لمـــاذا الجنــة؟
المقدمة:
الحمد لله الذي جعل جنة الفردوس لعباده المؤمنين نزلاً ويسرهم للأعمال الصالحة الموصلة إليها فلم يتخذوا سواها شغلا وسهل لهم طرقها فسلكوا السبيل الموصلة إليها ذللاً خلقها لهم قبل أن يوجدهم وحفها بالمكاره وأخرجهم إلى دار الامتحان ليبلوهم أيهم أحسن عملا وجعل ميعاد دخولها يوم القدوم عليه وضرب مدة الحياة الفانية دونه أجلا وأودعها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وجلاها لهم حتى عاينوها بعين البصيرة التي هي أنفذ من رؤية البصر وبشرهم بما أعد لهم فيها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فهي لخير البشر على لسان خير البشر وكمل لهم البشرى بكونهم خالدين فيها لا يبغون عنها حولاً.
أما بعد:
- فهذه الكلمات ، هي فكرة جالت في خاطر احد الاخوة ، اقترح علي فيها أن أعدها واجمعها ثم اصيغها لالقيها بعد ذلك في احدى الاذاعات السمعية وهي اذاعة دار السلام ، فحصل ذلك ولله الحمد فالقيتها في ثلاثين حلقة .
ابتدأت في كتابتها واعدادها يوم الاحد 25/ذي القعدة/1429هــ .
وانتهيت منها ومن القائها مساء الاثنين 3/جمادي الاولى/1430هــ .
وبدات بطباعتها بعد ذلك فانتهيت من طبعها ثم تصحيحها تماما في 2/ربيع الاول/1431هـ عصر الثلاثاء.
- لماذا الجنة ... فلربما يسأل كثير من الناس لماذا الكلام عن الجنة ؟ فاقول له: وذلك لنشتاق؟ وعلى قدر الإشتياق يأتي العمل والجهد والتفكير؟ وعلى قدر معرفة الجنة تكون معرفة النار فيزداد البعد عنها والعمل على ترك سبيلها وطريقها أينما أتجه وكيفما تزين بزينة الشيطان؟ وعلى قدر الإشتياق لها تستقيم الحياة فلا قبيح نهايته الجنان ولا جميل نهايته النيران. ثم لنعرف الدار الأبدي الذي سنعيش فيه، ومع الأسف الكثير من المسلمين لا يعرفون شيئاً عن تلك الدار الأبدية التي سيعيشون فيها مثلهم كمثل رجل اشترى داراً دون أن يعرف عنها شيئاً أو يعمِّر بدار اشتراها لكي يسكن فيها دون أن تكون له خلفية كاملة عنها .
- ولهذا سيكون هذا اللقاء طوافاً فيها من أولها إلى آخرها، وكيف سنعيش فيها، و ماذا سنجد وماذا سنأكل ونشرب ولمن هي وكيف سنحصل على أعلى مراتبها،وماذا عن منازلها ،وماهي آنيتها، و ماهي اوصاف حورها، وأسمائها، وكل شيء فيها أتى به القرآن وذكره وتابعه الحديث او حلله.
واعتمدت في هذا الرحلة على مصادر عديدة عانتني كثيرا في هذه الكلمات من اهمها ...حادي الارواح للامام ابن قيم الجوزية وكذلك ساعة في رحاب الحور للشيخ طه الدليمي ومنها ايضا رسالة التوهم للحارث المحاسبي اضافة الى العشرات من المصادر المهمة.
وقمت باختيار الروايات الصحيحة ما امكنني من ذلك مع محافظتي على تخريج الاحاديث تخريجا علميا رصينا.
وما ذكرت حديث او قول الا واشرت الى مصدره في الهامش، حفاظا على دقة المنهجية في طرح الموضوح .
والله اسال ان يوفقني في هذا العمل ويجنبني الزلل وان يجعله خالصا لوجهه الكريم ،وما كان فيه من خير فمن الله وحده وما كان من نقص فمن نفسي والشيطان، وان وقع فاسالكم مزيد الاستغفار لي ، ثم اقول ما قاله الشاعر:
وان تجد عيبا فسد الخللا فجل من لا عيب فيه وعلا
والحمد لله رب العالمين