هل أصبحت المقاومة إرهابا؟ وهل أصبح السيد حسن نصر الله عدونا؟ وهل أصبح قدرا علي مصر أن تنتقل من معركة إلي أخري،* تارة مع إيران،* وتارة مع سوريا،* وتارة مع قطر،* وتارة مع حماس - إلي آخر هذا المسلسل الذي لا يريد أن يتوقف؟،* وكأننا أمام حرب،* اختلط فيها الحابل بالنابل،* والإرهاب مع المقاومة،* والإعلام مع السياسة،* حرب تقول فيها مصر إنها الضحية،* وأن هناك من يتآمر عليها ويزاحمها في دورها،* وينفذ أچندة بعضها خارجي وبعضها إقليمي،* حتي أضحت وكأننا قد عدنا إلي أكثر من ثلاثين عاما مضت،* عندما اطلق الرئيس السادات مبادرته المثيرة للجدل،* بزيارة القدس،* وما ترتب عليها من قطيعة ومشاحنات أدت إلي الفرقة والعزلة،* ولم ينته الأمر إلا بخطوات جريئة أعاد فيها الرئيس مبارك المياه إلي مجاريها،* وتحققت المصالحة المصرية العربية علي يديه في بداية الثمانينيات،* مسقطا بذلك مؤامرة كان يراد لها أن تستمر عبر حملات التحريض،* وافتعال الأزمات والمشاكل*.
ومنذ هذا الوقت،* ظل الرئيس مبارك حريصا علي العلاقة مع الأشقاء،* رافضا العودة من جديد إلي ذات اللغة،* بل ساعيا إلي آفاق جديدة تستهدف ترسيخ أسس المصالحة،* واستمرار لغة الحوار بديلا* وتجاوز العقبات والأزمات التي تفرضها الأحداث الطارئة*.
وفي الآونة الأخيرة أطلت علينا أزمة،* هي ليست بجديدة،* لكنها احتوت هذه المرة علي الجديد،* فقد أعلنت النيابة العامة المصرية عن القبض علي تنظيم تابع لحزب الله،* يضم *٩٤ عنصرا،* غالبيتهم من المصريين والفلسطينيين والسوريين ويقوده أحد العناصر الهامة بحزب الله*.
وقد وجهت النيابة العامة اتهامات واضحة إلي التنظيم تتعلق بتهريب الأسلحة إلي حركة حماس في* غزة انطلاقا من الأراضي المصرية،* والسعي للقيام بعمليات تخريبية علي الأراضي المصرية،* ونشر المذهب الشيعي*.. إلي آخر هذه الاتهامات التي أعلنتها النيابة العامة*.
لقد تعامل الشارع المصري مع هذه البيانات والتصريحات في البداية بحالة من اللامبالاة،* والبعض راح يردد أن القضية سياسية بالأساس،* وأن مصر ترد بذلك علي اتهامات كان قد وجهها السيد نصر الله إلي الحكومة المصرية في *٨٢ ديسمبر *٨٠٠٢،* بالمسئولية عن الحصار الذي يعانيه أهلنا في* غزة،* ثم تحريضه الشعب المصري والجيش علي التظاهر للضغط علي القيادة السياسية لفتح معبر رفح*!!
صحيح أن الخبر احتل العنوان الأول علي شاشة قناة الجزيرة التي سعت،* كعادتها،* إلي توظيف الحدث علي طريقتها،* واستباق التحقيقات،* واصدار الأحكام،* غير أن كل ذلك لم يلق الاهتمام الكافي من الشعب المصري،* واعتبرت القضية مجرد فرقعة،* سرعان ما تهدأ،* وتدخل طي النسيان*!!
غير أن السيد حسن نصر الله فاجأ الجميع وخرج بنفسه علي شاشة قناة المنار،* ليعلن في خطاب استمر لنحو *٠٤ دقيقة بصراحة ووضوح،* أن السيد سامي شهاب الذي تتهمه مصر بقيادة التنظيم - هو بالفعل عضو بحزب الله،* وأنه مكلف بالمهمة،* وأنه أجري اتصالات بعشرة من المتهمين لتنفيذ هذه المهمة*!
وقبيل التطرق إلي هذه المهمة وطبيعتها،* فقد أعطي كلام السيد حسن نصر الله لاتهامات جهات التحقيق المصرية مصداقية في الشارع،* فتحول الحديث والجدل من* 'قضية مفبركة*' لأغراض سياسية إلي قضية حقيقية لها وقائعها ومصداقيتها،* بغض النظر عن سمو أو عدم سمو الفعل الذي كان المتهمون مكلفين بالقيام به علي الأراضي المصرية*. ولم يستطع أحد بعد هذا الوقت أن يتهم السلطات المصرية باصطناع القضية أو فبركتها خاصة بعد هذا الاعتراف الصريح من السيد حسن نصر الله الذي خرج بنفسه ليعلن أن هناك تنظيما حقيقيا،* مكلفا من قبل قيادة حزب الله بالقيام بمهام محددة علي* الأراضي المصرية،* وأن عدد أعضاء هذا التنظيم عشرة أعضاء بالإضافة إلي قائدهم سامي شهاب*!!
وليس سرا أن الجهات المصرية - وتحديدا الأمنية - قد تنفست الصعداء بعد هذا الخطاب - غير المتوقع - لأنه كان بالنسبة لها طوق النجاة من الاتهامات التي راحت توجه إليها بالفبركة الكاملة من الألف إلي الياء،* وراح بعض المحللين يقولون إنه مادام هناك اعتراف من قبل أعلي سلطة بهذا الحزب،* فالخلاف الدائر حول العدد* (١١ أم *٩٤) ليس مهما فالاستثناء يؤكد القاعدة،* المهم* أن هناك تنظيما حقيقيا لحزب الله علي الأراضي المصرية،* مكلفا بمهام تمس الأمن القومي للبلاد*!!
أي هدف؟*!
نأتي بعد ذلك إلي الهدف،* فقد قال السيد حسن نصر الله إن الهدف لم يكن التدخل في الشئون الداخلية لمصر،* فحزب الله يرفض ذلك،* ولم يكن القيام بعمليات تخريبية،* فلم يثبت أن سعي الحزب إلي القيام بمثل هذه المحاولات لأنه حدد هدفه في تحرير الأرض،* ومقاومة المشروع الصهيوني - الأمريكي،* وأيضا ليس صحيحا القول إن الحزب يسعي إلي نشر المذهب الشيعي أو إنشاء خلية داخل مصر*!
لقد قال السيد حسن نصر الله إن الهدف كان تقديم مساعدات لوجيستية* (عسكرية*) إلي أهلنا الفلسطينيين في* غزة وإلي قوي المقاومة،* وأضاف بلغة حاسمة*: 'نحن لا ننكر ذلك ولا نخجل منه،* والتهمة ليست إدانة لسامي شهاب،* بل مفخرة له*'!
والحقيقة - دعوني أقول منذ البداية - أن مساندة المقاومة الفلسطينية بالمال والسلاح هي فرض عين علي كل عربي،* ذلك أن القضية الفلسطينية هي قضية أمن قومي،* وهي قاسم مشترك،* وهي ليست فقط قضية الفلسطينيين،* بل قضية العرب جميعا،* خاصة أن العدو الصهيوني لا يستهدف فقط الوطن الفلسطيني،* بل يستهدف الأمة العربية بأسرها،* وخريطة* 'إسرائيل من النيل إلي الفرات*' لا تزال تحكم الاستراتيجية الصهيونية،* بل إن ما جري من تغلغل صهيوني في العراق وتآمر مستمر علي مصر والأردن وسوريا ولبنان يؤكد أن العدو لن يهدأ له بال إلا بتحقيق الهدف وتنفيذ المخطط*.
وإذا كان حق الكفاح المسلح هو حقا تضمنه التشريعات والقوانين والمواثيق الدولية،* فلا أظن أن أمام الشعب الفلسطيني من خيار بعد سقوط كل الرهانات علي المفاوضات واتفاقية أوسلو إلا خيار المقاومة،* فما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة كما قال* الزعيم الراحل جمال عبدالناصر*.
صحيح أن كل طلقة رصاص ودانة مدفع وصاروخ ينقل إلي الفلسطينيين هو دفاع عن الأمن القومي لمصر،* والأمة العربية،* وهو حماية للفلسطينيين الذين يواجهون حرب إبادة منظمة تبدأ بحصار الغذاء والدواء ولا تنتهي إلا بالقتل والموت بالأسلحة العنقودية المحرمة،* كل هذا صحيح،* وهام،* وضروري،* وأنا معه،* وأؤيده وأطالب بفتح كل الحدود لمواجهة العدو،* ولكن هنا أودٌ* التوقف أمام عدد من الملاحظات الهامة*:
أولا*: ثمة فرق بين أمانيٌ* الأفراد ومسئوليات الدول،* فمصر سبق أن وقعت اتفاقية جائرة للتسوية مع العدو الصهيوني،* تحدد طبيعة العلاقات،* وتحول دون أن تتحول الحدود المصرية إلي أعمال عدائية في مواجهة الكيان الصهيوني،* ومن ثم فإن الدولة المصرية مطالبة بمقتضي هذه الاتفاقية بالحيلولة دون وقوع أية أعمال عدائية ضد العدو الصهيوني،* بل إن مصر حاكمت بعض رجالات حرس الحدود المصريين: لأنهم قتلوا وأصابوا بعض الصهاينة في سيناء مثل سليمان خاطر الذي وجد مشنوقا داخل سجنه بعد قتله لعدد من الصهاينة،* وأيمن حسن الذي قضي أكثر من *٢١ عاما في السجون،* بنفس التهمة أيضا،* وهلم جرا*.
ثانيا*: إن الاتهامات التي يسوقها الكيان الصهيوني ضد مصر وتحميلها مسئولية تهريب الأسلحة أمر لا يخفي علي أحد،* وقد قام العديد من القادة الإسرائيليين بتقديم شكاوي إلي الإدارة الأمريكية والكونجرس يطالبون فيها بالضغط علي مصر لوقف سياسة التهريب عبر الأنفاق التي قالوا إن الحكومة المصرية تغض البصر عنها،* وهو أمر أثارته الإدارة الأمريكية مع مصر أكثر من مرة سرا وعلانية،* حتي وصل الأمر إلي إعداد مشروع يقضي بتخفيض المساعدات العسكرية إلي مصر،* ما لم تلتزم بالتوقف عن تهريب الأسلحة عبر الأنفاق*.
ثالثا*: إنه بغض النظر عن البواعث والمقاصد النبيلة من وراء الهدف - أي مساندة الفلسطينيين - فإن البواعث لا تؤثر في أركان الجريمة ولا تعفي من العقاب - كما يقول قانون العقوبات - لأن الجريمة في النهاية أمام القانون جريمة بعيدا عن مقصدها أو هدفها*!!
لقد تسلل الزميل مجدي حسين الأمين العام لحزب العمل - المجمد - عبر الأنفاق للذهاب إلي أهلنا في* غزة دون الحصول علي إذن رسمي من السلطات المصرية،* وعندما عاد إلي الحدود من سيناء بعد انتهاء زيارته التي حملت هدفا نبيلا،* كان رجال المخابرات الحربية في انتظاره وحوكم محاكمة عسكرية،* وصدر ضده حكم بالحبس لمدة عامين*.
الأسئلة الشائكة في قضية حزب الله
هل كانت هناك مؤامرة لاغتيال الرئيس؟*!
هل هناك دور للإخوان المسلمين في القضية؟*!
هل هناك تعاون مصري - إسرائيلي حول المعلومات؟*!
هل هناك علاقة بين القبض علي الخلية وضرب قوافل الأسلحة الإيرانية في شرق السودان؟*!
هل* دعم المقاومة يبرر اختراق الحدود وزرع التنظيمات؟*!
*.. ولماذا صمتت الحكومة لأكثر من أربعة أشهر دون إعلان؟*!
صحيح أن العديد من وسائل الإعلام والمحللين خرجوا ليقولوا إن ما جري يستحق التكريم وليس الإدانة،* لأن هؤلاء الشباب* غامروا بحياتهم من أجل مد يد العون للمقاومة،* وهذا أمر ردت عليه السلطات المصرية،* بل أكاد أقول كافة القوي في مصر ومن بينهم جماعة الإخوان المسلمين الذين قالوا إن الأمن القومي المصري فوق الجميع،* وان قرار الحرب أو السلم مع العدو الصهيوني هو قرار مصري صميم،* وان إقدام حزب الله علي تشكيل تنظيم هدفه العبث بأمن مصر له مهام محددة - تفوق ما هو معلن - إنما يستهدف تحويل الساحة المصرية إلي مسرح لحالة من اللااستقرار: نتيجة هذه التحركات التي تجري بتعليمات خارجية وفي* غيبة من السلطات المصرية*.
لقد أكد السيد حسن نصر الله أن أجهزة الأمن المصرية ألقت القبض علي التنظيم قبيل إعلان الحرب الإسرائيلية علي قطاع* غزة وهذا يتطابق مع الرواية المصرية* .. غير أن حزب الله رفض الإعلان عن عملية القبض علي التنظيم،* بل كلف أسر المتهمين بمتابعة القضية دون أن يعلن الحزب بشكل مباشر عن حقيقة ما جري*.
وهكذا فقد اضطر السيد حسن نصر الله إلي أن يعترف بنفسه بالوقائع بعد إعلان النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود عن تفاصيل عملية القبض علي التنظيم واعتراف أعضائه اعترافا صريحا بتبعيتهم لحزب الله ولمسئول وحدة دول الطوق* 'محمد قبلان*' الذي دخل مصر بجواز سفر مزور لأكثر من مرة*.
والأمر الذي لا شك فيه هو أن القبض علي عناصر التنظيم قبيل العدوان علي* غزة يؤكد ان السلطات المصرية لم تكن ترد بكشفها لهذا التنظيم - علي خطاب السيد حسن نصر الله الذي ألقاه في الثامن والعشرين من ديسمبر من العام الماضي والذي حرض فيه الجيش والشعب المصري،* بل ان الأمر كان قد سبق العدوان والخطاب علي السواء* .. مما يبرئ ساحة السلطات الأمنية المصرية من الاتهام الذي كان يقول بأن مصر فبركت القضية ردا علي خطاب السيد حسن نصر الله*.
إن ما يمكن قوله في هذا المجال،* هو أن خطاب السيد حسن نصر الله الذي ألقاه في *٨٢ ديسمبر الماضي وصعٌد فيه الخلاف مع مصر في هذا الوقت،* كان يحوي ردا استباقيا علي احتمال إعلان جهات التحقيق المصرية عن القبض علي هذا التنظيم الذي زرعه حزب الله في قلب الأراضي المصرية ووفر له كل سبل الدعم والانتشار*.
لقد أبدي الكثيرون دهشتهم من اللغة التحريضية التي حواها هذا الخطاب - فهذه ليست لغة ولا أسلوب السيد حسن نصر الله - لكن وبعد الإعلان عن التنظيم واعترافات كوادره،* أصبح الناس يدركون أسباب هذه اللهجة العصبية التي استخدمها الأمين العام لحزب الله،* وكأنه أراد أن يستبق الإعلان عن التنظيم بالإعلان عن الخلاف*.
سعادة إسرائيلية
الأمر الذي لا شك فيه هو أن العدو الصهيوني يجد سعادته في أي خلاف عربي - عربي،* فما بالك بخلاف مصر مع أيٌ* من قوي المقاومة أو دول الممانعة كما يسميها البعض،؟ لقد سعد العدو بالخلاف المصري - السوري وهللت وسائل الإعلام الإسرائيلية وراحت تسعي إلي تصعيد الخلاف،* وسعدت أيضا بالخلاف بين مصر وحماس،* والآن جاء رئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريز ليقول في تصريحات له عقب زيارته للحاخام* 'عوفاديا يوسف*' بمناسبة عيد الفصح اليهودي* 'إنه سعيد لأن مصر وحزب الله يتصارعان بعيدا عن إسرائيل،* وأن العالم يري وجه حزب الله،* والشبكة الإرهابية التي أوقفتها السلطات المصرية تشير إلي طبيعة حزب الله،* وهو عمليا عميل إيراني*'.
ولم تكن تصريحات شيمون بيريز،* هي الوحيدة التي عبر خلالها عن سعادة إسرائيل بهذا الخلاف الذي يتصاعد بين مصر وحزب الله،* بل إن العديد من المسئولين السياسيين والأمنيين الإسرائيليين أعربوا عن سعادتهم البالغة بما يجري،* بل إن وسائل الإعلام الصهيوني راحت تزعم - نقلا* عن مصادر أمنية إسرائيلية - وجود تعاون استخباري وثيق بين مصر وإسرائيل،* وان مصر تشارك إسرائيل بالمعلومات التي بحوزتها عن خلية حزب الله،* بل إن المصدر الأمني الإسرائيلي راح يصب مزيدا من الزيت علي النار بقوله*: 'إن قضية الاعتقالات مرتبطة باستقرار النظام وعملية توريث الحكم*'.
وقال انه يجري الحديث عن فترة حساسة جدا بالنسبة للمصريين وخاصة عندما نتحدث عن استقرار النظام المصري ووضع مبارك والرجل الذي سيرثه،* خاصة أن أهداف الشبكة التي كشفت لا تتوقف عن المس بأهداف معينة،* بل أيضا بالعلاقة مع الإخوان المسلمين الذين يهددون نظام مبارك*'.
ولا شك ان هذا الكلام المنسوب لمصادر أمنية إسرائيلية لا* يمكن أن* يكون بريئا،* بل هو تعبير عن مخطط* يجري هدفه تصعيد الأزمة بين مصر وحزب الله من جانب ومصر وإيران من جانب ثان،* والحكومة والإخوان المسلمين من جانب ثالث*.
والعدو الإسرائيلي هو صاحب مصلحة أساسية في التصعيد،* ومحاولة إثارة المزيد من المشاكل بين مصر من جانب وقوي المقاومة المعادية للعدو الصهيوني من جانب آخر،* ولذلك فإن إسرائيل قد وجدت الآن الفرصة المناسبة لإبلاغ* ونشر المزيد من المعلومات حول مخططات حزب الله وقوي المقاومة ضد مصر،* بل انها راحت تنسب معلومات تقول ان مصر قد تقدم علي القيام بعملية عسكرية لضرب مقار حزب الله واغتيال السيد حسن نصر الله في لبنان*.
وبالرغم من أن مثل هذا الكلام هو أقرب إلي الخيال،* فإن إسرائيل تحاول من وراء ذلك التستر علي مخططات حكومتها اليمينية الجديدة التي تستهدف قتل السيد حسن نصر الله،* وقد تجد الوقت مناسبا الآن أو في أي وقت لاحق لتنفيذ هذا المخطط عبر عملائها في لبنان،* ثم تسعي إلي إلصاق التهمة بمصر،* وكأن إعلامها بدأ يهيئ الاذهان ويوظف الموقف المصري وكأنه مقدم بلا جدال علي عمليات تخريبية ضد الحزب علي الأرض اللبنانية*.
وبالرغم من ان مصر ترفض هذه الأساليب أو التورط فيها،* غير أن الاستخبارات الصهيونية لن تجد الفرصة مناسبة لتنفيذ هذا المخطط أكثر من هذه الفترة تحديدا،* ليبدو الأمر أمام الجميع وكأن مصر تثأر من حزب الله ردا علي اكتشاف هذا التنظيم الذي تقول سلطات التحقيق إنه استهدف أمن واستقرار مصر*.
بل إن الغريب هو أن صحيفة* 'يديعوت أحرونوت*' الإسرائيلية كانت أول من نشر معلومات مزعومة عن ان السلطات المصرية احبطت مخططا إيرانيا لاغتيال الرئيس حسني مبارك خلال الهجوم الإسرائيلي الأخير علي* غزة وأنها رصدت مليون دولار لتنفيذه*.
وقالت الصحيفة في صدر صفحتها الأولي* 'إنه في التاسع من يناير الماضي،* وفي اوج الحرب علي* غزة،* رصد الحرس الجمهوري الايراني مبلغ* مليون دولار نقدا لتصفية الرئيس مبارك،* وشكل مجموعات إيرانية من متطوعين تلقوا تدريبا سريا*.
وقالت الصحيفة نقلا عن مصدر أمني مصري كبير* 'إن السلطات المصرية تمكنت من إحباط هذا المخطط قبيل ان يدخل حيز التخطيط،* وان الاستخبارات المصرية بعثت بإشارة تحذيرية سرية بأنها كشفت الموضوع مما أغلق الطريق عليهم*.
وقد راحت الصحيفة تتحدث عن العلاقة الوثيقة التي تربط بين إيران وحزب الله،* بل نشرت صورة لمبني السفارة الايرانية في القاهرة وصورة لمنزل عضو حزب الله المعتقل في مصر اللذين يفصل بينهما شارع هارون الرشيد وربطت بين المنزل ومبني السفارة الايرانية بسهم وكتبت تعليقا يقول* 'مسافة مائة متر*'.
وبالرغم من أن أيا من المسئولين المصريين لم ينف أو يؤكد هذه المعلومات الخطيرة التي تشير الي مؤامرة لاغتيال الرئيس،* إلا أن حديث وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط حول وجود مفاجأة جديدة في نتائج التحقيقات حول خلية حزب الله سوف تعلن قريبا ربما يتطرق الي مثل هذه المعلومات
الإخوان المسلمون
ثمة سؤال يطرح نفسه*: بعد الاعلان عن هذه القضية هل هناك علاقة ما تربط بين الإخوان وبين تنظيم حزب الله؟*!
لقد نقلت وسائل الاعلام المصرية عن نيابة أمن الدولة العليا ما يشير إلي أن اثنين من المتهمين في خلية حزب الله اعترفا بانتمائهما لجماعة الاخوان المسلمين وهما* 'هاني السيد مطلق*' و'عبدالله ابراهيم عوض*'.
ورغم ان الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح عضو مكتب الارشاد بالجماعة قد نفي في حديث له علي قناة الجزيرة وجود اي علاقة تربط بين الإخوان وأيٌ* من اعضاء التنظيم،* فإن هذه الاعترافات ربما يجري تصعيدها خلال الأيام القادمة بما يضع الجماعة في موقف لا تحسد عليه*.
وبالرغم من أن ممثلي جماعة الاخوان المسلمين بمجلس الشعب كان لهم موقفهم المسئول،* حيث ادانوا أية محاولة لاختراق الأمن المصري وانتقدوا موقف حزب الله بغض النظر عن بواعثه: فإن الموقف سوف يتحدد في ضوء* نتائج التحقيقات التي تجريها نيابة أمن الدولة العليا حاليا،* وتقول مصادر الجماعة* 'ان محاولة توريط جماعة الاخوان المسلمين في هذه القضية لن يجد اية مصداقية علي أرض الواقع،* لأن الجماعة اعلنت موقفها الرافض لهذا التنظيم منذ البداية،* بل أدانت أية محاولة للمساس بالأمن المصري من قبل هذه العناصر أو* غيرها*.
وفي حال ثبوت أية علاقة تربط بين الاخوان وهذا التنظيم - والكلام هنا لمصادر مقربة من التحقيقات - فإن الامر قد يمتد الي قيادات كبري داخل حركة الاخوان،* وأن عمليات القبض التي تجري حاليا لبعض العناصر الهاربة ربما تكشف المزيد من المعلومات وفقا لهذه المصادر*'.
أيا كان الأمر،* فمن الواضح أن هذا التنظيم كان له وجوده،* وبدأ ينتشر بسرعة،* لولا تدخل أجهزة الأمن التي بادرت باعتقال اعضائه،* ولم تعلن عن التفاصيل الا بعد التوصل إلي كافة المعلومات الأساسية حول عناصر التنظيم وطبيعة علاقته بحزب الله وأهدافه*.
ويبقي السؤال الكبير*: هل هناك علاقة بين هذا التنظيم وبين شحنات الاسلحة الايرانية التي كانت تصل الي السودان ومنها الي سيناء عبر الاراضي المصرية،* والتي كان آخرها قيام الطائرات الاسرائيلية بضرب احدي هذه القوافل في شرق السودان خلال شهري يناير وفبراير الماضيين؟*!
لا أحد يستطيع أن يقدم إجابة حاسمة حول هذا السؤال،* لكن الأيام حتما سوف تكشف المزيد من التفاصيل*.
بقي القول في النهاية إننا مع المقاومة ومع دعمها في مواجهة الاحتلال* ،* لأن المقاومة حق مشروع،* ولأن الأرض السليبة هي أرضنا والأمن القومي المهدد هو امننا،* ولكننا بالقطع نرفض وبكل حسم اية محاولة لاختراق الحدود واقامة التنظيمات مهما كانت البواعث*.
إن الشعب المصري يبذل كل الجهد من اجل دعم المقاومة الباسلة في فلسطين،* وكان الأولي بحزب الله بدلا* من ان يدخل الجميع في هذه الازمة الطاحنة أن يسعي الي تقديم العون والدعم علي طريقته انطلاقا من جنوب لبنان*.
إنني لا أريد أن أقول إن القضية مرتبطة بطبيعة الدور الايراني واستهداف مصر* ،* كما استهدف العراق من قبل،* غير أنني - شأني شأن الآخرين - أنتظر نتائج التحقيقات وفحوي الاعترافات،* حتي تتضح كاملة*.
أما الذين راحوا يصورون الامر وكأنه فبركة مقصودة وادعاء زائف ولعبة جديدة من ألاعيب النظام فأنا اقول لهم*: إن اعتراف السيد حسن نصر الله حسم الجدل الدائر وأكد أن هناك تنظيما تم زرعه علي أرض مصر،* فهل هذا يجوز؟*!
إن أحدا لن يزايد علي الشعب المصري في دعمه للمقاومة بكل السبل،* وربما يعرف الإخوة في حماس كثيرا من المعلومات في هذا السبيل،* غير أننا كنا نتمني من حزب الله أن ينأي بنفسه بعيدا عن مصر وعن أمنها فالأمن القومي المصري خط أحمر،* لا يجب تجاوزه تحت أي مبررات أو أسباب مهما كانت مقاصدها النبيلة وبواعثها القومية*.
وإذا أردنا الحديث عن دعم المقاومة،* فدعونا نتساءل عن رأي إيران وحزب الله في دعم المقاومة العراقية،* هل هناك دعم ام تآمر؟ ولماذا تدفع ايران ب120* جنديا هم فيلق بدر لمقاتلة شرفاء العراق