هل يقترب شبح حرب المياه من منطقة النيل؟ وهل تعني مهلة الـ 6 شهور التي اتفق عليها في اجتماعات وزراء حوض النيل العشرة الأخيرة بالإسكندرية لحسم نقاط الخلاف بين دول المنبع الثماني، وبين دولتي المصب، أي مصر والسودان هل تعني هذه المهلة أن مصر مقبلة علي خطر حرب مائية.. وإنها قد تضطر إلي أن تدافع عن أمنها القومي عسكريا.. باعتبار أن مصر لن تقبل أن يمس أمنها المائي، الذي هو الخط الأول في منظومة الأمن القومي المصري؟ لقد أعلن الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري أن وزراء مياه دول حوض النيل اتفقوا علي إعادة مراجعة صياغة نقاط الخلاف المعلقة لتوقيع الاتفاقية الإطارية لإدارة مياه حوض النيل، والتي تدور حول الأمن المائي لحفظ حقوق مصر والسودان التاريخية في مياه النيل، والإخطار المسبق عند إقامة أي مشروعات تري دولتا المصب »مصر والسودان« إنها تؤثر علي تدفق مياه النهر المعتادة للبلدين سنويا والمقدرة بنحو 84 مليار متر مكعب من المياه.. نصيب مصر فيها 55,5 مليار متر مكعب، ونصيب السودان 18,5 مليار متر مكعب.. بالإضافة للإجماع عند اتخاذ القرارات لأي من شئون الحوض أو الأغلبية المشروطة بأخذ رأي دولتي المصب. إن نظرة إلي ما تمت صياغته من بنود تجزم بأن دول الحوض قد تأخذ بالحكمة التي تحول دون اقتراب شبح الحرب بين هذه الدول.. فإعادة الصياغة القانونية لنقاط الخلاف المعلقة تأتي ضمن 39 بندا رئيسيا اتفق علي 38 بندا منها بالإضافة إلي 66 بندا فرعيا اتفق علي ثلاثة أرباعها.. ومعني هذا أن ما تم إنجازه لابد أن يكون غير مخيب لآمال شعوب دول الحوض من حيث الأخذ بالحفاظ علي الحقوق التاريخية لمصر والسودان في مياه النيل.. وفي نفس الوقت إتاحة الفرصة لدول المنابع لتحقيق منافع للتنمية علي مياه النهر التي تفقد في الحوض بالبخر والتسرب للمستنقعات واستهلاك حيوانات الغابات الشهيرة في المنطقة الأستوائية من جهة أخري.. والأرقام تؤكد أن الكميات المهدرة تصل لنحو 94٪ من حجم الأمطار الساقطة علي حوض النيل من مصادره الثلاث.. هضبة البحيرات الاستوائية والهضبة الأثيوبية وحوض بحر الغزال الذي يهدر إيراده المائي كاملا في مستنقعات جنوب السودان »16 مليار متر مكعب من المياه سنويا« إلا من نصف مليار متر مكعب فقط. أصابع صهيونية لكن .. هل هناك أصابع صهيونية وأمريكية تشجع دول منابع النيل علي المضي في خططها؟ لقد ظهر ذلك من خلال عروض قدمتها شركات صهيونية وأمريكية لتمويل مشاريع المياه الإفريقية التي تعارضها مصر لأنها ستنقص من حصتها المائية.. وأثبت هذا وزير الموارد المائية المصري السابق الدكتور محمود أبو زيد في تصريح له يوم 11مارس الماضي عندما قال في بيان له حول أزمة المياه في الوطن العربي أمام لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب عندما حذر من تزايد النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في منطقة حوض النيل من خلال السيطرة علي اقتصاديات دول الحوض وتقديم مساعدات فنية ومالية ضحمة ـ علي حد تعبيره ـ والجديد في هذا التدخل الصهيوني الأمريكي هو طرح فكرة »تدويل المياه« أو تدويل مياه الأنهار من خلال هيئة مشتركة من محتلف الدول المتشاطئة في نهر ما، والهدف منه هو الوقيعة بين مصر ودول حوض النيل وقد ألمح وزير الموارد المائية السابق محمود أبوزيد في فبراير 2009 إلي وجود مخطط إسرائيلي ـ أمريكي للضغط علي مصر لإمداد تل أبيب بالمياه. مياه النيل ليست للبيع ورغم ذلك فقد أكد أصفاو دينجامو وزير الموارد المائية والري الأثيوبي في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم الأحد الماضي مع نظيره المصري، علي أن بلاده ليس لديها أي استعداد إطلاقا لبيع مياه النيل لإسرائيل.. مؤكدا علي أنها ليست دولة من دول حوض النيل، لكي نتعاون معها في مجال المياه. ودعا وزير الري الأثيوبي إلي تحري الحقيقة والبعد عن الإشاعات التي قد تضر بالعلاقات بين دول حوض النيل مشيرا إلي أن النيل ليس له جناح ليطير به إلي إسرائيل. وأكد اصفاو دينجامو إن هناك العديد من أوجه التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.. لافتا إلي وجود الكثير من الفرص التنموية في أثيوبيا التي تحتاج إلي الاستعانة بالخبرات والاستثمارات المصرية خاصة في مجال الإدارة المائية والتنمية الزراعية في إطار الرؤية المشتركة لتنمية دول حوض النيل.. مشيرا إلي أن مصر لديها الخبرات الفنية في مجال المياه والري ولابد من الاستفادة منها في مساعدة أثيوبيا علي مواجهة الجفاف الذي يجتاح البلاد من أجل توفير احتياجات الشعب الأثيوبي انطلاقا من العلاقات التاريخية القديمة بين البلدين. موافقة مصر والسودان وأوضح وزير الموارد المائية أن السدود التي تقام في أثيوبيا حاليا تمت بعد أخذ موافقة كل من مصر والسودان مؤكدا أن أثيوبيا لن تبني أي سد يلحق الضرر بمصر والسودان، وخاصة التي تمنع تدفق مياه الفيضانات لدول المصب »مصر والسودان«. معلنا أن أثيوبيا تقوم في الوقت الحالي بإعداد دراسات جدوي لإقامة (4) سدود علي روافد نهر النيل الفرعية وأنه تم الانتهاء من دراستين منهما وجاري اختيار موقعهما. مشيرا إلي أن السدود الأربعة المزمع إقامتها تهدف لتوليد الطاقة الكهربائية التي سوف تستفيد منها كل من مصر والسودان وأثيوبيا، بل إن هذه السدود تتم بمشاركة الدول الثلاث. وأكد اصفاو دينجامو أن عمليات تنفيذ هذه السدود تتم بمشاركة وزارات الموارد المائية والري في الدول الثلاث وبتمويل من البنك الدولي والدول المانحة لارتفاع استثماراتها المالية. مشيرا إلي أن دراسات الجدوي لهذه السدود تركز الآن علي البعد الاجتماعي والبيئي والاقتصادي. وبخصوص الخلاف بين دول حوض النيل.. أكد وزير الري الأثيوبي علي أنه منذ بداية المبادرة وهناك العديد من الخلافات التي تم التوصل إلي اتفاق مشترك عليها، حيث أن نقط الخلاف كانت عشر نقاط في عام 2005 وفي عام 2009 أصبحت 3 نقاط فقط. موضحا أن نقاط الخلاف حول مبادرة دول حوض النيل تنحصر في نقطة واحدة هي الأمن المائي المتمثل في عدم المساس بالحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل والحفاظ علي حصتها منها وهي 55.5 مليار متر مكعب سنويا. مؤكدا أنه سوف يتم حسم نقطة الخلاف خلال الست أشهر القادمة وبعدها سيتم توقيع اتفاقية الإطار القانوني والمؤسسي لمبادرة دول حوض النيل. مشددا علي أن أثيوبيا حكومة وشعبا تدعم مصر في حل هذا الخلاف وتوقيع الاتفاقية الإطارية لمبادرة حوض النيل بإجماع كل دول حوض النيل العشر. مشيرا إلي أنه سوف يعقد اجتماع استثنائي للمجلس الوزاري لدول حوض النيل بعد 6 أشهر لإقرار ما توصلت إليه اللجان الفنية والقانونية حول الاتفاقية الإطارية والمؤسسية للمبادرة. ودعا وزير الري الأثيوبي إلي ضرورة عودة علاقات مصر وأثيوبيا التاريخية إلي عهدها السابق وتوطيد العلاقات بين دول النيل الشرقي (مصر والسودان وأثيوبيا) والاستمرار في تنفيذ المشروعات التنموية في هذه الدول لصالح شعوبها. توطيد العلاقات ومن جانبه.. أكد الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري أنه في إطار توجيهات الرئيس حسني مبارك بتعزيز التعاون مع دول حوض النيل.. يقوم الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء علي رأس وفد يرافقه فيه عدد من الوزراء ورجال الأعمال بزيارة لأثيوبيا في الشهر المقبل لتوطيد العلاقات الثنائية بين البلدين وتنفيذ عدد من المشروعات في مختلف مجالات المياه والزراعة والإنتاج الحيواني والثروة السمكية وتقديم الخبرات المصرية لأثيوبيا في مجال إقامة شبكات الكهرباء. مضيفا أن دول الحوض أكدت أهمية تصفية الخلافات تنفيذا لمبدأ مهم أقرته مبادرة حوض النيل منذ انطلاقها عام 1998.. ومساندة المجتمع الدولي لها كشريك أساسي لتمويل مشروعاتها.. مشددا علي ضرورة استمرار المباحثات بين وزير الموارد المائية المصري ووزراء دول حوض النيل وخاصة في دعم منشآت الري والمشروعات الزراعية التي تعود بالنفع علي المزارعين مباشرة بجانب مشروعات التدريب والتعليم والبحث العلمي. |