طالب خبراء الاقتصاد في مصر بضرورة استرجاع جميع الأراضي المملوكة للحكومة المصرية والتي حصل عليها رجال أعمال مصريون أو عرب بشكل مخالف للقانون خاصة بعد قيام الحكومة المصرية بالتفاوض مع الأمير السعودي الوليد بن طلال واستعادتها لـ75 ألف فدان من أراضي توشكى من بين 100 ألف فدان كانت مخصصة لشركة المملكة القابضة للتنمية.
وأضاف الخبراء في مقابلات مع "العربية.نت" أن الفترة القادمة تحتاج إلى مراجعة العقود الخاصة بشراء أراضي الدولة بغرض الزراعة، وهي أراض تم تحويلها إلى منتجعات سياحية ومجمعات سكنية بدلاً من زراعتها, مؤكدين أن أسعار هذه الأراضي كانت منخفضة جداً، بالإضافة إلى عدم التزام المستثمرين بشروط التعاقد؛ ما يعطي الحكومة المصرية الحالية الحق في استرجاعها.
وقال الخبراء إن مبادرة الأمير السعودي الوليد بن طلال بشأن أراضي توشكى قد تفتح المجال خلال الفترة القادمة لاسترجاع أراض أخرى حصل عليها المستثمرون بطريقة مخالفة للقانون، وأهمها أراضي طريق مصر إسكندرية الصحراوي وهي أراضٍ تصل قيمتها الحقيقية إلى مليارات الجنيهات.
من ناحيتها، تعد وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية حالياً قوائم سوداء تضم رجال الأعمال الذين تورطوا في الاستيلاء على أراضي الدولة بالمخالفة للقانون، كما تعد وزارة الزارعة المصرية قوائم أخرى لمخالفات الطريق الصحراوي الذي يربط العاصمة المصرية القاهرة بمدينة الإسكندرية، وهي بمثابة العاصمة الصيفية الثانية لمصر وهي مخالفات تمثلت في تحويل الأراضي المخصصة للاستصلاح الزراعي إلى منتجعات سياحية للحصول على أرباح خيالية.
مراجعة جميع عقود الأراضي
وقدرت مصادر رسمية الخسائر المبدئية من التعديات على أراضي الدولة بنحو 78 مليار جنيه، تكفي لاستصلاح وزراعة 6 ملايين و500 ألف فدان.
ويقول اللواء عمر الشوادفي، مدير مركز تخطيط استخدامات أراضي الدولة في مصر، وهو جهاز يتبع الحكومة المصرية ويتولي وضع خطط استخدام الأراضي المملوكة لها، إن الحكومة المصرية مطالبة خلال الفترة القادمة بمراجعة جميع عقود الأراضي التي تم الاستيلاء عليها خلال الفترة الماضية، خاصة أيام حكومة رئيس الوزراء المصري الأسبق أحمد نظيف المحبوس حالياً في سجن طرة جنوب العاصمة المصرية القاهرة على خلفية اتهامات بالفساد, وأكد الشوادفي أن استرجاع أراضي الوليد التي كان يمتلكها في توشكى ستفتح الباب أمام استرجاع مساحة ضخمة من الأراضي المصرية "المنهوبة"، على حد وصفه.
وأضاف أن جميع المستثمرين الذين حصلوا على أراض من الدولة خلال فترة النظام السابق وبأسعار منخفضة جداً قاموا بتغيير نشاطها من زراعي إلى سكني؛ ما أضاع على الدولة أموالاً تصل إلى مليارات الجنيهات, موضحاً أنه خلال الأيام القادمة سيكون هناك قانون موحد للأراضي يحفظ حق الدولة.
وطالب الشوادفي بضرورة وجود هيئة واحدة تشرف على جميع أراضي الدولة وأملاكها وأن يكون لهذه الهيئة فروع في جميع المحافظات، مع تجميع كل القوانين في قانون واحد ينظم بيع وشراء وتوزيع هذه الأراضي أو استثمارها, وإصدار قانون لتجريم التعدي على أراضي الدولة أو استغلالها بشكل خاطئ او مخالف للقانون ووضع غرامات قاسية على المستثمرين المخالفين.
قوانين وتشريعات صارمة
ومن جانبه، رحب د. أحمد قناوي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، بمبادرة الأمير السعودي الوليد بن طلال التي تضمنت التنازل عن 75 ألف فدان في توشكى من إجمالي 100 ألف فدان كانت مملوكة له, مؤكداً أن أراضي الدولة المنهوبة من أكبر الملفات التي أثارت جدلاً واسعاً خلال الأيام الماضية.
وأضاف أن تلك الأراضي إذا تم استرجاعها ستدر ما يقرب من 50 مليار جنيه لخزينة الحكومة المصرية؛ وهو ما يمكن استثماره في استصلاح الأراضي وتوفير الاحتياجات المحلية من المحاصيل الزراعية.
وطالب قناوي الحكومة بضرورة وضع قوانين وتشريعات صارمة لمعاقبة أي مستثمر يخالف بنود تعاقده مع وزارة الزراعة بشأن تخصيص الأراضي، وإعادة توزيع 30% من هذه الأراضي على الشباب وتوفير جميع مقومات الزراعة لهم ما يساهم في حل جزء من مشكلة البطالة بين الشباب المصريين.
يُذكر أنه تم الاتفاق بين وزارة الزراعة المصرية وشركة المملكة القابضة للتنمية الزراعية المملوكة للأمير الوليد بن طلال على إنهاء أزمة أرض الشركة في توشكى والبالغ مساحتها 100 ألف فدان، وبمقتضى الاتفاق يحتفظ الأمير الوليد بن طلال بمساحة 10 آلاف فدان فقط بنظام التمليك، بالإضافة إلى 15 ألف فدان بنظام حق الانتفاع على أن يلتزم ببرنامج زمني للزراعة، وتسترد مصر في المقابل باقي المساحة بالكامل والبالغة 75 ألف فدان دون أي مقابل.