة البشرية بسبب اعتياد بعض عمال وموظفي الشركة وعددهم4 أشخاص ممن يستقلون معه الاتوبيس يوميا في رحلته بهم من مدينة15 مايو وحلوان الي مقر الشركة بمركز أبوالنمرس علي استفزازه واستثارته والسخرية منه فحمل في نفسه منهم الغضب والكراهية والرغبة في الانتقام منهم وهو ما دفعه لارتكاب جريمته وقرر أنه بالفعل استطاع التخلص منهم وكانوا جميعا من بين ضحايا الحادث المجني عليهم, كما اعترف أنه قرر تنفيذ جريمته في اليوم السابق لها مباشرة وأخذ جميع استعداداته حيث أحضر البندقية الآلي التي استخدمها في قتل الضحايا والذخيرة ووضعها أسفل مقعد القيادة الذي يجلس عليه حتي تحين الفرصة المناسبة وأخرجه بعد أن توقف علي جانب الطريق وأطلق وابلا من الأعيرة النارية علي ركاب الاتوبيس وتوجه الي هؤلاء الأشخاص الأربعة بعينهم وأصابهم في مقتل حتي سقطوا مضرجين في دمائهم, وأضاف أنه عندما حاول أحد موظفي الشركة الامساك به وشل حركته خرجت دفعة من الطلقات مرة واحدة أصابت أشخاصا آخرين وقتلت البعض, وأشار الي أنه ارتكب جريمته وهو في كامل وعيه وادراكه ولكن عندما خرجت الرصاصات بشكل عشوائي أحس بأنه لا يشعر بنفسه ولكنه تماسك عقب ذلك وقاد الاتوبيس مرة أخري حتي وصل به الي مقر الشركة وتم القبض عليه. ومن ناحية أخري, استمع فريق من النيابة العامة ضم كلا من هيثم أبوالحسن ومحمود عبود وهشام حاتم وكلاء أول النيابة الي أقوال شهود عيان الجريمة البشعة من عمال وموظفي الشركة الذين كانوا يستقلون الأتوبيس مسرح الحادث وكذلك بعض المارة الذين تصادف وجودهم علي الجانب الآخر المواجه للاتوبيس في أثناء توقفه علي جانب الطريق, وقرروا أنهم اعتادوا ركوب الاتوبيس قيادة السائق المتهم محمود طه ـ53 سنة ـ يوميا من مقار سكنهم بمدينتي15 مايو وحلوان متوجهين به الي مقر شركتهم بمركز أبوالنمرس بالجيزة, وفي أثناء سيرهم بالطريق فوجئوا بتوقف السائق بالقرب من قرية طموه علي بعد نحو300 مترا من الشركة ثم أخرج بندقية آلية من أسفل مقعده وردد بعض كلمات مثل أنا صعيدي.. والصعيدي ما يضحكش عليه, وقال ذلك وهو في حالة غضب وثورة ثم ردوا عليه قائلين فيه إيه ياعم محمود فصاح فيهم أنا عاوز اثنين منكم عبدالفتاح وأشرف, وعقب ذلك توجه إليهما حيث يجلسا بالاتوبيس وبينما كانا يختبئان أسفل كرسيهما أطلق عليهما الرصاص ثم استدار وصوب بندقيته نحو أشخاص آخرين بالاتوبيس وبادرهم باطلاق الأعيرة النارية, وأضاف الشهود أنهم أصيبوا بحالة من الذعر والهياج والصراخ عندما راح يطلق الرصاص بشكل عشوائي من سلاحه وبينما كان يرجع بظهره تمكن أحد الموظفين اسمه محمد سعد من الامساك به وشل حركته وأمسك بماسورة البندقية التي كانت ساخنة جدا فأصابته ببعض الحروق في يديه وعقب ذلك راح بعض الموظفين يهربون عبر نوافذ الاتوبيس في حين ردد المتهم بعض الكلمات بقوله خلاص خزنة الطلقات خلصت وأنا عملت اللي عليه, وتم السيطرة علي السائق الذي عادة مرة أخري الي مقعد القيادة وقاد الاتوبيس مرة أخري متوجها به الي مقر الشركة, وعند وصول الاتوبيس, وما أن أدرك أمن الشركة الكارثة أسرعوا بالقبض علي السائق وحبسوه داخل غرفة حتي تم ابلاغ الأجهزة الأمنية وتم ضبطه واقتياده الي قسم الشرطة, وقد أكد شهود العيان أن المتهم كان يبدو طبيعيا ويرد عليهم بثبات وارتكب جريمته وهو في كامل وعيه.
ومن ناحية أخري, أكدت التحريات أن القاتل حضر في الساعة السادسة من صباح يوم الحادث وقام بالمرور علي جميع العاملين بحلوان و15 مايو والذين اعتاد توصيلهم الي العمل, وحدثت بعض المناوشات بينه وبين الركاب بسبب تأخره في الحضور عليهم مما نتج عنه تأخرهم في الوصول الي العمل, وأكد بعض العاملين ظهور علامات الاضطراب عليه قبل ارتكاب الجريمة البشعة, وأضاف المتهم في اعترافاته أمام اللواءين أسامة المراسي مدير أمن اكتوبر وأحمد عبدالعال مدير المباحث بأنه ارتكب الجريمة انتقاما من ثلاثة من زملائه الذين خدعوه بالتنقيب عن الآثار أسفل منزله ووصولهم الي سرداب لوجود مجموعة من التماثيل الأثرية النادرة علي غير رغبته وأضاف المتهم بأن هؤلاء هم عبدالفتاح عبدالفتاح سالم مدير مالي بالشركة وابراهيم مصطفي بسيوني مدير بالشركة وعماد محمود فني بالشركة, حيث أكد أنهم قاموا بخداعه أكثر من مرة والمرة الأولي تمثلت في شكواه ضدهم لرؤسائهم في العمل منذ عامين لوجود عمليات للتنقيب عن الآثار داخل المنازل المجاورة لمنزله مما يهدد بانهيار المنزل, وأنه حرر محاضر للجيران وأبلغ الحي ولكنهم لم يفعلوا شيئا له سوي تحرير محضر فنصحه زملاؤه بإبلاغ إدارة الشركة وبدورها سوف تتخذ الإجراءات ضد هؤلاء الجيران من خلال لجنة من العلاقات العامة وبالفعل أبلغ الشركة وذهبت لجنة ولكن المفاجأة أن هذه اللجنة لم تفعل شيئا مع زملائه المنقبين عن الآثار أسفل منزله والمنازل المجاورة عن طريق سراديب, وأضاف المتهم في اعترافاته أمام العميدين ياسر العقاد مفتش الأمن العام ومحمود الجمسي مفتش المباحث والعقيد سعيد عابد وكيل فرع البحث الجنائي والمقدم إيهاب فاروق رئيس مباحث البدرشين بأن الضحايا استغلوا خبرتهم كمهندسين حفر حتي لا تنهار عليهم المنازل وأنهم كانوا يحضرون سيارات
من الشركة محملة بالعمال أثناء وجوده بالعمل وزوجته وأبنائه خارج المنزل, والتنقيب عن طريق المنازل المجاورة, وكذلك منزله, إلي أن وصلوا من خلال السراديب إلي الآثار, وأضاف أنه خلال اليومين اللذين سبقا الحادث فوجئ أن زملاءه في الشركة يتحدثون عنه وأن هؤلاء المهندسين لقنوه درسا بأنهم حصلوا علي الآثار دون علمه وهو لم يحصل علي شيء منها, مما دفعه إلي فكرة الانتقام منهم, فبعد أن أحضر البندقية الآلية واستعد للجريمة قام قبل الشركة بإيقاف الأتوبيس ونادي عليهم بـ أني صعيدي والصعايدة مبينضحكش عليهم.. ونادي علي المجني عليه الأول عبدالفتاح وأطلق عليه وابلا من الرصاص, مما أدي إلي مصرعه في الحال, وتطايرت أجزاء من لحمه وتهشم جميع عظامه, حيث استقر في جسده أكثر من عشرين طلقة آلية وتبعهم بعد ذلك الضحيتين اللذين اعتقد أنهما شاركا الأول في الحصول علي الآثار, ولكن بعد أن أجهز علي الثلاثة أصيب بحالة هيستيرية بعد تناثر الجثث والدماء علي أرضية الأتوبيس فظل يطلق الرصاص مما أدي إلي مصرع الثلاثة الآخرين وإصابة الستة أشخاص, وبعد أن تأكد من وفاتهم تحرك بالأتوبيس ودخل إلي مقر الشركة والناجين يصرخون بينما هرول موظفو الشركة وأمسكوا به وعلي الفور أمر اللواء عدلي فايد مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن العام بتشكيل فريق بحث قاده اللواء أحمد عبدالعال مدير مباحث أكتوبر لسرعة تنفيذ قرار النيابة العامة بالتحفظ علي منزل السائق والتأكد من هذه الرواية, كما قامت لجنة من هيئة الآثار بمحافظة حلوان بالتوجه إلي مكان المنزل للتأكد من أقوال المتهم والتأكد من وجود منطقة أثرية أسفل منزله, كما تم التحفظ علي البندقية الآلية التي استخدمها في الحادث, وتواصل مباحث أكتوبر جهودها بالاشتراك مع قطاع الأمن العام للتوصل إلي تاجر السلاح الذي باع السلاح للمتهم, وتبذل المباحث جهودها لسرعة إنهاء التحريات حول ملابسات الحادث.
وقد فجر المتهم في اعترافاته عن مفاجأة أخري, وهي قيام الضحايا الثلاثة بالاتفاق مع صاحب محطة تموين سيارات بحلوان يقوم بإنفاق المبالغ المالية علي عمليات الحفر ويمدهم بالأموال, وتواصل المباحث جهودها لسرعة القبض عليه.
مصطفي المجنون
وفي سياق متصل, أكد المتهم أن هناك شخصا يدعي مصطفي المجنون هو المسئول الأول عن عمليات التنقيب عن الآثار في المنطقة, وقد تبين اختفائه فور وقوع الجريمة, وأضاف أن مجموعة من الضحايا يقيمون بجواره ويعلمون كل شيء عنه وإنه لم يكن أبدا قد تعرض لأزمة مالية تجعله يقوم بارتكاب الجريمة, حيث إن راتبه يقارب الثلاثة آلاف جنيه, كما أشار المتهم إلي أنه لولا تدخل محمود ومحمد سعيد أحد ركاب الأتوبيس لكان جميع أفراد الأتوبيس لقوا حتفهم, ولكن بعدما رأيت الدماء تتدفق زادت شهوتي في القتل.
ومن المنتظر أن تقوم النيابة العامة صباح اليوم بإجراء مواجهة بين السائق والشهود بعد أن كشفت تحريات مباحث أكتوبر عن أن الجريمة لم تكن وليدة اللحظة بل كان فيها سبق إصرار بشراء السلاح وإخفائه بالسيارة وارتكابه الجريمة بهذه البشعة.